#مدينة الناصرية و(153) من تاريخها
- ابراهيم العلاف
لمدينة الناصرية ولمحافظة ذي قار تاريخ ثر جدير بالدراسة والمتابعة المستمرة . ولدينا عدد من المؤلفات عن تاريخ الناصرية كتبت ُ عن بعضها في كتابي (مؤرخو المدن العراقية) وصدر عن دار قناديل للنشر والتوزيع -بغداد .وممن كتبت عن مؤلفاته الاخ والصديق الاستاذ عبد الحليم أحمد الحصيني وفي كتابه ( الناصرية ..تاريخ ورجال ) لم يترك شاردة او واردة في تاريخ هذه المدينة الا واحصاها وكتب فيها .
وقبل فترة علمت بصدور كتاب (اضواء تاريخية من مدينة الناصرية ) للاستاذ محمد علي جبار عليخ -ابو خلدون وقد صدر الجزء الاول منه وفيه متابعة لتاريخ الناصرية واوضاعها الاقتصادية والادارية والاجتماعية والاثارية والتاريخية والجعرافية عبر 100 سنة تقريبا من 1869-1959 .والمؤلف معروف بإهتماماته ومقالاته ودراساته عن محافظة ذي قار اقضيتها ونواحيها وقصباتها وقراها وله كتابات منشورة عن القضاء والمحاكم والجسور والشوارع وغرفة التجارة والمهن والحرف وغير ذلك مما ينبغي توثيقه خدمة للاجيال القادمة .
رحم الله شيخنا الاستاذ عبد الرزاق الحسني كان من اوائل الذين ارخوا للمدن العراقية في كتابه (خاطرات الحسني ) ثم في كتابه (العراق قديما وحديثا) .وقف عند لواء المنتفك وهو لواء الناصرية - محافظة ذي قار ومركزها مدينة الناصرية سميت المنتفك نسبة الى اتفاق وتحالف ثلاثة من العشائر ( إنتفقت ) اي اتفقت فيما بينها وهي بنو مالك وبنو سعيد والاجود ولم يكن عدد نفوسها حسب احصاء سنة 1957 يزيد عن النصف مليون نسمة .في سنة 2018 قدر عدد نفوسها ( 2،095،172 ) مليون نسمة وسميت بإسم مؤسسها الشيخ ناصر باشا السعدون هو من سعى لدى الوالي العثماني مدحت باشا 1869-1872 لجعلها متصرفية أي (لواء) وهو بنى حاضرة هذه المتصرفية :الناصرية وهو من عينه مدحت باشا متصرفا للمنتفق (اي بلغة زماننا محافظا) وفوضت اراضي الناصرية الاميرية التابعة للدولة الى آل السعدون مع بقاء رقبتها بيد الدولة طبقا للقاعدة الاسلامية (الارض لمن يفلحها ) .
الناصرية تأسست قريبا من بحيرة ابو جداحة وامر الوالي مدحت باشا ان تقوى السداد حولها حتى لاتكون في متناول مياه نهر الفرات اذا طغى ومن خطط للمدينة هو المهندس البلجيكي جولس (يوليوس ) تلي Julis Tilly فخططها وجعل لها شوارع عريضة متقاطعة تقاطعا هندسيا جميلا ثم شرع -يقول الاستاذ عبد الرزاق الحسني - في بناء صرح اداري فخم للحكومة وبقي هذا الصرح حتى هدم سنة 1950 واستعيض عنه ببناية حديثة وهكذا قصد المدينة السكان التجار والحرفيين والباعة وابناء العشائر كل يبني داره وكان اول من بنى فيها قصرا هو نعمة الله نعوم بن آكوبيجان بن سركيس الرجل الارمني الثري وبنى اسواقا ومقاه وخانات كما جاء ذلك في مجلة (لغة العرب) لصاحبها الاب انستاس الكرملي المجلد الثاني لسنة 1912 ولدي نسخة من هذا المجلد في مكتبتي الشخصية .
وهكذا اتخذت الناصرية مركزا لمتصرفية المنتفك - المتفق او المنتفج وعين ناصر باشا السعدون متصرفا عليها وسرعان ما تطورت واتسعت حتى اصبحت "ابدع مدينة في العراق من حيث التخطيط الهندسي ونظام الابنية ومن حيث فسحة الشوارع واستقامتها " .
مدينة الناصرية عند تأسيسها كانت تقع على ضفة الفرات اليسرى وقد ربطت بالسكك الحديد ويمتد الخط الى اثار اور وثمة جسر يربط بين جانبيها الايمن والايسر .كانت فيها بنايات حديثة منها (الثكنة العسكرية ) و(المطار) و(المستشفى الملكي) و(الحديقة العامة) و(المدرسة الاعدادية .اعدادي مكتبي) و(نادي الموظفين) و(دار البلدية ) و(ودائرة البريد) و(ثكنة الخيالة ) وقيصاريتين تجاريتين جميلتين وسوق للقصابين ومحلات لوقوف السيارات عدا الدور الحديثة والفنادق والمخازن وكما هو معروف حركتها التجارية عند تأسيسها وحتى الاربعينات كانت بيد اليهود من سكانها وكانت فيها حركة ثقافية متميزة وهي مدينة وديعة وسكانها تغلب عليهم الطبيعة العشائرية ويميل سكانها الى صيد الاسماك وهو على انواع مختلفة ومن نواحيها ناحية البو صالح وناحية اور وناجية السديناوية وقضاء سوق الشيوخ كان كبيرا وله تاريخ وهناك قضاء الشطرة وقضاء الرفاعي ولكل من هذه الاقضية تاريخ يمكن ان يروى واهل الناصرية جديرون بأن يكتبوا تاريخهم الحديث والمعاصر وفيها اليوم جامعة عتيدة هي جامعة ذي قار .
مدينة الناصرية مركز محافظة ذي قار مدينة الفكر والسياسة والثقافة واهل الناصرية مثقفون وتقدميون والمدينة والمحافظة انجبت رموزا في السياسة والفكر والتاريخ والفن والثقافة والاقتصاد والاجتماع والفلسفة . تحياتي لاهلي في الناصرية وتمنياتي لهم بالتقدم .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق