الخميس، 22 ديسمبر 2022

النجار والنجارون في الموصل بقلم : ا.د. ابراهيم خليل العلاف

                                                                             سوق النجارين


النجار والنجارون في الموصل

ا.د. ابراهيم خليل العلاف

استاذ التاريخ الحديث المتمرس – جامعة الموصل

والنجارة واحدة من المهن التي برع فيها الموصليون ومن يعمل في النجارة يسمونه (نجارا) وتختلف المواد التي يصنعها النجار فهناك من يصنع  احتياجات المنزل الموصلي من الاثاث التي نسميها اليوم (الموبليات )  كالصندليات  و(القناصير ) و(قنصور التواليت) وتخوت النوم  والكراسي  ومناضد الطعام وهناك من يصنع مراجيح الاطفال والمهود و(تختات ) اللحم والمحجلات الخشبية  و(توابيت الموتى ) وغير ذلك . وهناك من النجارين من يصنع (المحاريث) الزراعية  و(الجرجر ) المستخدم في درس الحاصل الزراعي  ومقابض (الكوارك ) و(ذرايات الحبوب )  المستخدمة في فصل التبن عن الحبوب وهناك من النجارين من يتخصص بكسر قطع الخشب وتهيئتها لصناعة بعض الادوات المنزلية او استخدامها في التدفئة  وهناك من النجارين من تخصص في صنع (العود ) الالة الموسيقية الجميلة وابرزهم لابل  رائدهم الاستاذ ابراهيم الجوادي امد الله بعمره ومتعه بالعافية .

وطبيعي الادوات التي يستخدمها النجارون تختلف من نجار الى اخر وحسب تغير الزمن والان اصبحت هناك مكائن لقص الخشب ومناشير كهربائية  وادوات حفر الخشب ونقشه .فضلا عن المنشار و(الجاكوك) والمسامير و(الغندج ).

ولازلت اذكر اسماء كثير من نجاري الموبيليات الذين ازدهرت اعمالهم في الخمسينات والستينات من القرن الماضي القرن العشرين ومنهم صاحب (نجارة العروسة )  في الجانب الايمن من مدينة الموصل كما لابد وان نذكر الحاج عثمان  احمد شيخ بزيني صاحب (معمل اخشاب الشمال) في الجانب الايسر من مدينة الموصل .كما لازلت اذكر ان محافظة نينوى كان لها معمل للنجارة تابع لها . فقط اقول ان مدينة الموصل كانت تضم سنة 1977  (31) مشروعا للنجارة .

وفي الموصل سوق للنجارين وهو من اسواق الموصل القديمة ، التي بُعثت مجددا بعد ان ناله ما ناله من التدمير خلال سيطرة عناصر داعش على الموصل وحرب التحرير 2014-2017  .

وسوق النجارين ويسميه اهلنا في الموصل ( سوق النجيغين)  ، يُعد من اقدم الاسواق في الموصل ويمتد هذا السوق من الجهة المقابلة لملتقى شارع نينوى بشارع غازي (الثورة بعد ثورة 14 تموز 1958 ) حتى مايسمى بالسكلات وسوق الخشابين بالقرب من باب الشط في الميدان عند الجسر الحديدي القديم (جسر نينوى) وقد نقلت السكلات فيما بعد في سنة 1970 الى الفيصلية عند بستان حمو القدو وعلى ضفة نهر الخوصر .

ابدأ بالحديث اولا عن سوق النجارين ، وكانت تجاوره عمارة توما جردق وهذا السوق تراثي تباع فيه مستلزمات البيت واغلب من يعمل في هذه المهنة كانوا من اهلنا من المسيحيين وما يصنعونه من قبيل (تختات ثرم اللحم) و(الغرابيل ) ، و(المواخل)  جمع منخل ) ، والمراجيح (الديديات) و(حجلات الاطفال) و(القنفات) او ما تسمى (الكرويتات)  ، و(التخوت وتخوت المقاهي ) والابواب الخشبية وغير ذلك مما يحتاجه المواطن .

كتب اللواء الركن المتقاعد الاستاذ ازهر العبيدي في كتابه ( الموصل أيام زمان ) وطبع سنة 1990 عن ما اسماه (نجار الميدان) فقال ان نجار الميدان في سوق الخشابين هو نجار اختص بصنع ما يسمى في الموصل (الصندلية ) و(الديدية أي المرجوحة ) و(المهد ) و(حجلة الطفل ) و(تختة الجلوس الخشبية ) و(تختة اللحم ) و( ثلاجة الخشب) و(مصائد الفئران) و(توابيت الموتى) و(المنخل ) و(الغربال) وهذه المنخل والغربال تستخدمان في تصفية الحنطة والطحين ويصنع كل هذا من خشب يسمى (خشب القوغ أو خشب الثوث) بعد (تشقيقه ) الى الواح عريضة وطويلة . ويقوم بتلوين اخشاب الاطفال بألوان زاهية متنوعة ويبيعها بأسعار زهيدة والنجار هذا يصنع ما نسميه (الصمادة او القاصة قاصة للاطفال لحفظ النقود ) لعب للأطفال وخاصة من البنات ومنها مثلا ( الديدية والمهد والطير الذي يصفق اثناء المسير)   .

ولا ننسى ان هناك صنف من النجار ولكن في سوق تحت المنارة منارة جامع الاغوات وهؤلاء متخصصون بصنع الادوات الزراعية من قبيل  (المسحاة ، والمجرفة ، والكورك ، والخرماشة ) ، وكذلك ابواب (الدوم او البيوت الطينية في القرى)   .

واذا كان الشيء بالشيء يذكر ؛ فان الخشب الذي كان يستخدمه النجارون في الموصل يأتي من (السكلات ) القريبة من حمام القلعة في سوق الخشابين . ولازلت اتذكر عددا من الخشابين ومنهم من كان صديقا لوالدي منهم قاسم حمودي الخشاب ، وزكي الخشاب ابو نزار، وعبد كرموش ، ومحمود الجاسم الخشاب ، وسيد بشير الخشاب ، ومحمد علي الخشاب وكان سوق الخشابين في منطقة الميدان ويطل على نهر دجلة قرب باب القلعة وكان هناك حمام القلعة لصاحبها حميد البكري ومن انواع الاخشاب (الجنكو المضلع والاملس أي بدون ضلع أو التوتيا ).وقسم من الاخشاب يستورد من خارج العراق ، وقسم محلي يأتي من بساتين شمالنا الحبيب من الجبال وهناك خشب الجوز التوث الاسبندار ، وكان من الاخشاب المستوردة (الجام ) ويصل العراق على شكل الواح بأحجام مختلفة كل شكل يأتي (مشنط ) يسمى كعب .

وكان للخشابين صنف ، ورئيس الصنف محمد علي الحاج ذنون الخشاب وللصنف جمعية منذ الاربعينات والخمسينات من القرن الماضي . وللصنف نشاطات اجتماعية وثقافية وحتى سياسية . .

 

 

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق