الأربعاء، 22 ديسمبر 2021

التنظيم الدولي للتجارة الالكترونية (دراسة قانونية) بقلم الدكتور زياد عبد الوهاب النعيمي تقديم الدكتورة سناء عبد الله عزيز الطائي

 


التنظيم الدولي للتجارة الالكترونية  (دراسة قانونية) 

نشرة أوراق إقليمية العدد (42) لشهر تشرين الثاني  سنة 2011

                               تقديم

  الدكتورة سناء عبد الله عزيز الطائي

سكرتيرة التحرير 

                                                  

 

 

        أصبحت شبكة المعلومات الدولية (الانترنت) جزءا من حياتنا اليومية الشخصية والعملية, نظرا لما وفرته من تطورات واختصاراً  للوقت والجهد بشكل سريع وسهل, وعلى الرغم من ان ظهور الانترنت قبل أربعة عقود, الا إن الاستخدامات الحديثة والمتطورة بدأت حديثا نتيجة التطور في استخدام الانترنت ومزاياه, وتدخل التجارة الالكترونية ضمن نطاق هذا التطور في نظام التصفح الذي يعد البنية اللازمة لتفاعل المستخدم مع الانترنت وتتكون هذه البنية من مجموعة من المستندات المخزنة على حواسيب الانترنت على مستندات الويب يطلق عليها (Home Page).

والتجارة الالكترونية هي جزء من منظومة الانترنت المتطورة التي تسعى الى تسهيل الأعمال, ومن منطلق المصطلح فان ما يعنيه هو القيام بأعمال تجارية عن طريق الانترنت الحديث.

ومن الطبيعي أن هذا التطور المتلاحق في الناحية الالكترونية يقابله ضرورة ان يكون له إطار قانوني يحدد كيفية عمله ونطاقه وأحواله, على اعتبار ان موضوع التجارة الالكترونية يعد هذا اليوم من أكثر المواضع إثارة للجدل القانوني, وذلك من خلال أهمية التجارة الالكترونية كونها آخر التطورات التاريخية لموضوعات تقنية المعلومات في وقتنا الحاضر, وإنها كانت جزءً من الأعمال الالكترونية, لذلك فان البحث القانوني يعد ذا أهمية ليؤطر موضوع التقنية, بوصف هذه التقنية المعبر عن تحديات الوقت الذي يتسم بالتقدم التكنولوجي.

خاصة ان تعامل التجارة الالكترونية لابد وان يخضع للقانون الدولي فضلا عن القانون الوطني للدول, لأن عمل التجارة الالكترونية لا يعترف بالحدود, لذلك, فان التشريعات القانونية الوطنية الدولية هي الكفيلة بتأطير العمل الالكتروني بجانب التشريعات الوطنية . 

 

التنظيم الدولي للتجارة الالكترونية

(دراسة قانونية)

 

د.زياد عبد الوهاب النعيمي

مدرس القانون الدولي العام – مركز الدراسات الإقليمية –جامعة الموصل

 

تعريف التجارة الالكترونية:             

        تمثل التجارة الالكترونية موضوعا فيما يعرف (الاقتصاد الرقمي أو Digit Economy) اذ يقوم الاقتصاد الرقمي على حقيقتين, التجارة الالكترونية وتقنية المعلومات اذ أن تقنية المعلومات هي التي أوجدت التجارة الالكترونية بوصفها تعتمد على الحاسبة والاتصال ومختلف الوسائل التقنية.

        عرف جانب من الفقه التجارة الالكترونية بأنها "عرض المشروع للسلع والخدمات على موقع للانترنت ليحصل على طلبات من الزبائن" وقد حاول جانب من الفقه المصري تعريف التجارة الالكترونية بأنها (جميع المعاملات التي تتم عبر الانترنت حتى لو لم تتمتع بالصفة التجارية وان كانت في الغالب تتمتع بهذه الصفة من جانب السلعة أو الخدمة على الأقل والذي غالبا ما يكون تاجرا), والملاحظ على هذا التعريف, انه تعريف عام عاما للتجارة الالكترونية وجعلها ضمن نطاق المعاملات, إذ قسم المعاملات إلى بيع سلع وخدمات سواء تمتعت بصفة تجارية ام لم تتمتع بهذه الصفة, إلا انه استطرد أن الغالب أن تكون ذا صفة تجارية, وهذا ما يعني, إن التجارة الالكترونية هي عمل تجاري مثلها مثل الأعمال التجارية إلا أن الاختلاف الواضح فيها ترجع إلى خصوصية وسائل مباشرة هذه التجارة.

        وهناك رأي يعطي للتجارة الدولية صورة من صور التعاقد عن بعد والتي أدت إلى وجود مشاكل عملية وقانونية تتعلق بفروع القانون المختلفة, ويرى هذا الرأي ان التعاقد عن طريق الانترنت يقترب من صورة التعاقد بين غائبين أو التعاقد عن بعد, بحيث اختلفت وسيلة التعاقد من التعاقد عن طريق المراسلة Corres Pondanct أو التعاقد بطريق الاتصال بالتلفون, وصارت عن طريق البريد الالكتروني (الانترنت).

        وعلى الرغم أن التواجد المادي بين البائع والمشتري (الطرفين) يضفي نوعا من الأمان والاستقرار في التجارة أو عملية البيع والعقد, إذ أن المعاينة النظرية قد تكفي بذاتها في عملية التعاقد خلافا للتعاقد الذي يتم بدون وجود الاطراف ومعاينة المادة محل البيع عن بعد وعدم وجود أطراف العلاقة البائع والمشتري والمادة في ذات المكان إلا أن التطور الحديث أوجد فرصة لهذا النوع من البيوع مما يعني ان التجارة الالكترونية هي ذات التجارة التقليدية مع الفارق الذي ذكرناه.

        ولذلك يذهب البعض إلى تعريف عقد التجارة الالكترونية بأنه (العقد الذي يتلاقى فيه الإيجاب بالقبول على الشبكة  الدولية المفتوحة للاتصال عن بعد بوسيلة مسموعة مرئية, بفضل التفاعل بين الموجب والقابل).

        ويرى البعض أن التجارة الالكترونية (تمثل تعاملا بالبيع والشراء بين بائع ومشتري بمفهوم العمل والتسوق الالكتروني والتعاملات المصرفية والبيانات التي يمكن إرسالها الكترونيا وطلبات الشراء والبيع ومشروعات التعاقد).

        فالواضح ان حركة التجارة الالكترونية في تزايد, وان التعاريف التي اشرنا إليها في ضوء ما جاء به الفقه هي تعاريف حاولت أن تضع صيغة تعريفية لإيجاد تعريف جامع مانع شامل لموضوع التجارة الالكترونية عليه, فان عبارة التجارة الالكترونية هي عبارة واسعة وعامة مع كونها عبارة شائعة الاستعمال في الوقت الحاضر. وينحصر هذا المفهوم بعدة عناصر ولكن تلك العناصر لها القدرة على الارتباط مع العديد من المجالات والقضايا المهمة في وقتنا الحاضر.

        وان عملية التجارة الالكترونية هي من وجه نظرنا ليست أكثر من عملية تجارية تتم بين طرفين البائع والمشتري وتتمثل في عقد صفقات وتسويق المنتجات عن طريق الكتروني (أي باستخدام الحاسب الآلي), وعبر شبكة المعلومات الدولية (الانترنت) دون أن يكون هناك مكان محدد للقاء الطرفين وعدم وجود المادة (محل البيع) بصورة مادية فهي عملية الكترونية بحتة تتجاوز التجارة التقليدية وتعمل على إقامة عملية بيع وشراء أو أية معاملة ذات طابع (تجاري) بواسطة الانترنت.

ايجابيات وسلبيات في التجارة الالكترونية

        كثيرة هي الدراسات التي تناولت فوائد وأهمية التجارة الالكترونية وأهمية اللجوء إليها واعتمادها نمطا من أنماط النشاط التجاري في عصر المعلوماتية, ولذلك, وانطلاقا من أهمية دراسة التجارة الالكترونية, فإننا سوف نستعرض الفوائد (الايجابيات) المتحققة من التجارة الالكترونية, كما سنبين بعض السلبيات التي ترافق أو تؤخر العمل بالتجارة الالكترونية:

الايجابيات:

أولا: ان التجارة الالكترونية تساعد على توافق أنماط التجارة مع سمات هذا العصر إذ مكنت التجارة الالكترونية من خلق أنماط مستحدثة من وسائل إدارة النشاط التجاري كالبيع عبر الانترنت والتجارة بين قطاعات الأعمال, وسواء تمت في احد هذين القطاعين ام احدهما, فهي سوف تساعد في خلق تغيير شامل في طريقة أداء الخدمة وعرض المنتج وتحقيق الفوائد المترتبة على عملية البيع والشراء.

ثانيا: ساعدت عملية التجارة الالكترونية على الدخول الى الأسواق العالمية, خاصة في ظل ما يطلق عليه بالعولمة و(إلغاء الحدود) من الناحية التجارية, وجعل السوق مفتوحا أمام المستهلك, وقد ساعدت التجارة الالكترونية على تطبيق الاتفاقيات الدولية التي حاولت تحرير التجارة العالمية, فهي لا تعترف بالحدود ولا القيود ولذلك, فان التجارة جعلت عملية البيع والشراء تبدو ضمن نطاق جغرافي محدد في ظل فترة زمنية محدودة أيضا  .

ثالثا: اختصار الوقت والجهد بيسر وسهولة وإتمام أعمال البيع والشراء, بوقت مقيد والعمل ضمن مدة زمنية كفلية بالخروج بعقد تجاري بين طرفين مع تحديد الثمن والتوقيع على العقد الكترونيا والعمل على تقليص (الموارد والجهود) بما يخدم عملية التجارة ويسهل عملية الانتقال إلى أطراف أخرى, كذلك انه يمكن أن تتم أكثر من عملية تجارية ضمن فترة زمنية محددة ولبضائع وخدمات متنوعة وهذه الفائدة سوف تعود بالوقت والجهد على البائع والمستهلك (المشتري) مما يساعد على تحقيق ايجابية اختصار لأمور كثيرة في هذه الأعمال.

        إن هذه الفوائد المتحققة من التجارة الالكترونية, ساهمت في قبولها والعمل ضمن نطاقها بل والتطور الحاصل في عملية التجارة الالكترونية, بفضل الخبرة التي بدأ يكتسبها الكثيرون من الزبائن والمهتمين في القيام بعملية التجارة الالكترونية وتحقيق الفوائد والحصول على الارباح, بل وتطوير الأداء الخدمي في عملية التجارة بالنسبة للشركات والقطاعات الخاصة, بما تتطلبه من مؤسسات وبنية تحتية وإستراتيجية إدارية واتصالات وبما تحتاجه من كفاءة وخبرة ودقة في العمل  خاصة وان مثل هذه الأعمال تتطلب الحيطة والحذر من خلال سرية البيانات وحماية المستهلك من الغش وشرعية التداول للبيانات وفق القانون.

        وهذا ما دفع الى تطوير التجارة الالكترونية من عام 1998 بين قطاعات الأعمال حيث كان من المتوقع ان تزداد الى 300 بليون عام 2002 لكن في الواقع كان ما تحقق اكثر من ذلك.

 

 

السلبيات:

مع الايجابيات المتحققة من التجارة الالكترونية فان معدل هذه الايجابيات سوف يزداد بصورة طردية مع الحاجة إلى القيام بها والعمل بموجبها, خاصة إذا ما توفرت القوانين اللازمة لتنظيم عملها, وبالتالي, فان حجم التجارة الالكترونية سيكون له أهمية في المستقبل مع هذا التطور الهائل في عملية البيع والشراء عن بعد وبفضل الفوائد التي ذكرناها.

        ولكن الناحية الأخرى, فان للتجارة الالكترونية بعض العيوب والسلبيات فضلا عن الايجابيات التي تتمتع بها, ويمكن إيجاز ابرز هذه السلبيات بما يأتي:

أولا: عدم الثقة أو فقدان الثقة التي قد تكون موجودة لدى بعض المستهلكين مع بعض الشركات أو البائع, خاصة اذا لم يكن معروفا أو معلوما, وهذه الحالة سوف تؤدي الى التقليل من العمل ضمن إطار التجارة الالكترونية.

ثانياً: التحايل أو الغبن أو الغش الذي قد يتعرض له المستهلك من قبل البعض, بوصفهم الطرف الضعيف للقيام بأعمال الغش, كذلك قد يتعرض المستهلك الى جريمة ضعف أو استغلال أو جهل المتعامل في البيع الالكتروني أو جرائم الاعتداء الواقع على التوقيع الالكتروني.

ثالثا: تثير التجارة الالكترونية مشاكل القانون الواجب التطبيق, في ظل غياب التشريعات القانونية والاتفاقيات الدولية التي تعالج مسألة التجارة الالكترونية خاصة وان مسألة التجارة الالكترونية ذات بعد اقتصادي دولي لابد ان يعالج بتشريعات دولية ووطنية.

        وهذه الايجابيات والسلبيات التي نلاحظها على التجارة الالكترونية لا تثير إشكالية التعامل فقط بل وتأتي من إشكالية غياب النصوص القانونية الخاصة بها، وعدم وجود ضوابط محددة لعمل التجارة الالكترونية ولكن هذا لا يمنع من أهميتها ودورها اليوم مع ضرورة وجود خطوط موازية لعملها من الناحية القانونية.

تنظيم القانون الدولي للتجارة الالكترونية

        تثير التجارة الالكترونية الكثير من المشكلات ذات الطبيعة القانونية نظرا لما قد تسببه من ارتكاب للجرائم من خلال أطرافها أو احدها بارتكاب جرائم مثل التزوير أو السرقة أو التحايل أو غير ذلك, وما يهمنا في هذا المجال التنظيم القانوني الدولي (غير الجنائي) للتجارة الالكترونية, والمقصود بالتنظيم القانوني الدولي هو القرارات الدولية التي عالجت مسألة التجارة الالكترونية سواء الأمم المتحدة أم منظمة التجارة العالمية أم الاتحاد الأوروبي ويدخل ضمن هذا التنظيم القانوني مشاريع القوانين التي قامت البلدان بوضعها بغية تنظيم تلك التجارة.

        ولذلك, فإننا نجد من الأجدى ان نتناول التنظيم القانوني الدولي (غير الجنائي) وفق قرارات منظمة الأمم المتحدة, ومن ثم منظمة التجارة العالمية, والاتحاد الإفريقي, تلخيصا لرؤية دولية متخصصة وإقليمية لإضفاء إحاطة شاملة على المعالجة الدولية لعمل التجارة الالكترونية مما يساعد على فهم تلك الرؤية وفق أحكام القانون الدولي العام.

 

مشروع منظمة الأمم المتحدة لقانون التجارة الالكترونية

        وافقت لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي والتي يطلق عليها (الأونسيترال) أو نموذج لمشروع قانون موحد للتجارة الالكترونية في 16/12/1996, وعلى الرغم من أن مشروع القانون لم يعرف (التجارة الالكترونية) بصورة صريحة واكتفى بتعريف تبادل المعلومات الالكترونية ومن ضمنها التجارة الالكترونية اذ عرف تبادل المعلومات بأنها (النقل الالكتروني بين جهازين للكمبيوتر للبيانات باستخدام نظام متفق عليه لإعداد المعلومات), وقد رأت اللجنة ان هذا التعريف, يغطي كل استعمال المعلومات الالكترونية في التجارة والتي أطلق عليها بالتجارة الالكترونية, وبناءا على ذلك, يعد من وسائل الاتصال التي تغطي التجارة الالكترونية, والتي يسعان فيها بالوسائل الالكترونية، النقل من كومبيوتر لكومبيوتر لمعطيات تجارية وفقا لنظام عرض موحد (شكل موحد) ونقل الرسائل الالكترونية باستعمال قواعد عامة أو قواعد قياسية والنقل بالطريق الالكتروني كاستخدام الانترنت ويلاحظ أن مشروع قانون (Uncitral) للأمم المتحدة له سلبيات وايجابيات يمكن بيانها بخصوص موضوع التجارة الالكترونية.

        وبالنسبة للسلبيات الملاحظة في هذا المشروع انه لم يعط تعريفا عاما للتجارة الالكترونية خاصة وان التجارة الالكترونية لم يحدد لها الفقه تعريفا واضحا ودقيقا ولذلك كان من الأَولى إعطاء تعريف عام للتجارة الالكترونية حتى يمكن الاسترشاد به في العمل ضمن التجارة الالكترونية مما يعني ان عدم وجود تعريف زاد صعوبة في الأمر.

        وعلى الرغم, ان مشروع القانون توسع جدا في أساليب التعامل الخاص بالتجارة الالكترونية أي انه تناول تفعيل وسائل التجارة الالكترونية بصورة واسعة وواضحة وعرفها وبالتالي فان المشروع جاء بتعريف الوسائل وتحديدها دون اعطاء بعد بذاته افضل من ترك الوسائل بدون تحديد تعريف التجارة الالكترونية.

 

 

أما بالنسبة لايجابيات هذا المشروع فيمكن تلخيصها بالاتي:

أولا: إن مشروع قانون الأمم المتحدة للتجارة الالكترونية يجوز الأخذ به واحدا من الأمثلة على التعأون الدولي في وضع إطار قانوني دولي مشترك, بغية العمل على تنظيم التجارة الالكترونية بما يساعد الدول على الأخذ بهذا القانون والاسترشاد به في وضع القوانين الوطنية الخاصة بالتجارة الالكترونية ويسمح لاطلاع الدول على الرؤية الدولية التي يجب ان تكون متناسبة مع اهتمامات الدول.

ثانيا: إن القانون النموذجي للأمم المتحدة يضع قواعد محددة بشأن التجارة الالكترونية والتوقيع الالكتروني, اذ يتجه هذا المشروع إلى إثبات صحة المستندات المستخدمة في معاملات التجارة الالكترونية من الناحية القانونية الدولية, مما يساعد على العمل على إعطاء فرصة واضحة لأدراك أهمية تلك المستندات في ظل غياب التشريعات الوطنية والإقليمية اللازمة في عملية تقنين التجارة الالكترونية .

        والملاحظ انه ومن نص مشروع قانون الأمم المتحدة فانه يسري على أي نوع من المعلومات في شكل رسالة بيانات مستخدمة في سياق أنشطة تجارية, وقد بين المشروع ان المقصود بالأنشطة تفسيرا واسعا بحيث يشمل المسائل الناشئة عن جميع العلاقات ذات الطابع التجاري سواء كانت تعاقدية أو لم تكن, وتشمل العلاقات ذات الطابع التجاري أوردها القانون على سبيل المثال المعاملة التجارية لتوريد البضائع والسلع والخدمات, التمثيل التجاري, منح التراخيص وغيرها.

        ومهما يكن من أمر فإننا نرى ان قانون الأونستيرال يعد خطوة مهمة نحو التعأون الدولي بين الدول في وضع اتفاق دولي (اتفاقية شارعة) تعد احد مصادر القانون الدولي والعمل على إقامة تشريع دولي يعمل على تنظيم التجارة الالكترونية, فلقد جاءت لجنة الأونستيرال لتضع مشروع قانون التجارة الالكترونية انطلاقا من إدراك أهميتها بوصفها تختلف عن غيرها في حاجتها الى قواعد موحدة عالمية اذ يسجل لها الريادة في هذا المجال, من اجل توحيد القواعد القانونية التي تنظم التجارة الالكترونية

        ان قيام منظمة الامم المتحدة بالقيام بوضع مشروع قانون للتجارة الالكترونية سوف يسهم في العمل ضمن تقنين القواعد التي تعالج مسألة التجارة الالكترونية من الناحية غير الجنائية, اذ ان الناحية الجنائية تبقى ضمن النطاق الوطني للدول, تعمل بالاسترشاد بمشروع الأونستيرال لكن مع الأخذ بما يلائم مصلحتها وحماية مصالح الأطراف وبالأخص المستهلك في التجارة الالكترونية.    

منظمة التجارة العالمية والتجارة الالكترونية

        بالنسبة لدور منظمة التجارة العالمية  وموقفها من التجارة الالكترونية, فقد أصدرت هذه المنظمة في مطلع عام 1998 الدراسة الخاصة حول التجارة الالكترونية بعنوان (آليات التجارة الالكترونية وما يتعلق بمباشرتها استخدام الانترنت) اذ توصلت في هذه الدراسة الى اعتبار التجارة الالكترونية ضمن الأنشطة التجارية التي تستوعبها وتطبق عليها الاتفاقية الدولية الخاصة بالتجارة في الخدمات, اما بالنسبة لتحديد موقفها الرسمي فضلا عن الدراسة أنفة الذكر فقد بينت في مؤتمر منظمة التعأون الاقتصادي المنعقد في أوتأوا في 1998, اذ أشار مدير المنظمة (Renoto Reggiro) الى ان منظمة التجارة العالمية لا تسعى لوضع قواعد جديدة خاصة بالتجارة الالكترونية, انما تسعى الى استخدام التنظيم القانوني القائم والمحدد ضمن اتفاقية الـ (Gatts) الخاصة بالتجارة, وقد كان لمنظمة التجارة العالمية عقد اتفاقية عالمية ضمت ثلاث اتفاقيات رئيسة الأولى كانت عام 1995 وهي (28) اتفاقية عالمية تؤطرها ثلاث اتفاقيات الأولى (الاتفاقية العامة للتعرفة والتجارة) (جات Gaat)   والثانية الاتفاقية للتجارة والخدمات (Gats)     والتي جرى وضعها لمواجهة النشاط التجاري المستجد في ميدان خدمات النقل والخدمات المالية والاتصالات والخدمات التقنية والاستشارية والاتفاقية الثالثة, اتفاقية الجوانب التجارية المتعلقة بالملكية الفكرية Trips, والتي تتعلق بمسائل حقوق المؤلف والعلامات والأسرار التجارية وبراءات الاختراع والقواعد العامة المتصلة بالملكية الفكرية وعلاقتها بالتجارة العالمية.

        ويأتي دور منظمة التجارة العالمية كون التجارة الالكترونية هي مجموعة متكاملة من انتاج وتوزيع وبيع المنتجات بوسائل الكترونية, فنظرا للتطور المتسارع الذي طرأ على مفهوم التجارة ظهرت العديد من المعالجات الفقهية وصولا إلى التعريف القانوني بغية التنظيم الدولي بواسطة المنظمات الدولية والمتخصصة التي واكبت عمل التجارة الالكترونية, ويأتي تدخل منظمة التجارة العالمية أمرا طبيعيا يحأول أن يعطي بعدا اقتصاديا دوليا لمفهوم التجارة الالكترونية من خلال الاتفاقيات الدولية أو المؤتمرات الدولية أو الإقليمية ذات البعد الدولي من اجل إيصال فكرة التجارة الالكترونية ضمن مفاهيم أساسية أو تشريع قواعد جديدة للمعالجة, إلا إن ما يلاحظ على ان المنظمة لم تحتاج إلى إيجاد قواعد تشريعية للتجارة الالكترونية, بل صنفت التجارة الالكترونية ضمن الأنشطة التجارية التي تستوعبها وتطبق عليها الاتفاقية الخاصة بالخدمات, وسواء كانت منظمة التجارة قد أدت دورا فاعلا ام لا في تحديد مضمون التجارة الالكترونية, الا أنها لم تورد لها تعريف عام شامل ولم تورد وسائل مباشرة أو الكترونية, بل اكتفت بالإحالة إلى المفاهيم الأساسية للاتفاقيات المبرمة ذات الشأن لامتداد النشاط إليها بوصفها أي (التجارة الالكترونية) جزءا لا يتجزأ من تلك الأنشطة التجارية.

 

التجارة الالكترونية في ظل الاتحاد الأوروبي

        بالنسبة للاتحاد الأوروبي, فهو تنظيم إقليمي أوروبي يحرص على التعامل مع التجارة الالكترونية ضمن تطوراتها التقنية, ولذلك فان الاتحاد الأوروبي ومنذ العام 2000 بدأ التوجه نحو إدراج تعريف للتجارة الالكترونية, اذ عرف توجيه البرلمان والمجلس الأوروبي رقم 97/7 الصادرة في مايو عام 1997 في شأن حماية المستهلكين في مجال العقود عن بعد في مادتها الثانية العقد عن بعد بأنه (كل عقد يتعلق بالبضائع أو الخدمات ابرم بين مورد ومستهلك في نطاق نظام البيع أو لتقديم خدمات عن بعد نظمه المورد الذي يستخدم, لهذا العقد, تقنية أو أكثر للاتصال عن بعد لإبرام العقد وتنفيذه), كما عرف هذا التوجيه تقنية الاتصال عن بعد بأنه (كل وسيلة دون وجود مادي وزمني للمورد والمستهلك, يمكن ان تستخدم لإبرام العقد بين طرفيه), ويلاحظ ان ابرز الأمثلة التي أوردها التوجيه لتقنيات الاتصال منها المطبوعات غير المعنونة والخطابات والدعاية والحاسبة والمراسلات الالكترونية .

        أما توجيه البرلمان والمجلس الأوروبي رقم 2000/31 الصادر في الثامن من حزيران من العام 2000 بشأن بعض الجوانب القانونية لخدمات شركة المعلومات وبصفة خاصة للتجارة الالكترونية في السوق الوطنية والذي يطلق عليه (توجيه التجارة الالكترونية) في المادة الثانية, الاتصال التجاري بأنه كل شكل من أشكال الاتصال يستهدف تسويق بصورة مباشرة أو غير مباشرة, بضائع أو خدمات أو صورة مشروع أو منظمة أو شخص يباشر نشاط تجاري أو صناعي أو حرفي أو يقوم بمهمة منظمة, وفضلا عن ذلك, فقد أشار هذا التوجيه إلى ضرورة ان تقوم الدول الأعضاء بالسماح لأنظمتها القانونية بإبرام العقود بالطرق الالكترونية, بحيث لا تمثل هذه الأنظمة عائقا لاستعمال العقود الالكترونية ولا تحد من أثرها وفعاليتها لمجرد أنها تتم بالطرق الالكترونية.

        ويلاحظ أن الاتحاد الأوروبي, ومن خلال هذين القرارين أو ما يطلق عليهم (التوجيهيين) قد أعطوا تعريفا للاتصال التجاري أي التجارة الالكترونية, وهذا التعريف إنما يحاول إن يعطي توصيفا قانونيا للتجارة الالكترونية, خاصة وان الدول الأوروبية تشهد التجارة الالكترونية ولذلك فقد حاولت الدول الأوروبية وضع تعريف للتجارة الالكترونية لتحديدها وتنظيمها ويمكننا أن نقدم دولة (فرنسا) بوصفها احد أعضاء الاتحاد الأوروبي المؤسسين, إذ أشار التقرير الذي قدمه لورنتز عام 1998 لوزير الاقتصاد الفرنسي إلى التجارة الالكترونية وعرفها بأنها (باختصار مجموعة المعاملات الرقمية المرتبطة بأنشطة تجارية, بين المشروعات بعضها البعض, وبين المشروعات والإفراد, وبين المشروعات والإدارة) 

ويلاحظ على هذا التعريف الفرنسي انه قد توسع في تعريف التجارة الالكترونية لتشمل مجمل الأنشطة التجارية وتبادل المعلومات والتعاملات المتعلقة بالبضائع والتجهيزات أو بضائع الاستهلاك التجاري, وكذلك يشمل الخدمات مثل خدمة المعلومات والخدمات المالية والقانونية.

 

التجارة الالكترونية العربية

        لا يقل اهتمام الدول العربية عن غيرها من الدول في التجارة الالكترونية, خصوصا وان الدول العربية تدرك أهمية التجارة الالكترونية, ويظهر ذلك جليا من خلال مجلس الوحدة الاقتصادية التابع لجامعة الدول العربية فضلا عن مشاريع القوانين العربية التي حاولت إعطاء تعاريف, فضلا عن دور مجلس الوحدة الاقتصادية التابع لجامعة الدول العربية وكالاتي:

        إذ يقوم المجلس بالإجراءات اللازمة من اجل تأمين الحماية اللازمة للتجارة الالكترونية العربية بعد تزايد عمليات القرصنة والجرائم المتعلقة بالمعلوماتية في العالم, ويقدر المجلس معدل النمو في التجارة الالكترونية عربيا بنحو 15% مقابل 30% عالميا, إذ يبلغ حجم التجارة الالكترونية قبل عدة أعوام بنحو 3 مليارات دولار مقارنة بحوالي 135 مليون دولار عالميا, إذ كان التوقع أن يبلغ معدل حجم التجارة الالكترونية 5 مليارات دولار عام 2003 مقابل 31 تريليون دولار عالميا ويؤكد مجلس الوحدة الاقتصادية على ضرورة إيجاد تشريعات قانونية لتنظيم التجارة الالكترونية عربيا من اجل المحافظة على مصالح الدول العربية للحد من عمليات القرصنة وسرقة المعلومات, خصوصا ان كثيراً من الدول العربية أصبح يمتلك الفرص في مجال صناعة البرمجيات ونظم المعلومات وابتكار البرامج وتطويرها  إذ يسعى المجلس إلى تأسيس شركة عربية لتأمين المعلومات والاتصالات برأس مال 5 ملايين دولار وتتصدر دول مجلس التعاون الخليجي ومن ثم مصر الدول العربية في التجارة الالكترونية, وجهود المجلس تأتي ضمن الاهتمام بالتجارة الالكترونية للدول العربية والوصول إلى حجم تبادلات متطورة فيها.

 

الخاتمة

من التطورات التي عكسها الانترنت في العالم الرقمي اليوم هو ما يعرف بالتجارة الالكترونية وتعد التجارة الالكترونية جزء من منظومة الانترنت المتطورة التي تسعى إلى تسهيل الأعمال, ومن منطلق المصطلح فان ما يعنيه هو القيام بأعمال تجارية عن طريق الانترنت الحديث.

.. وتعد صورة من صور التعاقد عن بعد ولذلك يجب ان يتدخل القانون الدولي في تأطير العلاقة وتنظيمها بما ينسجم مع التطورات ليوفر حماية للمنتج والمستهلك وحماية أطراف العلاقة في التجارة من أي عمل غير مشروع كون التجارة الالكترونية تقع عابرة للحدود في الكثير من الأحيان.

    ومن خلال ذلك. فان للتجارة الالكترونية اهتمام خاص من قبل رجال القانون من أجل وضع تعريف شامل جامع مانع له يستطيع أن يحيط بكل المستجدات والتغيرات والتطورات الخاصة بها. ومن شأن هذه التطورات ان تكون هناك قواعد قانونية تحكم هذه التطورات أو تحيلها الى القواعد العامة ساعية من ذلك الى تنظيم عمل التجارة الالكترونية بما يتلائم ومصالح الدول ورغبتها في عدم ارتكاب مخالفات قانونية تؤدي الى فقدان ثقة المستهلك بالتجارة الالكترونية ومزاياها كما ان وجود قواعد قانونية يعطي شعور أكثر بالثقة لدى أطراف عقد التجارة الالكترونية ويضمن حقوقهم المادية.

 

 

 

 

 

 

 

 

التنظيم الدولي  للتجارة الالكترونية

دراسة قانونية

د.زياد عبد الوهاب ألنعيمي

مدرس القانون الدولي – مركز الدراسات الإقليمية- جامعة الموصل

 

الملخص

 

       التجارة الالكترونية تعكس التطورات الحديثة على الشبكة العنكبوتية وهي إحدى التقنيات في عالمنا اليوم وجزء لا يتجزأ من العالم الرقمي تقوم أدواتها على استخدام الانترنت من خلال أطراف العلاقة وتوقيع العقود .

ولذلك كان لابد من وجود تشريعات دولية ووطنية تحمي العلاقة القائمة في التجارة الالكترونية وتعزز ثقة العمل بها من خلال تنظيمها وفق التشريعات الدولية بموجب اتفاقيات ثنائية أو جماعية تعمل على حماية أطراف التجارة الالكترونية والعقود  المبرمة وتعمل على تعزيز الثقة للعمل بموجب التجارة الالكترونية.

وانطلاقا من هذه الأهمية فان هذه الدراسة تسلط الضوء على أهمية التجارة الالكترونية وكيفية تنظيمها من خلال ما وجدته القوانين الدولية الصادرة من المنظمات الدولية مثل منظمة الأمم المتحدة ومنظمة التجارة العالمية والاتحاد الأوروبي فضلا عن تنظيم التجارة الالكترونية العربية في هذا المجال. 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

International Organization and E- Business

Legal Study

Dr. Ziyad Abdul-Wahab Al-Naemee

Lecturer of International Law, Regional Studies Center.

 

    E- Business reflects recent development on the Internet. It is one of the technologies in our nowadays world and based on Internet using through concerned parties and signing of contracts.

   Thus, there must be International and national Legislations that protect the relation within the E- Business and consolidate the confidence of work through organizing it according to International Legislations by mutual or collective agreements that protect the parties of E- Business and the signed contacts , and enhance the confidence of work by E- Business.

    So, the study sheds light on the importance of E- Business and how to organize it through the issued International laws by International organization such as the United Nations, International World Trade, and the European Union beside organizing Arab E- Business this field.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الآراء الواردة في نشريات المركـز تعبر عن رأي كاتبيهـا

بالدرجة الأولى وليس بالضرورة أن تعبـر

عن وجهة نظر المركـز

 

تقديـم

 

                                                    الدكتورة سناء عبد الله عزيز الطائي

                                                     سكرتيرة التحرير

 

 

        أصبحت شبكة المعلومات الدولية (الانترنت) جزءا من حياتنا اليومية الشخصية والعملية, نظرا لما وفرته من تطورات واختصاراً  للوقت والجهد بشكل سريع وسهل, وعلى الرغم من ان ظهور الانترنت قبل أربعة عقود, الا إن الاستخدامات الحديثة والمتطورة بدأت حديثا نتيجة التطور في استخدام الانترنت ومزاياه, وتدخل التجارة الالكترونية ضمن نطاق هذا التطور في نظام التصفح الذي يعد البنية اللازمة لتفاعل المستخدم مع الانترنت وتتكون هذه البنية من مجموعة من المستندات المخزنة على حواسيب الانترنت على مستندات الويب يطلق عليها (Home Page).

والتجارة الالكترونية هي جزء من منظومة الانترنت المتطورة التي تسعى الى تسهيل الأعمال, ومن منطلق المصطلح فان ما يعنيه هو القيام بأعمال تجارية عن طريق الانترنت الحديث.

ومن الطبيعي أن هذا التطور المتلاحق في الناحية الالكترونية يقابله ضرورة ان يكون له إطار قانوني يحدد كيفية عمله ونطاقه وأحواله, على اعتبار ان موضوع التجارة الالكترونية يعد هذا اليوم من أكثر المواضع إثارة للجدل القانوني, وذلك من خلال أهمية التجارة الالكترونية كونها آخر التطورات التاريخية لموضوعات تقنية المعلومات في وقتنا الحاضر, وإنها كانت جزءً من الأعمال الالكترونية, لذلك فان البحث القانوني يعد ذا أهمية ليؤطر موضوع التقنية, بوصف هذه التقنية المعبر عن تحديات الوقت الذي يتسم بالتقدم التكنولوجي.

خاصة ان تعامل التجارة الالكترونية لابد وان يخضع للقانون الدولي فضلا عن القانون الوطني للدول, لأن عمل التجارة الالكترونية لا يعترف بالحدود, لذلك, فان التشريعات القانونية الوطنية الدولية هي الكفيلة بتأطير العمل الالكتروني بجانب التشريعات الوطنية . 

 

التنظيم الدولي للتجارة الالكترونية

(دراسة قانونية)

 

د.زياد عبد الوهاب النعيمي

مدرس القانون الدولي العام – مركز الدراسات الإقليمية –جامعة الموصل

 

تعريف التجارة الالكترونية:             

        تمثل التجارة الالكترونية موضوعا فيما يعرف (الاقتصاد الرقمي أو Digit Economy) اذ يقوم الاقتصاد الرقمي على حقيقتين, التجارة الالكترونية وتقنية المعلومات اذ أن تقنية المعلومات هي التي أوجدت التجارة الالكترونية بوصفها تعتمد على الحاسبة والاتصال ومختلف الوسائل التقنية.

        عرف جانب من الفقه التجارة الالكترونية بأنها "عرض المشروع للسلع والخدمات على موقع للانترنت ليحصل على طلبات من الزبائن" وقد حاول جانب من الفقه المصري تعريف التجارة الالكترونية بأنها (جميع المعاملات التي تتم عبر الانترنت حتى لو لم تتمتع بالصفة التجارية وان كانت في الغالب تتمتع بهذه الصفة من جانب السلعة أو الخدمة على الأقل والذي غالبا ما يكون تاجرا), والملاحظ على هذا التعريف, انه تعريف عام عاما للتجارة الالكترونية وجعلها ضمن نطاق المعاملات, إذ قسم المعاملات إلى بيع سلع وخدمات سواء تمتعت بصفة تجارية ام لم تتمتع بهذه الصفة, إلا انه استطرد أن الغالب أن تكون ذا صفة تجارية, وهذا ما يعني, إن التجارة الالكترونية هي عمل تجاري مثلها مثل الأعمال التجارية إلا أن الاختلاف الواضح فيها ترجع إلى خصوصية وسائل مباشرة هذه التجارة.

        وهناك رأي يعطي للتجارة الدولية صورة من صور التعاقد عن بعد والتي أدت إلى وجود مشاكل عملية وقانونية تتعلق بفروع القانون المختلفة, ويرى هذا الرأي ان التعاقد عن طريق الانترنت يقترب من صورة التعاقد بين غائبين أو التعاقد عن بعد, بحيث اختلفت وسيلة التعاقد من التعاقد عن طريق المراسلة Corres Pondanct أو التعاقد بطريق الاتصال بالتلفون, وصارت عن طريق البريد الالكتروني (الانترنت).

        وعلى الرغم أن التواجد المادي بين البائع والمشتري (الطرفين) يضفي نوعا من الأمان والاستقرار في التجارة أو عملية البيع والعقد, إذ أن المعاينة النظرية قد تكفي بذاتها في عملية التعاقد خلافا للتعاقد الذي يتم بدون وجود الاطراف ومعاينة المادة محل البيع عن بعد وعدم وجود أطراف العلاقة البائع والمشتري والمادة في ذات المكان إلا أن التطور الحديث أوجد فرصة لهذا النوع من البيوع مما يعني ان التجارة الالكترونية هي ذات التجارة التقليدية مع الفارق الذي ذكرناه.

        ولذلك يذهب البعض إلى تعريف عقد التجارة الالكترونية بأنه (العقد الذي يتلاقى فيه الإيجاب بالقبول على الشبكة  الدولية المفتوحة للاتصال عن بعد بوسيلة مسموعة مرئية, بفضل التفاعل بين الموجب والقابل).

        ويرى البعض أن التجارة الالكترونية (تمثل تعاملا بالبيع والشراء بين بائع ومشتري بمفهوم العمل والتسوق الالكتروني والتعاملات المصرفية والبيانات التي يمكن إرسالها الكترونيا وطلبات الشراء والبيع ومشروعات التعاقد).

        فالواضح ان حركة التجارة الالكترونية في تزايد, وان التعاريف التي اشرنا إليها في ضوء ما جاء به الفقه هي تعاريف حاولت أن تضع صيغة تعريفية لإيجاد تعريف جامع مانع شامل لموضوع التجارة الالكترونية عليه, فان عبارة التجارة الالكترونية هي عبارة واسعة وعامة مع كونها عبارة شائعة الاستعمال في الوقت الحاضر. وينحصر هذا المفهوم بعدة عناصر ولكن تلك العناصر لها القدرة على الارتباط مع العديد من المجالات والقضايا المهمة في وقتنا الحاضر.

        وان عملية التجارة الالكترونية هي من وجه نظرنا ليست أكثر من عملية تجارية تتم بين طرفين البائع والمشتري وتتمثل في عقد صفقات وتسويق المنتجات عن طريق الكتروني (أي باستخدام الحاسب الآلي), وعبر شبكة المعلومات الدولية (الانترنت) دون أن يكون هناك مكان محدد للقاء الطرفين وعدم وجود المادة (محل البيع) بصورة مادية فهي عملية الكترونية بحتة تتجاوز التجارة التقليدية وتعمل على إقامة عملية بيع وشراء أو أية معاملة ذات طابع (تجاري) بواسطة الانترنت.

ايجابيات وسلبيات في التجارة الالكترونية

        كثيرة هي الدراسات التي تناولت فوائد وأهمية التجارة الالكترونية وأهمية اللجوء إليها واعتمادها نمطا من أنماط النشاط التجاري في عصر المعلوماتية, ولذلك, وانطلاقا من أهمية دراسة التجارة الالكترونية, فإننا سوف نستعرض الفوائد (الايجابيات) المتحققة من التجارة الالكترونية, كما سنبين بعض السلبيات التي ترافق أو تؤخر العمل بالتجارة الالكترونية:

الايجابيات:

أولا: ان التجارة الالكترونية تساعد على توافق أنماط التجارة مع سمات هذا العصر إذ مكنت التجارة الالكترونية من خلق أنماط مستحدثة من وسائل إدارة النشاط التجاري كالبيع عبر الانترنت والتجارة بين قطاعات الأعمال, وسواء تمت في احد هذين القطاعين ام احدهما, فهي سوف تساعد في خلق تغيير شامل في طريقة أداء الخدمة وعرض المنتج وتحقيق الفوائد المترتبة على عملية البيع والشراء.

ثانيا: ساعدت عملية التجارة الالكترونية على الدخول الى الأسواق العالمية, خاصة في ظل ما يطلق عليه بالعولمة و(إلغاء الحدود) من الناحية التجارية, وجعل السوق مفتوحا أمام المستهلك, وقد ساعدت التجارة الالكترونية على تطبيق الاتفاقيات الدولية التي حاولت تحرير التجارة العالمية, فهي لا تعترف بالحدود ولا القيود ولذلك, فان التجارة جعلت عملية البيع والشراء تبدو ضمن نطاق جغرافي محدد في ظل فترة زمنية محدودة أيضا  .

ثالثا: اختصار الوقت والجهد بيسر وسهولة وإتمام أعمال البيع والشراء, بوقت مقيد والعمل ضمن مدة زمنية كفلية بالخروج بعقد تجاري بين طرفين مع تحديد الثمن والتوقيع على العقد الكترونيا والعمل على تقليص (الموارد والجهود) بما يخدم عملية التجارة ويسهل عملية الانتقال إلى أطراف أخرى, كذلك انه يمكن أن تتم أكثر من عملية تجارية ضمن فترة زمنية محددة ولبضائع وخدمات متنوعة وهذه الفائدة سوف تعود بالوقت والجهد على البائع والمستهلك (المشتري) مما يساعد على تحقيق ايجابية اختصار لأمور كثيرة في هذه الأعمال.

        إن هذه الفوائد المتحققة من التجارة الالكترونية, ساهمت في قبولها والعمل ضمن نطاقها بل والتطور الحاصل في عملية التجارة الالكترونية, بفضل الخبرة التي بدأ يكتسبها الكثيرون من الزبائن والمهتمين في القيام بعملية التجارة الالكترونية وتحقيق الفوائد والحصول على الارباح, بل وتطوير الأداء الخدمي في عملية التجارة بالنسبة للشركات والقطاعات الخاصة, بما تتطلبه من مؤسسات وبنية تحتية وإستراتيجية إدارية واتصالات وبما تحتاجه من كفاءة وخبرة ودقة في العمل  خاصة وان مثل هذه الأعمال تتطلب الحيطة والحذر من خلال سرية البيانات وحماية المستهلك من الغش وشرعية التداول للبيانات وفق القانون.

        وهذا ما دفع الى تطوير التجارة الالكترونية من عام 1998 بين قطاعات الأعمال حيث كان من المتوقع ان تزداد الى 300 بليون عام 2002 لكن في الواقع كان ما تحقق اكثر من ذلك.

 

 

السلبيات:

مع الايجابيات المتحققة من التجارة الالكترونية فان معدل هذه الايجابيات سوف يزداد بصورة طردية مع الحاجة إلى القيام بها والعمل بموجبها, خاصة إذا ما توفرت القوانين اللازمة لتنظيم عملها, وبالتالي, فان حجم التجارة الالكترونية سيكون له أهمية في المستقبل مع هذا التطور الهائل في عملية البيع والشراء عن بعد وبفضل الفوائد التي ذكرناها.

        ولكن الناحية الأخرى, فان للتجارة الالكترونية بعض العيوب والسلبيات فضلا عن الايجابيات التي تتمتع بها, ويمكن إيجاز ابرز هذه السلبيات بما يأتي:

أولا: عدم الثقة أو فقدان الثقة التي قد تكون موجودة لدى بعض المستهلكين مع بعض الشركات أو البائع, خاصة اذا لم يكن معروفا أو معلوما, وهذه الحالة سوف تؤدي الى التقليل من العمل ضمن إطار التجارة الالكترونية.

ثانياً: التحايل أو الغبن أو الغش الذي قد يتعرض له المستهلك من قبل البعض, بوصفهم الطرف الضعيف للقيام بأعمال الغش, كذلك قد يتعرض المستهلك الى جريمة ضعف أو استغلال أو جهل المتعامل في البيع الالكتروني أو جرائم الاعتداء الواقع على التوقيع الالكتروني.

ثالثا: تثير التجارة الالكترونية مشاكل القانون الواجب التطبيق, في ظل غياب التشريعات القانونية والاتفاقيات الدولية التي تعالج مسألة التجارة الالكترونية خاصة وان مسألة التجارة الالكترونية ذات بعد اقتصادي دولي لابد ان يعالج بتشريعات دولية ووطنية.

        وهذه الايجابيات والسلبيات التي نلاحظها على التجارة الالكترونية لا تثير إشكالية التعامل فقط بل وتأتي من إشكالية غياب النصوص القانونية الخاصة بها، وعدم وجود ضوابط محددة لعمل التجارة الالكترونية ولكن هذا لا يمنع من أهميتها ودورها اليوم مع ضرورة وجود خطوط موازية لعملها من الناحية القانونية.

تنظيم القانون الدولي للتجارة الالكترونية

        تثير التجارة الالكترونية الكثير من المشكلات ذات الطبيعة القانونية نظرا لما قد تسببه من ارتكاب للجرائم من خلال أطرافها أو احدها بارتكاب جرائم مثل التزوير أو السرقة أو التحايل أو غير ذلك, وما يهمنا في هذا المجال التنظيم القانوني الدولي (غير الجنائي) للتجارة الالكترونية, والمقصود بالتنظيم القانوني الدولي هو القرارات الدولية التي عالجت مسألة التجارة الالكترونية سواء الأمم المتحدة أم منظمة التجارة العالمية أم الاتحاد الأوروبي ويدخل ضمن هذا التنظيم القانوني مشاريع القوانين التي قامت البلدان بوضعها بغية تنظيم تلك التجارة.

        ولذلك, فإننا نجد من الأجدى ان نتناول التنظيم القانوني الدولي (غير الجنائي) وفق قرارات منظمة الأمم المتحدة, ومن ثم منظمة التجارة العالمية, والاتحاد الإفريقي, تلخيصا لرؤية دولية متخصصة وإقليمية لإضفاء إحاطة شاملة على المعالجة الدولية لعمل التجارة الالكترونية مما يساعد على فهم تلك الرؤية وفق أحكام القانون الدولي العام.

 

مشروع منظمة الأمم المتحدة لقانون التجارة الالكترونية

        وافقت لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي والتي يطلق عليها (الأونسيترال) أو نموذج لمشروع قانون موحد للتجارة الالكترونية في 16/12/1996, وعلى الرغم من أن مشروع القانون لم يعرف (التجارة الالكترونية) بصورة صريحة واكتفى بتعريف تبادل المعلومات الالكترونية ومن ضمنها التجارة الالكترونية اذ عرف تبادل المعلومات بأنها (النقل الالكتروني بين جهازين للكمبيوتر للبيانات باستخدام نظام متفق عليه لإعداد المعلومات), وقد رأت اللجنة ان هذا التعريف, يغطي كل استعمال المعلومات الالكترونية في التجارة والتي أطلق عليها بالتجارة الالكترونية, وبناءا على ذلك, يعد من وسائل الاتصال التي تغطي التجارة الالكترونية, والتي يسعان فيها بالوسائل الالكترونية، النقل من كومبيوتر لكومبيوتر لمعطيات تجارية وفقا لنظام عرض موحد (شكل موحد) ونقل الرسائل الالكترونية باستعمال قواعد عامة أو قواعد قياسية والنقل بالطريق الالكتروني كاستخدام الانترنت ويلاحظ أن مشروع قانون (Uncitral) للأمم المتحدة له سلبيات وايجابيات يمكن بيانها بخصوص موضوع التجارة الالكترونية.

        وبالنسبة للسلبيات الملاحظة في هذا المشروع انه لم يعط تعريفا عاما للتجارة الالكترونية خاصة وان التجارة الالكترونية لم يحدد لها الفقه تعريفا واضحا ودقيقا ولذلك كان من الأَولى إعطاء تعريف عام للتجارة الالكترونية حتى يمكن الاسترشاد به في العمل ضمن التجارة الالكترونية مما يعني ان عدم وجود تعريف زاد صعوبة في الأمر.

        وعلى الرغم, ان مشروع القانون توسع جدا في أساليب التعامل الخاص بالتجارة الالكترونية أي انه تناول تفعيل وسائل التجارة الالكترونية بصورة واسعة وواضحة وعرفها وبالتالي فان المشروع جاء بتعريف الوسائل وتحديدها دون اعطاء بعد بذاته افضل من ترك الوسائل بدون تحديد تعريف التجارة الالكترونية.

 

 

أما بالنسبة لايجابيات هذا المشروع فيمكن تلخيصها بالاتي:

أولا: إن مشروع قانون الأمم المتحدة للتجارة الالكترونية يجوز الأخذ به واحدا من الأمثلة على التعأون الدولي في وضع إطار قانوني دولي مشترك, بغية العمل على تنظيم التجارة الالكترونية بما يساعد الدول على الأخذ بهذا القانون والاسترشاد به في وضع القوانين الوطنية الخاصة بالتجارة الالكترونية ويسمح لاطلاع الدول على الرؤية الدولية التي يجب ان تكون متناسبة مع اهتمامات الدول.

ثانيا: إن القانون النموذجي للأمم المتحدة يضع قواعد محددة بشأن التجارة الالكترونية والتوقيع الالكتروني, اذ يتجه هذا المشروع إلى إثبات صحة المستندات المستخدمة في معاملات التجارة الالكترونية من الناحية القانونية الدولية, مما يساعد على العمل على إعطاء فرصة واضحة لأدراك أهمية تلك المستندات في ظل غياب التشريعات الوطنية والإقليمية اللازمة في عملية تقنين التجارة الالكترونية .

        والملاحظ انه ومن نص مشروع قانون الأمم المتحدة فانه يسري على أي نوع من المعلومات في شكل رسالة بيانات مستخدمة في سياق أنشطة تجارية, وقد بين المشروع ان المقصود بالأنشطة تفسيرا واسعا بحيث يشمل المسائل الناشئة عن جميع العلاقات ذات الطابع التجاري سواء كانت تعاقدية أو لم تكن, وتشمل العلاقات ذات الطابع التجاري أوردها القانون على سبيل المثال المعاملة التجارية لتوريد البضائع والسلع والخدمات, التمثيل التجاري, منح التراخيص وغيرها.

        ومهما يكن من أمر فإننا نرى ان قانون الأونستيرال يعد خطوة مهمة نحو التعأون الدولي بين الدول في وضع اتفاق دولي (اتفاقية شارعة) تعد احد مصادر القانون الدولي والعمل على إقامة تشريع دولي يعمل على تنظيم التجارة الالكترونية, فلقد جاءت لجنة الأونستيرال لتضع مشروع قانون التجارة الالكترونية انطلاقا من إدراك أهميتها بوصفها تختلف عن غيرها في حاجتها الى قواعد موحدة عالمية اذ يسجل لها الريادة في هذا المجال, من اجل توحيد القواعد القانونية التي تنظم التجارة الالكترونية

        ان قيام منظمة الامم المتحدة بالقيام بوضع مشروع قانون للتجارة الالكترونية سوف يسهم في العمل ضمن تقنين القواعد التي تعالج مسألة التجارة الالكترونية من الناحية غير الجنائية, اذ ان الناحية الجنائية تبقى ضمن النطاق الوطني للدول, تعمل بالاسترشاد بمشروع الأونستيرال لكن مع الأخذ بما يلائم مصلحتها وحماية مصالح الأطراف وبالأخص المستهلك في التجارة الالكترونية.    

منظمة التجارة العالمية والتجارة الالكترونية

        بالنسبة لدور منظمة التجارة العالمية  وموقفها من التجارة الالكترونية, فقد أصدرت هذه المنظمة في مطلع عام 1998 الدراسة الخاصة حول التجارة الالكترونية بعنوان (آليات التجارة الالكترونية وما يتعلق بمباشرتها استخدام الانترنت) اذ توصلت في هذه الدراسة الى اعتبار التجارة الالكترونية ضمن الأنشطة التجارية التي تستوعبها وتطبق عليها الاتفاقية الدولية الخاصة بالتجارة في الخدمات, اما بالنسبة لتحديد موقفها الرسمي فضلا عن الدراسة أنفة الذكر فقد بينت في مؤتمر منظمة التعأون الاقتصادي المنعقد في أوتأوا في 1998, اذ أشار مدير المنظمة (Renoto Reggiro) الى ان منظمة التجارة العالمية لا تسعى لوضع قواعد جديدة خاصة بالتجارة الالكترونية, انما تسعى الى استخدام التنظيم القانوني القائم والمحدد ضمن اتفاقية الـ (Gatts) الخاصة بالتجارة, وقد كان لمنظمة التجارة العالمية عقد اتفاقية عالمية ضمت ثلاث اتفاقيات رئيسة الأولى كانت عام 1995 وهي (28) اتفاقية عالمية تؤطرها ثلاث اتفاقيات الأولى (الاتفاقية العامة للتعرفة والتجارة) (جات Gaat)   والثانية الاتفاقية للتجارة والخدمات (Gats)     والتي جرى وضعها لمواجهة النشاط التجاري المستجد في ميدان خدمات النقل والخدمات المالية والاتصالات والخدمات التقنية والاستشارية والاتفاقية الثالثة, اتفاقية الجوانب التجارية المتعلقة بالملكية الفكرية Trips, والتي تتعلق بمسائل حقوق المؤلف والعلامات والأسرار التجارية وبراءات الاختراع والقواعد العامة المتصلة بالملكية الفكرية وعلاقتها بالتجارة العالمية.

        ويأتي دور منظمة التجارة العالمية كون التجارة الالكترونية هي مجموعة متكاملة من انتاج وتوزيع وبيع المنتجات بوسائل الكترونية, فنظرا للتطور المتسارع الذي طرأ على مفهوم التجارة ظهرت العديد من المعالجات الفقهية وصولا إلى التعريف القانوني بغية التنظيم الدولي بواسطة المنظمات الدولية والمتخصصة التي واكبت عمل التجارة الالكترونية, ويأتي تدخل منظمة التجارة العالمية أمرا طبيعيا يحأول أن يعطي بعدا اقتصاديا دوليا لمفهوم التجارة الالكترونية من خلال الاتفاقيات الدولية أو المؤتمرات الدولية أو الإقليمية ذات البعد الدولي من اجل إيصال فكرة التجارة الالكترونية ضمن مفاهيم أساسية أو تشريع قواعد جديدة للمعالجة, إلا إن ما يلاحظ على ان المنظمة لم تحتاج إلى إيجاد قواعد تشريعية للتجارة الالكترونية, بل صنفت التجارة الالكترونية ضمن الأنشطة التجارية التي تستوعبها وتطبق عليها الاتفاقية الخاصة بالخدمات, وسواء كانت منظمة التجارة قد أدت دورا فاعلا ام لا في تحديد مضمون التجارة الالكترونية, الا أنها لم تورد لها تعريف عام شامل ولم تورد وسائل مباشرة أو الكترونية, بل اكتفت بالإحالة إلى المفاهيم الأساسية للاتفاقيات المبرمة ذات الشأن لامتداد النشاط إليها بوصفها أي (التجارة الالكترونية) جزءا لا يتجزأ من تلك الأنشطة التجارية.

 

التجارة الالكترونية في ظل الاتحاد الأوروبي

        بالنسبة للاتحاد الأوروبي, فهو تنظيم إقليمي أوروبي يحرص على التعامل مع التجارة الالكترونية ضمن تطوراتها التقنية, ولذلك فان الاتحاد الأوروبي ومنذ العام 2000 بدأ التوجه نحو إدراج تعريف للتجارة الالكترونية, اذ عرف توجيه البرلمان والمجلس الأوروبي رقم 97/7 الصادرة في مايو عام 1997 في شأن حماية المستهلكين في مجال العقود عن بعد في مادتها الثانية العقد عن بعد بأنه (كل عقد يتعلق بالبضائع أو الخدمات ابرم بين مورد ومستهلك في نطاق نظام البيع أو لتقديم خدمات عن بعد نظمه المورد الذي يستخدم, لهذا العقد, تقنية أو أكثر للاتصال عن بعد لإبرام العقد وتنفيذه), كما عرف هذا التوجيه تقنية الاتصال عن بعد بأنه (كل وسيلة دون وجود مادي وزمني للمورد والمستهلك, يمكن ان تستخدم لإبرام العقد بين طرفيه), ويلاحظ ان ابرز الأمثلة التي أوردها التوجيه لتقنيات الاتصال منها المطبوعات غير المعنونة والخطابات والدعاية والحاسبة والمراسلات الالكترونية .

        أما توجيه البرلمان والمجلس الأوروبي رقم 2000/31 الصادر في الثامن من حزيران من العام 2000 بشأن بعض الجوانب القانونية لخدمات شركة المعلومات وبصفة خاصة للتجارة الالكترونية في السوق الوطنية والذي يطلق عليه (توجيه التجارة الالكترونية) في المادة الثانية, الاتصال التجاري بأنه كل شكل من أشكال الاتصال يستهدف تسويق بصورة مباشرة أو غير مباشرة, بضائع أو خدمات أو صورة مشروع أو منظمة أو شخص يباشر نشاط تجاري أو صناعي أو حرفي أو يقوم بمهمة منظمة, وفضلا عن ذلك, فقد أشار هذا التوجيه إلى ضرورة ان تقوم الدول الأعضاء بالسماح لأنظمتها القانونية بإبرام العقود بالطرق الالكترونية, بحيث لا تمثل هذه الأنظمة عائقا لاستعمال العقود الالكترونية ولا تحد من أثرها وفعاليتها لمجرد أنها تتم بالطرق الالكترونية.

        ويلاحظ أن الاتحاد الأوروبي, ومن خلال هذين القرارين أو ما يطلق عليهم (التوجيهيين) قد أعطوا تعريفا للاتصال التجاري أي التجارة الالكترونية, وهذا التعريف إنما يحاول إن يعطي توصيفا قانونيا للتجارة الالكترونية, خاصة وان الدول الأوروبية تشهد التجارة الالكترونية ولذلك فقد حاولت الدول الأوروبية وضع تعريف للتجارة الالكترونية لتحديدها وتنظيمها ويمكننا أن نقدم دولة (فرنسا) بوصفها احد أعضاء الاتحاد الأوروبي المؤسسين, إذ أشار التقرير الذي قدمه لورنتز عام 1998 لوزير الاقتصاد الفرنسي إلى التجارة الالكترونية وعرفها بأنها (باختصار مجموعة المعاملات الرقمية المرتبطة بأنشطة تجارية, بين المشروعات بعضها البعض, وبين المشروعات والإفراد, وبين المشروعات والإدارة) 

ويلاحظ على هذا التعريف الفرنسي انه قد توسع في تعريف التجارة الالكترونية لتشمل مجمل الأنشطة التجارية وتبادل المعلومات والتعاملات المتعلقة بالبضائع والتجهيزات أو بضائع الاستهلاك التجاري, وكذلك يشمل الخدمات مثل خدمة المعلومات والخدمات المالية والقانونية.

 

التجارة الالكترونية العربية

        لا يقل اهتمام الدول العربية عن غيرها من الدول في التجارة الالكترونية, خصوصا وان الدول العربية تدرك أهمية التجارة الالكترونية, ويظهر ذلك جليا من خلال مجلس الوحدة الاقتصادية التابع لجامعة الدول العربية فضلا عن مشاريع القوانين العربية التي حاولت إعطاء تعاريف, فضلا عن دور مجلس الوحدة الاقتصادية التابع لجامعة الدول العربية وكالاتي:

        إذ يقوم المجلس بالإجراءات اللازمة من اجل تأمين الحماية اللازمة للتجارة الالكترونية العربية بعد تزايد عمليات القرصنة والجرائم المتعلقة بالمعلوماتية في العالم, ويقدر المجلس معدل النمو في التجارة الالكترونية عربيا بنحو 15% مقابل 30% عالميا, إذ يبلغ حجم التجارة الالكترونية قبل عدة أعوام بنحو 3 مليارات دولار مقارنة بحوالي 135 مليون دولار عالميا, إذ كان التوقع أن يبلغ معدل حجم التجارة الالكترونية 5 مليارات دولار عام 2003 مقابل 31 تريليون دولار عالميا ويؤكد مجلس الوحدة الاقتصادية على ضرورة إيجاد تشريعات قانونية لتنظيم التجارة الالكترونية عربيا من اجل المحافظة على مصالح الدول العربية للحد من عمليات القرصنة وسرقة المعلومات, خصوصا ان كثيراً من الدول العربية أصبح يمتلك الفرص في مجال صناعة البرمجيات ونظم المعلومات وابتكار البرامج وتطويرها  إذ يسعى المجلس إلى تأسيس شركة عربية لتأمين المعلومات والاتصالات برأس مال 5 ملايين دولار وتتصدر دول مجلس التعاون الخليجي ومن ثم مصر الدول العربية في التجارة الالكترونية, وجهود المجلس تأتي ضمن الاهتمام بالتجارة الالكترونية للدول العربية والوصول إلى حجم تبادلات متطورة فيها.

 

الخاتمة

من التطورات التي عكسها الانترنت في العالم الرقمي اليوم هو ما يعرف بالتجارة الالكترونية وتعد التجارة الالكترونية جزء من منظومة الانترنت المتطورة التي تسعى إلى تسهيل الأعمال, ومن منطلق المصطلح فان ما يعنيه هو القيام بأعمال تجارية عن طريق الانترنت الحديث.

.. وتعد صورة من صور التعاقد عن بعد ولذلك يجب ان يتدخل القانون الدولي في تأطير العلاقة وتنظيمها بما ينسجم مع التطورات ليوفر حماية للمنتج والمستهلك وحماية أطراف العلاقة في التجارة من أي عمل غير مشروع كون التجارة الالكترونية تقع عابرة للحدود في الكثير من الأحيان.

    ومن خلال ذلك. فان للتجارة الالكترونية اهتمام خاص من قبل رجال القانون من أجل وضع تعريف شامل جامع مانع له يستطيع أن يحيط بكل المستجدات والتغيرات والتطورات الخاصة بها. ومن شأن هذه التطورات ان تكون هناك قواعد قانونية تحكم هذه التطورات أو تحيلها الى القواعد العامة ساعية من ذلك الى تنظيم عمل التجارة الالكترونية بما يتلائم ومصالح الدول ورغبتها في عدم ارتكاب مخالفات قانونية تؤدي الى فقدان ثقة المستهلك بالتجارة الالكترونية ومزاياها كما ان وجود قواعد قانونية يعطي شعور أكثر بالثقة لدى أطراف عقد التجارة الالكترونية ويضمن حقوقهم المادية.

 

 

 

 

 

 

 

 

التنظيم الدولي  للتجارة الالكترونية

دراسة قانونية

د.زياد عبد الوهاب ألنعيمي

مدرس القانون الدولي – مركز الدراسات الإقليمية- جامعة الموصل

 

الملخص

 

       التجارة الالكترونية تعكس التطورات الحديثة على الشبكة العنكبوتية وهي إحدى التقنيات في عالمنا اليوم وجزء لا يتجزأ من العالم الرقمي تقوم أدواتها على استخدام الانترنت من خلال أطراف العلاقة وتوقيع العقود .

ولذلك كان لابد من وجود تشريعات دولية ووطنية تحمي العلاقة القائمة في التجارة الالكترونية وتعزز ثقة العمل بها من خلال تنظيمها وفق التشريعات الدولية بموجب اتفاقيات ثنائية أو جماعية تعمل على حماية أطراف التجارة الالكترونية والعقود  المبرمة وتعمل على تعزيز الثقة للعمل بموجب التجارة الالكترونية.

وانطلاقا من هذه الأهمية فان هذه الدراسة تسلط الضوء على أهمية التجارة الالكترونية وكيفية تنظيمها من خلال ما وجدته القوانين الدولية الصادرة من المنظمات الدولية مثل منظمة الأمم المتحدة ومنظمة التجارة العالمية والاتحاد الأوروبي فضلا عن تنظيم التجارة الالكترونية العربية في هذا المجال. 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

International Organization and E- Business

Legal Study

Dr. Ziyad Abdul-Wahab Al-Naemee

Lecturer of International Law, Regional Studies Center.

 

    E- Business reflects recent development on the Internet. It is one of the technologies in our nowadays world and based on Internet using through concerned parties and signing of contracts.

   Thus, there must be International and national Legislations that protect the relation within the E- Business and consolidate the confidence of work through organizing it according to International Legislations by mutual or collective agreements that protect the parties of E- Business and the signed contacts , and enhance the confidence of work by E- Business.

    So, the study sheds light on the importance of E- Business and how to organize it through the issued International laws by International organization such as the United Nations, International World Trade, and the European Union beside organizing Arab E- Business this field.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الآراء الواردة في نشريات المركـز تعبر عن رأي كاتبيهـا

بالدرجة الأولى وليس بالضرورة أن تعبـر

عن وجهة نظر المركـز

 

 

 

 

نشرة أوراق إقليمية العدد (4تقديـم

 

                                                    الدكتورة سناء عبد الله عزيز الطائي

                                                     سكرتيرة التحرير

 

 

        أصبحت شبكة المعلومات الدولية (الانترنت) جزءا من حياتنا اليومية الشخصية والعملية, نظرا لما وفرته من تطورات واختصاراً  للوقت والجهد بشكل سريع وسهل, وعلى الرغم من ان ظهور الانترنت قبل أربعة عقود, الا إن الاستخدامات الحديثة والمتطورة بدأت حديثا نتيجة التطور في استخدام الانترنت ومزاياه, وتدخل التجارة الالكترونية ضمن نطاق هذا التطور في نظام التصفح الذي يعد البنية اللازمة لتفاعل المستخدم مع الانترنت وتتكون هذه البنية من مجموعة من المستندات المخزنة على حواسيب الانترنت على مستندات الويب يطلق عليها (Home Page).

والتجارة الالكترونية هي جزء من منظومة الانترنت المتطورة التي تسعى الى تسهيل الأعمال, ومن منطلق المصطلح فان ما يعنيه هو القيام بأعمال تجارية عن طريق الانترنت الحديث.

ومن الطبيعي أن هذا التطور المتلاحق في الناحية الالكترونية يقابله ضرورة ان يكون له إطار قانوني يحدد كيفية عمله ونطاقه وأحواله, على اعتبار ان موضوع التجارة الالكترونية يعد هذا اليوم من أكثر المواضع إثارة للجدل القانوني, وذلك من خلال أهمية التجارة الالكترونية كونها آخر التطورات التاريخية لموضوعات تقنية المعلومات في وقتنا الحاضر, وإنها كانت جزءً من الأعمال الالكترونية, لذلك فان البحث القانوني يعد ذا أهمية ليؤطر موضوع التقنية, بوصف هذه التقنية المعبر عن تحديات الوقت الذي يتسم بالتقدم التكنولوجي.

خاصة ان تعامل التجارة الالكترونية لابد وان يخضع للقانون الدولي فضلا عن القانون الوطني للدول, لأن عمل التجارة الالكترونية لا يعترف بالحدود, لذلك, فان التشريعات القانونية الوطنية الدولية هي الكفيلة بتأطير العمل الالكتروني بجانب التشريعات الوطنية . 

 

التنظيم الدولي للتجارة الالكترونية

(دراسة قانونية)

 

د.زياد عبد الوهاب النعيمي

مدرس القانون الدولي العام – مركز الدراسات الإقليمية –جامعة الموصل

 

تعريف التجارة الالكترونية:             

        تمثل التجارة الالكترونية موضوعا فيما يعرف (الاقتصاد الرقمي أو Digit Economy) اذ يقوم الاقتصاد الرقمي على حقيقتين, التجارة الالكترونية وتقنية المعلومات اذ أن تقنية المعلومات هي التي أوجدت التجارة الالكترونية بوصفها تعتمد على الحاسبة والاتصال ومختلف الوسائل التقنية.

        عرف جانب من الفقه التجارة الالكترونية بأنها "عرض المشروع للسلع والخدمات على موقع للانترنت ليحصل على طلبات من الزبائن" وقد حاول جانب من الفقه المصري تعريف التجارة الالكترونية بأنها (جميع المعاملات التي تتم عبر الانترنت حتى لو لم تتمتع بالصفة التجارية وان كانت في الغالب تتمتع بهذه الصفة من جانب السلعة أو الخدمة على الأقل والذي غالبا ما يكون تاجرا), والملاحظ على هذا التعريف, انه تعريف عام عاما للتجارة الالكترونية وجعلها ضمن نطاق المعاملات, إذ قسم المعاملات إلى بيع سلع وخدمات سواء تمتعت بصفة تجارية ام لم تتمتع بهذه الصفة, إلا انه استطرد أن الغالب أن تكون ذا صفة تجارية, وهذا ما يعني, إن التجارة الالكترونية هي عمل تجاري مثلها مثل الأعمال التجارية إلا أن الاختلاف الواضح فيها ترجع إلى خصوصية وسائل مباشرة هذه التجارة.

        وهناك رأي يعطي للتجارة الدولية صورة من صور التعاقد عن بعد والتي أدت إلى وجود مشاكل عملية وقانونية تتعلق بفروع القانون المختلفة, ويرى هذا الرأي ان التعاقد عن طريق الانترنت يقترب من صورة التعاقد بين غائبين أو التعاقد عن بعد, بحيث اختلفت وسيلة التعاقد من التعاقد عن طريق المراسلة Corres Pondanct أو التعاقد بطريق الاتصال بالتلفون, وصارت عن طريق البريد الالكتروني (الانترنت).

        وعلى الرغم أن التواجد المادي بين البائع والمشتري (الطرفين) يضفي نوعا من الأمان والاستقرار في التجارة أو عملية البيع والعقد, إذ أن المعاينة النظرية قد تكفي بذاتها في عملية التعاقد خلافا للتعاقد الذي يتم بدون وجود الاطراف ومعاينة المادة محل البيع عن بعد وعدم وجود أطراف العلاقة البائع والمشتري والمادة في ذات المكان إلا أن التطور الحديث أوجد فرصة لهذا النوع من البيوع مما يعني ان التجارة الالكترونية هي ذات التجارة التقليدية مع الفارق الذي ذكرناه.

        ولذلك يذهب البعض إلى تعريف عقد التجارة الالكترونية بأنه (العقد الذي يتلاقى فيه الإيجاب بالقبول على الشبكة  الدولية المفتوحة للاتصال عن بعد بوسيلة مسموعة مرئية, بفضل التفاعل بين الموجب والقابل).

        ويرى البعض أن التجارة الالكترونية (تمثل تعاملا بالبيع والشراء بين بائع ومشتري بمفهوم العمل والتسوق الالكتروني والتعاملات المصرفية والبيانات التي يمكن إرسالها الكترونيا وطلبات الشراء والبيع ومشروعات التعاقد).

        فالواضح ان حركة التجارة الالكترونية في تزايد, وان التعاريف التي اشرنا إليها في ضوء ما جاء به الفقه هي تعاريف حاولت أن تضع صيغة تعريفية لإيجاد تعريف جامع مانع شامل لموضوع التجارة الالكترونية عليه, فان عبارة التجارة الالكترونية هي عبارة واسعة وعامة مع كونها عبارة شائعة الاستعمال في الوقت الحاضر. وينحصر هذا المفهوم بعدة عناصر ولكن تلك العناصر لها القدرة على الارتباط مع العديد من المجالات والقضايا المهمة في وقتنا الحاضر.

        وان عملية التجارة الالكترونية هي من وجه نظرنا ليست أكثر من عملية تجارية تتم بين طرفين البائع والمشتري وتتمثل في عقد صفقات وتسويق المنتجات عن طريق الكتروني (أي باستخدام الحاسب الآلي), وعبر شبكة المعلومات الدولية (الانترنت) دون أن يكون هناك مكان محدد للقاء الطرفين وعدم وجود المادة (محل البيع) بصورة مادية فهي عملية الكترونية بحتة تتجاوز التجارة التقليدية وتعمل على إقامة عملية بيع وشراء أو أية معاملة ذات طابع (تجاري) بواسطة الانترنت.

ايجابيات وسلبيات في التجارة الالكترونية

        كثيرة هي الدراسات التي تناولت فوائد وأهمية التجارة الالكترونية وأهمية اللجوء إليها واعتمادها نمطا من أنماط النشاط التجاري في عصر المعلوماتية, ولذلك, وانطلاقا من أهمية دراسة التجارة الالكترونية, فإننا سوف نستعرض الفوائد (الايجابيات) المتحققة من التجارة الالكترونية, كما سنبين بعض السلبيات التي ترافق أو تؤخر العمل بالتجارة الالكترونية:

الايجابيات:

أولا: ان التجارة الالكترونية تساعد على توافق أنماط التجارة مع سمات هذا العصر إذ مكنت التجارة الالكترونية من خلق أنماط مستحدثة من وسائل إدارة النشاط التجاري كالبيع عبر الانترنت والتجارة بين قطاعات الأعمال, وسواء تمت في احد هذين القطاعين ام احدهما, فهي سوف تساعد في خلق تغيير شامل في طريقة أداء الخدمة وعرض المنتج وتحقيق الفوائد المترتبة على عملية البيع والشراء.

ثانيا: ساعدت عملية التجارة الالكترونية على الدخول الى الأسواق العالمية, خاصة في ظل ما يطلق عليه بالعولمة و(إلغاء الحدود) من الناحية التجارية, وجعل السوق مفتوحا أمام المستهلك, وقد ساعدت التجارة الالكترونية على تطبيق الاتفاقيات الدولية التي حاولت تحرير التجارة العالمية, فهي لا تعترف بالحدود ولا القيود ولذلك, فان التجارة جعلت عملية البيع والشراء تبدو ضمن نطاق جغرافي محدد في ظل فترة زمنية محدودة أيضا  .

ثالثا: اختصار الوقت والجهد بيسر وسهولة وإتمام أعمال البيع والشراء, بوقت مقيد والعمل ضمن مدة زمنية كفلية بالخروج بعقد تجاري بين طرفين مع تحديد الثمن والتوقيع على العقد الكترونيا والعمل على تقليص (الموارد والجهود) بما يخدم عملية التجارة ويسهل عملية الانتقال إلى أطراف أخرى, كذلك انه يمكن أن تتم أكثر من عملية تجارية ضمن فترة زمنية محددة ولبضائع وخدمات متنوعة وهذه الفائدة سوف تعود بالوقت والجهد على البائع والمستهلك (المشتري) مما يساعد على تحقيق ايجابية اختصار لأمور كثيرة في هذه الأعمال.

        إن هذه الفوائد المتحققة من التجارة الالكترونية, ساهمت في قبولها والعمل ضمن نطاقها بل والتطور الحاصل في عملية التجارة الالكترونية, بفضل الخبرة التي بدأ يكتسبها الكثيرون من الزبائن والمهتمين في القيام بعملية التجارة الالكترونية وتحقيق الفوائد والحصول على الارباح, بل وتطوير الأداء الخدمي في عملية التجارة بالنسبة للشركات والقطاعات الخاصة, بما تتطلبه من مؤسسات وبنية تحتية وإستراتيجية إدارية واتصالات وبما تحتاجه من كفاءة وخبرة ودقة في العمل  خاصة وان مثل هذه الأعمال تتطلب الحيطة والحذر من خلال سرية البيانات وحماية المستهلك من الغش وشرعية التداول للبيانات وفق القانون.

        وهذا ما دفع الى تطوير التجارة الالكترونية من عام 1998 بين قطاعات الأعمال حيث كان من المتوقع ان تزداد الى 300 بليون عام 2002 لكن في الواقع كان ما تحقق اكثر من ذلك.

 

 

السلبيات:

مع الايجابيات المتحققة من التجارة الالكترونية فان معدل هذه الايجابيات سوف يزداد بصورة طردية مع الحاجة إلى القيام بها والعمل بموجبها, خاصة إذا ما توفرت القوانين اللازمة لتنظيم عملها, وبالتالي, فان حجم التجارة الالكترونية سيكون له أهمية في المستقبل مع هذا التطور الهائل في عملية البيع والشراء عن بعد وبفضل الفوائد التي ذكرناها.

        ولكن الناحية الأخرى, فان للتجارة الالكترونية بعض العيوب والسلبيات فضلا عن الايجابيات التي تتمتع بها, ويمكن إيجاز ابرز هذه السلبيات بما يأتي:

أولا: عدم الثقة أو فقدان الثقة التي قد تكون موجودة لدى بعض المستهلكين مع بعض الشركات أو البائع, خاصة اذا لم يكن معروفا أو معلوما, وهذه الحالة سوف تؤدي الى التقليل من العمل ضمن إطار التجارة الالكترونية.

ثانياً: التحايل أو الغبن أو الغش الذي قد يتعرض له المستهلك من قبل البعض, بوصفهم الطرف الضعيف للقيام بأعمال الغش, كذلك قد يتعرض المستهلك الى جريمة ضعف أو استغلال أو جهل المتعامل في البيع الالكتروني أو جرائم الاعتداء الواقع على التوقيع الالكتروني.

ثالثا: تثير التجارة الالكترونية مشاكل القانون الواجب التطبيق, في ظل غياب التشريعات القانونية والاتفاقيات الدولية التي تعالج مسألة التجارة الالكترونية خاصة وان مسألة التجارة الالكترونية ذات بعد اقتصادي دولي لابد ان يعالج بتشريعات دولية ووطنية.

        وهذه الايجابيات والسلبيات التي نلاحظها على التجارة الالكترونية لا تثير إشكالية التعامل فقط بل وتأتي من إشكالية غياب النصوص القانونية الخاصة بها، وعدم وجود ضوابط محددة لعمل التجارة الالكترونية ولكن هذا لا يمنع من أهميتها ودورها اليوم مع ضرورة وجود خطوط موازية لعملها من الناحية القانونية.

تنظيم القانون الدولي للتجارة الالكترونية

        تثير التجارة الالكترونية الكثير من المشكلات ذات الطبيعة القانونية نظرا لما قد تسببه من ارتكاب للجرائم من خلال أطرافها أو احدها بارتكاب جرائم مثل التزوير أو السرقة أو التحايل أو غير ذلك, وما يهمنا في هذا المجال التنظيم القانوني الدولي (غير الجنائي) للتجارة الالكترونية, والمقصود بالتنظيم القانوني الدولي هو القرارات الدولية التي عالجت مسألة التجارة الالكترونية سواء الأمم المتحدة أم منظمة التجارة العالمية أم الاتحاد الأوروبي ويدخل ضمن هذا التنظيم القانوني مشاريع القوانين التي قامت البلدان بوضعها بغية تنظيم تلك التجارة.

        ولذلك, فإننا نجد من الأجدى ان نتناول التنظيم القانوني الدولي (غير الجنائي) وفق قرارات منظمة الأمم المتحدة, ومن ثم منظمة التجارة العالمية, والاتحاد الإفريقي, تلخيصا لرؤية دولية متخصصة وإقليمية لإضفاء إحاطة شاملة على المعالجة الدولية لعمل التجارة الالكترونية مما يساعد على فهم تلك الرؤية وفق أحكام القانون الدولي العام.

 

مشروع منظمة الأمم المتحدة لقانون التجارة الالكترونية

        وافقت لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي والتي يطلق عليها (الأونسيترال) أو نموذج لمشروع قانون موحد للتجارة الالكترونية في 16/12/1996, وعلى الرغم من أن مشروع القانون لم يعرف (التجارة الالكترونية) بصورة صريحة واكتفى بتعريف تبادل المعلومات الالكترونية ومن ضمنها التجارة الالكترونية اذ عرف تبادل المعلومات بأنها (النقل الالكتروني بين جهازين للكمبيوتر للبيانات باستخدام نظام متفق عليه لإعداد المعلومات), وقد رأت اللجنة ان هذا التعريف, يغطي كل استعمال المعلومات الالكترونية في التجارة والتي أطلق عليها بالتجارة الالكترونية, وبناءا على ذلك, يعد من وسائل الاتصال التي تغطي التجارة الالكترونية, والتي يسعان فيها بالوسائل الالكترونية، النقل من كومبيوتر لكومبيوتر لمعطيات تجارية وفقا لنظام عرض موحد (شكل موحد) ونقل الرسائل الالكترونية باستعمال قواعد عامة أو قواعد قياسية والنقل بالطريق الالكتروني كاستخدام الانترنت ويلاحظ أن مشروع قانون (Uncitral) للأمم المتحدة له سلبيات وايجابيات يمكن بيانها بخصوص موضوع التجارة الالكترونية.

        وبالنسبة للسلبيات الملاحظة في هذا المشروع انه لم يعط تعريفا عاما للتجارة الالكترونية خاصة وان التجارة الالكترونية لم يحدد لها الفقه تعريفا واضحا ودقيقا ولذلك كان من الأَولى إعطاء تعريف عام للتجارة الالكترونية حتى يمكن الاسترشاد به في العمل ضمن التجارة الالكترونية مما يعني ان عدم وجود تعريف زاد صعوبة في الأمر.

        وعلى الرغم, ان مشروع القانون توسع جدا في أساليب التعامل الخاص بالتجارة الالكترونية أي انه تناول تفعيل وسائل التجارة الالكترونية بصورة واسعة وواضحة وعرفها وبالتالي فان المشروع جاء بتعريف الوسائل وتحديدها دون اعطاء بعد بذاته افضل من ترك الوسائل بدون تحديد تعريف التجارة الالكترونية.

 

 

أما بالنسبة لايجابيات هذا المشروع فيمكن تلخيصها بالاتي:

أولا: إن مشروع قانون الأمم المتحدة للتجارة الالكترونية يجوز الأخذ به واحدا من الأمثلة على التعأون الدولي في وضع إطار قانوني دولي مشترك, بغية العمل على تنظيم التجارة الالكترونية بما يساعد الدول على الأخذ بهذا القانون والاسترشاد به في وضع القوانين الوطنية الخاصة بالتجارة الالكترونية ويسمح لاطلاع الدول على الرؤية الدولية التي يجب ان تكون متناسبة مع اهتمامات الدول.

ثانيا: إن القانون النموذجي للأمم المتحدة يضع قواعد محددة بشأن التجارة الالكترونية والتوقيع الالكتروني, اذ يتجه هذا المشروع إلى إثبات صحة المستندات المستخدمة في معاملات التجارة الالكترونية من الناحية القانونية الدولية, مما يساعد على العمل على إعطاء فرصة واضحة لأدراك أهمية تلك المستندات في ظل غياب التشريعات الوطنية والإقليمية اللازمة في عملية تقنين التجارة الالكترونية .

        والملاحظ انه ومن نص مشروع قانون الأمم المتحدة فانه يسري على أي نوع من المعلومات في شكل رسالة بيانات مستخدمة في سياق أنشطة تجارية, وقد بين المشروع ان المقصود بالأنشطة تفسيرا واسعا بحيث يشمل المسائل الناشئة عن جميع العلاقات ذات الطابع التجاري سواء كانت تعاقدية أو لم تكن, وتشمل العلاقات ذات الطابع التجاري أوردها القانون على سبيل المثال المعاملة التجارية لتوريد البضائع والسلع والخدمات, التمثيل التجاري, منح التراخيص وغيرها.

        ومهما يكن من أمر فإننا نرى ان قانون الأونستيرال يعد خطوة مهمة نحو التعأون الدولي بين الدول في وضع اتفاق دولي (اتفاقية شارعة) تعد احد مصادر القانون الدولي والعمل على إقامة تشريع دولي يعمل على تنظيم التجارة الالكترونية, فلقد جاءت لجنة الأونستيرال لتضع مشروع قانون التجارة الالكترونية انطلاقا من إدراك أهميتها بوصفها تختلف عن غيرها في حاجتها الى قواعد موحدة عالمية اذ يسجل لها الريادة في هذا المجال, من اجل توحيد القواعد القانونية التي تنظم التجارة الالكترونية

        ان قيام منظمة الامم المتحدة بالقيام بوضع مشروع قانون للتجارة الالكترونية سوف يسهم في العمل ضمن تقنين القواعد التي تعالج مسألة التجارة الالكترونية من الناحية غير الجنائية, اذ ان الناحية الجنائية تبقى ضمن النطاق الوطني للدول, تعمل بالاسترشاد بمشروع الأونستيرال لكن مع الأخذ بما يلائم مصلحتها وحماية مصالح الأطراف وبالأخص المستهلك في التجارة الالكترونية.    

منظمة التجارة العالمية والتجارة الالكترونية

        بالنسبة لدور منظمة التجارة العالمية  وموقفها من التجارة الالكترونية, فقد أصدرت هذه المنظمة في مطلع عام 1998 الدراسة الخاصة حول التجارة الالكترونية بعنوان (آليات التجارة الالكترونية وما يتعلق بمباشرتها استخدام الانترنت) اذ توصلت في هذه الدراسة الى اعتبار التجارة الالكترونية ضمن الأنشطة التجارية التي تستوعبها وتطبق عليها الاتفاقية الدولية الخاصة بالتجارة في الخدمات, اما بالنسبة لتحديد موقفها الرسمي فضلا عن الدراسة أنفة الذكر فقد بينت في مؤتمر منظمة التعأون الاقتصادي المنعقد في أوتأوا في 1998, اذ أشار مدير المنظمة (Renoto Reggiro) الى ان منظمة التجارة العالمية لا تسعى لوضع قواعد جديدة خاصة بالتجارة الالكترونية, انما تسعى الى استخدام التنظيم القانوني القائم والمحدد ضمن اتفاقية الـ (Gatts) الخاصة بالتجارة, وقد كان لمنظمة التجارة العالمية عقد اتفاقية عالمية ضمت ثلاث اتفاقيات رئيسة الأولى كانت عام 1995 وهي (28) اتفاقية عالمية تؤطرها ثلاث اتفاقيات الأولى (الاتفاقية العامة للتعرفة والتجارة) (جات Gaat)   والثانية الاتفاقية للتجارة والخدمات (Gats)     والتي جرى وضعها لمواجهة النشاط التجاري المستجد في ميدان خدمات النقل والخدمات المالية والاتصالات والخدمات التقنية والاستشارية والاتفاقية الثالثة, اتفاقية الجوانب التجارية المتعلقة بالملكية الفكرية Trips, والتي تتعلق بمسائل حقوق المؤلف والعلامات والأسرار التجارية وبراءات الاختراع والقواعد العامة المتصلة بالملكية الفكرية وعلاقتها بالتجارة العالمية.

        ويأتي دور منظمة التجارة العالمية كون التجارة الالكترونية هي مجموعة متكاملة من انتاج وتوزيع وبيع المنتجات بوسائل الكترونية, فنظرا للتطور المتسارع الذي طرأ على مفهوم التجارة ظهرت العديد من المعالجات الفقهية وصولا إلى التعريف القانوني بغية التنظيم الدولي بواسطة المنظمات الدولية والمتخصصة التي واكبت عمل التجارة الالكترونية, ويأتي تدخل منظمة التجارة العالمية أمرا طبيعيا يحأول أن يعطي بعدا اقتصاديا دوليا لمفهوم التجارة الالكترونية من خلال الاتفاقيات الدولية أو المؤتمرات الدولية أو الإقليمية ذات البعد الدولي من اجل إيصال فكرة التجارة الالكترونية ضمن مفاهيم أساسية أو تشريع قواعد جديدة للمعالجة, إلا إن ما يلاحظ على ان المنظمة لم تحتاج إلى إيجاد قواعد تشريعية للتجارة الالكترونية, بل صنفت التجارة الالكترونية ضمن الأنشطة التجارية التي تستوعبها وتطبق عليها الاتفاقية الخاصة بالخدمات, وسواء كانت منظمة التجارة قد أدت دورا فاعلا ام لا في تحديد مضمون التجارة الالكترونية, الا أنها لم تورد لها تعريف عام شامل ولم تورد وسائل مباشرة أو الكترونية, بل اكتفت بالإحالة إلى المفاهيم الأساسية للاتفاقيات المبرمة ذات الشأن لامتداد النشاط إليها بوصفها أي (التجارة الالكترونية) جزءا لا يتجزأ من تلك الأنشطة التجارية.

 

التجارة الالكترونية في ظل الاتحاد الأوروبي

        بالنسبة للاتحاد الأوروبي, فهو تنظيم إقليمي أوروبي يحرص على التعامل مع التجارة الالكترونية ضمن تطوراتها التقنية, ولذلك فان الاتحاد الأوروبي ومنذ العام 2000 بدأ التوجه نحو إدراج تعريف للتجارة الالكترونية, اذ عرف توجيه البرلمان والمجلس الأوروبي رقم 97/7 الصادرة في مايو عام 1997 في شأن حماية المستهلكين في مجال العقود عن بعد في مادتها الثانية العقد عن بعد بأنه (كل عقد يتعلق بالبضائع أو الخدمات ابرم بين مورد ومستهلك في نطاق نظام البيع أو لتقديم خدمات عن بعد نظمه المورد الذي يستخدم, لهذا العقد, تقنية أو أكثر للاتصال عن بعد لإبرام العقد وتنفيذه), كما عرف هذا التوجيه تقنية الاتصال عن بعد بأنه (كل وسيلة دون وجود مادي وزمني للمورد والمستهلك, يمكن ان تستخدم لإبرام العقد بين طرفيه), ويلاحظ ان ابرز الأمثلة التي أوردها التوجيه لتقنيات الاتصال منها المطبوعات غير المعنونة والخطابات والدعاية والحاسبة والمراسلات الالكترونية .

        أما توجيه البرلمان والمجلس الأوروبي رقم 2000/31 الصادر في الثامن من حزيران من العام 2000 بشأن بعض الجوانب القانونية لخدمات شركة المعلومات وبصفة خاصة للتجارة الالكترونية في السوق الوطنية والذي يطلق عليه (توجيه التجارة الالكترونية) في المادة الثانية, الاتصال التجاري بأنه كل شكل من أشكال الاتصال يستهدف تسويق بصورة مباشرة أو غير مباشرة, بضائع أو خدمات أو صورة مشروع أو منظمة أو شخص يباشر نشاط تجاري أو صناعي أو حرفي أو يقوم بمهمة منظمة, وفضلا عن ذلك, فقد أشار هذا التوجيه إلى ضرورة ان تقوم الدول الأعضاء بالسماح لأنظمتها القانونية بإبرام العقود بالطرق الالكترونية, بحيث لا تمثل هذه الأنظمة عائقا لاستعمال العقود الالكترونية ولا تحد من أثرها وفعاليتها لمجرد أنها تتم بالطرق الالكترونية.

        ويلاحظ أن الاتحاد الأوروبي, ومن خلال هذين القرارين أو ما يطلق عليهم (التوجيهيين) قد أعطوا تعريفا للاتصال التجاري أي التجارة الالكترونية, وهذا التعريف إنما يحاول إن يعطي توصيفا قانونيا للتجارة الالكترونية, خاصة وان الدول الأوروبية تشهد التجارة الالكترونية ولذلك فقد حاولت الدول الأوروبية وضع تعريف للتجارة الالكترونية لتحديدها وتنظيمها ويمكننا أن نقدم دولة (فرنسا) بوصفها احد أعضاء الاتحاد الأوروبي المؤسسين, إذ أشار التقرير الذي قدمه لورنتز عام 1998 لوزير الاقتصاد الفرنسي إلى التجارة الالكترونية وعرفها بأنها (باختصار مجموعة المعاملات الرقمية المرتبطة بأنشطة تجارية, بين المشروعات بعضها البعض, وبين المشروعات والإفراد, وبين المشروعات والإدارة) 

ويلاحظ على هذا التعريف الفرنسي انه قد توسع في تعريف التجارة الالكترونية لتشمل مجمل الأنشطة التجارية وتبادل المعلومات والتعاملات المتعلقة بالبضائع والتجهيزات أو بضائع الاستهلاك التجاري, وكذلك يشمل الخدمات مثل خدمة المعلومات والخدمات المالية والقانونية.

 

التجارة الالكترونية العربية

        لا يقل اهتمام الدول العربية عن غيرها من الدول في التجارة الالكترونية, خصوصا وان الدول العربية تدرك أهمية التجارة الالكترونية, ويظهر ذلك جليا من خلال مجلس الوحدة الاقتصادية التابع لجامعة الدول العربية فضلا عن مشاريع القوانين العربية التي حاولت إعطاء تعاريف, فضلا عن دور مجلس الوحدة الاقتصادية التابع لجامعة الدول العربية وكالاتي:

        إذ يقوم المجلس بالإجراءات اللازمة من اجل تأمين الحماية اللازمة للتجارة الالكترونية العربية بعد تزايد عمليات القرصنة والجرائم المتعلقة بالمعلوماتية في العالم, ويقدر المجلس معدل النمو في التجارة الالكترونية عربيا بنحو 15% مقابل 30% عالميا, إذ يبلغ حجم التجارة الالكترونية قبل عدة أعوام بنحو 3 مليارات دولار مقارنة بحوالي 135 مليون دولار عالميا, إذ كان التوقع أن يبلغ معدل حجم التجارة الالكترونية 5 مليارات دولار عام 2003 مقابل 31 تريليون دولار عالميا ويؤكد مجلس الوحدة الاقتصادية على ضرورة إيجاد تشريعات قانونية لتنظيم التجارة الالكترونية عربيا من اجل المحافظة على مصالح الدول العربية للحد من عمليات القرصنة وسرقة المعلومات, خصوصا ان كثيراً من الدول العربية أصبح يمتلك الفرص في مجال صناعة البرمجيات ونظم المعلومات وابتكار البرامج وتطويرها  إذ يسعى المجلس إلى تأسيس شركة عربية لتأمين المعلومات والاتصالات برأس مال 5 ملايين دولار وتتصدر دول مجلس التعاون الخليجي ومن ثم مصر الدول العربية في التجارة الالكترونية, وجهود المجلس تأتي ضمن الاهتمام بالتجارة الالكترونية للدول العربية والوصول إلى حجم تبادلات متطورة فيها.

 

الخاتمة

من التطورات التي عكسها الانترنت في العالم الرقمي اليوم هو ما يعرف بالتجارة الالكترونية وتعد التجارة الالكترونية جزء من منظومة الانترنت المتطورة التي تسعى إلى تسهيل الأعمال, ومن منطلق المصطلح فان ما يعنيه هو القيام بأعمال تجارية عن طريق الانترنت الحديث.

.. وتعد صورة من صور التعاقد عن بعد ولذلك يجب ان يتدخل القانون الدولي في تأطير العلاقة وتنظيمها بما ينسجم مع التطورات ليوفر حماية للمنتج والمستهلك وحماية أطراف العلاقة في التجارة من أي عمل غير مشروع كون التجارة الالكترونية تقع عابرة للحدود في الكثير من الأحيان.

    ومن خلال ذلك. فان للتجارة الالكترونية اهتمام خاص من قبل رجال القانون من أجل وضع تعريف شامل جامع مانع له يستطيع أن يحيط بكل المستجدات والتغيرات والتطورات الخاصة بها. ومن شأن هذه التطورات ان تكون هناك قواعد قانونية تحكم هذه التطورات أو تحيلها الى القواعد العامة ساعية من ذلك الى تنظيم عمل التجارة الالكترونية بما يتلائم ومصالح الدول ورغبتها في عدم ارتكاب مخالفات قانونية تؤدي الى فقدان ثقة المستهلك بالتجارة الالكترونية ومزاياها كما ان وجود قواعد قانونية يعطي شعور أكثر بالثقة لدى أطراف عقد التجارة الالكترونية ويضمن حقوقهم المادية.

 

 

 

 

 

 

 

 

التنظيم الدولي  للتجارة الالكترونية

دراسة قانونية

د.زياد عبد الوهاب ألنعيمي

مدرس القانون الدولي – مركز الدراسات الإقليمية- جامعة الموصل

 

الملخص

 

       التجارة الالكترونية تعكس التطورات الحديثة على الشبكة العنكبوتية وهي إحدى التقنيات في عالمنا اليوم وجزء لا يتجزأ من العالم الرقمي تقوم أدواتها على استخدام الانترنت من خلال أطراف العلاقة وتوقيع العقود .

ولذلك كان لابد من وجود تشريعات دولية ووطنية تحمي العلاقة القائمة في التجارة الالكترونية وتعزز ثقة العمل بها من خلال تنظيمها وفق التشريعات الدولية بموجب اتفاقيات ثنائية أو جماعية تعمل على حماية أطراف التجارة الالكترونية والعقود  المبرمة وتعمل على تعزيز الثقة للعمل بموجب التجارة الالكترونية.

وانطلاقا من هذه الأهمية فان هذه الدراسة تسلط الضوء على أهمية التجارة الالكترونية وكيفية تنظيمها من خلال ما وجدته القوانين الدولية الصادرة من المنظمات الدولية مثل منظمة الأمم المتحدة ومنظمة التجارة العالمية والاتحاد الأوروبي فضلا عن تنظيم التجارة الالكترونية العربية في هذا المجال. 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

International Organization and E- Business

Legal Study

Dr. Ziyad Abdul-Wahab Al-Naemee

Lecturer of International Law, Regional Studies Center.

 

    E- Business reflects recent development on the Internet. It is one of the technologies in our nowadays world and based on Internet using through concerned parties and signing of contracts.

   Thus, there must be International and national Legislations that protect the relation within the E- Business and consolidate the confidence of work through organizing it according to International Legislations by mutual or collective agreements that protect the parties of E- Business and the signed contacts , and enhance the confidence of work by E- Business.

    So, the study sheds light on the importance of E- Business and how to organize it through the issued International laws by International organization such as the United Nations, International World Trade, and the European Union beside organizing Arab E- Business this field.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الآراء الواردة في نشريات المركـز تعبر عن رأي كاتبيهـا

بالدرجة الأولى وليس بالضرورة أن تعبـر

عن وجهة نظر المركـز

 

 

 

 

نشرة أوراق إقليمية العدد (42) لشهر تشرين الثاني  سنة 2011

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

صلاة الجمعة في جامع قبع - الزهور -الموصل

                                                                    الشيخ نافع عبد الله أبا معاذ   صلاة الجمعة بسم الله الرحمن الرحيم :...