أوراقا تكاد أن تكون رواية موصلية ...............الحلقة (22) عنوان الحلقة : ..حجي مندائي ..
بقلم :الاستاذ محمد مناف ياسين
٠٠حجي مندائي ٠٠
كان الرجل الكبير منحنٍ على مائدته بشكل يعرف انه غير ما يقوله هو لنفسه احيانا ويعذرها بحجة العمل الذي يجيد ان يقدمه لزبائنه ٠٠ والدقة ضرورية وهي التي جعلت من صياغته متفردة وشهيرة
وهو يعزو هذا الوجع في ظهره لكرسيه المتقادم وعدم انتباهه الى منامه ٠٠ توقف ناهضا مستكثرا ان يترك ما في يده لدقائق يرتاح بها ظهره ويداه واصابعه ٠٠ وانتبه الى وقوف زبونه عنده فقال كانه يعتذر لم نعد كما كنا وظهري يؤلمني الى حد كبير ! وانت ترى المكان ايضا وتقادمه وليس لدي كثير وقت يضيع في اعادة الترتيب : والتقط العلبة الصغيرة يعطيها للزبون وهو صديق قديم ايضا وكي لايظن انه يريد تاخير الاستلام المتفق عليه بينهما : تسلم الزبون العلبة بتردد وهو ينظر الى صديقه الصائغ المتعب فعلا فقال له : ابو عبد تعال عدنا للموصل وناخذك لحمام علي والوقت الان طيب وناخذك تستطيع ان تلبس على جسمك طين ( عين كبغيت ) غيرك كثيغين ! باسبوع زمان تحت الشمس يطيب ظهرك ٠٠ وهذولي اهل الطين يعغفون وين ؟ واشون ؟ تطلع كل القهغ والوجع وترجع شباب وابتسم له بلهجته الموصلية التي يلاحق فيها الصائغ كلماتها وهذه ( الغين ) التي تمر عليه دوما بسهوله لم يكذب صاحبه ووعده ان يتصل به شرط ان يستاجر بيتا جيدا يسكنه مع عائلته٠٠
بعد اسبوع ركب الرجل الكبير(ابو عبد) القطار المتجه الى الموصل مع زوجته وابنه الاصغر ٠٠ سكنوا بيتا مستاجرا لهم في منطقة قديمة فيها كثير مصالح سوق الصاغة والصوافين ومقاه ٍ عديدة وكان الرجل الكبير انيقا كعادته بملابس يعتز بها ( الصاية المرتبه مع العقال وتحته ( كفيه ) بيضاء كما يسميها ويعتز بها مع حذاء ريفي خفيف كان منتشرا في ذلك الزمن ! معجبا بما يحيط به المصالوه من احترام وتقدير حتى انهم اطلقوا عليه لقب الحجي مع اصراره انه مندائي ولايحج ٠٠ الا انهم اصروا معجبين بطبيعة اناقته ويتبادل معهم كل التقدير حتى ان كثيرهم كان يتدافع مع اخرين كي يدفع اثمان مايشتريه او حين يحاولون استضافته حتى في اي مقهى من سكنة القريب من شارع النجفي ويبدون له اعجابهم باناقته وحسن سلوكياته معهم وصاروا يسالونه عن ( المندائية ) وما هي وماختلافاتها ؟ وعن محل عمله القريب من شركة بيت لنج ينقل ما يواجهه من احاديث واسئله الى زوجته التي صارت تواجهها وكرم واعتزاز بمجيئها وزوجها الى الموصل وانهم من دين اخر يعتز ون بمعرفة الجديد عنهم٠٠ وهو صار يعتز بتسميتهم له وطبيعة اسئلتهم٠٠
كان البيت المستاجر غير بعيد عن سوق السمك المنطقه كلها محاطه بصنوف الاسواق من الملابس الى السمك الى الصاغه وكلها متقاربة كما نتمنى اليوم ان تكون ابعاد مانريد الوصول اليه ٠٠وحين انتوى الحاج مندائي على السفر احاطه الكثيرون برعاية خاصه وادمعت عيون بعضهم كانهم يودعون اخوتهم او من اهلهم ٠٠ احس ( صائغ الفضه الكبير السن بتعاطف خاص مع كل هؤلاء الذين تعرف اليهم وكان بعضهم قد تسابق في استحضار اطعمة خفيفة للسفر واعتذروا عن التقصير في الوقت الذي كان فيه الرجل الكبيريقول لزوجته التي رافقته ٠٠ شوفي هذوله الناس كيف تعاملوا معنا وكيف كنا نسمع عنهم على عكس ما هم فيه ونحن هنا نراهم على حقيقتهم البسيطة دون تزييف ولا تضاد مقصود ٠٠ او مجرد نقل كلام غير مناسب يتناقله بسطاء الناس دون تمييز اومعرفه دقيقة ٠٠
كان للصائغ المعروف وقتها مكانه القريب مما كان يسمى شركة بيت لنج الانكليزية المعروفة وقبل ان يستحدث الشارع والمكان وتبقى ذكريات االناس بالطيب مما قدموه ٠٠
وبعدها اصبح الصائغ الكبير ( ابو عبد ) يرسم منارة الحدباء على كل اعماله وفاء منه لاناس احبهم واحترم فيهم صدقهم واريحيتهم ٠٠
هي حكاية موصلية نسيها الكثيرون لان الدنيا غابت بهم ، ولكنها لاتنسى في تاريخ من يريدون الصدق
وعسى ان تكون ذكرى للذاكرين وسلام
مناف ياسين ٠٠
الرابع من شهر كانون الاول٢٠٢١
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق