الأربعاء، 17 يونيو 2015

شارع غازي في الموصل .. الشارع القديم - الجميل : أ.د.إبراهيم خليل العلاف

         العدد 88- حزيران 2015


شارع غازي في الموصل .. الشارع القديم - الجميل :
أ.د.إبراهيم خليل العلاف
استاذ متمرس - جامعة الموصل


شارع غازي .. وهو من الشوارع القديمة ، والجميلة في الموصل يربط بين شارع نينوى سيد شوارع الموصل وأقدمها ، وساحة باب الطوب مركز مدينة الموصل .. افتتح شارع غازي سنة 1926 في عهد الملك فيصل الاول 1921-1933 وسمي بإسم ولده الامير غازي . وبعد ثورة 14 تموز سنة 1958 وسقوط النظام الملكي سمي بشارع الثورة لكن الناس منذ ذلك الوقت لايزالون يسمونه شارع غازي . طوله لايزيد على 250 مترا وقد وسع عدة مرات واصبح عرضه الآن قرابة 10 أمتار وتمتد على جانبيه محال تصليح الساعات والاجهزة الكهربائية والمدافئ فضلا عن دكاكين الخياطين وصالونات الحلاقة والصيدليات وشقق الاطباء ذات الشناشيل (والتي يسميها الموصليون الكوشكات) .
أحب شارع غازي كثيرا ، وأجد أنّه من الشوارع التي يرتاح فيها الإنسان عندما يسير فيه .. إذ يجد كل ما يحتاجه ، ومنذ أن كنت طفلا صغيرا في الأربعينيات كنت ارتاد الشارع وأرى فيه المعالم التي من الصعوبة اليوم أن تغادر مخيلتي ، فمقهى (أبو داوود) كانت في بداية الداخل الى شارع غازي من جهة شارع نينوى وعلى اليسار وقد هدمت ، وتحتل مكانها اليوم محال لبيع الاجهزة الكهربائية ، منها محال سالم حديد .. وكانت الى جانبها محال (باتا) الشهيرة لبيع الاحذية ثم عيادات للأطباء ومنها عيادة الدكتور سالم قاسم الجلبي وعيادة المضمد السيد صلاح السيد حمو ثم محل جار الله الساعاتي وبعده ولده وعبد الله لبيع وتصليح الساعات السويسرية الفاخرة ولاننسى محل أبي محمد لتأجير (المايكروفونات) ومكبرات الصوت وهناك شقة المحامي فخري الخيرو التي شهد( بلكونها ) وقوف عدد من الرجالات الوطنيين يلقون خطبهم امام حشود الناس التي تجمعت تأييدا للثورة ضحى يوم 14 تموز 1958 اي يوم أعلنت الثورة على النظام الملكي وقد ألقى عدد من الخطباء كلمات في تأييد الثورة وكنت حاضرا في ذلك التجمع الذي حدث قبالة البريد القديم وقبالة دورة شرطي المرور وتجدون صورة التجمع الى جانب هذه السطور .
كان مخزن الدباغ لصاحبه الحاج محمد صالح الدباغ والد الدكتور فخري الدباغ عميد كلية الطب في الموصل والاستاذ خيري من معالم هذا الشارع .. كما كان محل قريبنا زكي عبد الساعاتي (الساعة جي ) المقابل له من معالم الشارع .. وكذلك دكاكين أحمد طه لتصليح وبيع المدافئ النفطية من معالم الشارع .. وكانت ثمة دروب من شارع غازي تصل الشارع بشارع النجفي وبسوق باب السراي وبعلوة الحنطة القديمة في الميدان .
وكان لجريدة فتى العراق التي صدرت للمرة الاولى سنة 1930 بجهود المحامي أحمد سعد الدين زيادة ثم إبراهيم محمود الجلبي مكان في الشارع ، وكان الى جانبها مطبعتهم مطبعة أم الربيعين .
في الثلاثينيات كان عدد من الخياطين المسلمين والمسيحيين واليهود يجدون في شارع غازي مكانا لهم كما كان باعة الاحذية وصناعها مكانا لهم في هذا الشارع فثمة محال بطرس جرجيس وحامد حمودي وسعيد دنان ومتي جرجيس ووصفي سامي ويونس نجات الذي كان يمتلك معملا صغيرا لصنع الاحذية في الشارع .
وكان لأنطوان زبوني مكتب للاستيراد والتصدير في شارع غازي وكان متخصصا بتصدير الجلود . كما كان جبرائيل زبوني وكيلا لشركة الشرق المصرية للتأمين على الحياة وكان شاؤول سيمانطوب يمتلك محلا لبيع التحف والانتيكات .
ومن صالونات الحلاقة في شارع غازي صالون إبراهيم عمر وصالون سيروب زادويان وصالون عبد القادر فتحي وصالون محمد بكر وصالون محمد عبد الرحمن وصالون يوسف حنا .
ومن الخياطين أحمد شاكر وأحمد نجم وبهنان بني وارتين كيورك وجميل حنا وحسن ثابت وحنا غريب وزكريا آدمو وطاطول كريكور وطاويك كريكوريان وعبد الله جوادين ومحمد حاج اسماعيل ويعقوب حبالي وناصيف منصور الترزي وكان متخصصا بخياطة الملابس العسكرية وتقع دكانه على جهة شارع غازي اليسرى وقد نشر إعلانا يقول إنّه  "خياط عصري مهيب فائق بفن الخياطة الاوربية " .
وكان في شارع غازي اثنان من التجار المتخصصين باستيراد الدراجات الهوائية هما ايرم داؤود براز وفتحي جاقماقجي وأولاده . في حين تخصص حبيب منصور فهمي ببيع (الراديوات) ، وكذلك فتحي جاقماقجي وولده . أما مصطفى سالم فكان يبيع الساعات السويسرية وتخصص سليم حاج بتصدير السجاد واستيراده وكان لنصري وقاقيان معمل صغير في شارع غازي لصنع سجاد المرعز .
وفي ما يتعلق بالسكَائر وصنعها وبيعها فإنّ أحمد النجم كان وكيلا لأحد معامل السكَائر في الشارع .. كما كان لزبوني وشركاؤه مكتبا للقومسيون والوكالات العامة وكان لحبيب منصور فهمي وحمدون ملا علي وحميد عبد المجيد وعزيز بدرية وميكائيل داؤود وفائق عمر وفتحي جاقماقجي وولده ومنصور فهمي وأولاده محال لبيع الكرامافونات والاسطوانات . وبشأن محال بيع المواد الكهربائية والتعهدات والمقاولات في هذا المجال فكان هناك حبيب منصور فهمي وسركيس صائغ وشريف عزيز وهاشم رشدي .. كان محل شريف عزيز وهاشم رشدي متعهدا بمد الاسلاك الكهربائية وبيع ادواتها .
وكان ايرم داؤود براز متخصصا بإستيراد المطابخ والمدافئ .وكان لشركة سنكر الشهيرة مكتبا لاستيراد وبيع مكائن الخياطة بالمفرد .. وكان يعقوب ساعاتي متخصصا باستيراد وتجارة المنسوجات وله محل في شارع غازي في الثلاثينيات .كما كان لجميل داؤود معمل صغير للنجارة . وكان لفضيل محفوظ وهو صاحب مطبعة في الموصل محل لبيع وطبع ورق اللعب والتجارة فيه .
من مكاتب المحامين في شارع غازي في الثلاثينيات مكتب المحامي أحمد النجم ومكتب المحامي جرجيس سرسم ومكتب المحامي عمر خلوص الراشد . كل هذا كان في الثلاثينيات من القرن الماضي .
أما في الاربعينيات والخمسينيات وقد ادركتُ شارع غازي وكان مزدحما ايضا بالمكاتب والصيدليات والدكاكين .. كان مكتب المحامي فخري الخيرو في بداية الشارع من جهة باب الطوب والساحة التي عرفت لاحقا بساحة صقور الحضر وقد أزيلت للأسف الشديد مع أنّها كانت ساحة جميلة تزينها تماثيل من الصقور الحضرية ..
كان هناك دكان محمد الحاج جاسم التوتونجي وفوقه مكتب حمو القدو للتجارة يليه دكان الخياط يونس ذنون ثم دكان مصلح أجهزة (الراديوات) أحمد عبد المجيد والى جانبه دكان الحلاق محمد علي ودكان الحلاق قاسم يحيى وحل جار الله الساعاتي وولده وعد الله ومكتب المحاميان غربي الحاج أحمد وقاسم المفتي ..ثم يأتي الزقاق الذي يؤدي الى شارع النجفي وبعدها وكالة سكَائر غازي لصاحبيها محمد وفاضل عبد العزيز الرحاوي وفوقه مكتب المحامي جرجيس فتح الله وعيادة الدكتور عبد الاله الجوادي وعيادة الطبيب بشير يونس الدباغ وتحته دكان خليل التوتنجي ودكان مصطفى صالح الساعاتي وكيل ساعات شهرزاد ، وكان هناك أيضا دكان محمد الكردي صباغ الاحذية ودكان محمد مرعي بائع الشربت ودكان محمد اسماعيل صاحب مخزن محمد لبيع (الراديوات) وتأجير مكبرات الصوت واتذكر أنّ جامعة الموصل كانت تؤجر منه (المايكروفونات) ومكبرات الصوت .
ذكرت دكاكين يونس الحاج طه الدباغ وهو ابن أحمد طه الذي ذكرته آنفا عندما تحدثت عن الشارع في الثلاثينيات وهو الآن من ابرز مصلحي وباعة الطباخات و(البريمزات) النفطية وتحتل دكاكينه ركنا في رأس زقاق يؤدي الى شارع النجفي وكان في داخل الزقاق مكتب جريدة فتى العراق التي كانت ذكرت دكاكين يونس الحاج طه الدباغ وهو ابن أحمد طه الذي ذكرته آنفا عندما تحدثت عن الشارع في الثلاثينيات وهو الآن من ابرز مصلحي وباعة الطباخات و(البريمزات) النفطية وتحتل دكاكينه ركنا في رأس زقاق يؤدي الى شارع النجفي وكان في داخل الزقاق مكتب جريدة فتى العراق التي كانت قد أصدرها  للمرة الاولى المحامي أحمد سعد الدين زيادة سنة 1930 ـ كما ذكرت آنفاً ـ ، ثم اصدرها سعد الدين زيادة سنة 1934 وتنازل عنها فيما بعد الى مدير الإدارة ابراهيم الجلبي وولديه محمود وأحمد سامي والذي أعاد اصدارها سنة 2003 وتوقفت سنة 2010 .
اتذكر دكان نجم الحلاق وعيادة الأشعة للدكتور سالم قاسم الجلبي ومخزن الدباغ.
اتذكر دكان نجم الحلاق وعيادة الأشعة للدكتور سالم قاسم الجلبي ومخزن الدباغ لصاحبه خيري الدباغ بن الحاج صالح الدباغ ، وكان مخونا راقيا متخصصا ببيع افضل القمصان (هاليفاكس ) وافضل الاربطة والبذلات الرجالية .
واتذكر صيدلية مطلوب وعيادة الدكتور محمد ياسين الدبوني ومقهى (ابو داؤود) ومحل حميد نجيب وكان يبيع (الكرزات) الموصلية واتذكر عيادة الدكتور مارسيل بيو وعيادة الدكتور كمال يونس شريف ومخزن ريفولي لعز الدين محمد كركجي وكان متخصصا ببيع قمصان ألفا الشهيرة وعيادة صديقنا الدكتور كره بيت والذي كان يروي لنا حين كان يجالسنا في المركز الثقافي والاجتماعي التابع لجامعة الموصل في القاضية قصصا من تجاربه في العيادة مع المرضى ولاننسى محال شهاب الحمامي لبيع الاجهزة الكهربائية وكانت ابنته الاخت الاستاذة مزاحمة (زوجة الصديق الاستاذ الدكتور محمد شرتوح الرحبي استاذ الجغرافية ) طالبة معنا في كلية التربية ـ جامعة بغداد.
في شارع غازي اليوم بناية لمصرف الرشيد ومحال لبيع الملابس وقبل ايام كنت في زيارة لصديقي الحارث بن معد الجبوري وقد جلسنا عنده مصادفة ولديه دكان لبيع الملابس الجاهزة وكان الدكتور وليد الصراف الشاعر الكبير معنا أيضا والى جانبه محل قديم لشوي الكباب والتكه فضلا عن محال كثيرة متنوعة منها محل ممدوح الصواف لبيع الاجهزة الكهربائية ، ورأيته شارعا يعج بالحركة ومما يزيد في صعوبة التجول فيه كثرة الباعة المتجولين واصحاب البسطات .
شارع غازي فيه من عبق التاريخ الكثير .. ارتبط به الكثير من الاحداث الوطنية فكل التظاهرات المناوئة لأنظمة الحكم كانت تمر به ، كما كانت مواكب مهرجانات الربيع تجد لها طريقا فيه وهي متجهة الى بناية المحافظة ... أدام الله لنا شارعنا الجميل والعريق وأدام اهله ومرتاديه .

 
© جميع حقوق النشر محفوظة لدار الكتب والوثائق 2006
رقم الايداع في دار الكتب والوثائق ببغداد 1014 لسنة 2008

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

النجف والقضية الفلسطينية .........في كتاب للدكتور مقدام عبد الحسن الفياض

  النجف والقضية الفلسطينية .........في كتاب للدكتور مقدام عبد الحسن الفياض ا.د. ابراهيم خليل العلاف استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة ال...