تاريخ الجزائر المعاصرة
ابراهيم العلاف
كثيرة هي الكتب التي تتناول تاريخ الجزائر المعاصرة ، لكن بعض الكتب تتميز عن غيرها في ان لمؤلفيها خبرة متميزة بأحوال الجزائر بحكم العيش في الجزائر أو الاقتراب من عدد من الذين عملوا في الجزائر إبًان الاحتلال الفرنسي . ولعل كتاب شارل روبير أجيرون المؤرخ الفرنسي ولاستاذ في جامعة توز بفرنسا الموسوم :"تاريخ الجزائر المعاصرة "واحدا من الكتب المتميزة ، وقد عمل المؤلف على ان يقدم للطبعة العربية تقديما خاصا وقد ترجم الكتاب من اللغة الفرنسية الى اللغة العربية الاستاذ عيسى عصفور وصدر الكتاب ضمن سلسلة :"زدني علما " الصادرة عن "منشورات عوبدات " بيروت- باريس .
والكتاب ألف خلال حرب الجزائر وكتب القسم الاخير منه والمخصص للجزائر المستقلة في نهاية سنة 1963 من اجل الطبعة الاولى التي صدرت في سنة 1964 .ويقينا ان الجزائريين استقبلوا الكتاب استقبالا جيدا . والسبب واضح وهو ان المؤلف حرص على ان يبرز المقاومة الجزائرية ورد الفعل الجزائري على تشويهات عدد من المؤرخين الفرنسيين لتاريخ الجزائر المعاصر .
ولم يقف المؤلف عند التاريخ السياسي وانما قدم دراسة لتطورات الاقتصاد الجزائري وتقلباته المتعاقبة وفوق هذا فالمؤلف كان يريد ان يقول للقارئ ان تاريخ الجزائر المعاصر يجب ان يكون ، وبنوع خاص ، "تاريخ السكان الجزائريين " الذين بقوا صامدين إزاء ما قام به المستعمرين الفرنسيين من محاولات للتفكيك والفرنسة والتفتيت .
الكتاب بالاصل يتألف من تجميع لدراسات كتبها المؤلف الذي توصل الى نتيجة مهمة وهي ان تاريخ المغرب كله وليس تاريخ الجزائر لايمكن فهمه الا في "ضوء العروبة والاسلام " .
والعروبة والاسلام هما العنصرين الاساسيين للثقافة الجزائرية المعاصرة "ولكن يجب ان يضاف الى ذلك ثقل ثقافة البربر ، والتأثيرات العثمانية ومن ثم الوجود الفرنسي وعبر 132 سنة " .ان فهم وجود اكثر من مليون جزائري اليوم في فرنسا يقع ضمن هذا السياق وليس من شك في ان الوجود الجزائري هذا يدعم الروابط بين الشعبين الجزائري والفرنسي .
يقول الدكتور شارل روبير أجيرون في الاسطر الاخيرة من مقدمته للطبعة العربية :" إنه لكي تفهم تاريح شعب من الشعوب يقتضي اولا ان تحبه ".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق