الاثنين، 29 مايو 2023

الدكتور علي الوردي وموقفه من الولع المفرط بالادب


 



الدكتور علي الوردي وموقفه من الولع المفرط بالادب
- ابراهيم العلاف
الاستاذ الدكتور علي الوردي 1913-1995 من منا لايعرفه انا عرفته منذ نصف قرن وكنت طالبا في جامعة بغداد 1964-1968 وقدمت لرسائله ايام كان يدرس في امريكا والكتاب منشور نشره الاستاذ سلام الشماع رحمه الله .
والاستاذ الدكتور علي الوردي استاذ علم الاجتماع المتمرس جامعة بغداد رحمه الله وطيب ثراه وله نظرياته الثلاث في تحليل شخصية العراقيين والتي ترتكز على الصراع بين البداوة والحضارة ، وازدواجية الشخصية ، والتناشز الاجتماعي .
اليوم ومن خلال هذه السطور أُريد أن أُطلعكم على رأيه بما كان ينشر ويطلع عليه من نتاج في العراق .. وقد جاءت آراءه هذه في تقديمه لكتاب المرحوم الاستاذ خيري العمري ( حكايات سياسية من تاريخ العراق الحديث) ونشر في القاهرة سنة 1969 . وملخص هذه الاراء وتتعلق بموقفه مما سماع طغيان النتاج الادبي على انتاجنا المعرفي قوله :" ان جمهورا كبيرا من متعلمينا لايزالون يشغلون انفسهم بمثل ما كان بعض اسلافنا يشغلون انفسهم به : فإذا اجتمعوا او تناقشوا كان جل اهتمامهم منصبا على قضايا ادبية اكل الدهر عليها وشرب كنقائض جرير او الفرزدق ، او عبقرية ابي نؤاس او اسرار قفا نبكِ او ما هو اهجى ماقالته العرب" .
ويضيف اننا "لو احصينا عدد المشتغلين بالادب من متعلمينا لوجدناه يزيد نسبيا على ما هو موجود في اي بلد من البلاد المتمدنة في عصرنا هذا ) . ان قضايا الشعر واللغة والنقد الادبي تأخذ من وقت متعلمينا قسطا اكبر جدا مما ينبغي لها يقول الدكتور علي الوردي .
ثم يدعو الى تبديل هذا الاتجاه الذي سرنا عليه ازمانا طويلة ، فنحن الان لايهمنا مثلا ان يكون المتنبي قد ادعى النبوة ام لا وعلى جمهور المتعلمين ان يصرفوا جهودهم فيما ينسجم مع روح الحضارة التي نعيش .
ويعيب على المثقفين ولعهم المفرط بالادب مما يجعلهم غير قادرين على فهم الحياة الحاضرة والتخطيط لحياتهم المستقبلية .
ويختم حديثه بالقول :" اننا في حاجة ماسة للدراسات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والفكرية والسياسية التي تفتح عيوننا على فهم الحياة على حقيقتها والبناء على ما انجزنا من معرفة . وعلى المثقفين ان يقدموا ما ينفع الناس ، ويعمق وعيهم وان يصرفوا جهودهم فيما ينسجم مع روح الحضارة التي نعيش فيها ، وان نتبع الاسلوب العلمي الموضوعي في الكتابة .
رحم الله الدكتور علي الوردي .. كم كان شجاعا ، وحكيما ، وصريحا ، وعلميا يقول الحق حتى ولو على نفسه .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الدكتور فتحي عباس الجبوري والبعد اللبناني في المدرسة التاريخية العراقية المعاصرة

  الدكتور فتحي عباس الجبوري والبعد اللبناني في المدرسة التاريخية العراقية المعاصرة ا.د. ابراهيم خليل العلاف استاذ التاريخ الحديث المتمرس - ج...