الجمعة، 21 نوفمبر 2014

قصة قصيرة جدا أشياء عزيزة بقلم :ثبات نايف










قصة قصيرة جدا 
أشياء عزيزة
بقلم :ثبات نايف
بعد وفاة والدتي الغالية قبل عشرين عاماً أبقيت محتويات غرفتها الصغيرة على ما هي عليه اعتزازا بذكراها ، أقفلت بابها ولم أسمح لأحد بالتقرب منها .
ومع قرب زواج ولدي واجهت العروسين مشكلة السكن ، فراتب ولدي المليوني لا يكفي لدفع إيجار دار صغيرة لهما ، مع نفقات المعيشة التي تتصاعد يوما بعد يوم ، لذا اقترحت عليهما أن يسكنا في غرفة أمي ، لكن العروس رفضت عندما فتحتها لها وقالت :
- صغيرة ولن تتسع لاثاث غرفتنا الحديث ...
واقترحت علي أن أنتقل أنا إليها وأعطيهما غرفتي .
تضايقت مع نفسي بداية الأمر ، ثم وافقت نزولاً عند رغبة وحيدي الذي تبنى موقف زوجة المستقبل .
دخلت غرفة أمي رحمها الله وتأملت محتوياتها ( ما هذا ؟ أيعقل أن أحتفظ بكل هذه الاشياء التي احالها الخزن الى خرق بالية ؟ أما كان الافضل أن أعطيها لمعوزين عندما كانت ما تزال في حالة جيدة ؟ )
وبدأت بتعبئة المحتويات بأكياس طحين فارغة ، وانتهيت منها بسرعة .
( آه يا أمي يا حبيبتي . . خرجت من الدنيا فقيرة لاتملكين شيئاً ، إلا انك كنت ثرية بما قدمت في حياتك من أعمال خير وعطاء وبما غرست في نفوسنا نحن ابناؤك وبناتك من أخلاق وقيم سامية.. )
نظفت الغرفة وبدأت بنقل محتويات غرفتي إليها ، ولكن مع ضحكي الساخر على كنوزي البائسة التي أحتفظ بها والتي قررت التخلص منها
( أمن المعقول أن أحتفظ بكل ملابسي التي لم أعد ألبسها منذ إحالتي على التقاعد قبل عشر سنوات ؟، وما هذه التحفيات التي بددت الكثير من ساعات عمري في تنظيفها والعناية بها )
ورحت أفكر في طبيعة الانسان وغريزة حب التملك فيه وكيف يشغل وقته ويمر بلحظات سعيدة خادعة فيقتني فازة ازهار او تمثال جبسي لحيوان اليف ويتاملها مبتهجا ، وسخرت مع نفسي من نماذج كثيرة تذكرتها لأناس عرفتهم جمعوا وكدسوا حتى امتلأت بيوتهم باشياء كانت عزيزة عليهم وسعدوا بامتلاكها ، وفي نهاية أعمارهم خرجوا من الدنيا عراة حفاة ككل البشر لاتسترهم إلا بضعة أمتار من قماش أبيض رخيص .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مقدمات العلاف

   مقدمات العلاف خلال سنوات طويلة، تشرفتُ بكتابة مقدمات لكتب ، اصدرها كتاب ومؤرخون واساتذة اجلاء .. ومراكز بحثية رصينة صدرت تتعلق بموضوع...