عدد 5-11-2022 من جريدة ( الزمان )اللندنية
إصدارات ابراهيم العلاف تُرسخ لثقافة معرفية مهمة
بقلم : سامر الياس سعيد*
لايقتصر الدور التنويري الذي يضطلع به الكاتب والمؤرخ العراقي المعروف الدكتور ابراهيم العلاف على ما يسهم به من منشورات تطالعها على موقعه التواصلي (الفيس بوك ) حيث ينشط من خلال هذا الموقع بمدوناته التي تتباين بين مقالات مطولة او اسطر قليلة وكلها تسهم بتنوير الاجيال وتخلق ثقافة معرفية مهمة تتناسب مع ما تبرزه مواقع السوشيال ميديا في معرفة موقف المؤرخ ازاء ما يشهده الحاضر من احداث فضلا عن استقراءات مستقبلية يستشرف من خلالها المؤرخ لافكار تناولها في محطات سابقة ليستعين بها وهو يحلل ويتابع ما يجري من احداث على واقع المشهد العراقي او العربي او العالمي على مختلف الاصعدة .. وتتميز منشورات العلاف بتناولها لكل ما يتعلق بتاريخ مدينة الموصل او الاطلالة على الواقع العراقي من خلال التطرق الى محطات تاريخية مستقاة من سنواته او بما يتعلق بما تشهده البلاد العربية من احداث ووقائع ..وقد نشطت خلال هذا العام حركة النشر الخاصة بالدكتور ابراهيم العلاف فجس\ت مطبوعات مهمة يترك من خلالها الكاتب انطبعاته ورؤيته وقراءته لمختلف تلك المجالات التي يتيح فيها قلمه وفكره من التجول في اروقتها وحواضرها وكان به يحافظ على تلك المكنونات التي يسهم باضاءة التاريخ والتوثيق ازائها من خلال ما تحفل به تلك الاصدارات التي عني بنشرها وتفضل مشكورا باهدائي نسخ منها لكي اسهم باضاءتها للقاري وابراز ما تحتويه من مكنونات فكرية ومعرفية ترسخ لثقافة ماذا سنترك للاجيال اللاحقة وكيف سيتعرفون على تاريخهم بالالتفات الى حاضرنا والاحداث التي عشناها بناءا على ذلك الواقع وحقيقة فقد اختلفت تلك الاصدارات بين ما هو محلي بحث يتعلق بمدينة الموصل فحسب او بشكل عام من خلال تناوله لقراءات موسعة لشخصيات فكرية وثقافية عامة .. ونستهل استعراضنا لتلك المطبوعات بكتاب اوراق مسرحية موصلية الذي صدر عن دار ماشكي ب128 صفحة من القطع الكبير وفيه يتناول العلاف جوانب موسعة من حركة المسرح الموصلي وانطلاقاتها ويستهل الكتاب المذكور تقديم بقلم المسرحي والموثق للحركة المسرحية الموصلية بيات مرعي حيث يشير الاخير الى ان الكتاب المذكور ومن خلال كاتبه يسهم بفرش مساحة واسعة من الجهد المسرحي الطويل بدءا بالحقيقة القائلة بان المسرح دخل العراق من بوابة مدينة الموصل مضيفا بان حرص الدكتور العلاف على المسك بالبعد التاريخي للمسرح في مدينة الموصل بشكل خاص اسهم ببلورة هذا المطبوع بينما يقول كاتب الكتاب الدكتور ابراهيم العلاف في سياق مقدمته بان هدفه وراء اصدار الكتاب ياتي لاثارة اهتمام جيل الشباب من ابناء وبنات مدينة الموصل بالمسرح وجمع ما يتيسر عنه مشددا بان الموضوع الذي يطرقه يصلح لان يكون موضوعا محددا خاصا بالدراسات الاكاديمية المستقبلية وتتمحور مواضيع الكتاب في مقالات وقراءات نقدية خاصة بعروض المسرح التي جسدت على قاعات المدينة وينطلق العلاف في جولته بين حواضر المسرح الموصلي بين خصائص محمد بن دانيال الموصلي وجهوده في ارساء اسس المسرح العربي كما يسلط الكاتب الضوء على فرقة التمثيل العربي في الموصل التي انطلقت في المدينة عام 1923 كما يفصح عن شخصية رائد المسرح الشعري في العراق متحدثا باسهاب عن الدكتور سليمان غزالة اضافة لتناوله لشخصية اخرى بالحديث والاسهاب عن منجزها المسرحي وهو الرائد المسرحي الكبير طارق فاضل كما يتناول في مقالة لاحقة الفرق المسرحية الموصلية بينما يخصص الصفحات التالية لاستعراضات نقدية يتناول فيها رؤيته تجاه بعض المسرحيات التي قدمت على خشبات المسرح الموصلي ومنها مسرحية المفتاح وطائر التم كما يخصص مقالة اخرى لتناول المسرح المدرسي في المدينة وما زخر به تاريخ هذا المسرح من عروض واسماء لنخب جسدت شخصيات في سبيل تلك العروض المقدمة كما يتابع ببوصلته المعرفية الاطلالة لبعض الشخصيات الفنية كتناوله للفنان المسرحي الاكاديمي طلال الحسيني ومحمد الزهيري بوصفه واحدا من رواد المسرح العراقي في الموصل اضافة لاستذكارات تابينية يطلقها على سبيل المثال في ذكرى رحيل الفنان المسرحي الرائد علي احسان الجراح اضافة لما يكتبه بحق المخرج المسرحي العراقي عبد الوهاب ارملة كما يضيء برؤيته المعرفية العميقة لمحطات من حياة الرائد الاعلامي غازي فيصل من خلال ما حفلته به حياته الفنية والثقافية والاعلامية كما يبرز وثيقة تاريخية عما انجزته فرقة مسرح الرواد الموصلية اضافة لما تم تقديمه من قبل فرقة المسرح الريفي ولايكتفي العلاف في سياق الكتاب بالاشارة والاستعراض لتاريخ النخب الفنية ومحطات الفرق المسرحية الرائدة فحسب بل يتناول بشي من التوسع لتاريخ معهد الفنون الجميلة كمؤسسة علمية اسهمت بتخريج الاسماء المهمة بتاريخ الفن والمسرح في مدينة الموصل الى جانب ما اسهمت به فرقة دار المعلمين الابتدائية وفرقة مسرح جامعة الموصل كما تضم الصفحات اللاحقة اضاءات بحق كلا من المسرحي الرائد مجيد البياتي وصبحي صبري اضافة لاسهامة المؤرخ والموثق ادمون لاسو بما كتبه عن المسرح في ناحية القوش واسهامات ميثاق الحسن في العمل المسرحي وعصام عبد الرحمن من خلال ما اسهم به في محطات عمله المسرحي وبوصفه من رواد المسرح في مدينة الموصل كما يتوقف عند قامة مهمة في المسرح الموصلي حينما يترك الاسطر تودع المخرج المسرحي شفاء العمري اضافة للاطلالة على عوالم الفنان عبد الله جدعان وتنوع اشتغالاته في الكتابة والتمثيل والاخراج كما يبرز دور المؤرخ الاكاديمي عمر الطالب واشتغالاته الرائدة بتوثيق المسرحية التاريخية في العراق فيما تضي الصفحات الاخيرة من الكتاب لنخب مسرحية اخرى نتوقف ازاء كلا منها وهي محمد العمر وسوسن سيف الله و راكان العلاف وبيات محمد حسين مرعي ومروان ياسين الدليمي واللقطة التي كانت تبث من على تلفزيون العراق حيث اجاد بتجسيدها كلا من فناني الموصل الراحل حسن فاشل مع ثنائيه الاكاديمي المعروف نجم الدين عبد الله سليم ويصف الفنان المسرحي المعروف عبد الواحد اسماعيل بفنان الشعب اضافة لما يسطره بحق الفنان الراحل يوسف سواس وكل تلك المقالات التي احتواها كتاب اوراق مسرحية موصلية بمثابة مداخل وعتبات فكرية تبرز الجهد المسرحي المقدم في المدينة وتسهم بتشجيع الباحثين والاكاديمين من المهتمين بدراسة فن المسرح الموصلي لاعتبار تلك المقالات كمداخل بحثية للتعمق واعداد الدراسات الموسعة للمواضيع التي طرحها العلاف في سياق كتابه المذكور .وناتي لاحقا للاطلالة على كتاب اخر من كتب العلاف التي تخصصت بواقع مدينة الموصل والتي اسهمت جامعة الحمدانية بنشره وهو كتاب اماكن ورموز من محافظة نينوى والكتاب المعرفي المهم ياتي بنحو اكثر من 230 صفحة من القطع الكبير ومن خلاله يسهم العلاف بالتعريف والاضاءة لحواضر مختلفة من مدينة الموصل ويستهل الكتاب تقديم رئيس جامعة الحمدانية الاستاذ الدكتور عقيل يحيى هاشم الاعرجي ليفصح عن تبني الجامعة المذكورة لمشروع يسهم بتوثيق واقع مدينة نينوى كونه ياتي في اطار التجارب التي تضطله بها الجامعات والمؤسسات الاكاديمية من خلال ريادتها بقيادة مجتمعاتها لاسيما في البلدان التي اصبحت اليوم تقود الحضارة العالمية اما كاتب الكتاب الدكتور ابراهيم العلاففاشار في سياق مقدمة يسيرة الى سعادته بتبني طبع الكتاب المذكور من جانب جامعة الحمدانية حيث يتضمن الكتاب المذكور وفق العلاف تاريخية بعض الاماكن والرموز في محافظة نينوى اضافة لقسم من الموايع التي تطرق لها برنامج موصليات التي كان العلاف يعده ويقدمه من على شاشة الفضائية الموصلية اضافة لقسم اخر تم نشره في عدد من الصحف ومواقع الشبكة العنكبوتية ويرتكز الكتاب على قسمين اولهم يتعلق بالاماكن التي يستعرضها العلاف وفق نبذ تاريخية وميدانية ومنها ما يتعلق بمرقد الامام عون الدين وانتشار الكثلكة في الموصل ومجلة اكليل الورود كونها اول مجلة عراقية تصدر في مدينةالموصل والفنون التشكيلية والمشهد الثقافي خلال السبيعينات وجماعة رواد الادب والحياة ومجلس معارف الموصل ونادي الفتوة واشتغالات الصحفيين الموصليين في بغداد ومطبعة الاباء الدومنيكان وحاوي الكنيسة ومنطقتها المشهورة اضافة لمكتبة الاوقاف وحمام القمرية ومزرارات لنساء من بنات الحسين في المدينة ورحلة الخوري الياس حنا الموصلي الى امريكا ومقالات اخرى منوعة قبل ان يلتفت الى القسم الثاني الذي يخصصه للرموز ومن خلالها يستعرض جانبا من المحطات الحياتية لكلا من عز الدين بن الاثير الموصلي الكبير وسعيد الديوةجي و البطريرك يوسف عمانوئيل الثاني وجهود جاسم محمد جرجيس وكتاب معجم امثال الموصل من خلال ما اسهم به مؤلفه عبد الخالق خليل الدباغ وشهادة مؤرخ بحق القاص الراحل انور عبد العزيز وكتاب الطبيخ للدكتور داؤد الجلبي و المربي الفاضل عبد الله عزيز الطائي وجهود المترجم قحطان فؤاد الخطيب في خدمة حركة الترجمة وزها حديد وما اسهمت به المعمارية العراقية في الفن المعماري العالمي ومع عشرات المقالات التي تتنوع وتتلون في بستان معرفي مهم يقدمه المؤرخ ابراهيم العلاف لناتي لاحقا للاطلالة على مطبوع اخر ينطلق منه العلاف نحو قراءة ( صفحات في الفكر والثقافة والتاريخ ) وهذا هو عنوان الكتاب الذي صدر عن دار ماشكي ب183صفحة من القطع الكبير والذي يستهله كاتبه باهدائه لروح ابنته الشهيدة المهندسة المدنية هبة ابراهيم العلاف التي غادرت هذه الحياة ولم يزد عمرها على ال34 عاما كما يفصح العلاف بكون هذا الكتاب يضم مدوناته التي نشرها على شبكة الانترنت منذ عام 2002 حيث يقدم هذا الكتاب بدافع الخشية من سطو البعض على ما ينشره فضلا عن الحفاظ على تلك المقالات من الضياع معربا عن امنيته بكون قري الكتاب سيستفيد مما تناوله العلاف من تلك الصفحات التي يستهلها بالاطلالة على ما دونه الاعلامي العراقي المعروف امير الحلو من مذكرات كما تضم الصفحة التالية استذكارا لمحطات المفكر النهضوي العروبي الاسلامي عبد الرحمن الكواكبي بذكرى رحيله ال120كما يخصص مقالة اخرى لاستذكار انطلاق جريدة زوراء وما تمثله صدور اول صحيفة عراقية كمصدر لتاريخ العراق الحديثكما يخصص مقالة اخرى لاستذكار شاعر الموصل الراحل مجيد سعدون كما يلتفت الى ما انجزه المهدي المنجرة من دراسات حضارية ومستقبلية كما يخصص لاحقا جانب من استعراضاته بحق المفكر والفيلسوف الفرنسي روجيه غارودي حيث يطلق تلك الاستذكارات في خضم الذكرى العاشرة لرحيل الاخير كما يكتب العلاف في سياق الصفحات التالية عن كلا من البهائية والتقرير السياسي للحزب الشيوعي العراقي والذي اصدره بخصوص الاوضاع الخاصة التي يمر بها العراق كما يتوقف العلاف عند تساؤل ليتيح الاجابة بخصوص هل ثمة حاجة لسؤال المنهج وكيفيتهكما يستعرض لاحقا جانبا مما تركه الكاتب والصحفي الراحل فائق بطي في سياق موسوعته الصحفية العراقية كما يستذكر العلاف في صفحة تالية ذكرى رحيل وزير خارجية مصر محمود فوزي اضافة لذكرى اخرى يخصصها لتناول الثورة العربية الكبرى اما الصفحات الاخرى قيتوقف بينهما لاستعراض بعض الامكنة ومنها حمام العليل خصوصا من خلال ورودها بكتاب اصول اسماء المدن والوقائع العراقية للمحامي جمال بابان وبيت التحافيات ببغداد لصاحبه محمد علي طاهر الجزراوي الالماني البغدادي فيما ينطلق في صفحات اخرى للوقوف عند لبعض الشخصيات واثرها في تنمية الوعي مثلما هو الحال مع الشخصية الرياضية المعروفة مؤيد البدري كما يتناول مطبوعات صدرت في العراق كمجلة الاجيال ومجاميع شعرية للشاعر الاكاديمي المعروف فارس رحاوي الى جانب عشرات من المقالات والاستعراضات التي تتعلق بشخصيات موصلية وعراقية في ابراز مواقف جايلها الكاتب او مذكرات قراها ليترك انطباعاته ازائها بينما يحوي الكتاب الرابع الذي صدر ايضا هذا العام للعلاف عن مجموعة كبيرة من الشخصيات سواء العربية او الاجنبية حيث يشدك غلاف الكتاب الاول بتوع شخوصه وعنوانها الملفت الجاذب (شخصيات عربية واجنبية ) الذي صدر ايضا عن دار ماشكي ويضم بين دفتيه نحو 228 صفحة من القطع الكبير وهي مخصصة لاستعراض جوانب ومحطات من حياة مشاهير منهم على سبيل المثال ارنولد توينبي والدكتور لويس عوض والدكتور محمد عبد العاطي محمد وشكيب ارسلان والدكتور سهيل زكار ورجل القانون المدني الكبير عبد الرزاق السنهوري وفاطمة اليوسف رائدة الصحافة النسوية العربية واخرون ..والكتاب يمثل اطلالة مهمة في حياة نخب اسهمت بالتوثيق والارخنة في الوطن العربي والعالم ويمثل جولة فكرية مهمة يتطلبها القاري للاطلالبة من خلالها على دوران الاحداث والمعطيات الحافلة ..
هذه الكتب الاربعة تمثل جولة فكرية في عوالم الكاتب والمؤرخ الاكاديمي ابراهيم العلاف وسبق وان اطلقت عليه لقبا بكونه فنار للاجيال القادمة من خلال ما يسهم به من ابراز حركة المعرفة والوقوف بالعرفان والاشادة لبصمات الاجداد وتشكل كل تلك الكتب التي قدمها العلاف بحد ذاتها مؤسسة تعنى بالنشر والفكر وتتيح لقرائها التجول بكل اريحية في عوالم الكلمة دون الوقوع في فخ التطرف او السقوط بحفرة الطائفية لكن كل تلك المقالات والافكار التي انجزها العلاف انطلقت من خلال فكر منفتح على الاخر متقبل للتعايش ومنسجم مع فكرة الدين لله والوطن للجميع .
*...........في عدد 5-11-2022 من جريدة ( الزمان )اللندنية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق