الأربعاء، 21 فبراير 2024

تاريخ الحزب الشيوعي العراقي هل يحتاج الى اعادة كتابة ؟


 



 

تاريخ الحزب الشيوعي العراقي هل يحتاج الى اعادة كتابة ؟
ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس -جامعة الموصل
إتصل بي أحد طلبة الدراسات العليا أمس ، وطلب رأيي في موضوع يكتبه عن احد قادة الحزب الشيوعي العراقي الذي يرجع تأسيسه الى سنة 1934 وتكون الحزب من اتحاد ثلاث منظمات ماركسيه فى بغداد والناصريه والبصره وذلك فى يوم31 اذار –مارس 1934. وقلت له ان لي كتابات عن الحزب الشيوعي منها عن مؤسسه يوسف سلمان يوسف واسمه الحركي الحزبي (فهد ) ومنها عن (سعاد خيري ) ومنها عن (صلاح خالص ومجلة الثقافة ) ومنها عن (جماعة الصحيفة ) ومنها عن ( تاريخ مجلة الثقافة الجديدة ودورها ) ومنها عن (الدكتور عبد اللطيف الراوي وكتاباته عن بواكير الخلايا الماركسية في العراق ) وآخرها عن العلاقة بين رجال الحركة الوطنية العراقية ورئيس الكومنترن وغير ذلك من الموضوعات المنشورة ورقيا والكترونيا .
وجرى الحديث بيني وبينه عن ماقدمه الدكتور سيف عدنان القيسي عن تاريخ الحزب الشيوعي من خلال رسالته للماجستير (الحزب الشيوعي العراقي 1948-1958 ) واطروحته للدكتوراه عن (الحزب الشيوعي العراقي 1968-1979 ) وكلا العملين بإشراف الصديق الاستاذ الدكتور أسامة عبد الرحمن الدوري .واثناء نشري لخبر صدور كتاب (الحزب الشيوعي العراقي 1968-1979 اي في عهد الرئيس العراقي الاسبق احمد حسن البكر) للدكتور سيف علق الاخ الاستاذ عبد القادر العيداني وقال ان ماقدمه القيسي يعد عملا شاملا لكني عقبت عليه بالقول ان الاستاذ جاسم الحلواني ومن خلال مقالة له في موقع الحزب الشيوعي انتقد ماقدمه الدكتور سيف عدنان القيسي وتعرض لماقاله المشرف على العملين حول الموضوعية واعترض على المنهجية وقال :" لقد تناول الكثير من الباحثين تاريخ الحزب الشيوعي العراقي . فقد كتب في هذا الموضوع أنصاره وخصومه وأعداؤه وكتاب آخرون محايدون. وألقت مذكرات وذكريات بعض قادته الضوء على مراحل مختلفة من تاريخه. ويعد كتاب الأستاذ عزيز سباهي "عقود من تاريخ الحزب الشيوعي العراقي"(ثلاثة أجزاء)، الذي كتبه بتشجيع ودعم من قبل قيادة الحزب، أشمل دراسة لتاريخ الحزب . فهذا المؤلف يغطي تاريخ الحزب منذ تأسيسه في عام 1934 حتى نهاية القرن الماضي. ويعد هذا الكتاب والكتاب المكمل له "محطات مهمة في تاريخ الحزب الشيوعي العراقي : قراءة نقدية في كتاب عزيز سباهي الصادر في سنة 2009 للاستاذ جاسم الحلواني هما الأقرب لوجهة نظر الحزب وهو الذي قام بطبعهما وتوزيعهما" .
ثم اضاف :"وتواصلت الكتابات عن تاريخ الحزب، وقد اتسعت بعد سقوط النظام الدكتاتوري، حيث توفرت الفرصة للطلبة في الجامعات العراقية بتقديم البحوث التي تخص الأحزاب السياسية العراقية والمنظمات الديمقراطية ورموزها القيادية والبارزة، وبالأخص تلك التنظيمات ذات المنحى اليساري. وكان للحزب الشيوعي العراقي حظ وافر منها. فلدينا، بحدود معرفتي، بحوث حول الدكتورة نزيهة الدليمي وسلام عادل وعامر عبد الله وكذلك أطروحة مؤيد شاكر الطائي الموسومة "الحزب الشيوعي العراقي 1935-1949" ورسالة مناف الخزاعي الموسومة " الحزب الشيوعي العراقي 1959-1963" كذلك رسالة بديع السعدي المعنونة: "الحزب الشيوعي العراقي 1963-1968". وأخيراً، وليس آخراً، رسالة ذكرى عادل عبد القادر بعنوان: " رابطة المرأة العراقية ودورها في الحركة النسوية العراقية 1952-1975". والتي دافعت عنها في يوم 12. تشرين الأول 2014. ونالت عنها شهادة الماجستير بامتياز.
الشيئ الاخر الذي اود ان اضيفه في هذا الصدد وهو كتابة تاريخ الحزب الشيوعي وضرورة اعادة كتابته .. انني لااتفق مع من لايذهب الى اهمية اعادة كتابة التاريخ ؛ فالتاريخ بحاجة الى اعادة كتابة ولكن في حالتين الاولى عندما تظهر وثائق جديدة والثانية عندما تستجد رؤية جديدة للتفسير .. وازيد وعندما تتغير الظروف السياسية وتتهيأ الاجواء للكتابة وبقدر من الحيادية والموضوعية .
طبعا اذا ما عدنا الى ما كتب عن البدايات الاولى للخلايا الماركسية في العراق نجد ان لدينا كتابات مختلفة بعضها اشار الى انتشار الافكار الشيوعية والبلشفية في العراق ابتدأءا من بعد قيام ثورة اكتوبر -تشرين الاول 1917 وفي العشرينات من القرن الماضي ومن خلال ماكانت جريدة (زوراء ) البغدادية 1869-1917 تكتبه عن الافكار البلشفية والاشتراكية .
وبعد قيام الدولة العراقية الحديثة وانتشار الفكر الشيوعي ومن ثم تأسيس الحزب الشيوعي سنة 1934 ونشاطه واعتقال قادته واتهامهم في العهد الملكي بأنهم يحملون فكرا هداما واعدام عدد من قادتهم ومنهم فهد وحسين محمد الشبيبي سنة 1949 صدرت كتب قسم منها ذو طابع وثائقي لكن الوثائق فيها اختيرت وانتقيت لتتلاءم وهوى الحكومة ويمكن ان نشير الى (موسوعة سرية خاصة بالحزب الشيوعي ) .
وخلال العهد القاسمي وتعاظم دور الحزب الشيوعي بعد قيام ثورة 14 تموز 19588 ظهرت للعلن صحف الحزب الشيوعي ومنها (الشرارة ) و(القاعدة ) و(كفاح السجين الثوري ) و (اتحاد الشعب )و(طريق الشعب ) وصحف ومجلات اخرى منها مجلة (الثقافة الجديدة ) 1953 والتي لاتزال تصدر حتى الان .وكل ما ظهر وكتب في هذه الفترة يعد مصادر مهمة عن تاريخ الحزب الشيوعي ولكن من وجهة نظر الحزب نفسه .
وبعد سقوط حكم الزعيم عبد الكريم قاسم في 8 شباط 19633 ، وتنامي العداء الحكومي والبعثي للشيوعيين ظهر كتاب (أضواء على الحركة الشيوعية في العراق ) بخمسة اجزاء تزيد صفحاتها عن 5000 صفحة ومعها جزء سادس يلخص الاجزاء الخمسة ، وكلها تعتمد على وثائق منها وثائق الامن والمخابرات واستخبارات الشرطة وما شاكل وقد نشر الكتاب بإسم مستعار هو ( سمير عبد الكريم ) وطبع في مطبعة الاندلس ببيروت واعتقد انه طبع في بغداد وبدون ذكر لسنة الطبع .
ومع اهمية ما كتب في هذه (الموسوعة ) كما اسميها الا ان مانشر وما انتقي من وثائق جاء منسجما مع هوى الحكومة والتي كان حزب البعث العربي الاشتراكي يقودها وحتى 2003 .
اعرف كتبا كثيرة نشرت عن الحزب الشيوعي داخل وخارج العراق .. اعرف ما كتبه مؤسس الحزب الشيوعي (فهد ) وبعض القادة الشيوعيين الاخرين ومنهم عامر عبد الله وعزيز محمد وسلام عادل (حسين احمد الرضي ) واعرف ما كتبه حنا بطاطو ، واعرف ماكتبه فاضل البراك ، واعرف ماكتبه عزيز الحاج ، وقدري قلعجي ، ومالك سيف ، وعبد الكريم حسون الجار الله (تصدع البشرية ) ، وما كتبه الدكتور عقيل الناصري ، والاستاذ صلاح الخرسان ، وما كتبه يوسف الصائغ ، وذو النون ايوب، وداؤد الصائغ وقسم من هذه الكتابات مع وقسم منها ضد لذلك لايمكن ان نقول ان تاريخ الحزب الشيوعي او تاريخ اي حزب او تاريخ اي شخصية انه كتب بموضوعية وحيادية .
لو كان المشرف على الاطروحة فلان الشيوعي على الطالب الشيوعي في العهد الشيوعي لظهرت لنا اطروحة تختلف عن تلك التي يكتبها طالب قومي عربي بإشراف استاذ قومي عربي في عهد الحكم القومي لرأينا ان الاطروحة او الكتاب يختلف عن ما اشرنا اليه .
انا اقول ان الموضوعية مطلوبة وضرورية، وتسمية الاشياء بمسمياتها مطلوبة ، وتهيئة الوثائق الاصيلة واستنطاقها بحيادية مطلوب ، والباحث ينبغي ان يتجرد من ميوله وكذا الاستاذ لا بل انصح الاستاذ ان لايوافق على ان يكتب طالب يكره الشيوعيين مثلا اطروحة عن الحزب الشيوعي ، وبالعكس ان لايسمح لطالب يحب الشيوعيين ان يكتب اطروحة عن الحزب الشيوعي ولابد ان يكون الطالب امينا ، شجاعا ، حياديا ، موضوعيا محبا للحقيقة ولاشيء غير الحقيقة وعندئذ سوف تكون كل مخرجات كتابته سليمة وقريبة جدا من الموضوعية .
انا ويعرف ذلك طلابي رانكوي (نسبة الى المؤرخ الالماني ليوبولد رانكه ) رانكوي اقول ان على المؤرخ ان يعيد تشكيل الحدث كما وقع ، ودون اي ترتيش او تغيير اي ان وظيفة المؤرخ تشبه وظيفة المصور الفوتوغرافي ، والا يتحول المؤرخ الى كاتب نشرة ومما يؤكد كلامي انني كتبت الفصول الاولى من كتابين في تاريخ الوطن العربي الحديث والمعاصر ظلا يدرسان في العراق اكثر من ربع قرن وبالرغم من تغير الانظمة لايزالان يدرسان في مدارس العراق .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

صلاة الجمعة في جامع قبع - الزهور -الموصل

                                                                    الشيخ نافع عبد الله أبا معاذ   صلاة الجمعة بسم الله الرحمن الرحيم :...