السبت، 10 يونيو 2023

ابراهيم العلاف...................... في عيون تلاميذه


الاستاذ الدكتور ابراهيم خليل العلاف استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل رئيس اتحاد كتاب الانترنت العراقيين رئيس رابطة كُتّاب تاريخ الموصل وتراثها 


          ابراهيم العلاف في عيون تلاميذه    

 

                   الموصل 2023

 

 

 

 

                   هذا الكتاب

 

مما يسعدني ويفرحني ان يكتب عني تلاميذي .واحمد الله انني كنت موضوعا لعدد من رسائل التخرج ورسائل الماجستير والبحوث .وكثيرا ما يسأل البعض عن سيرتي وما قدمته لحركة التاريخ في عراقنا العزيز وفي الوطن العربي لهذا ارتأيت جمع هذه البحوث في هذا الكتاب الالكتروني وارجو ان يكون واحدا من المصادر المعتمدة عني وانا احد ابناء الجيل الثاني في المدرسة التاريخية العراقية المعاصرة .وفقنا الله جميعا وهدانا سواء السبيل .

الاستاذ الدكتور ابراهيم خليل العلاف

الموصل 10-6-2023

 

 

 

 

 

 

 

 

                المحتويات

1.               الدكتور ابراهيم خليل العلاف.. رؤيته التاريخية والتربوية
 بقلم :الاستاذ الدكتور ذنون  يونس الطائي

2.               إبراهيم خليل العلاف ودوره في كتابة التاريخ المحلي لمدينة الموصل في العصر الحديث

بقلم : الاستاذ الدكتور نمير طه ياسين الصائغ

3. إبراهيم خليل العلاف وإسهاماته في الكتابة التاريخية المعاصرة   في رسالة ماجستير

بقلم : الاستاذ الدكتور عادل محمد العليان

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الدكتور ابراهيم خليل العلاف.. رؤيته التاريخية والتربوية
 بقلم :الاستاذ الدكتور ذنون  يونس الطائي
استاذ متمرس - مدير مركز دراسات الموصل السابق -جامعة الموصل
مقدمة
جادت مدينة الموصل بالعلماء الباحثين المؤرخين والمبدعين والكتاب على امتداد تاريخها الحديث  والمعاصر، وقد كان لهؤلاء إسهاماتهم في الحياة الفكرية وصياغة المشهد الثقافي من خلال تخصصاتهم المتعددة ، فلا غرو أن تضم جامعة الموصل بين جنباتها عدداً وافراً من الكتاب والمؤلفين والباحثين . ويعد الأستاذ الدكتور إبراهيم خليل العلاف، أحد أبرز الأساتذة الأكاديميين والباحثين والمؤرخين في التاريخ الحديث والمعاصر في الجامعات العراقية ، فهو مؤرخ باحث خلاق ومتميز وكاتب نحرير ، ومتدفق ينز يراعه بالعطاء المعرفي ، ما انفك يكتب في قضايا التاريخ الحديث والمعاصر ، ويؤرخ لكل جانب حيوي ومهم في تاريخنا المحلي بشكل خاص وتاريخ العراق ودول الجوار والوطن العربي بعامة،في إطار تناوله لموضوعات ذات اطر سياسية واجتماعية واقتصادية وأخرى تتعلق بتوثيق سير عدد من الشخصيات التي قدمت خدماتها للمجتمع والحياة.
ما يميز كتاباته سلاسة تعابيره ، وأسلوبه المباشر ، وعمق المعاني في الكتابة ، دون المزوقات اللفظية والتعابير الغريبة، يشعرك بسعة أفقه ، وإطلاعه على المتغير في الأحداث ومايدور حولنا بوتائر متصاعدة ، فتراه ممسك دوماً بتلابيبها وينسجها وفق رؤية المؤرخ الحكيم. وهو من دعاة المدرسة العراقية في الكتابة التاريخية،على صعيد المنهج العلمي الموضوعي الذي يقوم على الوضوح والدقة ، وعدم تحميل الحدث أكثر مما ينبغي في إطار تحليله،والمستند على إعادة تشكيل الحدث التاريخي وفق زمانه ومكانه.
في الحقيقة لا أستطيع أن أخفي مشاعري التي تفيض بالإعجاب وأنا أتابع وأقرأ نتاجاته وديناميكيته العلمية ، وبخاصة كتاباته حول تاريخ الموصل الحديث والمعاصر وحوادثه،وهو بذلك يفيض حباً وانتماءاً لمدينته ووطنه وأمته ، ولم يزل يجد في عطاءه من خلال مشاركاته الواسعة في المؤتمرات والندوات العلمية داخل العراق وخارجه . ويلتمس الوسائل الإعلامية والعلمية والالكترونية حديثاً في سبيل نشر بحوثه ونتاجا ته العلمية والتاريخية والتي ستتضح لاحقاً في تعرضنا لسيرته العلمية ولرؤيته ومنهجيته في كتابة التاريخ .
أولاً : سيرته العلمية
ولد في الموصل يوم 25كانون الأول 1945، ونشأ في محلة رأس الكور، وهي من أقدم المحلات الموصلية ، ويقع في داخلها الجامع الأموي ، وهو أول جامع بناه العرب المسلمون عند فتحهم للموصل سنة 16هـ وقد دخل الكّتاب في طفولته ، وذلك في مسجد عبد الله المكي في محلة المكاوي القريبة من محلة رأس الكور ، وبدأ الدراسة الابتدائية في مدرسة أبي تمام الابتدائية للبنين ، وأكمل المتوسطة في (المركزية) ، أما الإعدادية فقد أتمها في (الشرقية)،والتي تعد من أقدم المدارس الإعدادية في الموصل.
قضى شطراً من حياته في (سوق الحنطة) الجديد في باب الطوب بالموصل،حيث كان يعمل جده ووالده ومن هنا جاء لقب الأسرة (العلاف) التي تقابل (العلوه جي) في بغداد.(1)
تتلمذ على أساتذة كبار في علومهم ومن المهتمين بتاريخ الموصل وتراثها وتاريخ العراق والحضارة العربية ، والتاريخ الحديث والمعاصر منهم : محمد إسماعيل ، وغصوب الشيخ عبار ، وعبد الرزاق الشماع ، وإدريس عبد المجيد الذنون ، وهشام سليم الطالب ، وعمر محمد الطالب ، وشاكر النعمة ، وغانم حمودات ، وحين التحق بكلية التربية (1964-1965) ببغداد كان من أساتذته فيها كل من : الدكتور زكي صالح ، والدكتور فاضل حسين ، والدكتور عبد العزيز سليمان نوار (مصري) والدكتور حاتم عبد الصاحب الكعبي والدكتور فيصل الوائلي ، والدكتور محسن غياض ، والدكتور حسين أمين ، والدكتور عبد الله الفياض ، والدكتور احمد سعيد حديد ، والدكتورة نعيمة حسين الشماع.(2)
وبعد أن تخرج في قسم التاريخ بكلية التربية،جامعة بغداد بدرجة شرف،حيث كان في قسم الشرف الذي يتحمل طلبته مواداً إضافية على أقرانهم في المرحلتين الثالثة والرابعة في الكلية، وعين في 9آذار 1969مدرساً في متوسطة فتح للبنين في الشورة،ثم أصبح مديراً لهذه المتوسطة،وقضى قرابة أربع سنوات في التدريس والإدارة،وبعدها أكمل دراسته العليا في كلية الآداب-جامعة بغداد حيث حصل على شهادة الماجستير سنة 1975 وعلى شهادة الدكتوراه سنة 1980 وكانت رسالته للماجستير بعنوان (ولاية الموصل:دراسة في تطوراتها السياسية 1908-1922)بإشراف الأستاذ الدكتور عبد القادر احمد اليوسف،أما أطروحته للدكتوراه فكانت بعنوان(تطور السياسة التعليمية في العراق 1914-1932)بأشراف الأستاذ الدكتور فاضل حسين،وبعدها عمل فترة عدة أشهر مدرساً في ثانوية بعشيقة بعد انتهائه من نيل شهادة الماجستير ، ثم نقل خدماته إلى جامعة الموصل ، عين مدرساً مساعداً في كلية الآداب-جامعة الموصل،ثم أكمل دراسته للدكتوراه وشغل منصب مقرر قسم التاريخ فيها لسنوات ثم نقل إلى كلية التربية،ليعين رئيساً لقسم التاريخ فيها بين سنتي 1980و1995،وقد تدرج في الألقاب العلمية حتى نال لقب الأستاذية في 17 تشرين الأول 1991.(3)
كان بين سنتي 1995و1997عضواً في مجلس جامعة الموصل،ممثلاً للأساتذة وقد أسهم في أداء دوره علمياً وإدارياً. كما كان عضواً في هيئة تحرير مجلتها(الجامعة)ورئيساً لتحرير العديد من المجلات الأكاديمية ومنها مجلة(أوراق تركية معاصرة)وشغل منصب عضوية مجلات جامعية موصلية أخرى منها مجلة ( أوراق موصلية ) أصدرها مركز دراسات الموصل ، ومجلة (آداب الرافدين) التي أصدرتها كلية الآداب،ومجلة (التربية والعلم)الصادرة عن كلية التربية ، وعضو الهيئة الاستشارية لمجلة الدراسات التاريخية والحضارية ، الصادرة عن جامعة تكريت.
كما أسهم في تحرير وإدارة عدد من الموسوعات منها عضوية هيئة تحرير (موسوعة الموصل الحضارية) التي أصدرتها جامعة الموصل سنة 1992بخمسة مجلدات،وقد أشرف على الجزئيين الرابع والخامس الخاصين بموضوعات التاريخ الحديث والمعاصر.كما كتب فيهما (7) بحوث دارت حول أوضاع الموصل السياسية والفكرية والاجتماعية.(4)
وله إسهامات في لجان جامعية عدة منها:لجنة الدراسات العليا،ولجنة الترقيات العلمية ولجنة التأليف والترجمة ولجنة اختبار صلاحية التدريس للعمل في الجامعة.
ونظراً للجهود العلمية والبحثية في مجال تاريخ العراق الحديث والمعاصر،فقد منح وسام المؤرخ العربي من اتحاد المؤرخين العرب في 15تموز 1986،كما حصل على امتياز رعاية الملاكات العلمية للسنتين الدراسيتين 1999-2000و2001-2002،وحصل على أكثر من جائزة تكريمية وشهادة تقديرية من جهات عديدة لجهوده في النشر العلمي وخدمة الوطن والتاريخ. كما شارك في ندوات ومؤتمرات علمية داخل العراق وخارجه كما حرر في موسوعات عديدة منها:الموسوعة الصحفية العربية،وموسوعة التربية الإسلامية التي يصدرها المجمع الملكي لبحوث الحضارة الإسلامية ،التابع لمؤسسة آل البيت في المملكة الأردنية الهاشمية.(5)
أشرف على قرابة (45) رسالة ماجستير وأطروحة دكتوراه،كما ناقش المئات منها في مختلف أقسام التاريخ في الجامعات العراقية،وشغل عضوية اللجنة الاستشارية لبيت الحكمة في الموصل،وعضوية اللجنة الاستشارية للثقافة والفنون في الموصل،وغدا رئيساً لجمعية المؤرخين والآثاريين العراقيين فرع نينوى لسنوات،فضلاً عن عضويته في اتحاد المؤرخين العرب ونقابة المعلمين. (6) ألف قرابة (35)كتاباً منشوراً لوحده وبالاشتراك مع عدد من زملائه الباحثين منها:
1-
نشأة الصحافة العربية في الموصل (الموصل،1981 )
2-
تطور التعليم الوطني في العراق 1914-1932(البصرة ، 1982)
3-
تاريخ الوطن العربي في العهد العثماني 1516-1916(جامعة الموصل،1983)
4-
تاريخ الفكر القومي العربي(بغداد،2001)
5-
تاريخ العراق المعاصر(جامعة الموصل،1989)بالاشتراك مع الدكتور جعفر عباس حميدي
6-
قضايا عربية معاصرة،(جامعة الموصل ، 1988) بالاشتراك مع نخبة من الباحثين .
7-
إيران وتركيا:دراسة في التاريخ الحديث والمعاصر(جامعة الموصل،1992)بالاشتراك مع الدكتور خليل علي مراد
8-
دراسات في فلسفة التاريخ (جامعة الموصل ، 1988) بالاشتراك مع نخبة من الباحثين .
9-
نشأة الصحافة في الموصل وتطورها 1885-1985(الموصل ، 1985)
10-
خارطة التوجهات الإسلامية في تركيا المعاصرة (الموصل،2005).(7)
11-
نحن وتركيا : دراسات وبحوث ( الموصل 2008 )
كما أسهم في تأليف بعض الكتب المنهجية الدراسية في المدارس المتوسطة والإعدادية
منها:-
1-
التاريخ الحديث والمعاصر للصف الثالث المتوسط(1990)
2-
التاريخ الحديث والمعاصر للوطن العربي،للصف السادس الإعدادي (1980)
وقد أنجز بحوثاً ودراسات أكاديمية في تاريخ العراق الحديث والمعاصر،وصل عددها قرابة (150)بحثاً ودراسة منشورة في مجلات موصلية وعراقية وعربية أكاديمية وثقافية،فضلاً عن انجازه ما ينيف عن (500) مقالة صحفية ، وهو مستشار هيئة تحرير جريدة (فتى العراق) الموصلية المؤسسة منذ سنة 1934، والتي لا تزال تصدر في الموصل و ما يزال يكتب فيها بالموضوعات التاريخية والثقافية والتراثية التي تؤرخ لأحداث الموصل والعراق المهمة ، وقد حضر قرابة (100) مؤتمر وندوة علمية داخل العراق وخارجه.(الوصف: 😎
وله إسهامات علمية وبحثية ومقالات منشورة في العديد من المواقع الألكترونية وعلى الشبكة الدولية ( الانترنت ) ، فضلاً عن موقعه الخاص الذي ينشر فيه نتاجاته البحثية عن مؤرخي العراق وجهودهم العلمية،ويمكن الإشارة إلى أبرز تلك المواقع التي يسهم في تحريرها :
1-
موسوعة المؤرخين العراقيين المعاصرين إعداد الأستاذ الدكتور إبراهيم خليل العلاف www.ulum.nl
2-
موقع حزب الاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي في سورياwww.etinad-sy.net
3-
موقع ارماناك www.armanc.org
4-
موقع الحوار نت الإسلامية www.alhwar.net
5-
موقع الفيحاء www.alfayhua.tv
6-
موقع مجلة الأوائل www.el-awael.com
7-
موقع مركز النور www.al.noor.se
8-
الموقع الفرعي في الحوار المتمدن www.ahewar.org/m.asp?!=2101
9-
موقع كلكامش للدراسات والبحوث
10-
موقع دنيا الوطن www.alwatanvoice.com
11-
موقع الشهاب الثقافية www.ash-shinab.net
12-
موقع الكاتب العراقي www.iraq.iwriter.com

ثانياً : منهجيته في الكتابة التاريخية
يقوم منهج الدكتور إبراهيم خليل العلاف في كتابة التاريخ على أساس ثابت ومحدد وهو:(( أن المؤرخ ينبغي أن يكون طرفاً نشيطاً في العميلة التاريخية ، وإن يعتمد الوثائق والمصادر الأصلية في توثيق كتاباته بشرط المحافظة على مبدأ إعادة تشكيل الحدث التاريخي كما وقع بالضبط،مع محاولة وضع الأحداث وضبط تسلسلها زمنياً بحيث يستطيع القارئ معرفة حجم التطور في الأحداث وصولاً إلى النتائج المتوخاة )) ويدعو العلاف إلى أن :(( يكون المؤرخ صاحب رسالة وعلى وجوب أن تتوفر لدى الباحث والمؤرخ مجموعة صفات ليكون صادقاً في كتاباته وتحليلاته ، وأن لا يهدف سوى إظهار الحقيقة حتى لو كانت على نفسه،وأن يكون شجاعاً وصادقاً وأميناً وذو مرؤة وإنصاف،لأن من يتعامل معهم ، قد غادروا الحياة ولم يعد بمقدورهم الدفاع عن أنفسهم )).(9) ومما ينبغي ذكره أن الدكتور العلاف لم يكتف بالتعبير عن أفكاره وآراءه هذه على المستوى النظري ، وإنما وجدت تلك المنطلقات والرؤى طريقها في كل كتاباتها فمن يراجع مؤلفاته ودراساته يكتشف بأنه ، كان حريصاً على قول الحقيقة ولا شيء غير الحقيقة ، ومن هنا اكتسبت كتاباته مصداقية عالية بين قراءه وزملائه وطلبته وكل المهتمين في الشأن التاريخي . ويؤكد على (( أن المشكلة الرئيسية في العراق هي أن الإنسان فيه لا يؤمن بقيمة تراكم الخبرة التاريخية ويحاول أن يبدأ من الصفر دائماً،لهذا فالبنيان السياسي والاقتصادي والاجتماعي والفكري فيه يشوبه النقصان وعدم الاكتمال .كما أن القادة والزعماء في العراق وخاصة منذ تشكيل الدولة العراقية الحديثة لا يحظون بالاحترام والتقدير بعد خروجهم من السلطة،وتبذل الجهود لطمس آثارهم ، وإزالة منجزاتهم بل وشن الحرب عليهم)) ويرد ذلك إلى :(( أسباب سايكولوجية ومناخية واجتماعية يتعلق بعضها بفساد بعض أولئك الحكام ، أو تراكم أخطائهم وخطيئاتهم بحق الشعب في العراق والرغبة الجامحة في عدم منحه الحرية للتعبير عن آرائه وأفكاره والسعي إلى قمعها،وفي هذا يختلف الإنسان المصري في موقفه من السلطة عن الإنسان العراقي ، فالإنسان العراقي يخشى حكامه لكن الإنسان المصري يحترمهم حتى وإن كان يعارضهم ويرتبط ذلك بالمناخ ، فالنيل في مصر يفيض في أوقات يحتاجها الفلاح لكن دجلة والفرات يفيضان ويخربان الزروع ، فضلاً عن عدم اعتدال المناخ في العراق بخلاف مصر))(10) لهذا ما أن تتيسر للعراقي فرصة التخلص من حكامه إلا ويبدأ بهدم كل آثارهم والتخلص منها،وهنا يواجه المؤرخ مشكلة معقدة عند محاولته كتابة التاريخ بصدق وموضوعية.(11) ويحدد الدكتور العلاف أطر مشكلة التاريخ الحديث في العراق وغيره من الأقطار النامية بـ( الايدلوجية ). وعن علاقة ذلك بالفكر الديني يقول (( أن مشكلة التاريخ الإسلامي هي ارتباطه بالمقدسات الدينية ، وهذا يعيق المؤرخ في كثير من الأحيان عن أداء دوره الفاعل في عملية التدوين والتوثيق)) . ومن آراء الدكتور العلاف الجديدة بعد ما حاق في البلاد من أحداث وتطورات . بعد الاحتلال الأمريكي للعراق في 9 نيسان 2003 وانعكاساته على العراق وأقطار الوطن العربي قوله: (( إن المؤرخين ينبغي أن ينأوا بأنفسهم عن الحكام وأن يناضلوا من أجل تخليص التاريخ من قيود الحكام،وإذا كان التاريخ لا يكتبه إلا المنتصرون كما يقال،فلا بد من تأشير حقيقة جسامة المسؤولية التي يضطلع بها المؤرخ الموضوعي النزيه الملتزم بقواعد المنهج التاريخي المعتمد على إظهار الحقائق والوقائع بالعلم لا بالعاطفة ))(12). وأخيراً يدعو العلاف (( إلى أن يستخدم التاريخ كمادة للتفاهم بين البشر، وكوسيلة للتعاون على البر والتقوى وليس على الإثم والعدوان، ومن الممكن أن يجتمع المؤرخين من أقطار عديدة وخاصةً تلك التي تعاني من الإختلافات والمشاكل لكي يتوصلوا إلى قواسم مشتركة عند كتاباتهم للأحداث التاريخية المشتركة المثيرة للنزاعات والجدل )) ويستشهد مؤرخنا بما أنجزه الأوربيون في توحيد رؤاهم في أعقاب الحرب العالمية الثانية ويعبر عن ذلك بقوله : (( وكما هو معروف فإن المؤرخين الأوربيون فعلوا مثل هذا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية سنة 1945 عندما اجتمعوا في باريس وأزالوا كل ما من شأنه تعميق حالات العداء والنزاع والتخاصم وأكدوا على الثوابت والأسس المشتركة التي كان من أبرز نتائجها إقامة الاتحاد الأوربي وأصدر دستور يلتزم به الجميع ))(13)
ولا بد من الإشارة إلى أن الدكتور العلاف كثيراً ما يؤكد لطلبته في الدراسات العليا على ضرورة استمرار البحث بجوانب التاريخ كافة : (( وعدم الاهتمام فقط بالجانب السياسي من العملية التاريخية وإنما لا بد من الاهتمام بالجوانب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لهذا فقد وجه طلبته في موضوعات تتعلق بتاريخ الصناعة العربية وتاريخ الأصناف والتنظيمات المنهجية،والأوضاع الإدارية،والحياة الحزبية،وتاريخ التعليم والتحديث،وركز على (التاريخ المحلي) للمدن والشخصيات المؤثرة))(14)
ومن الثابت فإن من لايقرأ لايكتب وتأسيساً على ذلك يوصي باحثنا بالاهتمام بالقراءة ويؤكد:(( من لا يقرأ لا يستطيع فهم ما يحيط به من متغيرات لهذا ندعو إلى القراءة وإلى تعويد الأبناء على فضيلة القراءة الأمم المتقدمة لم تصل إلى ما هي عليه الآن إلا بالقراءة..))(15)
ثالثاً : آراءه في الإصلاح والتغيير في العراق ودول الجوار
لباحثنا رؤى في وجوب الإصلاح والتغيير في العراق في إطار المتغيرات السياسية المتلاحقة به وفي ذلك يقول: (( الإصلاح والتغير ينبغي أن يبدأ من الداخل من الإقرار بحقيقة تاريخية وهي أن الغرب مع أنه يرفع دعوات الإصلاح والتغيير منذ القرن التاسع عشر ،لكنه سرعان ما يقف ضد كل حركة نهضة وإصلاح يشهدها العالم العربي،وعلى هذا الأساس فإن دعوات الإصلاح والتغيير باتت ضرورة في ضوء التحديات التي تواجهها )) ويمضي في إيضاح الأهمية المتزايدة لتأصيل الإصلاح بقوله: (( كما أن هذه الدعوات بحاجة إلى تأصيل الأكاديميين ذوي الفكر والثقافة والسياسة والاجتماع والاقتصاد)) ويدعو إلى ضرورة الانفتاح على تجارب الأمم التي نهضت بواقعها ونجحت في الإصلاح والتغير،تجربة اليابان مثلاً والذين مزجوا بين القطاعين الخاص والعام ،ويؤكد : (( أن أي مشروع للنهضة والتغيير بحاجة إلى دراسة تجارب التحديث الناجحة في العالم.غرباً وشرقاً )) ويعتقد أن فرصة العراق ،وفرصة العرب لكي ينهضوا ويتغيروا (( لا تزال قائمة فلديهم مقومات النهضة لكنهم يحتاجون إلى الإرادة )) وعن وسائل ومجالات التغيير والإصلاح يشير العلاف إلى رؤاه بقوله : (( ينبغي عليهم اليوم أن يرفعوا الاقتصاد والإدارة والتنمية المستديمة والحكم الراشد أو السليم ، وهو الحكم الذي يعتمد معايير الشفافية والاستقامة والصدق والاعتراف بالآخر واحترام حقوق الإنسان ، وإن لم يفعلوا ذلك فليأذنوا بقرب خروجهم من التاريخ )).(16)
وعن دور الغرب في عرقلة عملية الإصلاح والتغير في العالم العربي يشير العلاف إلى أن (( مما يؤسف له حقاً أن النتائج التي تمخضت على الأخذ بأساليب التغيير والإصلاح الغربية كانت وبيلة إذ أسهمت في أمرين اثنين مهمين:أولهما وقوع حالات من التفكك السياسي والانحطاط الاجتماعي والتخلف الاقتصادي وثانيهما نجاح الغرب في الوصول إلى المنطقة والتحكم في مقدراتها)) (17) .
ويدعو الدكتور العلاف إلى (( عدم الانجرار وراء الشكليات في قضايا الإصلاح والتغيير وإشعار القوى الضاغطة المحلية والإقليمية والدولية أن هناك خصوصيات لا بد من أخذها بنظر الاعتبار والتأكيد باستمرار على أن الإصلاح والتغيير يبدأ من الداخل ،وأن أية تدخلات أجنبية فيه تعرقل تنفيذ الإصلاح لا بل وتحرفه عن مساره الوطني وتسهم بشكل أو بآخر في تفكك المجتمع وزيادة انقساماته )) . ويشدد على أهمية توجيه الرأي نحو تفعيل ((المنجزات التقنية والمعلوماتية في إعادة بناء الاقتصاد وزيادة مساهماته والاهتمام بقضايا حقوق الإنسان وتمكين المرأة وزيادة إسهاماتها في صنع القرار،والعمل على زجها في كل جوانب الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية،شأنها في ذلك شأن أخيها الرجل والدعوة إلى الاهتمام بالتربية والتعليم العالي وزيادة تخصيصات هذا القطاع الحيوي في موازنة الدولة وإيلاء البحث العلمي ما يستحقه من اهتمام))(18) ويضيف العلاف أيضاً في إطار إيضاح مجموعة الآليات المفضية نحو الارتقاء بالواقع السياسي والتنموي بتأكيده على أهمية : (( زيادة فاعلية الاقتصاد العراقي..والوقوف ضد كل محاولات الاستبداد وتوريث السلطة.. وإعطاء الإعلام ووسائله ما تستحقه من اهتمام..وأخذ ظروف الواقع وخصائص المجتمع وقيمة وعاداته بنظر الاعتبار والتأكيد على تنمية عناصر الحصانة لدى المواطن وتقوية شعوره بالانتماء لوطنه والاجتهاد لإسعاده بكل الوسائل الممكنة.. )) ويشير إلى ضرورة إيلاء السياسة الخارجية الأهمية القصوى في إطار الدعوة إلى الإصلاح فيردف قائلاً : (( لا بد من وضع الأسس المطلوبة للتفاعل مع الظروف الخارجية والالتزامات الدولية المتبادلة مع العراق وتشجيع القطاع الخاص على الإسهام في الاستثمار والبناء ، وإعطائها الأسبقية ووفق أسس منطقية وعلمية ووطنية)) ويمضي في التأكيد على مفردات التغيير والإصلاح بالتأكيد على : ((مشاركة صناع القرار ولا بد من صناعة خطاب عراقي وعربي حول قضية التغيير والإصلاح والصدق والشفافية في نقل المعلومة والاستفادة منها ويتطلب الأمر وضع أجندة واضحة لمسالك الإصلاح وموروثه السياسية والقانونية والاقتصادية وبلورة جدول زمني للتنفيذ)) ويختتم العلاف آراءه في هذا الصدد بالتأكيد ((على مراعاة الموازنة الدقيقة بهدف الحفاظ على (سيادة الدولة)التي تعني حقها في فرض إرادتها على رعاياها وحرمتها في إدارة شؤونها الداخلية والخارجية وفقاً لقواعد القانون الدولي)).(19)
رابعاً : أطروحاته الفكرية في تعزيز الدراسات التاريخية:
لمؤرخنا آراءه وأطروحاته الفكرية المتعلقة بتعزيز مسيرة الدراسات التاريخية على صعيد العراق خصوصاً والوطن العربي عموماً،مرتكزاً إلى ثراءه البحثي ومسيرته العلمية في إعداد الدراسات التاريخية التي تربو عن الأربعين عاماً.فكانت منطلقاً لتأسيس وتأطير أطروحاته العلمية ، فيثير مجموعة تساؤلات مهمة تنطوي على مضامين أساسية في دراسة التاريخ والبحث فيه فيقول : (( لماذا يكتب التاريخ ؟ ولمن يكتب ؟ هل يكتب لمحض استعادة أحداث ركدت حتى تعفنت؟ أم يكتب لشحذ ذاكرة الشعب وتذكيره بخبرات نضاله الطويلة ليستفيد منها في مواجهة أعدائه ومواصلة كفاحه ؟ بمعنى آخر هل يكتب التاريخ للتاريخ أم يكتب للحياة)) وللإجابة على تلك التساؤلات أشار إلى: (( أنه إذا كان التاريخ يكتب للتاريخ!فلسنا نحن المؤرخين العرب وليس شعبنا في حاجة إلى هذا العبث أما إذا كان التاريخ لخدمة الحاضر والمستقبل،فمن هنا تبرز ضرورة انطلاق المؤرخ من رؤية وطنية وقومية ، تقدمية في فهم أحداث التاريخ وتفسيره)).(20)
وعن المحاولات الأولى لكتابة تاريخ العرب الحديث وفي أي حقبة بدأت ، يشير العلاف إلى أن بذور النهضة العربية الأولى التي انبعث في القرن التاسع عشر ، في جهات مختلفة من الوطن العربي، ولم تكن هذه النهضة في حينها قومية فقط ، بل أكدت على مسألة الانبعاث الإسلامي أيضاً ، في مواجهة التحديات الخارجية منها الغربية على نحو خاص وكان أساسها اللغة والأدب،أما الكتابة ذات الطابع العلمي الأكاديمي فجاءت في أواخر القرن العشرين ،((حين تطورت الدراسة التاريخية في الوطن العربي تطوراً نقلها من دور كتابة الحوليات،وتسجيل الظواهر إلى مرحلة الدراسة المعمقة التي تعتمد منهجاً علمياً واضح المعالم،وتستخدم أدوات وقواعد علمية دقيقة لتجميع آثار الحدث التاريخي ونقده داخلياً وخارجياً وإعادة تشكيله كما وقع تماماً أو قريباً مما حدث))(21)
لقد شهدت المنطقة العربية بعد الحرب العالمية الأولى وما أفرزته من أوضاع التجزئة ونشوء كيانات سياسية عربية منفصلة،وفي إطار تشديد قبضة القوى الاستعمارية على المنطقة،بدأنا نتلمس بداية ظهور اتجاهات فكرية لكتابة التاريخ الحديث،والتي يحددها الدكتور العلاف في ثلاثة اتجاهات يمكن إجمالها بما يلي :
1- (
الاتجاه الاستعماري) الذي قدم أطروحاته الرئيسة خلال السيطرة الاستعمارية التي عانى منها وطننا العربي،منذ مطلع العصور الحديثة،والذي هدف إلى طمس تراث الأمة وإغفال مجهوداتها وقدراتها على مواجهة التحديات. وركز هذا الإتجاه على تشويه حركة النضال العربي وتصويرها على أنها ضد منجزات الحضارة الأوربية.
2-
بعد نجاح الثورات الوطنية التي أعقبت الحرب العالمية الأولى كثورة 1919في مصر وثورة 1920 في العراق وثورة 1925في سوريا (وغيرها) ، بدأت ملامح اتجاه جديد في كتابة تاريخ العرب الحديث ، يأخذ بالبروز والذي يمكن أن نسميه (بالاتجاه الوطني) ومن أبرز رواده في العراق ، عبد الرزاق الحسني وفي مصر عبد الرحمن الرافعي، وقد حرص هذا الاتجاه على إبراز دور الفرد في التاريخ وأوضاع الشعب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية،وحرص أصحاب هذا الاتجاه كذلك على تسجيل وقائع تعتمد على رصد حركة السلطة والدوائر المحيطة بها، كما واتجه أصحاب هذا الاتجاه صوب الاهتمام بالتاريخ القطري وممن اسهم بهذا التوجه، المؤرخون الجامعيون الأكاديميون.
3-
وفي أعقاب الحرب العالمية الثانية،ومع تبلور الأيديولوجية العربية،وتصاعد حركة الثورة العربية،وتنامي الأفكار الديمقراطية،وازدياد الاهتمام بالجماهير،وتطور وسائل البحث التاريخي العلمي،ظهر اتجاه جديد يطمح للكتابة وفق منهج (وطني قومي ـ تقدمي) وطرح أصحاب هذا الاتجاه آراء بخصوص المنهج الذي ينبغي أن يكتب بموجبه تاريخ العرب الحديث،ومن ذلك أن الاندماج بالتاريخ لا يتحقق الأمن مواقع النضال الثوري،وأن التاريخ يعطينا قدرة على النفاذ إلى قضايا الأمة وواقعها استعداداً لمواجهة التحديات الحضارية والتاريخية،ومن أبرز ممثلي هذا الاتجاه الدكتور فاضل حسين من العراق،ومحمد أنيس في مصر.(22)
ويرى باحثنا أن للتاريخ أهدافاً متوخاة من خلال دراسته وتفكيكه والتعمق بأحداثه ويدعو إلى إيلاء الأهمية القصوى لدراسة التاريخ في المراحل الدراسية كافة: (( بالشكل الذي يضمن تعميق الشعور الوطني والشعور القومي لدى الطلاب من خلال الكشف عن دور الأمة العربية الحضاري ورسالتها الإنسانية،وكذلك الكشف عن قدرة هذه الأمة على التواصل والاستمرار في العطاء الحضاري ومقدرتها على تجاوز حالة التداعي التي تمر بها وفي مواجهة ظروف التجزئة والانقسام )) كما يشخص الدكتور العلاف أبرز المعوقات التي تعيق الدراسات التاريخية ويجملها بقوله: ((إن مناهج الدراسة التاريخية في مراحل التعليم العام تتسم بالتفكك والتداخل،بحيث أن الطالب عند التحاقه بالجامعة،يكون ضعيف المقدرة على البحث والحصول على المصادر من مضانها ، كما أن معلوماته التاريخية مرتبكة ومشوشة بحيث لا تساعده على تكوين الصورة الحقيقية عن تاريخ وطنه وأمته،الأمر الذي يؤدي إلى قلة تفاعله مع المواد التاريخية تفاعلاً حيوياً،ومما يزيد الأمر سوءاً،ضعف لغته وتدني أسلوبه في الكتابة ولهذا فهو يعوّل: (( باستمرار على الكتاب المنهجي أو المساعد ولا يلجأ إلى المصادر والمراجع إلا نادراً )) (23)وإزاء تشخيص تلك المعوقات ، كان لا بد من المعالجات لتشجيع الطالب والدارس في المرحلة الجامعية المختص بدراسة التاريخ،بالانفتاح على المناهج التاريخية ومحاولة فهمها واستيعابها،فأنبرى العلاف إلى وضع صياغة جملة معالجات تفضي إلى فهم أفضل للدراسة التاريخية وذلك عن طريق:
1-
إعادة النظر في أساليب وطرق تدريس التاريخ في مراحل التعليم العام،بما يساعد على تعويد الطلبة على الإطلاع والتتبع والقراءة الجادة والرجوع إلى المصادر والتقليل من الاعتماد على الكتاب المقرر.
2-
دراسة مسألة إلغاء الكتاب المنهجي ( Text book ) في الدراسة الجامعية والتعويض عن ذلك بمحاضرة الأستاذ أو المصادر التي تؤشرها،فضلاً عن تشجيع الأساتذة لتأليف كتب مساعدة متعددة تتضمن نتائج الأبحاث الجديدة في حقل الاختصاص.
3-
إعادة النظر في مسألة قبول الطلبة في أقسام التاريخ،بحيث يراعى جانب الرغبة والقابلية والحس التاريخي عند الطلبة المقبولين.
4-
التأكيد على أهمية الاستفادة من التقنيات التربوية الحديثة في تدريس التاريخ وخاصة في مراحل التعليم العام .(24)
ويرى الدكتور العلاف بأن واقع الدراسات التاريخية وفق المنهج البحثي العلمي لابد له من غايات محدودة ومرسومة تصب في جملة معطيات وهي:
1-
التصدي لوجهات النظر المعادية التي تشوه الحقائق التاريخية أو تزيفها لأغراض متعددة،بغية المساس والانتقاص من ماضي العرب ومنجزاتهم الحضارية وزعزعة حاضرهم وعرقلة تقدمهم.
2-
التأكيد على أهمية تحقيق الصلة المستمرة بين المؤرخ ومصادره ووثائقه بالشكل الذي يضمن توسيع أفقه الثقافي،واستثمار هذه الثقافة المتجددة في تطوير المعرفة التاريخية بجيل من المؤرخين الشباب المطلين على المستقبل.
3-
تطوير عملية البحث التاريخي وتوسيع المعرفة التاريخية بما يخدم قضية المعرفة والتطوير الاجتماعي والتقدم العلمي في العراق . ويمضي العلاف في رسم أساليب تحقيق ذلك التوسع المعرفي بالدراسات التاريخية من خلال عدد من الخطوات تتمثل في:
أ-تهيئة الظروف الملائمة لقيام المؤرخين بالبحوث بشكل هادئ وجدي وعلمي .
ب-مساعدة المؤرخين في إصدار مجلات تاريخية عامة يكون هدفها توضيح الرؤية التاريخية وإشاعة الفكر التاريخي ومناهجه في المجتمع .
هـ-تشجيع المؤرخين على الاهتمام بالدراسات المتعلقة بالتاريخ الاجتماعي والاقتصادي والثقافي،وذلك بتسهيل حصولهم على البيانات والإحصائيات التي يحتاجونها من الوزارات والمؤسسات المعنية في العراق.(25)
يؤمن الدكتور العلاف بأن التاريخ خير وسيلة لتقوية فكرة المواطنة في العراق المعاصر مؤكداً على الشباب بوصفهم الطليعة والمجدد والأمل للمجتمع ، وإن التاريخ من الوسائل الايجابية التي تسهم في تربية الشباب وفق مبادئ وقيم وأهداف وطنية عليا ويشير إلى (( أن التعمق في علم التاريخ يكون في المراحل الجامعية وما بعدها،في حين تهتم المدارس بإعطاء الناشئة دروساً تاريخية مختارة،وتضع أسساً ينبغي مراعاتها في اختيار وانتقاء المواضيع التي تساعد على إنجاز وظيفة التاريخ في مجال تكوين حوافز وقيم لدى الناشئة من أبنائها،بحيث نحصل على نخبة طبيعية مثقفة قوية في شخصيتها تعي تاريخ أمتها وتعتز بتراثها الحضاري،وتحيط بعمق بالواقع الراهن وتشعر بمسوؤليتها تجاه الأهداف الكبرى للأمة العربية)) (26) ، وحدد العلاف مجموعة من الأسس التي تسهم في بناء الشخصية الوطنية عبر التأكيد على التاريخ الوطني من خلال :
1-
تنمية الاتجاه نحو الولاء للوطن وترسيخ وحدته.
2-
تنمية الوعي بفكرتي الوحدة العراقية والوحدة العربية وتوجيه تدريس التاريخ الوجهة الصحيحة لجعل الطالب يعتز بأبناء وطنه وأمته وجعله يدرك بأنه ينتمي إلى أمة عريقة لها دورها الفاعل في التاريخ الإنساني.
3-
تنمية الإدراك بأهمية تراث الأمة الحضاري ودورها في تشييد الحضارة الإنسانية
4-
تنمية التفكير الناقد لدى الناشئة وذلك عن طريق تكوين النزعة العلمية لديهم . (27)
لقد أفرز واقع التعليم في العراق خلال أوائل القرن الحادي والعشرين بروز ظاهرة التعليم الجامعي الأهلي،وبشكل ملفت للنظر في إطار الخطوات المرسومة والطموحة نحو توسيع التعليم الجامعي في العراق،وإيجاد سبل للتعاون البناء بين التعليمين الأهلي والرسمي.وفي هذا السياق فإن للدكتور العلاف آراء ومقترحات محددة هدفها إيجاد سبل التكامل بين الجانبين على صعيد تفعيل المناهج الدراسية،وتوخي الأهداف المتوخاة من توسيع القاعدة التعليمية،فيورد في ذلك مجموعة من المقترحات التي تسهم في تطوير مؤسسات التعليم الجامعي الأهلي وهي:
1-
ينبغي أن يظل التعليم العالي الأهلي تحت إشراف الدولة ضماناً لتنمية المصالح الوطنية والقومية العليا ،وحرصاً على المبدأ الرئيسي للتعليم العالي،وهو إنشاء جيل يؤمن بالله والوطن ويسعى إلى تحقيق الأهداف السامية في الحرية والتقدم وبناء المجتمع المتطور .
2-
وفي ضوء المقترح الأول يرى مؤرخنا ضرورة أن تتكفل الدولة بتوفير بعض المستلزمات المادية للتعليم العالي الأهلي وخاصة ما يتعلق بالأبنية والأجهزة والمستلزمات الأخرى ولا بأس من تقديم القروض والمنح التي تسددها الكليات الأهلية على أقساط وشمول المؤسسات التعليمية الأهلية بمبدأ الإعفاء الضريبي وما شابه.
3-
شمول التدريسيين والعاملين في المؤسسات التعليم الأهلي بالامتيازات والحقوق التي يتمتع بها التدريسيون والعاملون في مؤسسات التعليم العالي الرسمي.
4-
اعتماد مبدأ الإعارة الداخلية للتدريسيين في التعليم العالي الرسمي للعمل في الكليات الأهلية ولمدة تتراوح بين سنة وثلاث سنوات.
5-
دعوة الكليات الأهلية لفتح أقسام ليست موجودة في مؤسسات التعليم العالي الرسمي،والابتعاد عن تكرار ما هو موجود في الكليات والجامعات الرسمية،وفيما يتعلق بالمناهج والكتب الدراسية ينبغي أن لا يشترط التماثل بين الكليات الرسمية والكليات الأهلية لإعداد كتب منهجية تلبي احتياجات أقسامها مع ضرورة المحافظة على مستوى رصين من التأليف.
6-
لابد من استحداث (مجلس أساتذة)يكون بمثابة جهة رقابية على الجوانب العلمية والإدارية والمالية لكل كلية،ويتألف من عدد من التدريسيين من ذوي الخبرة والاختصاص من داخل وخارج الكلية ويتم اختيارهم من قبل مجلس العمداء فليس من المعقول إن يكون (مجلس الكلية)هو المخطط والمنفذ للعملية العلمية والتعليمية خاصة بعد إلغاء مجالس الأمناء،ويمكن في هذا الصدد تشكيل مجلس يضم عمداء الكليات الأهلية،ويكون مقره في بغداد باسم (مجلس العمداء)يتولى رسم السياسة العامة للكليات الأهلية ومراقبة تنفيذها والعمل على تطويرها على أن يجتمع مرة واحدة كل شهر.
7-
التأكيد على ضرورة إنشاء نظام خاص للرواتب والحوافز ولأعضاء الهيئة التدريسية في الكليات الأهلية ،يوفر لهم الاستقرار الأكاديمي والاقتصادي والاجتماعي ويحفزهم على القيام بالبحوث العلمية،كما يؤدي في الوقت ذاته إلى جذب الكفاءات العالية للعمل فيه .
8-
الاستمرار في التعاون والتنسيق في مجال تبادل الخبرات العلمية والكمية في مؤسسات التعليم العالي(الرسمي والأهلي)وإدخال ممثل للتعليم العالي والأهلي في مجلس وزارة التعليم العالي والبحث العلمي لأغراض التنسيق والإطلاع.
ويختتم الدكتور العلاف آراءه ومقترحاته المتعلقة بتفعيل دور الجامعات الأهلية في العراق بتأكيده على ضرورة إفساح المجال للكليات الأهلية بفتح أقسام للدراسات العليا وفق الشروط والضوابط المعمول بها في مؤسسات التعليم العالي الرسمي . ويرى مؤرخنا هنا (( وجوب التريث في هذا المجال ريثما تتوفر الإمكانات والمستلزمات العلمية والإدارية لذلك ،نؤكد على ضرورة سعي هذه الكليات لاستكمال التخصصات العلمية وعدم الاقتصار على تخصصات محدودة كالقانون والحاسبات والإدارة )) . (28)
في الواقع إن ما قدمه الدكتور العلاف من مقترحات وآراء من شأنها العمل على ترصين التعليم الجامعي الأهلي ، والإحاطة بكل جوانبه العلمية والإدارية والمالية والتخصصية ، وفي إطار التكامل العلمي والنوعي بين التعليمين الأهلي والرسمي ، وبخاصة تأكيده على عدم تكرار الجامعات الأهلية لتجربة الجامعات الرسمية في افتتاح الأقسام العلمية المماثلة .
ويؤمن الدكتور العلاف بأن الفكر العربي،فكر أصيل وغير متعصب ولا يعيش على الماضي كما يدعي البعض،وإنه فكر إيجابي متفائل ومستقبلي،وفي ذلك يقول: (( إن هدف المجتمعات المتحضرة الآن هو تحقيق الرفاهية وهكذا كان وما يزال الفكر العربي يسعى لأن يساعد الإنسان على فهم الحياة والكون )) وعن ابرز الإشكاليات التي واجهها الفكر العربي الحديث حددها باحثنا (بالأصالة والمعاصرة) والتي كما يقول:(( ارتبطت بمفهوم أوسع 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

إبراهيم خليل العلاف

ودوره في كتابة التاريخ المحلي لمدينة الموصل في العصر الحديث

بقلم : الاستاذ الدكتور نمير طه ياسين الصائغ

استاذ التاريخ الحديث – كلية التربية للعلوم الانسانية - جامعة الموصل

 

 

                                                        

 

 

 

ملخص البحث:

يتناول البحث سيرة وحياة الاستاذ الدكتور إبراهيم خليل أحمد ودوره الفاعل والمؤثر في المجالات الثقافية العراقية والعربية المعاصرة، ويركز على نشاطه المتميز في كتابة التاريخ المحلي لمدينة الموصل في العصر الحديث من خلال انجازاته الاكاديمية والثقافية ومساهماته في الوسائل الاعلامية والتلفازية والقنوات الفضائية ومواقع التواصل الاجتماعي، وتوثيقه لأبرز أحداثها والتي سلطت الضوء على الجوانب المشرقة من تاريخ وتراث المدينة

Ibrahim Khaliel Al-Ala'f and his role in writing the local history of Mosul city in modern history

Dr. Nameer Taha Yaseen

Abstract

Professor doctor Ibrahim khalid Ahmad Al-Alaiff is considered one the dirtinguis had teachers of modern history because of his high identity and  role in Academic life both in Iraq and Arab countries, this is why we are so inferested in him while he is still alive.

He is the best and son of Mosul city which has a brilliant history and civilization .

He gave a very beautiful and brilliank picture of Mosul city through his hard and serious word on Mosul university and other Mosul cultural institutions. So he deserved such a study as a comprehensive researcher and history man who devoted his life to document the life, activity and of history Mosul city.   

مقدمة

يُعد الاستاذ الدكتور ابراهيم العلاف، أحد أعمدة اساتذة التاريخ الحديث والمعاصر في العراق. ونظراً لمكانته المتميزة، ودورهِ الفاعل والمؤثر في الحياة الأكاديمية والثقافية العراقية والعربية المعاصرة، فقد حظي باهتمام العديد من مثقفي ومفكري وأبناء محافظة نينوى والعراق، وذلك من خلال نتاجه العلمي والثقافي الثر والمتنوع وعلى مختلف الأصعدة.

ومن هنا جاء اهتمامنا بالمؤرخ الدكتور العلاف، وهو على قيد الحياة تخليداً ووفاءً لعطاءه الثر وقد تناولنا في هذا البحث جانباً واحداً من اهتماماته الواسعة ألا وهو كتابة تاريخ الموصل أي دوره في كتابة التاريخ المحلي لمدينة الموصل وأهم نشاطاته في هذا المجال، وقد تناولنا في مقدمة البحث حياته ونشأته وموقفه من الكتابة التاريخية في العراق وايمانه بالمدرسة التاريخية العراقية، وعدّ نفسه مع بقية زملاءه المؤرخين الأكاديميين من الجيل الثاني من مؤرخي العراق، ثم تناولنا الحديث عن أهم انجازاته وبحوثه ودراساته وأنشطته الأكاديمية فضلاً عن فعالياته الثقافية على الأصعدة القطرية والمحلية ونشاطه في الوسائل الإعلامية والتلفازية والقنوات الفضائية وعلى الشبكة العنكبوتية (الانترنيت) ومواقع التواصل الاجتماعي.

أ- النشأة:

ولد ابراهيم خليل العلاف في مدينة الموصل في الخامس والعشرين من كانون الأول سنة الف وتسعمائة وخمس وأربعون ميلادية في محلة رأس الكور وهي إحدى محلات المدينة القديمة، وفيها يقع أول جامع بناه العرب المسلمين عند فتحهم لها سنة (16هـ/637م) والذي عرف باسم الجامع الأموي وبالقرب منها تقع منطقة تل قليعات التاريخية القديمة([1]).

ومنذ طفولته وكبقية أطفال المدينة دخل الكُتّاب وهو يافع لتعلم وحفظ بعض سور القرآن الكريم وآياته على يد الملا إسماعيل في مسجد عبد الله المكي فضلاً عن تلقيه بعض العلوم والمعارف البسيطة. وعند بلوغه سن السادسة من عمره دخل مدرسة أبي تمام الابتدائية، وبعد اكماله التعليم الابتدائي انتقل إلى (المتوسطة المركزية) واتم دراسته الثانوية في (الاعدادية الشرقية) وهي من أعرق المدارس الثانوية بالمدينة. وتتلمذ على يد خيرة الأستاذة المعروفين بالموصل آنذاك منهم عمر الطالب وشاكر النعمة وغانم حمودات وعبد الرزاق الشماع وهاشم سليم الطالب وغيرهم. وهكذا أتم تعليمه الثانوي في مدينة الموصل سنة 1963([2]).

 

ب- سيرته العلمية والأكاديمية:

بعد إكماله للدراسة الثانوية في الموصل، انتقل إلى العاصمة بغداد لمواصلة دراسته في جامعة بغداد حيث كانت الدراسة في الموصل إلى الثانوية من يرغب بعدها بمواصلة تعليمه عليه الانتقال إلى العاصمة حيث يتوافد إلى جامعاتها طلبة العراق فالتحق بكلية التربية عام 1964م في قسم التاريخ وكانت كلية التربية وتخرج بدرجة الشرف([3]) وبعد تخرجه من الكلية عاد إلى الموصل لينخرط في سلك التعليم الثانوي فكان أول تعيين له في 16 آذار 1969. وبعد أربع سنوات قضاها في التعليم الثانوي بمتوسطة فتح للبنين (ثانوية الشورة حالياً)، بناحية الشورة التابعة لمدينة الموصل، تقدم للدراسات العليا في جامعة بغداد كلية الآداب من 1972-1973 وحصل على شهادة الماجستير سنة 1975 عن رسالته الموسومة ((ولاية الموصل: دراسة في تطوراتها السياسة 1908-1922)) وبإشراف الأستاذ الدكتور عبد القادر احمد اليوسف([4])، نقل بعدها إلى جامعة الموصل ليمارس التدريس في كلية الآداب قسم التاريخ في 15 أيلول 1975([5]). وكلّف بمهام مقررية القسم، ثم أكمل دراسته للدكتوراه سنة 1979 من جامعة بغداد كلية الآداب أيضاً وتقدم باطروحته الموسومة ((تطور السياسة التعليمية في العراق 1914-1932)) بإشراف الأستاذ الدكتور فاضل حسين ([6])، عاد بعدها إلى جامعة الموصل وانتقل إلى كلية التربية قسم التاريخ ليعين رئيساً لقسم العلوم الاجتماعية ثم رئيساً لقسم التاريخ ولمدة تقارب خمسة عشر سنة للفترة الممتدة من 1980-1995 وخلالها حصل على لقب الأستاذية في 17 تشرين الأول 1991م([7]).

وخلال السنوات التي قضاها في التعليم العالي بجامعة الموصل تولى مهام تدريسية وإدارية ابتدأت بمقررية قسم التاريخ في كلية الآداب عام 1970 ثم رئيساً لقسم التاريخ في كلية التربية كما ذكرنا للأعوام 1980-1995 ثم تولى إدارة مركز الدراسات التركية (الأقليمية حالياً) بجامعة الموصل وكان من مؤسسيه الأوائل للفترة الأولى من (1986-1988) والثانية (1995-2013) والثالثة (2007-2013) حيث قام بتحديثه وتطويره وتوسيع اهتماماته البحثية بحيث تناولت دول جوار العراق وبعضاً من دول الشرق الأوسط فضلاً عن جمهوريات القفقاس وجمهوريات آسيا الوسطى([8]).

اختير بين سنتي 1995 و1997 ممثلاً للأساتذة في مجلس جامعة الموصل وكانت له إسهاماته وبصماته في تطوير مسيرة جامعة الموصل، وعمل عضواً في هيئة تحرير مجلة (الجامعة)، وكما تولى رئاسة تحرير مجلة (أوراق تركية معاصرة) والتي أصدرها مركز الدراسات التركية فضلاً عن عضويته في تحرير مجلات أخرى منها (أوراق موصلية) التي يصدرها مركز دراسات الموصل، ومجلة (آداب الرافدين) والتي تصدرها كلية الآداب ومجلة (التربية والعلم) التي تصدرها كلية التربية، وعمل عضواً في هيئة تحرير موسوعة الموصل الحضارية التي صدرت عام 1992 حيث كتب فيها سبعة بحوث تناولت أوضاع الموصل الفكرية والسياسية والاجتماعية الحديثة والمعاصرة([9]).

وأسهم في عمل عدد من اللجان العلمية داخل الجامعة منها لجنة الدراسات العليا، ولجنة الترقيات العلمية، ولجنة التأليف والترجمة، ولجنة اختبار التدريسيين للتعيين بالجامعة. كما ساهم في تحرير عدد من الموسوعات العربية منها الموسوعة الصحفية العربية، وموسوعة التربية الإسلامية التابعة لمؤسسة آل البيت في المملكة الأردنية الهاشمية، وشارك في مقررات ومؤتمرات علمية عدة وحصل على عدة جوائز تكريمية وشهادات تقديرية لجهوده الطيبة والمستمرة في النشر العلمي بالمجال التاريخي([10]).

أما في مجال الإشراف على الأطاريح والرسائل الجامعية، فخلال مسيرته العلمية التاريخية أشرف على قرابة (50) خمسين أطروحة دكتوراه ورسالة ماجستير ومنها رسالة وأطروحة كاتب هذه الأسطر. وكما ساهم في مناقشة العديد من الرسائل والأطاريح الأكاديمية التاريخية في التاريخ الحديث والمعاصر في معظم أقسام التاريخ في الجامعات العراقية، كما كان له إسهامات في التأليف والنشر للعديد من الكتب والمؤلفات التي تناولت أوضاع الموصل المحلية وأحداث العراق والوطن العربي والقضايا الاقليمية الحديثة والمعاصرة وصلت إلى قرابة (45) خمسة وأربعون كتاباً أحصى الباحث تسعة منها اهتمت بتاريخ الموصل وأحداثها وتطوراتها منها (نشأة الصحافة العربية في الموصل) 1981، و(نشأة الصحافة في الموصل وتطورها 1885-1980)، و(محافظة نينوى بين الماضي والحاضر) 1987 مشترك؛ (شخصيات موصلية) 2008، (تاريخ الموصل الحديث) 2007؛ (أوراق تاريخية موصلية) 2006؛ (تاريخ العراق الثقافي المعاصر) 2009، و(مباحث في تاريخ الموصل)، و(50 عاماً من تاريخ جامعة الموصل).

أما البحوث والدراسات فكانت له إسهاماته العلمية الجادة في هذا المجال فكتب بحدود (200) بحثاً ودراسة منشورة في مجلات علمية وثقافية موصلية وعراقية وعربية فضلاً عن ما يزيد عن (750) مقالة صحفية متنوعة بين التاريخ المحلي والثقافي والسياسي وقد ساهم بأنشطة علمية قرابة (100) ندوة ومؤتمر علمي محلي وعراقي وعربي([11]).

وشغل عضوية العديد من اللجان الاستشارية في مدينة الموصل منها عضويته للجنة الاستشارية لبيت الحكمة في نينوى، وعضوية اللجنة الاستشارية للثقافة والفنون بالموصل. وانتخب رئيساً لجمعية المؤرخين والآثاريين في نينوى، ونال عضوية اتحاد المؤرخين العرب ونقابة المعلمين واتحاد الأدباء والكتاب في العراق([12])، وهو الأن رئيس (اتحاد كتاب الأنترنيت العراقيين) الذي يضم أكثر من (520) عضواً.

 

اتجاهاته الثقافية والسياسية:

1- الاتجاهات الثقافية:

يعد المؤرخ الدكتور ابراهيم خليل العلاف أحد أصحاب النظرة الشمولية في كتابة الأحداث التاريخية فهو ملتزم بالمنهج العلمي للتاريخ وقد كرس جانباً من اهتماماته لمدينته ووطنه الكبير، فضلاً عن الجوار الإقليمي، كما يؤكد على أن منهجه منفتح وغير مقتصر على مكان واتجاه واحد([13])؛ فهو من المؤرخين المعاصرين المؤمنين بأن البشرية متساوية وعلى المؤرخ أن يدون أحداثها بشكل علمي متجرد من الأهواء والنظرة المسبقة، مستقرئاً الأحداث وصولاً إلى الرأي والنظرية المستنبطة من واقعها. وكان يؤكد على المستوى المحلي وأن ابناء مدينة الموصل يقع على كاهلهم ومسؤولياتهم تدوين أحداثها وتاريخها وتأطيرها بأسلوب علمي أدبي أكاديمي للحفاظ على تاريخها الحضاري العريق.

ومن خلال متابعتي لكتابات وإسهامات مؤرخنا الجليل، وجدته يتميز بخصائص عدة تمثلت بالجدية فهو في نشاط دائم وحيوية عالية وثابة في تدوين تاريخ مدينة الموصل وكان صادقاً في التوصل إلى الاستنتاجات من خلال كتاباته التاريخية أو محاضراته الأكاديمية وإن كانت قاسية أحياناً، فهو دقيق الملاحظة وواسع الاطلاع فقد خبرته الحياة واستفاد من نشأته فتميز بصراحته المعهودة في نقده وتفسيره للعديد من الأحداث والمتغيرات والعادات والتقاليد، وصفه آخرون أنه عاشقاً للحرية الفكرية البعيدة عن التطرف والشوفينية والتعصب القومي والديني مؤمناً بفكرة ضرورة تحقيق العدالة في المجتمع والتقدم بالبلد ليرقى إلى قمة الحضارة الإنسانية وبخاصة وأن بلدنا العزيز يمتلك إرثاً حضارياً يمتد لآلاف السنين فهو بلد الحضارات المتعاقبة منذ القدم وحلقة الوصل بين الثقافات القديمة كاليونانية والفارسية حيث كانت بغداد وبخاصة في العصر العباسي عاصمة الثقافة العربية وملتقى الحضارات والثقافات والعلوم العالمية([14]).

2- التوجهات السياسية:

أما توجهاته السياسية فكان منذ شبابه يؤمن بالقيم الإنسانية وتحقيق العدالة بين أبناء المجتمع بعيداً عن الطائفية والعنصرية والشوفينية وكان يؤمن بأن لأمتنا العربية تأثيرها في المجال الإنسانية والعالمي وأن العراق حاضنة هذه الأمة وهو امتداد لها وجزء فاعل فيها، وكان يؤمن بضرورة الحفاظ على القيم والمعتقدات الدينية بعيدة عن التأثيرات السياسية فلرجل الدين مكانة متميزة في المجتمع من خلال التوجيه والتثقيف والإرشاد ونشر مبادئ القيم السمحاء التي جاءت بها الشريعة بعيداً عن التحزب والتخندق والانحياز، وما يتعلق بالإسلام يجب الحفاظ على نقائه وسموه ومبادئه وسماحته بعيداً عن الغلو والتطرف والطائفية وهذا ما يجب على رجل الدين أن يفعله ويمارسه في حياته اليومية بعيداً عن تلك التأثيرات التي أشرنا إليها([15]).

فمنذ شبابه تشرب بالأفكار القومية العربية فتأثر بها بشكل كبير وبخاصة في فترة الخمسينات والستينات وظهور الجمهورية العربية المتحدة في مصر وقائدها جمال عبد الناصر والتي كانت أفكاره القومية قد انتشرت في معظم أرجاء الوطن العربي فتأثر مؤرخنا الجليل بتلك الأفكار الناصريةحيث كانت تلقى رواجاً كبيراً بين شباب الموصل ولهذا تعرض في سنة 1969 إلى الاعتقال من قبل سلطات الأمن وأودع في التوقيف في مركز (باب الشط) وكان اعتقاله في الطابق السفلي من مركز الشرطة وقد أخبرني المرحوم الأستاذ الدكتور غانم الحفو إنه زاره في التوقيف([16])، وقد علمت من مؤرخنا الجليل أنه سُّفر إلى بغداد للتحقيق معه ثم أطلق سراحه وعاد إلى مدينة الموصل وهذا الحادث لم يعلم به إلا المقربين جداً من الدكتور العلاف وينشر لأول مرة وبقي الدكتور مؤمنا بتلك الأفكار القومية واستمر بالعمل بنهجها وكان من أسباب اعتقاله اتهامه بأنه كان عضواً في (الحركة الاشتراكية العربية) قبل أنقلاب 17 تموز 1968 وعندما كان طالباً في كلية التربية جامعة بغداد([17]).

نظرته إلى التدوين التاريخي وموقفه من المدرسة التاريخية العراقية:

التاريخ وكما نعلم موضوع حي ومؤثر وقد اختلفت الآراء والتوجهات حول مفهومه وأسلوب كتابته وتفسيره، وهو كأزمنة وأمكنة متفاعل مع الإنسان وذو علاقة مباشرة بالتطورات السياسية والاقتصادية والاتجاهات الفكرية السائدة في المجتمعات.

وفي بلاد الرافدين كان الاهتمام بالتدوين التاريخي منذ العصور التاريخية القديمة فامتد التواصل الحضاري الإنساني عبر العصور المختلفة فامتلك المؤرخون العراقيون ناصية التاريخ والتدوين التاريخي منذ فجر الحضارة الإنسانية فعرفوا التدوين التاريخي والتفسير الديني والأخلاقي والحضاري والجغرافي والتفسير المعتمد على نظرية البطل والنخبة.

وقد اختلفت الآراء حول مفهوم واسلوب كتابة وتفسير التاريخ، وبخاصة خلال الحقبة المعاصرة من تاريخ العراق بعد الحرب العالمية الاولى حيث كتب باتجاهات عديدة منها الاتجاه الاستعماري والمتمثل بكتابات المحتلين البريطانيين ومنهم ستيفن همسلي لونكريك وأرنولد ولسن و هالدين والمس بيل وغيرهم من الكُتاب الذين كتبوا من وجهة نظرهم ومفادها أن العراقيين عبارة عن كتل وجماعات متنافرة وغير مؤهلين لإقامة دولة لهم. أما الأسلوب الثاني فتمثل بما قدمه المؤرخون العراقيون الأوائل منهم عباس العزاوي وعبد الرزاق الحسني ومحمد طاهر العمري ورؤوف الغلامي واحمد الصوفي وعلي آل بازركان واحمد عزت الأعظمي وغيرهم وهؤلاء مثلوا المنهج الوطني وقد تصدوا لما كتبه البريطانيون عن العراق وأكدوا على حضارة وعراقة البلد وقيمه الأصيلة وحركاته الوطنية الساعية إلى تحريره وبناءه والنهوض به([18]).

أما الاتجاه الآخر فهو ما مثله المبعوثون إلى أوربا لتلقي العلوم والمعارف والمختصين بالتاريخ والذين عادوا إلى الوطن ودرّسوا في الكليات والمعاهد العراقية وتحملوا عبأ كتابة تاريخهم وفق المنهج التاريخي العلمي المتبع ومن أبرزهم الدكتور زكي صالح وعبد العزيز الدوري وصالح احمد العلي وجواد علي وناجي معروف وغيرهم وهؤلاء الذين مثلوا الجيل الأول من المؤرخين العراقيين وتصدوا إلى تلك الكتابات التي مثلت التوجه الاستعماري أما طلبتهم ومن تخرج على أيديهم من طلبة الدراسات العليا في التاريخ الحديث فمثلوا الجيل الثاني من المؤرخين الأكاديميين منهم مؤرخنا الجليل وعدد من الأساتذة الأفاضل الدكاترة عماد أحمد عبد الصاحب الجواهري ونوري عبد الحميد العاني ومحمد مظفر الأدهمي وعماد عبد السلام رؤوف وخليل علي مراد وعلي شاكر علي وغيرهم من الأعلام الأجلاء وأما الجيل الثالث فهم خريجو هؤلاء الأعلام وهم من يقودوا التعليم والتدوين في الجامعات العراقية الآن([19]).

يرى الدكتور إبراهيم العلاف أن المدرسة التاريخية العراقية التي تبناها تمتد بأصولها إلى بدايات الكتابات بالتدوين التاريخي في العصور القديمة وصولاً إلى الفترة الإسلامية([20]) حيث يعتقد أن معظم المؤرخين العراقيين في أصول كتاباتهم التاريخية تبنوا مبدأ الرأي المعتمد على العقل وامتازوا بدقة الملاحظة وسعة الاطلاع والجدية في تناول الحدث التاريخي والصرامة في نقل الخبر والإيمان بفكرة العدالة والتقدم من خلال متابعتهم وصدقهم وتمحيصهم للخبر ودقة ملاحظتهم، وكانت حضارتنا حلقة اتصال مع الثقافات الأخرى كاليونانية والفارسية، فهي جسر للتواصل الحضاري الإنساني امتد منذ العصور التاريخية القديمة. وامتد نتاج المدونين العراقيين إلى العصور الإسلامية والذين عرفوا بتفاسيرهم المتعددة للتدوين التاريخي منها التفسير الحضاري والديني والتاريخي والجغرافي واعتمد غالبيتهم على نظرية النخبة والبطل التاريخي([21]).

ويضيف مؤرخنا الجليل الدكتور العلاف بأن التاريخ كأزمنة وأمكنة متفاعلة مع الإنسان فهو مرتبط مباشرة بأمرين مهمين هما التطورات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وكذلك بالاتجاهات الفكرية السائدة وخاصة عند كتابة تاريخنا الحديث والمعاصر، فالمؤرخ الأكاديمي لابد له من الاعتماد على المنهج العلمي في كتابة الأحداث التاريخية وتدوينها وهذا ما أطلق عليه بالمنهج التاريخي ثم يعتقد ان خلاصة المؤرخ العراقي تتمثل بأنه مؤرخ وطني وقومي وإنساني وغير شوفيني يؤمن بالمساواة والعدالة بين البشر، فهو يغوص في عمق الأحداث ليستخرج منها الراي والنظرية والقاعدة لا أن يضع القاعدة ثم يأتي بالأحداث ويصوغها لدعمها. ومن هنا فالدكتور العلاف يلخص مقولته بأن المدرسة التاريخية العراقية أصيلة، وعريقة، وعلمية ولها امتداداتها ويدعو إلى تعميقها وتأصيلها([22]).

الدعوة إلى الاهتمام بتاريخ الموصل وحضارتها:

بدأت دعوته إلى الاهتمام بتراث وتاريخ مدينة الموصل والعناية بشخصياتها التاريخية والتي تركت أثراً كبيراً على الأصعدة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية على مستوى العراق أو على المستوى المحلي للمدينة وكذلك على الأسر الموصلية التي كان لها تأثير ومكانة داخل المدينة وخارجها([23])، منذ أن عرفته تدريسياً في كلية الآداب بقسم التاريخ عام 1975 إذ من خلال المحاضرات التي كان يلقيها على طلبته في المواد المنهجية التي كلف بتدريسها في تخصصه بالتاريخ الحديث كمادة الوطن العربي الحديث والمعاصر، ومادة التاريخ العثماني في الدراسات الأولية، ففي نهاية كل محاضرة وأثناء النقاش مع طلبته يطرح عدة موضوعات للحوار منها، موضوع الاهتمام بالتاريخ المحلي لمدينة الموصل ويؤكد على الطلبة وخاصة المتفوقين منهم بضرورة الاهتمام الجاد بهذا الجانب([24])، لأن ابناء المدينة هم أولى بالعناية بتاريخها وحضارتها وعليهم أن يعملوا بكل جدية على توثيق أحداثها ورصدها بشكل علمي من خلال الكتابات التاريخية أو المقالات العلمية أو طرحها على مستوى الإعلام وذلك في اللقاءات الثقافية والندوات والمحاضرات العامة، وكذلك إيلائها الاهتمام الخاص من قبل الباحثين والمختصين وكان يدعو طلبته إلى ضرورة مواصلة الدراسة الجامعية والتهيؤ للدراسات العليا بعد إنهاء الدراسة الأولية.

وكان الدكتور العلاف يدعو المختصين في الدراسات العليا أن يولوا اهتمامهم الجاد بدراسة تاريخ الموصل الحضاري منذ القدم حيث نشأت في الموصل حضارة آشور وهي أعرق الحضارات التي شهدتها البشرية والتي كانت امتداداً لحضارة أكد وآشور وتزامنت مع حضارة بابل والحضارة الفرعونية في مصر واستمرار دراسة تاريخها في فترة قبل الإسلام من خلال امتدادها الحضاري مع الجزيرة الفراتية وخاصة ما قدمته "مدينة الحضر" من معطيات حضارية أصيلة، ثم دراسة تاريخها في الفترات الإسلامية وبعد حركة الفتوحات الإسلامية ودخول الفاتحين العرب لها منذ عام 16هـ/637م وامتدادها الزمني خلال الفترة الاموية والعباسية ثم الفترة المظلمة فالسيطرة العثمانية وما شهدته المدينة من أحداث في فترة الصراع العثماني-الصفوي في القرن السادس عشر وتأثيره على الحياة العامة للسكان وما عانته أثناء حصار نادرشاه لها سنة 1743م ومقاومتها وتصديها له، والمعاناة من السيطرة العثمانية كونها إحدى الولايات الثلاث في العراق التابعة للدولة العثمانية منذُ سنة 1516م وكان يتطرق دائماً في محاضراته إلى مكانتها الاقتصادية كونها تقع في شمال العراق وهي المدينة العراقية الأقرب إلى العاصمة العثمانية الاستانة ثم اسطنبول ودورها الاقتصادي والتجاري من خلال انتاجها للمواد الزراعية الأساسية وللتبادلات التجارية بينها وبين مدن وسط وجنوب العراق من جهة وبينها وبين مدن الدويلات المجاورة من جهة أخرى([25])، ويستمر بحديثه عن تاريخها إلى قيام الحرب العالمية الأولى وخسارة الدولة العثمانية للحرب وبداية الاحتلال البريطاني للعراق وخضوعه للسيطرة البريطانية بعد إنهاء ما سمي "بمشكلة الموصل" مع تركيا، فكانت كما أطلق عليها الملك فيصل الاول (رأس العراق) لمكانتها الاقتصادية الفاعلة والثقافية المؤثرة، وكان يركز على دورها بثورة العشرين التحررية كونها حركة وطنية للعراقيين من شماله إلى جنوبه وقيام الحكم الوطني بالعراق عام 1921 والمجيء بالأمير فيصل بن الحسين وتتويجه ملكاً على العراق واستمرار الحكم لغاية عام 1958 وقيام ثورة 14 تموز وإعلان الجمهورية العراقية وما شهده العراق من متغيرات سياسية واجتماعية واقتصادية وثقافية وفي كافة المجالات وكانت الموصل كباقي مدن العراق تتشارك بتلك الأحداث والمتغيرات من خلال عطاء أبنائها وتضحياتهم للحفاظ على البلد ومنجزاته الحضارية وكان يؤكد من خلال محاضراته على ضرورة التفاني والتضحية للجميع للحفاظ على المنجزات المتحققة والنهوض ببلدهم، هكذا كان يغرس القيم الأصيلة بين أبناءه الطلبة ويؤكد على دورهم الإيجابي بالبناء الحضاري هكذا عرفنا الدكتور إبراهيم العلاف مؤرخاً ومربياً يدعوا إلى وحدة بلده والنهوض به من خلال عطاء أبناءه وترسيخ حضارته التي تمتد عبر آلاف السنين([26]). والجدير بالذكر أن معظم المحاضرات التي كان يلقيها استاذنا الدكتور ابراهيم العلاف على طلبته سواء في الدراسات الأولية أم العليا كان يطعمها باللهجة الموصلية المحلية والتي لها نكهتها الموصلية وكذا الحال في مناقشته للرسائل الجامعية والبرامج التي يقدمها على القنوات الفضائية والمحلية والتي غلبت عليها اللهجة الموصلية.

المؤلفات والبحوث والمقالات والحلقات النقاشية العلمية:

من خلال إطلاعنا على الكم الغزير والثر من المؤلفات والكتب والبحوث والمقالات التي انجزها الدكتور العلاف، لاحظنا أنه كان شمولياً في كتاباته التاريخية فهو لم يقتصر على الجانب السياسي فقط، بل كان يربطه بالجوانب الاجتماعية والاقتصادية والثقافية. وكان يركز على (التاريخ المحلي) وخاصة لمدينة الموصل وأطرافها ويؤكد على دور الأسر والشخصيات في صنع حركة التاريخ. وكانت منهجيته في الكتابة التاريخية تقوم على أساس واضح قائم على (أن المؤرخ ينبغي أن يكون طرفاً نشيطاً في العملية التاريخية) من خلال اعتماده الوثائق والمصادر الرصينة والمقابلات في كتاباته مع ضرورة المحافظة على مبدأ إعادة تشكيل الحدث التاريخي وكما حدث مراعياً التسلسل الزمني في تناوله للأحداث والتطورات التاريخية وصولاً إلى النتائج المتوخاة، فالمؤرخ بنظره صاحب رسالة وهدفه الوصول إلى إظهار الحقيقة([27]).

ويقف الدكتور العلاف أمام إشكالية مهمة لدى المؤرخين في العراق تتمثل بأن الإنسان في هذا البلد عبر تاريخه الحضاري لا يؤمن بقيمة تراكم الخبرة التاريخية ويحاول دائماً البدء من الصفر ولهذا يقول بأن البنيان السياسي الاقتصادي والاجتماعي والفكري يشوبه النقصان وعدم الاكتمال وخاصة في التاريخ الحديث حيث أن معظم القادة والزعماء في العراق لاسيما بعد قيام الحكم الوطني وظهور الدولة العراقية الحديثة لا يحظون بالأهتمام بعد خروجهم من السلطة ويعمل من يأتي بعدهم لطمس آثارهم وإزالة منجزاتهم بل أحياناً شن الحرب عليهم. ويعزو ذلك الأمر إلى عدة أسباب منها سايكولوجية ومناخية واجتماعية يتعلق بفساد أولئك الحكام أو تراكم أخطائهم وخطيئاتهم بحق الشعب العراقي والرغبة بالتسلط والانفراد بالحكم من خلال الحد من الحرية في التعبير عن الآراء والأفكار وتكبيلها بالقيود والتشريعات والقوانين الصارمة، فالإنسان العراقي ومنذ القدم كان يخاف من قادته وحكامه لهذا ما أن يتيسر له فرصة التخلص منهم إلا ويبدأ بهدم آثارهم والتخلص منهم بعكس الإنسان المصري الذي له موقف آخر من السلطة فهو يحترم قادته ويحافظ على آثارهم واستمر هذا إلى قيام ما سمي بحركات الربيع العربي([28]). ويعتقد الدكتور العلاف أن المؤرخ في المنطقة العربية يواجه مشكلة معقدة في الكتابة التاريخية ففي مجال التاريخ الحديث تتعلق بالايدولوجية أما في التاريخ الإسلامي فتتمثل في الارتباط بالمقدسات والمعتقدات الدينية فهي تعيق المؤرخ في كثير من الأحيان عن أداء دوره الريادي في عملية التدوين والتوثيق والتفسير، ولذلك على المؤرخين أن ينأؤا بأنفسهم عن الحكام وأن يعملوا من أجل تخليص التاريخ من قيود الحكام وهنا لابد من تأشير حقيقة مهمة ألا وهي جسامة المسؤولية التي يضطلع بها المؤرخ الموضوعي النزيه الملتزم بقواعد المنهج التاريخي المعتمد على إظهار الحقائق والوثائق والوقائع بالعلم لا بالعاطفة([29]). ومن هنا فإن الدكتور العلاف يدعو إلى الدور الإيجابي للتاريخ والمؤرخين، فهو يعده مادة للتفاهم بين البشر ووسيلة للتعاون والالتقاء على البر والتقوى ومن الممكن أن يجتمع المؤرخون من أقطار عدة ومشارب مختلفة ليتوصلوا إلى قواسم مشتركة عند كتابتهم وتدوينهم للأحداث التاريخية المشتركة والمثيرة للنزاعات والجدل وخاصة في وطننا العربي ويستشهد بما قام به المؤرخين الأوربيين من اجتماعهم في باريس بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية واتفاقهم على إزالة كل من شأنه تعميق حالات العداء والنزاع والخصام في أوربا من خلال تأكيدهم والتزامهم بالأسس والثوابت المشتركة والتي أفرزت بعد مدة من التقائهم وتوحدهم من إقامة الاتحاد الأوربي وإعلان دستورهم الأوربي فانتقلوا من حالة الفرقة والعداء إلى الوحدة والوئام([30]).

أما على صعيد التأليف فقد كان غزيراً في الإنتاج وفيراً بالمادة العلمية التاريخية فيه ألف أكثر من أربعين كتاباً بين منفرد بالتأليف أو مشتركاً مع عدد من المؤرخين الأجلاء من زملاءه وقمت بإحصاء الكتب التي تناول فيها تاريخ مدينة الموصل أو بحديث عنها وعن أنشطتها المتعددة بشكل منفرد أو بجزء من الموضوع من خلال مؤلفاته فوجدت تسعة تتعلق بالموصل نذكرها مع سنة الطبع منها نشأة الصحافة العربية في الموصل 1981، وتطور التعليم الوطني في العراق 1982، تاريخ الوطن العربي في العهد العثماني (1516-1916) 1983، نشأة الصحافة في الموصل وتطورها (1885-1985)، محافظة نينوى بين الماضي والحاضر 1987 وهو كتاب مشترك بالتأليف، أوراق تاريخية موصلية 2006، تاريخ الموصل الحديث 2007، تاريخ العراق الثقافي المعاصر 2009([31]).

ولم تقتصر مؤلفاته عن الموصل في الكتب التي أصدرها بل كان للبحوث والدراسات الأكاديمية التي نشرها حيزاً مهماً منها لمدينة الموصل فقد زاد عدد بحوثه المنشورة عن (المائتي بحث ودراسة) نشرت في مجلات علمية محلية وعراقية وعربية مختلفة تناول فيها الأوضاع الصحية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية فضلاً عن دور الحركات والأحزاب السياسية في مدينة الموصل عبر تاريخها الحديث([32]). ومن هذه البحوث والدراسات على سبيل المثال بحثه الموسوم "أثر الصحافة في تنامي الوعي القومي العربي في الموصل" والذي نشره في مجلة بين النهرين وهي مجلة فصلية حضارية تراثية في عددها الثاني عشر والمطبوع سنة 1975([33])، وتحدث في بحثه عن "أوضاع ولاية الموصل الاقتصادية خلال فترة السيطرة العثمانية ومكانة الموصل الاقتصادية المتميزة وتطور حركتها التجارية([34]).

وكان للمقالات الصحفية التي نشرها الدكتور العلاف في الصحف العراقية المختلفة بالرغم من توجهاتها السياسية أنذاك ومنها (الجمهورية) و(الثورة) و(العراق) البغدادية و(الحدباء) الموصلية والتي يزيد عن (خمسمائة مقال) حيز كبير لمدينة الموصل ومن تلك المقالات والأعمدة منها على سبيل المثال ما كتبه في صفحة أوراق تاريخية موصلية في جريدة الحدباء، والتي تناولت موضوعات عدة تاريخية واجتماعية وثقافية منها مقالة عن نادي الموصل الرياضي 1957 والذي تناول فيه النادي وتأسيسه ودوره في دعم الحركة الرياضية في الموصل([35]).

فضلاً عن تناوله التاريخ وأحداث الموصل من خلال مساهماته وحضوره للندوات والمؤتمرات العلمية داخل العراق وخارجه فقد حضر قرابة المائة ندوة ومؤتمر. ففي ندوة دور الموصليين في مواجهة التحديات الاجنبية التي عقدها مركز دراسات الموصل في 15 آب عام 1995 كان الدكتور ابراهيم العلاف عضو اللجنة التحضيرية والتي ترأسها السيد رئيس جامعة الموصل وإشرافه على محور التاريخ الحديث والمعاصر([36]). كذلك مساهمته في الندوة العلمية الحادية عشر التي اقامها لمركز دراسات الموصل بمناسبة الذكرى الأربعين لثورة الموصل وذلك في التاسع من آذار 1999 في بحثه الموسوم "أثر العوامل العربية والأجنبية في قيام الثورة"([37]) وشارك في الندوة العلمية الثالثة عشر لمركز دراسات الموصل "الأسواق في الموصل" والمقامة تحت شعار "أسواق الموصل" ينهل من خصوصيات الموصل بوصفها ملتقى تجارات العالم القديم، والمقامة على قاعة حمورابي في المكتبة المركزية بتاريخ 17/10/1999 ببحثه الموسوم "علوة سوق الحنطة القديم والجديد وجمعية العلافين"([38]).

أما عن دوره في الحلقات النقاشية والتي كانت تعقد داخل قسم التاريخ بطلبة التربية لمناقشة بحوث السادة التدريسيين في القسم ومشاريع طلبة الدراسات العليا أو عند استضافة بعض التدريسيين والمختصين من خارج الجامعة كان الدكتور العلاف دؤوباً في عقد تلك الحلقات لاعتقاده أن تلك الحلقات النقاشية هي إحدى الوسائل المهمة لتطوير التدريسيين في القسم، فكانت الحلقات الثقافية تعقد كل خميس خارج القسم وفي المركز الثقافي والاجتماعي التابع لجامعة الموصل عصراً وبحضور التدريسيين أعضاء القسم أو من يتم استضافتهم إلى تلك الحلقات النقاشية. وكانت تناقش موضوعات عدة منها تطورات وأحداث الموصل عبر التاريخ ودور التدريسيين والقسم في هذا المجال وكيفية الإسهام بالحفاظ على المعطيات الحضارية للمدينة ودور القسم في دعم المؤسسات العلمية والثقافية والآثارية في هذا المجال وتم استضافة عدد من الاختصاصيين والآثاريين والخطاطين في الموصل إلى تلك الحلقات النقاشية للاستئناس بآرائهم وأفكارهم ومقترحاتهم وبعد الانتهاء من تلك الحلقات النقاشية فإن الدكتور العلاف يدعو الحضور جميعاً إلى جلسة عشاء بالمركز الثقافي لزيادة أواصر الروابط الاجتماعية والثقافية بين التدريسيين والضيوف([39]).

مساهمته بالأنشطة الرسمية والمراكز العلمية التي تخص مدينة الموصل:

كانت لمساهماته العلمية دور كبير في تشجيع المختصين والباحثين في الكتابة عن تاريخ الموصل وتطوراتها من خلال عمله في هيئات تحرير عدد من المجلات الأكاديمية العلمية في جامعة الموصل منها عضويته في تحرير مجلة (الجامعة) والتي تصدرها رئاسة جامعة الموصل آنذاك منذ السبعينات من القرن الماضي فقد أشرف على البحوث والدراسات التي تخص التاريخ الحديث وتاريخ مدينة الموصل وتابع نشاطاتها وخاصة ما يتعلق بفعاليات الجامعة داخل المدينة، فضلاً عن توليه عضوية تحرير العديد من المجلات الأكاديمية التي تصدرها المؤسسات الأكاديمية والكليات والمراكز العلمية التي تهتم أو تختص بتاريخ الموصل منها عضويته في هيئة تحرير مجلة (آداب الرافدين) التي تصدرها عمادة كلية الآداب، وعضويته في هيأة تحرير مجلة (التربية والعلم) التي تصدرها عمادة كلية التربية، وعضويته في هيئة تحرير (أوراق موصلية) التي يصدرها مركز دراسات الموصل وهو أحد مراكز جامعة الموصل المختص بدراسة تاريخ الموصل([40]).

كما ساهم بشكل بكير بأنشطة جامعة الموصل في هذا المجال فعند تأسيس (مركز وثائق الموصل) والذي يسمى اليوم (مركز دراسات الموصل) ويعد هذا المركز ولازال أحدى الواجهات الرسمية للجامعة للتواصل مع المثقفين والمختصين بتاريخ المدينة ومع مؤسساتها الثقافية والحضارية والآثارية كلف الدكتور العلاف من قبل السيد رئيس الجامعة آنذاك الدكتور عبد الإله الخشاب بعضوية الهيئة الإدارية للمركز المذكور لمكانته ودوره المتميز في هذا المجال إضافة لعدد من المختصين بتاريخ وتراث الموصل من الكوادر الجامعية المعروفة واللامعة على مستوى المدينة([41]).

كما كان له دور ريادي في التنسيق مع رواد الموصل من المختصين بالتراث والتاريخ المحلي للموصل ومن وجهاء المدينة من خلال دعمه للروابط التي انشأتها الجامعة كرابطة أصدقاء الجامعة ورابطة أصدقاء المكتبة وأقصد المكتبة المركزية لجامعة الموصل وحضوره لتلك اللقاءات والتجمعات حيث كانت إحدى أساليب العمل الواجهي والنشاط الثقافي والاجتماعي للجامعة مع وجوه وأبناء المدينة من خلال عقد اللقاءات والاجتماعات الاستشارية والندوات العلمية والأمسيات الثقافية.

مشاركته في موسوعة الموصل الحضارية:

شارك الدكتور ابراهيم العلاف بكل فاعلية ونشاط في الأعمال الموسوعية التي تبنتها رئاسة جامعة الموصل في خطوة منها للمساهمة الجادة في توثيق وتدوين تاريخ العراق الحضاري وفق رؤية جديدة لكتابة التاريخ وبما يتلائم وتوجهات المدرسة التاريخية العراقية فكانت باكورة الأعمال مشروع (موسوعة الموصل الحضارية)([42]). وقد تشكلت هيئة تحرير موسوعة الموصل الحضارية من الأستاذ الدكتور هاشم يحيى الملاح رئيساً وعضوية كل من الراحل الاستاذ الدكتور عامر سليمان والأستاذ احمد قاسم الجمعة والأستاذ الدكتور ابراهيم خليل العلاف والدكتور احمد عبد الله الحسو سكرتيراً لها. وقد تفرع عن هيئة التحرير ثلاث لجان متخصصة الأولى تشرف على كتابة تاريخ الموصل الحضاري في العهد القديم برئاسة الاستاذ الدكتور المرحوم عامر سليمان والثانية برئاسة الأستاذ الدكتور هاشم الملاح للإشراف على كتابة تاريخ الموصل الحضاري في الحقبة الإسلامية والثالثة كانت برئاسة الأستاذ الدكتور ابراهيم العلاف للإشراف على كتابة التاريخ الحضاري للموصل في الحقبة الحديثة والمعاصرة. وقد تناول هذا القسم من الموسوعة بالدراسة والتحليل أوضاع الموصل السياسة والحضارية في ظل الحكم العثماني وجهود أبناء الموصل في تأكيد هويتهم المتميزة في مواجهة محاولات طمس معالم شخصيتهم الحضارية الخاصة واستمر بتدوينه لأوضاع الموصل السياسية والحضارية في ظل الحكم الوطني وحتى أواخر الثمانينات من القرن العشرين([43]). ووكانت إسهاماته فيها من خلال كتابته لسبعة بحوث تناولت أوضاع الموصل السياسية والفكرية والاجتماعية المعاصرة نشر منها أربعة بحوث في المجلد الرابع، والذي تناول تاريخ الموصل بين السيطرة العثمانية والاحتلال البريطاني (922-1336هـ/1516-1918م) فكان بحثه الأول الموسوم "الموصل والحركة العربية القومية في مطلع القرن العشرين" تلاه بحثه الثاني تحت عنوان "الحياة الفكرية في الموصل إبان العهد العثماني" ثم تطرق في بحثه الثالث إلى حركة التربية والتعليم وتناول النشر والصحافة في الموصل ببحثه الرابع([44]). وفي المجلد الخامس الذي عالج أحداث الموصل من الاحتلال البريطاني حتى النصف الثاني من القرن العشرين اسهم الدكتور العلاف بثلاث بحوث تحدث في الأول عن الاحتلال البريطاني والمقاومة الموصلية وتطرق في بحثه الثاني إلى صحافة الموصل منذ الاحتلال البريطاني حتى الخمسينات وختم مساهمته ببحثه الأخير والذي عالج فيه التاريخ والمؤرخون الموصليون المعاصرون([45]).

مشاركاته المهنية والإعلامية في مواقع التواصل الاجتماعي:

شارك الدكتور ابراهيم العلاف في العديد من الأنشطة العلمية والثقافية والإعلامية والتي أكدت على ترسيخ القيم والمبادئ لأبناء المدينة الموصل ومثقفيها وتأكيد ولائهم لبلدهم من خلال عقده أو مساهمته للعديد من الأنشطة العلمية والثقافية وفي وتأتي مقدمتها وكانت باكورة أعماله العلمية والثقافية منذ توليه رئاسة قسم التاريخ بكلية التربية عقد ندوة بعنوان (العراق في الثورة) وتحت شعار "صمود العراق في وجه العدوان حصيلة البناء الشامل" للفترة من 14-16 تشرين الأول 1985 وتناولت الندوة صمود ابناء العراق ومنهم أبناء الموصل وتصديهم للعدوان وتحدياته واصرارهم عن الوحدة والبناء الشامل([46]). كذلك إعداده والتحضير لندوة ثورة الموصل والتي عقدت في رحاب الجامعة وعلى قاعة المكتبة المركزية بالجامعة ساهم فيها العديد من المحاضرين والباحثين والسياسيين وممن ساهم بالثورة من أبناء المدينة([47]).

كذلك ساهم في عدداً من الندوات التي استضافتها الجامعة منها ندوة الصحافة الموصلية لمناسبة مرور 111 عاماً على صدور جريدة (موصل) في 25 حزيران 1885 والذي أقامها مركز دراسات الموصل بالتعاون مع جمعية المؤرخين والآثاريين في نينوى ورئيسها آنذاك الأستاذ الدكتور ابراهيم العلاف ونقابة الصحافيين فرع نينوى وذلك في الخامس والعشرين من حزيران 1996 وعلى قاعة المكتبة المركزية بالجامعة وعقدت الندوة تحت شعار الصحافة وثيقة انتصاراتنا المعاصرة([48]).

وعند ترأسه لجمعية المؤرخين والآثاريين فرع نينوى في عقد التسعينات من القرن العشرين شهدت الجمعية نشاطاً متميزاً من خلال إقامة المعارض الشخصية والفنية لمثقفي ومفكري ومؤرخي الموصل فضلاص عن الندوات الثقافية والمحاضرات التاريخية التي كانت تعقد مساء كل خميس وعلى قاعة المتحف الحضاري في الموصل([49]) تم خلالها استضافة العديد من المؤرخين المحليين كالأستاذ المؤرخ الموصلي سعيد الديوه جي والمؤرخ أزهر العبيدي وعدداً كبيراً من الأساتذة الجامعيين الأكاديميين والمختصين في التاريخ طرحوا من خلالها نتاجاتهم وسيرهم العلمية والثقافية ومواقفهم التاريخية من الأحداث المهمة التي شهدتها المدينة عبر تاريخها([50]).

وكان الدكتور إبراهيم العلاف دائم الحضور في المجالس المحلية التي تعقد في البيوتات الموصلية منها اللقاءات والمجالس التي كان يقيمها الدكتور الراحل صديق بك الجليلي وبحضور عدد كبير من شخصيات ومثقفي ووجهاء وأدباء الموصل والتي كانت تطرح فيها الموضوعات المختلفة في التراث والثقافة والفن وحتى الأمور العامة والأوضاع السياسية والاجتماعية للمدينة.

كذلك كان يتابع الجلسات التي تعقد في مكتبة (المكتبة) في منطقة النبي شيت وبحضور صاحبها السياسي والصحافي الراحل الاستاذ عبد الباسط يونس وبحضور عدد كبير من المثقفين والأدباء ومفكري المدينة وتناقش خلالها الأوضاع العامة للمدينة والبلد([51]).

كذلك أخبرني الراحل الأستاذ غربي الحاج احمد السياسي العراقي المعروف (والوزير السابق) أن الدكتور العلاف كان يحضر بعض لقاءاتهم ولديه أفكار وطنية وقومية([52]).

وفي الجلسات الخالدية التي كان يعقدها الشيخ طلال الخالدي في داره الكائنة في حي النور مساء كل جمعة وبحضور نخبة من أساتذة الجامعة ومفكري الموصل وأُدبائها وكانت تلقى فيها محاضرات عن تاريخ الموصل وقد أسهم بتلك المحاضرات واستمرت تلك اللقاءات والتجمعات والندوات المحلية حتى الاحتلال الأمريكي للعراق والسيطرة على مدينة الموصل عام 2003.

أما القنوات التلفازية فللدكتور إبراهيم العلاف نشاط كبير في هذا المجال فمنذ الثمانينات من القرن العشرين استدعي إلى مبنى الإذاعة والتلفزيون في بغداد لإجراء مقابلات تلفزيونية معه تحدث فيها عن مدينة الموصل وتراثها ودور أبنائها في الحفاظ على وحدة البلد. أما قناة الموصل المحلية فكانت تعد برامج تراثية عن الموصل من خلال عقد لقاءات مع عدد من المفكرين والمثقفين واساتذة الجامعات وكان للدكتور العلاف حضور في تلك اللقاءات والبرامج التلفازية([53]).

وبعد الاحتلال الأمريكي للعراق شهد العراق تأسيس العديد من القنوات الفضائية المحلية والعربية منها قناة الشرقية أعقبها افتتاح قناة الغربية وكانت لها برامج عن مدينة الموصل وتراثها ودورها الريادي في العراق وقد ساهم مؤرخنا العلاف في العديد من تلك الحلقات والتي تحدث فيها عن الموصل وتراثها وحضارتها ونشاط أبنائها وإشراقاتها الثقافية. وفي قناة (الموصلية) الفضائية قدم الدكتور العلاف برنامجه التلفزيوني (موصليات) ويبث من يوم السبت إلى يوم الأربعاء الساعة الثامنة مساءً ويعاد الساعة (11) ظهراً ويعرض في اليوم الثاني الساعة (2,50) ظهراً وأصبح للبرنامج شهرة وسمعة طيبة بين أبناء المدينة واحتفل في يوم الجامعة الموافق 12 شباط 2018 بالحلقة (100) من هذا البرنامج التراثي الثر([54]) وبعد سيطرة داعش على مدينة الموصل في 10 حزيران 2014 وخضوعها لسيطرة الظلاميين ومنع استخدام اجهزة الستلايت وقطع الانترنيت (الشبكة العنكبوتية) عن الدور السكنية ومحاسبة من يستخدمها نجد أن هذا الإجراء لم يمنع العلاف من مواصلة نشاطه على تلك الشبكة فكان يذهب إلى المكاتب المجازة وخاصة في منطقة المجموعة الثقافية ويقوم بنشر كتاباته وتعليقاته وتغريداته من خلال المواقع الخاصة به على الفيس بوك واستمر بنشاطه إلى تحرير مدينة الموصل وقد دون في موقعه استاذ متمرس جامعة الموصل متخصص بالتاريخ الحديث والمعاصر ورئيس اتحاد كتاب الانترنيت العراقيين واستاذ متمرس في مركز الدراسات الإقليمية جامعة الموصل([55]).

وقد نشر في موقعه بتاريخ 14/1/2018 عن محاضرته التي ألقاها في كلية التربية المفتوحة وعن تجربته في الكتابات التاريخية المتنوعة، ولجهوده المتميزة في هذا المجال تم تكريمه من قبل الاتحاد العربي للإعلام الالكتروني/فرع العراق في المهرجان السنوي لتكريم المبدعين الذي أقيم في بغداد وعلى قاعة المسرح الوطني في السابع والعشرين من شهر كانون الثاني عام 2018([56]). كما كرمه مركز إحياء التراث العالمي العربي بجامعة بغداد بدرع الإبداع وشهادة تقديرية نظراً لجهوده التي بذلها خلال مسيرته العلمية([57]).

ولابد من الإشارة إلى دوره الأكاديمي في هذا المجال وقيامه بالإشراف على العديد من الرسائل والأطاريح الجامعية والتي تناولت تاريخ الموصل الحديث وكانت باكورة اعماله إشرافه على اطروحة الدكتوراه الموسومة الأصناف والتنظيمات المهنية بالموصل منذ أواخر القرن التاسع عشر حتى عام 1958 وغيرها من الرسائل الأطاريح والتي تجاوزت (50) الخمسين عملاً منجزاً([58]).

الخاتمة

أتضح لنا مما تقدم أن الأستاذ الدكتور ابراهيم خليل العلاف من خلال مسيرته الحياتية والثقافية والعلمية لم يكن إلا الابن البار لمدينته الموصل العريقة في الحضارة والتراث والقيم الإنسانية كونها أحد أهم مدن العراق فتمكن من خلال تلك الأنشطة على صعيد جامعة الموصل ومؤسساتها الأكاديمية والثقافية والاجتماعية والمهنية والاعلامية من أن يقدم صورة رائعة عن تاريخ وحضارة وتراث مدينته ومكانتها الاجتماعية والاقتصادية والثقافية على صعيد البلد والمنطقة ومنذ بدء نشوء الحضارة الإنسانية فيها قبل 3000 عام قبل الميلاد وإلى يومنا هذا، فكان الشمعة المضيئة لهذا التاريخ الزاخر بالعطاء الإنساني والحضاري وتمكن من تحقيق هذه المكانة وبجهود استثنائية قدمها منذ ريعان شبابه واستمر إلى يومنا هذا، وبتألق متواصل وبأفكار وعطاءات متميزة فكان بحق القدوة لأبناء المدينة من أكاديميين ومثقفين ومفكرين وأدباء فاستحق بجدارة هذه الدراسة المتواضعة كونه باحثاً ومؤرخاً شمولياً أرسى بجهوده وعطاءه الأسس الصحيحة لتوثيق حياة ونشاط وتراث وتأصيل أصالة مدينة الموصل الحدباء.

 

 

الهوامش:



* استاذ مساعد، قسم التاريخ، كلية التربية للعلوم الانسانية، جامعة الموصل.

 



([1]) مقابلة مع الدكتور إبراهيم خليل أحمد بتاريخ 13/1/2018.

([2]) العلاف، إبراهيم خليل، موسوعة المؤرخين العراقيين المعاصرين، ج1، دار ابن الأثير للطباعة والنشر، (الموصل، 2011)، ص13.

([3]) قسم الشرف: كان يضم الطلبة الذين يحرزون درجة (جيد جداً) في الصف الثاني من قسم التاريخ وينتظم هؤلاء الطلبة في درس أضافي في الصف الثالث ودرس إضافي في الصف الرابع. وبالنسبة للدكتور إبراهيم خليل العلاف، فقد كان معه ثلاثة طلاب يدرسهم الاستاذ الدكتور زكي صالح مادتين هما (أصول التاريخ) في الصف الثالث و(القضية الفلسطينية) في الصف الرابع. مقابلة شخصية مع الدكتور العلاف بداره في حي النور بالموصل 13/1/2018. ومقابلة مع الدكتور غانم محمد الحفو بتاريخ 2/4/2016.

([4]) لمزيد من المعلومات حول تلك الرسالة ينظر: احمد ابراهيم خليل، ولاية الموصل دراسة في تطوراتها السياسية 1908-1922، رسالة ماجستير قدمت إلى جماعة بغداد، كلية الآداب، 1975. وقد علمت من الدكتور العلاف انه الآن يقوم بطباعتها لغرض نشرها في كتاب.

([5]) العلاف، موسوعة المؤرخين، ج1، ص 14.

([6]) لمزيد من المعلومات ينظر: احمد، ابراهيم خليل، تطور التعليم الوطني في العراق (1869-1932)، منشورات مركز دراسات الخليج العربي بجامعة البصرة (62)، مطبعة جامعة البصرة، (البصرة، 1982)، الأطروحة نوقشت عام 1979 والموسومة (تطور السياسة التعليمية في العراق 1914-1922)، أطروحة دكتوراه قدمت إلى كلية الآداب/جامعة بغداد، 1979.

([7]) العلاف موسوعة المؤرخين، ج1، ص14.

([8]) مقابلة مع الدكتور غانم الحفو بتاريخ 2/4/2016.

([9]) العلاف، موسوعة المؤرخين، ج1، ص 15.

([10]) مقابلة مع الدكتور احمد قاسم الجمعة وكان سكرتيراً لهيئة تحرير موسوعة الموصل الحضارية بتاريخ 16/11/2017.

([11]) تم احصاء عدد الكتب المنشورة والبحوث من قبل الباحث بعد اطلاعه على مؤلفات ونشريات المؤرخ الدكتور ابراهيم خليل العلاف. ولمزيد من المعلومات ينظر: العلاف، موسوعة المؤرخين، ج1، ص ص 16-17؛ الطالب عمر، موسوعة أعلام الموصل في القرن العشرين، جامعة الموصل مركز الدراسات الموصل، (الموصل، 2008)، ص10، والموقع www.ahmadalhasso.com .

([12]) العلاف، موسوعة المؤرخين، ج1، ص15، وللمزيد ينظر:ذنون الطائي، التحفة اللامعة في مؤرخي الجامعة،الفصل الخامس المؤرخ أ. د. إبراهيم خليل العلاف من سيرته ورؤيته التاريخية والتربوية،(الموصل، 2008) ، ص ص 123-147. www.ktabantnetiraq.blogspot.com.

([13]) للمزيد من المعلومات ينظر: العلاف، موسوعة المؤرخين، ج1، ص17.

([14]) مقابلة مع الدكتور نزار محمد قادر بتاريخ 20/10/2016.

([15]) مقابلة مع الدكتور ابراهيم خليل أحمد بتاريخ 17/2/2018.

([16]) مقابلة مع الدكتور غانم الحفو بتاريخ 30/7/2016.

([17]) مقابلة مع الدكتور ابراهيم خليل أحمد بتاريخ 17/2/2018.

([18]) العلاف، ابراهيم خليل احمد، موسوعة المؤرخين العراقيين المعاصرين، ج2، دار ابن الأثير للطباعة والنشر، (الموصل، 2011)، ص 14-15.

([19]) من هؤلاء على سبيل المثال في تخصص التاريخ الحديث د.محمد علي داهش و د.عوني عبد الرحمن ود.صباح أرميض ود.محمد يوسف القريشي وأسامة الدوري وغيرهم العديد من المؤرخين.

([20]) العلاف، أبراهيم خليل أحمد، موسوعة المؤرخين العراقيين المعاصرين، ج2، ص 14-15

([21]) مقابلة مع الدكتور ابراهيم خليل احمد، بتاريخ 17/ 2 / 2018 .

([22]) إبراهيم خليل العلاف، هل ثمة مدرسة تاريخية عراقية؟، موقع ميدل إيست أون لاين،
 
www.middle-eat.com ؛ تم طرح هذا الرأي من قبل الدكتور ابراهيم خليل احمد، اثناء حديثه بتاريخ 22/8/2017 في مناقشة اطروحة طالب الدكتوراه عمر ضياء الدين عند ترأسه لجنة المناقشة.

([23]) مقابلة مع الدكتور ابراهيم احمد بتاريخ 10/ 3 / 2018 .

([24]) محاضرات الدكتور ابراهيم خليل احمد على طلبة الدراسات العليا "الدكتوراه" مقابلة مع الدكتور عمر ضياء الدين أحد طلبة الدكتوراه عام 2013 بتاريخ 1/7/2016.

([25]) مقابلة مع الدكتور إبراهيم خليل أحمد بتاريخ 10/3/2018.

([26]) مقابلة مع الدكتور سعد عبد العزيز مسلط بتاريخ 2/5/2014، وقد تحدث عندما كان أحد طلبة دراسة الماجستير في قسم التاريخ بكلية التربية وعن إحدى المحاضرات التي ألقاها الدكتور ابراهيم خليل بمادة تاريخ العراق الحديث وقتها بتاريخ 15/3/2001. إضافة للمادة العلمية عن تاريخ العراق كان استاذنا يتطرق إلى ضرورة الحفاظ على الأصالة والتضحية من أجل الحفاظ على وحدة البلد وأكد على دور الجميع في بناء الوطن وترسيخ القيم والعادات الأصيلة، فكان يربط بمحاضراته بين المادة العلمية والروح الوطنية للحفاظ على وحدة النسيج الاجتماعي.

([27]) مقابلة مع الدكتور ابراهيم خليل احمد بتاريخ 17/ 3 / 2018.

([28]) العلاف، موسوعة المؤرخين، ج1 ، ص 18.

([29]) مقابلة مع الدكتور ابراهيم خليل احمد بتاريخ 17/ 3 / 2018.

([30]) العلاف، موسوعة المؤرخين، ج1، ص 18-19.

([31]) العلاف، موسوعة المؤرخين، ج1، ص 16-17.

([32]) مقابلة مع الدكتور إبراهيم، خليل أحمد، بتاريخ 10/3/2018.

([33]) احمد ابراهيم خليل، أثر الصحافة في تنامي الوعي القومي العربي في الموصل، مجلة بين النهرين، مجلة فصلية حضارية تراثية، العدد الثاني عشر، السنة الثالثة، 1975، مطرانية الكلدان، مؤسسة دار الكتب للطباعة والنشر، جامعة الموصل، ص 285-290.

([34]) احمد، ابراهيم خليل، أوضاع ولاية الموصل الاقتصادية خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر والعقد الأول من القرن العشرين، مجلة آداب الرافدين، العدد 7، 15 تشرين الأول 1976، تصدر عن كلية الآداب، جامعة الموصل، ص 219-242.

([35]) ابراهيم خليل العلاف، أوراق تاريخية موصلية، مكتبة الفتى، (الموصل، 2006)، جريدة الحدباء، جريدة أسبوعية محلية، 29/12/1992، ص4

([36]) مركز الدراسات الموصل وجمعية المؤرخين والآثاريين فرع نينوى، ندوة (دور الموصليين في مواجهة التحديات والدفاع عن العراق العظيم)، 15 آب 1995، ص ص 32-35، ينظر: كتاب مركز وثائق الموصل المرقم 436 في 20/7/1995 الموجه إلى رئيس جامعة الموصل رئيس اللجنة التحضيرية للندوة.

([37]) مركز دراسات الموصل، ملخصات بحوث ندوة (الذاكرة التاريخية لثورة الموصل القومية 8 آذار 1959)، عقدت الأحد 8/3/1998، ص ص 1-5.

([38]) مركز دراسات الموصل، ملخصات بحوث ندوة (الأسواق في الموصل)، عقدت 17/10/1999،
ص ص 19-24.

([39]) ولما كان الدكتور ابراهيم العلاف رئيس القسم بين 1980-1995 يلزم جميع التدريسيين في القسم بالمساهمة بهذه النشاطات والفعاليات والحرص على حضورها وخاصة الحلقات النقاشية (السيمنارات) للفترة الممتدة من بدايات سنة 1980 ولغاية سنة 1995 فضلاً عن الندوات والمؤتمرات العلمية والفعاليات الثقافية التي يقيمها قسم التاريخ بكلية التربية وكان يقول أن حضور هذه الفعاليات مقدس.

([40]) ينظر كتاب رئاسة جامعة الموصل الأمر الجامعي المرقم 9/83/2667 في 6/4/1993 والذي جاء فيه استناداً إلى أحكام المادة الثانية عشر والبند (2) من المادة (47) من قانون وزارة التعليم العالي والبحث العلمي رقم 40 لسنة 1988 تقرر تشكيل مجلة إدارة مركز وثائق الموصل برئاسة السيد رئيس الجامعة.

([41]) ينظر موسوعة الموصل الحضارة، المجلد الأول، كلمة السيد رئيس الجامعة أ.د.عبد الإله الخشاب، دار الكتب للطباعة والنشر، جامعة الموصل، ط1، (الموصل، 1991)، ص 20.

([42]) ينظر موسوعة الموصل الحضارية، المجلد الرابع، ص 7-8.

([43]) ينظر موسوعة الموصل الحضارية، المجلد الخامس، ص 7-9.

([44]) مقابلة مع الدكتور ابراهيم خليل احمد بتاريخ 24/3/2018   .

([45]) ينظر وقائع ندوة "العراق في الثورة-صمود العراق في وجه العدوان حصيلة البناء الشامل" للفترة من 14-16 تشرين الأول 1985، مطبوع على جهاز الرونيو.

([46]) ينظر: منشورات مركز دراسات الموصل، الصحافة الموصلية ندوة علمية ومعرض وثائقي لمناسبة مرور 111 عاماً على صدور جريدة (موصل) في 25 حزيران 1885 تحت شعار الصحافة وثيقة انتصارنا المعاصرة، مطبوع على جهاز الرونيو.

([47]) كان التدريسيين قسم التاريخ بكلية التربية حريصون على حضور تلك النشاطات الثقافية مع عدد كبير من أعلام ومثقفي مدينة الموصل كجزء نشاطهم في التفاعل بين تدريسيي الجامعة ووجهاء وأدباء المدينة.

([48]) مقابلة مع الدكتور ابراهيم خليل احمد بتاريخ 10/3/2018  .

([49]) في لقاءاتي المتعددة مع الاستاذ غربي الحاج احمد أثناء إعدادي لرسالة الماجستير بين الأعوام 1982-1983 كان المرحوم يحدثني عن نشاطات وتوجهات الدكتور الأستاذ ابراهيم خليل القومية والوطنية وكان يصفه بالمثابر والمتابع للأحداث التي يمر بها بلدنا وامتنا العربية وكان اللقاء بتاريخ 20/6/1982.

([50]) كنت ممن يتابع تلك الجلسات بشكل دوري وحضرت محاضرات الدكتور ابراهيم خليل والقيت أيضاً محاضرات عن تاريخ الموصل أثناء السيطرة العثمانية.

([51]) مقابلة مع الدكتور ابراهيم خليل احمد بتاريخ 17/2/2018.

([52]) قدم الدكتور إبراهيم خليل العلاف من على شاشة قناة (الغربية الفضائية) سنة 2017 برنامجاً تلفزيونياً بعنوان (شذرات) تحدث فيه وعبر أكثر من (30) حلقة عن الجذور في تاريخ العراق الحديث والمعاصر. ويقدم عند كتابة هذه السطور عبر قناة (الموصلية) برنامجاً تلفزيونياً يومياً بعنوان (موصليات) أذيعت منه قرابة (150) حلقة وكلها متوفرة على اليوتيوب في شبكة المعلومات العالمية (الأنترنيت).

([53]) مقابلة مع الدكتور ابراهيم خليل احمد 17/2/2018. وقد اخبرني عن معاناته أثناء سيطرة داعش على مدينة الموصل حيث بقي الدكتور في داره ولم يغادر المدينة ورفع شعار (قبري في بيتي) وكان ينشر تغريداته من منزله بعد منع استخدام اجهزة الستلايت من قبل داعش في منازل المواطنين مما اضطره إلى الذهاب إلى المكاتب المجازة وخاصة في منطقة المجموعة وهناك يقوم بنشر كتاباته وتعليقاته وتغريداته بالرغم من رقابتهم وإجراءاتهم المشددة.

([54]) ينظر مدونة الدكتور إبراهيم العلاف والرابط www.allalfblogspot.com.blogspot.com.

([55]) مقابلة مع الدكتور ابراهيم العلاف في  24/3/2018   .

([56]) العلاف، ابراهيم خليل، موسوعة المؤرخين العراقيين المعاصرين، ج1، دار ابن الأثير للطباعة والنشر، (الموصل، 2011)، ص 13.

([57]) كتاب مركز إحياء التراث العربي – جامعة بغداد، العدد 166 في 7/2/2018

([58]) مقابلة مع الدكتور ابراهيم العلاف في 24/3/2018   .

 

 

 

  إبراهيم خليل العلاف وإسهاماته في الكتابة التاريخية المعاصرة   في رسالة ماجستير

الاستاذ الدكتور عادل محمد العليان

رئيس قسم التاريخ –كلية التربية  – جامعة سامراء  

 

.

نوقشت يوم الاثنين 3-12-2018 في كلية التربية - جامعة سامراء- العراق ، رسالة ماجستير بعنوان: ( إبراهيم خليل العلاف وإسهاماته في الكتابة التاريخية المعاصرة ) ،والتي قدمها الطالب احمد هادي حسين الجبوري بإشراف الاستاذ الدكتور عادل محمد العليان. وكان الاستاذ الدكتور توفيق خف ياسين السامرائي رئيس لجنة المناقشة، وإلى جانبه الدكتور هزبر حسن شالوخ من جامعة ديالى، والدكتور أنس عبد الخالق عايد من جامعة تكريت، وانتهت المناقشة بمنح الطالب شهادة الماجستير بتقدير إمتياز. وفي ادناه خلاصة الرسالة والتي جاء فيها :

والباحث ، ينتهي من سرد ، وتحليل شخصية الأستاذ الدكتور إبراهيم خليل العلاف ، وتوضيح إسهاماته في الكتابة التاريخية المعاصرة ، وجد أنّ العلاف ينتمي إلى إحدى القبائل العربية العريقة في الموصل وهي (قبيلة عنزة) ، وجده أحمد الحامد العلاف ، كان يمتلك محلات لبيع الحنطة والشعير ، ولذلك نسب إلى مهنة جده ، كما هو معهود في مدينة الموصل بشكل خاص ، والمدن العراقية بشكل عام ، وخاصة من حيث الإشارة إلى الإنتماء للحرفة أو المهنة.

وخلال سني حياته ، ومسيرته الوظيفية الطويلة الممتدة منذ سنة 1969 وحتى 2013 تقلد العلاف العديد من الوظائف العلمية , والإدارية منها مدرس في متوسطة فتح في الشورة في نينوى 1969 – 1970 , وأصبح بعدها مديراً لمتوسطة فتح الشورة من 1970 – 1972 لينتقل بعدها إلى بعشيقة قبل نقل خدماته من وزارة التربية الى وزارة التعليم العالي والبحث العلمي .

في جامعة الموصل وعند مباشرته فيها في 15 أيلول 1975 عمل مقرراً لقسم التاريخ في كلية الآداب في جامعة الموصل من 1975 – 1977 . ورئيساً لفرع التاريخ في كلية التربية في جامعة الموصل للفترة 1978 – 1979 . ورئيساً لقسم العلوم الإجتماعية في كلية التربية في جامعة الموصل للفترة من 1979 – 1980 . ومديراً لمركز الدراسات الإقليمية (التركية سابقاً) 1986 – 1988 , وعمل كذلك رئيساً لقسم التاريخ في كلية التربية في جامعة الموصل منذ 1980 – 1995 . ومن الإسهامات العلمية والإدارية للعلاف أنّه عمل مديراً لمركز الدراسات الإقليمية (التركية سابقا) في جامعة الموصل للفترة من 1995 – 2003 ومن 2006 – 2013 إذ أصدر العديد من الكتب مع تنظيم إرشيف وتطوير المركز وتوسيع اهتماماته البحثية . وعمل عضواً لمجلس جامعة الموصل للمدّة من 1995 – 1997 حيث أسهم في تطوير الجامعة علمياً وإدارياً عمل أمينا لتحرير موسوعة الموصل الحضارية في جامعة الموصل وعضواً لمجلس أمناء الموسوعة العربية الكبرى – المنظمة العربية للثقافة والعلوم (اليونسكو) للفترة من 9/2/1999 – 2003 , للإعداد لإصدار موسوعة عربية كبرى . وشغل الدكتور العلاف منصب عضو مجلس كلية التربية في جامعة الموصل للمدّة من 1998 – 2003 إذ ساهم في تنفيذ خطط كلية التربية في مجال البحث والتطوير والتدريس , وعمل رئيساً لتحرير مجلة ( دراسات إقليمية ) التي يصدرها مركز الدراسات الإقليمية في جامعة الموصل , وعضو اللجنة العلمية للمكتبة الافتراضية في رئاسة جامعة الموصل .

وللعلاف كتابات كثيرة على شبكة المعلومات العالمية (الإنترنت)، وقد نشر عدداً كبيراً من الدراسات والمقالات وهو رئيس اتحاد كتاب الإنترنت العراقيين ، وعضو إتحاد كتاب الإنترنت العرب وعضو جمعية الإنترنت العالمية , عمل رئيساً للجنة الترقيات العلمية في كلية التربية الاساسية بجامعة الموصل , وعضو اللجنة الاستشارية للثقافة والفنون – محافظة نينوى في وزارة الثقافة والإعلام , وعضو لجنة النظر في موضوع منح شهادة الدكتوراه الفخرية – جامعة الموصل . وعمل رئيساً لتحرير مجلة (أوراق تركية معاصرة ), فضلاً عن أنّه عمل عضواً في هيئة تحرير مجلات عديدة منها: (آداب الرافدين) , و (أوراق موصلية) , و (مجلة الموصل التراثية )   .

ويشغل الأستاذ الدكتور العلاف اليوم العضوية في هيئات إستشارية لعدد من المجلات العلمية المحكمة داخل العراق وخارجه وأبرز هذه المجلات الأكاديمية المحكمة (مجلة دراسات إقليمية) التي يصدرها مركز الدراسات الإقليمية في جامعة الموصل ومجلة (بحوث الشرق الأوسط) التي يصدرها (مركز بحوث الشرق الأوسط والدراسات المستقبلية) بجامعة عين شمس بجمهورية مصر العربية.

نشر عدداً كبيراً من الدراسات والمقالات التي تناولت مختلف مجالات الحياة وليس في مجال التاريخ فقط . وكان لتلك المقالات والدراسات صدى كبيراً عند القراء .

وقد انصرف بعد تقاعده سنة 2013 إلى ممارسة الكتابة الإلكترونية من خلال مدونته (مدونة الدكتور إبراهيم العلاف) التي يرتادها المئات يومياً وصفحته في (الفيسبوك) التي يتابعه فيها ما يقارب (10,000) متابع يومياً . فضلاً عن موقعه الفرعي في (الحوار المتمدن ) الالكتروني إذ بلغ عدد قراءه أكثر من مليون و600 الف قارئ وهو اليوم رئيس إتحاد كتاب الإنترنت العراقيين الذي يضمّ اكثر من (500) عضواً , وقد أصبح يطلق عليه (رائد التدوين الإلكتروني في العراق) و(شيخ الفيسبوك العراقي) ويؤكد هذا أنّ ما ينشره ومنذ سنة 2009 على صفحات التواصل الإجتماعي له صدى واسعاً ويأتي هذا من رؤيته إلى أن له رسالة تنويرية يريد إيصالها إلى القارئ بقصد تأكيد مبدأي الحرية والتقدم.

وبدأ النشر في الصحف والمجلات الورقية ، منذ أنْ كان طالباً في المتوسطة ومارسها كهواية منذ ستينيات القرن الماضي وتحديداً في سنة 1964 وقد حصل الباحث على عدد من بواكير مقالاته في جريدة (فتى العراق) الموصلية ومن الطريف أنها تدور حول (فضل التاريخ).

ألف الأستاذ الدكتور إبراهيم العلاف العديد من الكتب تجاوز عددها الأربعين كتابا ، وحضر ندوات ومؤتمرات كثيرة داخل العراق وخارجه فضلاً عن أنّه منح العديد من كتب الشكر والتقدير , ومنح وسام المؤرخ العربي من إتحاد المؤرخين العرب منذ 15 تموز 1986 تقديراً لجهوده في خدمة التاريخ العربي .كما كرم من جهات رسمية وشعبية .

لقد وجد الباحث أن الأستاذ الدكتور إبراهيم العلاف ، كان ولايزال ، مبدئياً في تعامله مع الحياة ، على الرغم من الظروف السياسية والاقتصادية الصعبة التي عاصرها ، ولم يتأثر بمغريات الحياة المادية ، وكان عزوفاً ، عيوفاً ، مترفعاً ، نزيهاً عمل من أجل الناس , عاملاً بحديث الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم : " خير الناس من نفع الناس" , وهو يردّد باستمرار على أنّه يسعى أنْ يكون مفتاحاً للخير ، مغلاقاً للشر , وكثيراً ما يؤكد أنّ شعاره الآية الكريمة : (قُلْ مَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) سورة سبأ الآية 47 .

إعتمد الباحث في إعداد هذه الرسالة على مصادر متنوعة , بتنوع موضوع الدراسة , يمكن ملاحظتها من خلال الهوامش وقائمة المصادر , وتأتي في مقدمتها الوثائق الشخصية للعلاف الموجودة في حوزته , وأوامر إدارية ، والعديد من كتب الشكر والتقدير تضمنتها الرسالة ، وكتب تثبت مشاركته في الندوات والمؤتمرات , وقد شكلت المقابلات الشخصية والإلكترونية التي أجراها الباحث مع الأستاذ الدكتور إبراهيم العلاف العمود الفقري الذي استندت عليه الرسالة في كل فصل من فصولها الثلاثة . ولقد كان الأستاذ الدكتور إبراهيم العلاف شديد الحرص على تزويد الباحث بما لديه لإتمام الدراسة ، مع الحثّ المستمر من قبله عن عدم التأثر به ، وضرورة التجرد, ومراعاة شروط المؤرخ الناجح بموضوعية كبيرة , ولا ننسى الرسائل الإلكترونية التي كان يرسلها للباحث إلى الدكتور العلاف ، ويجيب فيها عن الأسئلة الموجهة له باستمرار ، وما كانت تحويه من ملفات فيها مادة علمية كبيرة تسد حاجة الباحث , فضلاً عن الرسائل الإلكترونية من أبنائه وتلاميذه الذين لم يدخروا جهداً في مساعدة الباحث ، وهم جميعهم الآن أساتذة جامعيين أكفاء .. أما الرسائل والأطروحات فقد استعان الباحث بجزء قليل منها والتي لها صلة بموضوع الدراسة وقد أفاد الباحث من هذه الدراسات الأكاديمية في التعرف على الأساليب التي بموجبها تتم ملاحقة ودراسة (الشخصية) والوقوف على إسهاماتها المعرفية.

لقد قدّم الدكتور العلاف للمدرسة التاريخية العراقية والمدرسة التاريخية العربية الكثير من الإنجازات في مجال الدرس التاريخي والبحث التاريخي ويتضح هذا من الكمّ الكبير من الكتب والبحوث والدراسات والمقالات التي نشرها ولايزال يتواصل حتى كتابة هذه السطور مع قرّائه وطلبته والباحثين في شتى أنحاء العالم فهو ومن خلال شبكة المعلومات العالمية (الإنترنت) يؤدي رسالة تنويرية ولا يتوانى من أن يجيب يومياً على العديد من الرسائل والاستفسارات ويقدّم الإستشارات والنصائح لطلبة البحث العلمي التاريخي بصدرٍ رحبٍ ونفسٍ طويلٍ وغرضه في ذلك أنْ يبقى الاهتمام بالتاريخ وبدرسه على أفضل ما يكون .

وكما سبق أنْ قدمنا فإنه يؤكد على أنّ مهمته هي أن يكون علم التاريخ علماً شعبياً ، ومرتكزاً أساسياً ليس للركون إليه بل للإنطلاق من خلاله نحو النهوض ، والتقدم ، وبناء المجتمع السليم ، وأن يكون التاريخ وسيلة ليس لإثارة الأحقاد والحروب بل للتعاون بين الشعوب والأقوام .

ومن خلال الدراسة تبين لنا أن إسهامات الاستاذ الدكتور ابراهيم خليل العلاف في الكتابة التاريخية المعاصرة كثيرة ، منها انه يؤكد ، وفي كثير من كتاباته على ان التاريخ علم للتغيير ،ومعنى هذا ان الحياة في صيرورة دائمة ، ومستمرة . والتاريخ يسجل أحداث هذه الحياة التي تتقدم الى الامام، ولايمكن بأي حال من الاحوال ان تعود الى الوراء ؛ فالزمن يتقدم ، والانسان لابد له ان يتابع حركة الزمن . ومن هنا ، فالمؤرخ حتى ُيسجل حركة الانسان في الفضاء الزمني والمكاني ، عليه ان يكون واعيا بما يحدث ، أمينا على ما يسجل ، شجاعا في قول ما يجب ان يقال ، منصفا مع من يسجل لنشاطهم ، ذو مروءة وإنصاف .

وينتهج الدكتور العلاف في كتاباته نهجا جديدا ، فالتاريخ عنده لم يعد تاريخا للحكام ، والسلاطين والملوك فقط ، بل هو تاريخ الشعب .. تاريخ البسطاء من الناس .. تاريخ العاملين النشيطين .. تاريخ المهمومين والمستضعفين .. ولم يعد التاريخ سياسيا فحسب بل بات تاريخا للاحداث الاجتماعية ، والمتغيرات الاقتصادية ، والتحولات الثقافية .

والاهم من هذا كله ، انه ينتهج في كتاباته التاريخية ، ومنذ زمن بعيد ( التأريخ للموضوع ) وليس ( للفترة الزمنية ) او( لعهد سياسي معين ) ومعنى هذا انه يوثق لنمط من الحياة في موضوع معين ، ولكن لايغفل تحديده بفترة زمانية ، وبموقع مكاني .

وهو يقول ان المؤرخ الجديد ، أي المؤرخ الذي يكون مستعدا دوما لان يتجدد، ويجدد منهجه ، واسلوبه في الكتابة التاريخية ، عليه ان يؤمن بأن هناك دوما تقدما علميا ، وتراكما معرفيا ، واسلوبا جديدا في طرح المفاهيم والافكار ، فليس من المعقول ان يكرر نفسه ، ويرجع الى ستينات القرن الماضي ليقتبس افكارا ومفاهيم عفا عليها الدهر .ويضيف : " انه – للأسف الشديد – هناك من لايزال يتشبث بمفاهيم الستينات مثلا ولكن علينا ان نعي ان هذا ليس هو الاسلوب الصحيح في معالجة قضايا الربع الاول من القرن الحادي والعشرين ؛ فالمفاهيم تغيرت ، والفضاء الزماني والمكاني لم يعد كما كان عليه في الستينات وما قبلها .إذن قضايا عصرنا تغيرت ، وموضوعات عصرنا تطورت، ومن هنا فأساليبنا في معالجة تلك القضايا وتلك الموضوعات يجب ان تتغير ، وتتطور ، وان نبحث عن اسلوب جديد أو اساليب جديدة لعرض منتوجنا التاريخي على الناس" .

يؤكد الدكتور العلاف في بعض مداخلاته التاريخية على مسألة مهمة وهي انه يعرف بوجود مدارس دينية ، وقومية ، وماركسية ، وليبرالية في مجالي الفلسفة والتاريخ ، ومفاهيم هذه المدارس لاتتغير ، وهي معروفة لكن " يجب علينا ان نستفيد من كل تلك المدارس تبعا للموضوع الذي نكتب فيه ، والقضية التي نعالجها ، ولاضير في ذلك .

والمؤرخ الحصيف هو من لايعتمد على تفسير معين او تفسير واحد للقضايا وللموضوعات التي يتناولها ، بل لابد ان يأخذ بتعددية التفاسير ، والنظريات ؛ فالحياة معقدة، والاحداث متشابكة ، ولايمكن ان يكون وراءها تفسير واحد .لكن يمكن ان نرجح التفسير الديني عندما نعالج موضوعا يتعلق بالدين، ونرجح التفسير الماركسي اذا تناولنا موضوعا يتعلق بالحياة الاقتصادية ، ونرجح نظرية البطل في التاريخ عندما نعالج شخصية كان لها دورها في التاريخ ."

ونقطة اخرى وقفنا عليها ونحن نحلل إسهامات الدكتور العلاف في الكتابة التاريخية وهي " أن المؤرخ ينبغي أن لاينشغل بالقضايا الكبرى ، ويهمل القضايا الصغيرة في التاريخ ؛ فللقضايا الصغرى تاريخ ، كما للقضايا الكبرى ، وللاشياء الصغيرة في الحياة تاريخ ، كما للأشياء الكبرى وللشخصيات الهامشية تاريخ ، كما للشخصيات الرئيسة تاريخ.

ومن المؤكد اننا نتعلم من كتاب الرواية الادبية طريقة التعامل مع الشخوص، وطريقة فهم حركة اولئك الشخوص على المسرح فليس ثمة بطل واحد بل لابد ان يكون في المشهد عديد من الابطال.

ويجب ان نعرف ان هناك مشاكل تعترض التاريخ الاسلامي العربي ، ومشاكل تعترض التاريخ الحديث " .. وهو في محاضراته مع طلبة الدراسات العليا يقول دوما :" ان الدين هو مشكلة التاريخ الاسلامي ، والايديولوجية مشكلة التاريخ الحديث ، وكثير منا كتب في التاريخ القومي ، فأنتج كتبا تصلح لان تدرس في مدارس الاطفال والناشئين ، لكنها لا ترتقي الى ان تكون مؤلفات في التاريخ يُعتد بها ، وهذا يقودنا الى مسألة لابد ان نقف عندها وهي ان التاريخ في كل العالم يُكتب بمستويات متعددة ، فما يكتب لتلاميذ المدارس الابتدائية غير ما يكتب لطلبة الجامعة" .

الدكتور العلاف يعترف بأن للتاريخ مضار ، كما ان للتاريخ فوائد ومضاره تظهر عندما يستخدم للهدم ولإعادة الامة الى الوراء ، وزرع الحقد والكراهية بين البشر ، لذلك فهو يقرر حقيقة مهمة وهي " ان التاريخ كله ليس الا مسيرة الانسان نحو اقرار الحق ، واقرار العدالة ، واقرار الحرية .والمؤرخ لايمكن ان يكون رجعيا ، بل لابد ان يكون المؤرخ تقدميا متنورا متحررا يؤمن بأن التاريخ مسيرة الى الامام وان هناك عوامل تدفع التاريخ الى الامام ومن هذه العوامل ( الحرب ) ونتائجها .

واخيرا - وليس آخرا - يظل الدكتور العلاف يؤكد ، ان على المؤرخ ان يكون ذو رسالة تقوم على ان يجعل من (التاريخ ) درسا من اجل البناء ، والتنمية ، والتقدم ، والسلام ، والحب، والتعاون بين الشعوب.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

            

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

رائد العمران الثقافي والفني السوري الدكتور عفيف بهنسي 1928-2017 في ذكراه السابعة

  رائد العمران الثقافي والفني السوري الدكتور عفيف بهنسي 1928-2017 في ذكراه السابعة ا.د.ابراهيم خليل العلاف استاذ التاريخ الحديث المتمرس -...