الجمعة، 23 أغسطس 2024

ماذا في عاصمة العراق من سُم وترياق ؟ كتاب مفتي الديار الموصلية السيد محمد حبيب العبيدي ................ ا.د. ابراهيم خليل العلاف

                                                                    محمد حبيب العبيدي وكتابه
 
محمد توفيق الفخري وابراهيم خليل العلاف



ماذا في عاصمة العراق من سُم وترياق ؟ كتاب مفتي الديار الموصلية السيد محمد حبيب العبيدي
ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل
منذ اكثر من نصف قرن ، وانا منشغل بالسيد محمد حبيب العبيدي مفتي الديار الموصلية . وقد كتبت عنه الكثير ، وخصصت حلقة من برنامجي التلفزيوني (موصليات) من قناة الموصلية الفضائية للحديث عنه وهذا هو الرابط :https://www.youtube.com/watch?v=iKziKdv-oG4
كما كتبت عنه مقالة مفصلة في مدونتي وبعنوان ( محمد حبيب العبيدي 1882-1963 مفتيا وسياسيا وشاعرا ) والرابط هو التالي :
واليوم الجمعة 23-8-2024 ارسل لي الاخ الاستاذ محمد توفيق نعمان الفخري امين تراث المفتي العبيدي في الموصل ما كتبه عن كتاب (ماذا في عاصمة العراق من سم وترياق) ، والذي سبق ان نشر جزءه الاول في مطابع محفوظ في الموصل سنة 1353 هجرية -1934 ميلادية .
وللاسف لم تطبع الاجزاء الاخرى كما ان الجزء الاول ليس متاحا للباحثين والعامة لذلك بذل الاستاذ محمد توفيق الفخري جهدا استثنائيا لجمع الكتاب من جريدة (البلاد ) البغدادية حيث نشر جزءا منه متسلسلا .وثمة حقائق ذكرها الاستاذ الفخري منها ان الكتاب منع نشره من قبل متصرف الموصل السيد عمر نظمي سنة 1934 ومع هذا طبع الكتاب ولبرما شعر المتصرف ان المؤلف بالغ في نقد السلطة نقدا لاذعا وللاسف فإن ما طبع من الكتاب لايتعدى ال (16) صفحة من الحجم الصغير .
جريدة (البلاد ) البغدادية لصاحبها المرحوم الاستاذ روفائيل بطي طبعت مقالات السيد العبيدي في اعداد متفرقة ثم توقفت وكان على الاستاذ الفخري ان يجمع هذه الكتابات وقد استطاع ان يحصل على بعض اعداد جريدة (البلاد ) التي نشرت فيها موضوعات الكتاب ويقول ان الجريدة نشرت الكتاب حتى الحلقة (12) التي وردت تفاصيلها في العدد (567) الصادر يوم الاربعاء 13 ايار - مايو سنة 1936 وعلى الصفحة الثالثة من الجريدة . ولملم الرجل المقالات بصعوبة ولم يعرف لماذا توقف نشر الحلقات . وحسنا فعل عندما اعاد نشر ما سبق نشره من الكتاب وبواقع (50) صفحة فولسكاب . عمل مضنٍ ، وحبذا يطبع الكتاب طبعة نظامية وانا مستعد لكتابة تقديم له لاهميته بإعتباره يمثل مرحلة خطيرة وحساسة من مراحل تاريخ العراق المعاصر .
يقول الاستاذ محمد توفيق الفخري ان الكتاب في حقيقة أمره يتألف من ثلاثة اجزاء طبع الجزء الاول منه فقط في مطبعة محفوظ كما سبق ان قدمت . والمؤلف يقول ان الكتاب يعد بمثابة (كلمة مسلم يغار لدينه وعربي يتألم لقومه وعراقي يحب بلاده ، فإذا اغضبتُ الجماهير فلا يسرني هذا ولا يسوؤني ذاك ، وانما هي فريضة النصح ، وواجب الغيرة وعاطفة الحب لعقيدة ودم وديار وهل من دون ذلك بياض ناصية وراحة ضمير ؟ ؟وان صديقك من صدقك لا من صدقك " .
صاحب المطبعة الاستاذ فضيل محفوظ وعد القراء بأن الكتاب يقع في ثلاثة اجزاء وان هدف الكتاي "جمع الكلمة وخدمة الوطن وبحسن نية واخلاص" .
الكتاب الذي اضطلع الاستاذ الفخري بنشره يتألف من مقدمة المؤلف السيد محمد حبيب العبيدي ومن مباحثعناوينها كالتالي :عم يتساءلون ؟ عن النبأ العظيم الذي هم فيه مختلفون ؟ امثلة متكررة - شاهد عيان - شيء كثير في زمن قصير :عرش جديد -وعهدجديد وخلق جديد - استطرادبعنوان ( في رجال الدين واهل الصولجان) - ماذا فعلنا ؟ جلقات الحياة - لمن المستقبا ؟ نابليون والشاعر - بين التشاؤم والتقاؤل - ماذا يجب ؟ عقدة العقد -تصوير واجمال - العراق بين الضحايا - الحلوى واليتيم - العراق والازمنة الثلاث - الوضع المتقلقل - ثلاث وزارات في اشهر معدودات - مجلس واحد يصوت ربع وزارات متنوعات - من المسؤول ؟ - تصوير ثان واجمال آخر - الشعب المطيع والوزارات المهملات - ذهب الحكم المزدوج فبماذا تعتذرون ؟ سياسة تحطيم الشخصيات - سياسة السلب والايجاب - الافراط في حسن الظن سذاجة ام غباوة - سياسة التحطيم دعاية سلبية وافرس ادبي اهانة للشعب وقضاء على ثمالة الكأس من ثقته .هذه الموضوعات كلها من المطبوع وظهر في كتاب سنة 1934
ثم يقدم لنا الاستاذ محمد توفيق الفخري الحلقة الاولى مما نشر في جريدة (البلاد) عدد 16-4-1936 وعنوانه ( على هامش محاضرة الدكتور عبد الرزاق السنهوري الخبير الدستوري المصري الكبير بعنوان ( حكم الشعب بين الديموقراطية والدكتاتورية ) وجاءت الحلقة الثانية التي نشرت في جريدة (البلاد) عدد 17 نيسان -ابريل 1936 عن (الديموقراطية الجوفاء) وجاءت الحلقة الثالثة عن (فشل الديموقراطية ) في عدد جريدة (البلاد ) 17 -4-1936والحلقة الرابعة نشرت عن (الملك فيصل الاول) في عدد ( البلاد ) الصادر في 20 -4-1936والحلقة الخامسة عن الملك غازي في عدد جريدة (البلاد) 21 -4-1936والحلقة السادسة نشرت في عدد جريدة (البلاد ) 23-4-1936 عن (الديموقراطية الحقيقية في الاسلام)وتكملتها في عدد 30-4-1936 والحلقة الثامنة في عدد 3-5-1936 حول الموضوع ذاته وكذلك الحلقة التاسعة في 8-5-1936 والحلقة العاشرة عن (الاسلام عدو الفوضى وحليف النظام ) ونشرت في 10-5-1936 والحلقة (11) بعنوان (الحكم الديموقراطي في الاسلام) والحلقة (12) في عدد جريدة (البلاد) 13-5-1936 وفيها يتحدث عن امثلة تطبيقية عن دعوة الاسلام للنظام وللاسف لم يكتمل كتاب السيدمحمد حبيب العبيدي انقطع الحديث ودون ان تكون للمقالات خاتمة واغلب الظن ان الجريدة منعت من النشر لكن الاستاذ محمد توفيق الفخري عثر من بين اوراق السيد العبيدي على رؤوس نقاط لموضوعات من قبيل : لقد قمت بواجبي في بيان الحق والحقيقة فسمني رجعيا او ما شئت - من يرد ان يكون دكتاتوريا فللملك مثل هذه الصفات - اعتراف الديموقراطية الاسلامية بالطبقات حفظا للفضيلة وتوزيعا للاعمال وعلى قاعدة ( اذا تساووا هلكوا ) حديث شريف - اليسر في العبادات والتسامح في المعاملات والتعصب للمبادئ - ذهب البحرين وتوزيعه - تبذير عثمان وعطية مروان - الزكاة والاشتراكية - كي لا يكون دولة - كم احيا ارضا فهي له - تلك مبادئ الاشتراكية المعتدلة في الاسلام - اذا وسد الامر لغير اهله - عنصر الكفاءة عندهم بالعلم والحزم والاخلاص - لست بخيركم وعليّ بينكم- مقاومة الظلم- حق التملك- التكافل الاجتماعي - اسس نظام الحكم الاربعة - العدل وله اركان الخلافة والشورى والقضاء - عناية الاسلام بالاسس والقواعد وعدم عنايته بالفروع والشكل والاسلوب - استقلال القضاء - درء الحدود بالشبهات - ادب القرآن عام وقواعد آدابه عامة ونما يختلف تأثيرها بإختلاف القابليات في العناصر والاجيال والبيئات .
ادان الاستبداد والرشوة والفساد والعمل للمصلحة الشخصية وقال ان السياسيين العراقيين يعملون لانفسهم تملكتهمالانانية وسيطرت عليهم الانانية والمصالح و وانقسموا بين ظاهر ومستتر وهذا مما سبب ضياع المسؤولية وقال ان الشعب العراقي اصبح يعاني من الفوضى في حياته السياسية ولابد من تغيير القانون الاساسي للسنة 1924 لان الدنيا تغيرت والواقع اصبح مبنيا على الفسادوالوضع الشاذ والشعب لم يظهر بمظهر الكتبة الواحدة ذات الهدف الواحد وانتقد مجلس النواب واتهمه بالعجز وانتقد مركزية السلطة وانتقد رجال الدين وقال انهم يجلسون على التل ويجتنبون مقدرات الامة وشؤون البلادوكأنهم غرباء وقال ان الامامالاعظم ابو حنيفة مات في السجن والامام مالكخلعت كتفه من الضرب والامام الشافعي سيق من اليمن مكبلا بالحديد والامام احمد بن حنبل اغمي عليه تحت العصا كل ذلك في سبيل تأكيد الحق لئلا يداس بأقدام الباطل ودعا رجالات العراق الى ان يتقوا الله في ثمرة سيقت بالمع والدم يقصد الدولة العراقية .وركز على النظام ومحاربة الفوضى ودعا الى الحزم والعلم والاخلاص وقال ان الاسلام مع الوحدة وضد الانقسام وقال انه مع النقد النزيه وقرع الحجة بالحجة (فلا تسرج طرة الحقائق بغير هذا المشط " يقصد العلم والحزم والاخلاص .
اقول فترة الثلاثينات من القرن الماضي في العراق كانت فترة خصبة بالتيارات الفكرية القومية والاشتراكية وكان على السيد العبيدي ان يستجيب لتلك التيارات وتأثيراتها فيدلي بدلوه ويوضخ موقفه ويبرز موقف الاسلام منها رحم الله السيد العبيدي وحفظ الله الاخ الاستاذ محمد توفيق الفخري وكم اتمنى ان ارى الكتاب مطبوعا .
اخيرا اقول السيد محمد حبيب العبيدي مفتي الموصل الشاعر والسياسي الوطني العروبي المسلم كتب عنه كثيرون . وكتبتُ عنه انا في رسالتي للماجستير عن :"ولاية الموصل :دراسة في تطوراتها السياسية " فضلا عن أماكن اخرى وفي مقالات وبحوث ومما نعرفه ان صديقنا الاستاذ احمد الفخري كتب عنه كتابا بعنوان :" ذكرى حبيب :ديوان السيد محمد حبيب العبيدي مفتي الموصل " طبعه على نفقته الخاصة الاستاذ عبد القادر العبيدي في مطبعة الجمهورية بالموصل سنة 1966 .
والكتاب بالاصل كان رسالة للماجستير كان من المؤمل ان يناقشها في جامعة القاهرة لكن ظروفا شخصية حالت دون ذلك .
وممن كتب عن السيد محمد حبيب العبيدي الاستاذ مير بصري في كتابه :"أعلام اليقظة الفكرية في العراق " ، والاستاذ روفائيل بطي في كتابه :" الادب العصري في العراق " ، والدكتور عبد الله الفياض في كتابه :"الثورة العراقية الكبرى " والدكتور عمر الطالب في :"موسوعة أعلام الموصل في القرن العشرين " .ومما قاله ان السيد محمد حبيب العبيدي هو محمد حبيب بن سليمان مفتي الديار الموصلية، سمي بالعبيدي نسبة الى جده عبيد الله بن خليل البصير. وأسرة العبيدي فخذ من الأسرة الأعرجية الهاشمية، عاصر الدولة العثمانية في أواخر أيامها، مناوئاً الحكومات المختلفة التي عاصرها، وأيد الدولة العثمانية بسبب تحمسه للإسلام.
سافر العبيدي الى بيروت سنة 1911 ونشر قصائداً في الصحف اللبنانية، ومنها سافر الى استنبول سنة 1912، وعاد الى الموصل يدعو الى اتحاد المسلمين ضد الدول الغربية، وحفزه إعتداء إيطاليا وغزوها ليبيا سنة 1911، وحرب البلقان 1913 على إلقاء قصيدته: " ألواح الحقائق" في المنتدى الأدبي بالأستانة، سافر الى بيروت سنة 1914 ونشبت الحرب العالمية الأولى، انتخب عضواً في (الهيئة العلمية) المؤلفة من علماء بلاد الشام، وزار جبهة الحرب في (جناق قلعة) ونظم أشعاراً فيها.
وحينما انتهت الحرب اعتقل في معسكر قصر النيل بمصر وبقي في الأسر حتى سنة 1919 حيث افرج عنه ، وعاد الى العراق ونظم قصيدته الشاكية :" الكتب المقدسة" ، عاد الأمل الى نفسه بعد نشوب ثورة 1920 ، ونظم قصائد حماسية هاجم فيها الإنكليز.
وضع العبيدي أمله في الملك فيصل الأول حينما قدم الى العراق، الا أنه ظل ينعى على البلاد تحكم الإنكليز في مقاديرها، مما أرهق أعصابه ودفعه للسفر ثانية الى بلاد الشام سنة 1930 وبقي فيها حتى سنة 1932، ونظم أشعاراً سياسية تشي بالأوضاع المنهارة فيها.
بعد تأسيس الدولة العراقية الحديثة انتخب نائباً عن الموصل مرتين، مرة في وزارة الهاشمي سنة 1936، ومرة في وزارة حكمت سليمان سنة 1937.كما قبل منصب الإفتاء في الموصل سنة 1922 وبقي فيه حتى وفاته لشعوره بأن هذا المنصب لا يحد من حريته والمجاهرة بأرائه، بل لعله يزيد من تأثيره فإن ما في هذا المنصب من هيبة دينية ومنزلة معنوية رفيعة أسبغ عليه درعا ضاعفت من جرأته واعلت صوته في المعارضة والانتقاد لكثير من الاتجاهات السياسية والاجتماعية التي سلكتها الحكومات العراقية المختلفة بل والحكومات العربية ايضا .
تعرض للعنت من الحكومات وجهر بالشكوى :
كل يوم دولة تظلمني
ويح فرد (حاربته ) دول
وحين انتحر عبد المحسن السعدون رئيس الوزراء سنة 1929 ثأثر بالحدث ، وكتب قصيدة جعل من موت السعدون رمزا لموت آمال الشعب في الاستقلال .
لاتلوموه إن تولى وهاما
ان آماله غدت آلاما
علل النفس بالاماني حينا
قاتل الله تلكم الاوعاما
قد تلذ الاحلام للمرء حتى
لم يشأ ان بكذب الاحلاما
كتب في كل ضروب الشعر ، وكان شاعر وطنيا بإمتياز عاش التاريخ كما يقول الاستاذ احمد الفخري -في فكره وعواطفه وايمانه وعقيدته يستلهمه ويستوحيه بل انه لم يستطع أن يجرد حاضره منه
فللذين تقلصت أفياؤهم
لكمو من التاريخ خير مثال ِ
كمل الحياة لامة تاريخها
مثل العتاق لقحن بعد حيال ِ
اعتزل الناس في العقدين الأخيرين من حياته، كان يجيد اللغة التركية ونظم فيها الشعر الى جانب إجادته اللغة الفارسية.
من مؤلفاته: 1-الديوان، ذكرى حبيب تحقيق أحمد الفخري عام 1966.
2-خطبة نادي الشرق 1913
3-حبل الاعتصام 1916
4-جنايات الإنكليز على البشر عامة وعلى الإنكليز خاصة 1916.
5-صدى الحقيقة في العاصمة 1916.
6-النواة في حقول الحياة 1931
7-ماذا في عاصمة العراق من سم وترياق 1934.
8-النصح والإرشاد لقمع الفساد 1946.
9-الميزان بين الكفر والإيمان 1944.
ومن كتبه المخطوطة:
1-رسائله ومقالاته
2-فروق الحديثة (وفروق اسم لمدينة استنبول )
3-المجادلات السياسية وأسباب الفشل الأساسية
4-الغليل في رحلة وادي النيل
5-الجراثيم الثلاث : الأمراء والعلماء والنساء
6-إيقاظ الوسنان في حياة الإنسان.
يقول الاستاذ احمد الفخري في تبرير عدم قيام العبيدي بطبع ديوانه في حياته :" ان الذين يعرفون العبيدي حق المعرفة ويعرفون مزاجه الشاعري يعلمون انه لم يكن له من سعة الصدر وشدة الاهتمام بإموره الشخصية ما يجعله يعنى بجمع شعره وتبويبه ،بله شرحه وتفسيره ومن ثم فقد ضاع - للاسف - الكثير من شعره .رد على اراء الرصافي في كتابه "رسائل التعليقات " لكنه لم ينشر الكتاب وعدل في آخر لحظة عن نشره ............رحم الله السيد محمد حبيب العبيدي فقد أدى واجبه وخدم وطنه وأمته فجزاه الله خيرا ..



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

فاروق عمر فوزي وكتابه : تجربتي في الكتابة التاريخية بقلم : الأستاذ الدكتور إبراهيم خليل العلاف

  فاروق عمر فوزي وكتابه : تجربتي في الكتابة التاريخية الأستاذ الدكتور إبراهيم خليل العلاف أستاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل أجا...