مذكرات سياسيو ما بعد الاحتلال الامريكي للعراق 2003
ا.د.ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل
كمؤرخ ، ومتابع اعرف اهمية المذكرات في كتابة التاريخ المعاصر.. لا بل أشجع على كتابة المذكرات لمن تولى مسؤولية حكومية عامة .
وعبر ال (21) سنة الماضية ، حكمت العراق ، عناصر جاء بها المحتلون الامريكان ومعظمهم من الذين كانوا يسمون انفسهم معارضين للنظام السابق .كانوا يعيشون خارج العراق وينعمون بالامتيازات التي وفرتها لهم الدوائر الاستخبارية الامريكية والبريطانية وغيرها من الدوائر ، وهذا ليس امرا غير معروفا ، بل هي حقيقة تاريخية مع ان هناك في الحكم اليوم ، من هم كانوا داخل العراق خلال الفترة من 1979 الى 2003 أي منذ الفترة التي انتقلت فيها السلطة من الرئيس السابق احمد حسن البكر 1968-1979 الى الرئيس السابق صدام حسين 1979-2003 .
ومن حق كل انسان عراقي ان يكتب مذكراته . ومن حقه ان يبرر ما قام به ، ومن حقه ان يحاول تفسير بعض ما اسهم في صنعه بطريقته الخاصة . ويقينا ان هناك من يساعد هؤلاء السياسيون في كتابة المذكرات كما هو جارٍ في الغرب مثلا وفي الولايات المتحدة الامريكية وخاصة الرؤساء الذين يكلفون من يكتب لهم طبعا بثمن معروف او على الاقل يعيد كتابة ما هو متوفر من معلومات ووثائق لديهم لتظهر بهيئة مذكرات شخصية .
الدكتور اياد علاوي رئيس وزراء العراق السابق كتب مذكراته وسماها (بين النيران) بثلاثة اجزاء ، والدكتور فؤاد معصوم رئيس الجمهورية السابق كتب عن سنواته في القصر الجمهوري مذكرات اطلق عليها عنوانا هو ( السنوات الاربع في قصر السلام ) ، والسيد باقر جبر الزبيدي وزير المالية السابق كتب مذكراته وبعنوان ( تجربتي) ، والدكتور ابراهيم الجعفري رئيس الوزراء السابق كتب مذكراته بعنوان ( تجربة حكم ) ، والسيد سليم الجبوري رئيس مجلس النواب السابق كتب مذكراته بعنوان ( سليم ..حكاية السيرة والمسيرة) والسيد عمار الحكيم رئيس تيار الحكمة السياسي ، كتب مذكراته بعنوان ( رحلة وطن) ، والدكتور حسين الشهرستاني وزير النفط ونائب رئيس الوزراء السابق كتب مذكراته بعنوان ( تجربة حياة ) والدكتور عدنان سلمان الدليمي القيادي في الحزب الاسلامي كتب مذكراته بعنوان ( آخر المطاف) .
كل هذه المذكرات اراها غير مكتملة ، واراها تبريرية لتجربة غير ناجحة ، واراها دفاعا عن دور سياسي او اداري او حزبي كان يجب ان يؤدى بغير الطريقة التي تم فيها .. والمذكرات عادة ما تكون بعد انتهاء الدور السياسي ، وان تذكر حقائق واحداث كان غائبة او مخفية عن الناس كما وجدنا ذلك واضحا في مذكرات سياسيين خدموا في العهد الملكي او حتى كانوا معارضين للحكم الملكي او ضباط ثاروا على هذا الحكم او سياسيين وطنيين شغلوا مناصب وقاموا بدور حقيقي استهدفوا فيه خدمة بلدهم ووفق اجتهاداتهم . حتى ما كتبه السفير بول بريمر رئيس سلطة الائتلاف في العراق والموسومة (عام امضيته في العراق) كان اكثر صدقا واكثر تعبيرا عن الواقع من مذكرات سياسو ما بعد الاحتلال الامريكي فمواقفهم واجراءاتهم شابتها الكثير من الاخطاء ، وكانت غير معنية بالواقع ، وظهر فيها الكثير من التبرير ولا أقول اكثر من ذلك .
المذكرات في كل الاحوال مهمة ، وتعد مصدرا ولكن لابد ان تؤخذ بحذر وتقارن مع غيرها من المصادر .هذه المذكرات تبدو لكثيرين قرأوها تبدو انها ليست اكثر من محاولة للتبرير ومحاولة لتجميل الدور والصورة ، ومحاولة لخلق دور مركزي غير موجود أصلا ؛ فكاتب المذكرات لم يكن من صناع القرار فالقرار كان بيد الامريكان وقواتهم ، لذلك نظرة الناس اليها ليست جيدة ولا مستساغة ، ومن يقرأها يجد انها محاولة للوي الحقائق فليس ثمة انجاز ، وليس ثمة دور ، وليس ثمة نقد لما تم لا بل ليس ثمة ما يساعد على التفاخر واكاد اسمع قهقهة من يقرأها ، لكن مع ذلك هم كتبوا والمؤرخ هو الذي سوف يكتب التاريخ ، وما يكتبه هو الحقيقة لانه سيعود الى الوثائق والصحف والكتب وكل ما هو متاح تحت يديه من مصادر ، ويقينا ان عليه ايضا ان يطلع على هذه المذكرات ، لكن كما قلت يأخذها بحذر وبحذر شديد حتى يكتب الحقيقة كما وقعت وليس كما يريد صاحب المذكرات ان يرويها ، ويروج لها فما كتبه للاسف محاولة تبرير ، ورفع للعتب عن ماقام به هو علما انه لم يكن صانع قرار ، ولا حتى صاحب قرار . وصدق المرحوم السيد ارشد العمري رئيس وزراء سابق في العهد الملكي حين قيل له انك رئيس وزراء فرد عليهم بالفم الملآن :"انا لست رئيسا للوزراء ولكن موظف في الدولة العراقية بدرجة رئيس وزراء " بمعنى انه ليس بصاحب القرار الحقيقي في ما وقع !!!
الدكتور احمد الجلبي وقبيل وفاته قال :"لم يحصل فساد في تاريخ العالم كله مثل ما حصل من فساد في العراق بعد 2003" والسياسيون تستروا بعضهم على بعض في هذا الفساد الاسطوري .
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين يسعدني أنا (الاستاذ الدكتور ابراهيم خليل العلاف )أن ارحب بكم في مدونتي الثانية مدونة الدكتور ابراهيم خليل العلاف ..واود القول بانني سأخصص هذه المدونة لكتاباتي التاريخية والثقافية العراقية والعربية عملا بالقول المأثور : " من نشر علما كلله الله بأكاليل الغار ومن كتم علما ألجمه الله بلجام من نار " .
الأربعاء، 28 أغسطس 2024
مذكرات سياسيو ما بعد الاحتلال الامريكي للعراق 2003
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
فاروق عمر فوزي وكتابه : تجربتي في الكتابة التاريخية بقلم : الأستاذ الدكتور إبراهيم خليل العلاف
فاروق عمر فوزي وكتابه : تجربتي في الكتابة التاريخية الأستاذ الدكتور إبراهيم خليل العلاف أستاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل أجا...
-
(السسي) من جرزات الموصل المشهورة - ابراهيم العلاف * وعندما تحدثت عن جرزات او كرزات الموصل وقفت عند السسي ويبدو ان هناك من يحب السسي وسأل...
-
أهلا بنابتة البلاد ومرحبا جددتم العهد الذي قد أخلقا لاتيأسوا أن تستردوا مجدكم فلرب مغلوب هوى ثم إرتقى مدتْ له الامال من أفلاكها ...
-
وردحاق صاق ناصي ..............ورد الحق وصاغ النصيب ا.د. ابراهيم خليل العلاف استاذ التاريخ الحديث المتمرس –جامعة الموصل حين قدمتُ حلقة ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق