الخميس، 1 أغسطس 2024

الأستاذ الدكتور عبد الجبار عبد الله 1913-1969 أول رئيس لجامعة بغداد 1959-1963 في العهد الجمهوري

                                                         الاستاذ الدكتور عبد الجبار عبد الله 


الأستاذ الدكتور عبد الجبار عبد الله 1913-1969 أول رئيس لجامعة بغداد 1959-

1963 في العهد الجمهوري 


ا.د.ابراهيم خليل العلاف
أستاذ التاريخ الحديث المتمرس – جامعة الموصل


حين أنجزت اطروحتي للدكتوراه في جامعة بغداد سنة 1979 ، وناقشتها وكانت بعنوان (تطور السياسة التعليمية في العراق 1914-1932 ) كان اسم المرحوم الأستاذ الدكتور عبد الجبار عبد الله أمامي من خلال كثير من المصادر التي رجعت اليها سواء في بغداد او في لندن . وبعد سنوات كتبت عنه مقالة في الذكرى المئوية لجامعة بغداد في موقع (دنيا الوطن ) الالكتروني وفي بعض الصحف العراقية ورحت خلال كل تلك السنوات اقرأ عنه وعرفت عنه الكثير واحببته ووجدت انه كان الى جانب اول رئيس لجامعة بغداد وهو الأستاذ الدكتور متي عقراوي من مؤسسي جامعة بغداد الفعليين .
ومن هنا كنت سعيدا حين كلفت بالكتابة عنه بإعتباره رئيسا لجامعة بغداد للمدة من 1959 الى سنة 1963 ومما ساعدني على الكتابة توفر بعض المصادر عنه ومنها بعض سجلات ووثائق جامعة بغداد وما زلت أتذكر وانا طالب في قسم التاريخ بكلية التربية –جامعة بغداد بين سنتي 1964و1968 أتذكر ان كثيرا من اساتذتي وشيوخي كانوا يذكرونه بالخير وانه يعد من الإباء المؤسسين لجامعة بغداد وانه كتب عن (جامعة بغداد ..واجباتها وأهدافها ) وظهر ما كتب في (دليل جامعة بغداد) الذي نُشر في السنة الدراسية 1959-1960 وقد اعيد طبع ما كتب في ( دليل جامعة بغداد ) للسنة الدراسية 1962-1963 .ومما كتبه عن تاريخ جامعة بغداد التي تولى رئاستها بين سنتي 1959-1963 ان فكرة الجامعة لم تكن حديثة العهد في العراق ’ و"لا هي ابنة السنة او وليدة تفكير قصير ، بل كانت عريقة عراقة البلاد ، قديمة قدم الحضارة التي نشأت بين الرافدين دجلة والفرات " .
وقال:" ان التحريات والتنقيبات الاثرية في تل حرمل الواقع قرب بغداد اثبتت وجود المدارس المتخصصة بالعلوم البحتة عند البابليين القدماء . كما قد عني بعض ملوك الاشوريين في جمع الكتب التي كتبت على صفائح الطوب وتكوين المكتبات منها " .
وعرج الأستاذ الدكتور عبد الجبار عبد الله على الفترة الإسلامية وربط تاريخ العراق في العصور القديمة بتاريخ العراق في العصور الوسطى الإسلامية وقال :" ان تاريخ العراق في الدور الإسلامي حافل بذكر المدارس التي كان يؤمها الطلاب من مختلف الأقطار نكتفي بذكر المدرسة النظامية والمدرسة المستنصرية منها وقد قامت تلك المدارس بدور فذ في تغذية الثقافة وتطوير العلوم والفنون والآداب " .
وقف الأستاذ الدكتور عبد الجبار عبد الله عند الفترة المظلمة التي أعقبت سقوط بغداد على يد المغول سنة 656 هجرية 1258 ميلادية وقال :" وعندما استيقظ العراق من غفوته الطويلة قبيل الحرب الاستعمارية الأولى يقصد الحرب العظمى 1914-1918 شرع ببعض الدراسات العالية ، فأنشئت كلية الحقوق سنة 1908 ثم دار المعلمين العالية (كلية التربية ) 1923 والكلية الطبية الملكية العراقية 1927 وكلية الصيدلة 1936 ثم تلتها سائر الكليات ومنها كلية الهندسة سنة 1942 وكلية التحرير سنة 1946 (كلية الملكة عالية للبنات قبل ثورة 14 تموز 1958) وكلية التجارة سنة 1947 . وهكذا كانت جميع هذه الكليات لا تعدو كونها مدارس عليا مهنية غايتها الوحيدة اعداد الموظفين او المتخصصين بمهن معينة .ولذلك فقد كانت المستويات العلمية فيها اوطأ من المستويات المرجوة لها .ولم تعن بالدراسات العلمية والأدبية الحرة كما انها لم تلتفت الى نواحي البحث العلمي والتحري عن الحقائق المعروفة ومدلى صحتها ومقدار انطباقها على الواقع ولذلك فقد كانت بعيدة عن تأمين الحاجة حتى ليتعذر علينا ان نعتبرها نواة للتعليم الجامعي الصحيح " .
اكد الأستاذ الدكتور عبد الجبار عبد الله حقيقة مهمة بصدد نشأة التعليم العالي والبحث العلمي في العراق حين أشار الى ان المجتمع والناس سرعان ما انتبهوا الى ما اسماه (فكرة الجامعة) والى ضرورة العمل على تحقيقها واظنه كان يريد ان يربط الفكرة العلمية هذه بالفكرة الوطنية عندما أشار الى ان هذه الأفكار ساعدت على نشر الوعي من خلال كتابات المثقفين والنخب وبعض المخلصين من أبناء الوطن وما كتبوه ونشروه عن أهمية التعليم الجامعي بدليل ان (الجامعة) أصبحت مطلبا شعبيا مهما وقد كتب في هذا استاذنا الأستاذ حسن الدجيلي في كتابه (تقدم التعليم العالي في العراق) وعندئذ اضطرت الحكومة الى مسايرة هذا الوعي والانسجام معه والقيام ببعض الخطوات في سبيل تحقيق انشاء جامعة في بغداد .
وهكذا تشكلت في سنة 1943 أول لجنة لدراسة مشروع الجامعة ووضع التقارير التي ترشد الحكومة الى كيفية العمل من اجل تنفيذ المشروع وكان يرأس اللجنة المستر هملي الخبير البريطاني ومن بين أعضائها فريق من العمداء والمربين العراقيين والأجانب .
في سنة 1949 تأسست كلية الآداب والعلوم وكان هذا القرار استجابة لتوصيات اللجنة وتم الشروع بوضع قانون جامعة بغداد في أيلول سنة 1956 فكان – بحق – هو الجر الأساسي لبناء جامعة بغداد وتأسيسها تأسيسا رسميا غير ان ذلك القانون ظل معطلا لأكثر من سنة ولم ينفذ الا في أواخر سنة 1957 حين عين الدكتور متي عقراوي اول رئيس لجامعة بغداد ثم عين أربعة من الأساتذة العراقيين أعضاء في (المجلس التأسيسي للجامعة ثم اضيف اليهم عضو خامس واتت ثورة 14 تموز 1958 ليشرع قانون جديد لجامعة بغداد وشرع قانون جامعة بغداد لسنة 1958 وبموجبه تم حل المجلس التأسيسي واستعيض عنه بمجلس الجامعة الذي اجتمع لأول مرة في تشرين الثاني سنة 1958 وكان من اهم ما حصل خلال هذه العملية الاعتراف بقيام جامعة بغداد وضم الكليات القائمة اليها .
بقي الأستاذ الدكتور متي عقراوي رئيسا لجامعة بغداد من تشرين الأول 1957 الى آب سنة 1958 وبعده تم اختيار مساعده الأستاذ الدكتور عبد الجبار عبد الله رئيسا لجامعة بغداد وتولى المنصب في آذار 1959 حتى آذار سنة 1963 .
ويتطلب الامر هنا ان اقف لأجيب عن سؤال يتعلق بمن هو رئيس الجامعة جامعة بغداد الثاني وما هو تكوينه وكيف تم اختياره ؟
وللإجابة على هذا السؤال فإن مجلس الوزراء اجتمع وبحضور رئيس وأعضاء مجلس السيادة للنظر في اختيار رئيس ثان لجامعة بغداد فتم اختيار الأستاذ الدكتور عبد الجبار عبد الله وكان منافسه الأستاذ الدكتور عبد العزيز الدوري عميد كلية الآداب والعلوم والذي اصبح الرئيس الثالث لجامعة بغداد منذ اذار 1963الى اب سنة 1967 .
وثمة قصة تروى تتعلق بإختيار الأستاذ الدكتور عبد الجبار عبد الله ملخصها ان رئيس مجلس السيادة الفريق الأول الركن محمد نجيب الربيعي أشار الى ان الدكتور عبد الجبار عبد الله صابئي فرد الزعيم عبد الكريم قاسم رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة 1958-1963 بأننا بصدد اختيار (رئيس جامعة) وليس ( إمام جامع) وانتهى الامر بصدور الموافقة .
الدكتور عبد الجبار عبد الله من الذين دونت سيرتهم تدوينا تفصيليا وثمة من الف عنه كتابا قائما بذاته وهو الدكتور ستار نوري العبيدي . فهو أي الدكتور عبد الجبار عبد الله من مواليد قلعة صالح في لواء العمارة في 14 تشرين الثاني سنة 1913 وهو من المنتمين للطائفة الصابئية أي المندائية الكريمة والتي تقطن في جنوب العراق منذ العصور القديمة.

والده هو  الشيخ عبد الله ابن الشيخ سام، وكان الرئيس الروحاني الأعلى للطائفة الصابئية المندائية  في العراق والعالم. والدته هي السيدة (نوفه رومي الناشئ) وهي من اسرة معروفة وشقيقها  السيد غضبان الرومي، وكان سياسيا ورمزا اجتماعيا معروفا بين أبناء منطقته.

دخل مدرسة قلعة صالح الابتدائية التي افتتحت سنة 1917 أي خلال فترة الاحتلال البريطاني وكانت تضم في حينه 45 تلميذا من المندائيين واليهود ومثلهم من المسلمين وبعد ذلك دخل الثانوية المركزية ببغداد وتخرج فيها متميزا مما اهله للالتحاق ببعثة الجامعة الامريكية في بيروت وفيها تخرج متخصصا بالفيزياء والرياضيات ثم سافر الى الولايات المتحدة الامريكية ملتحقا بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في بوستن وكان تخصصه هو فيزياء الانواء الجوية وكان المشرف على اطروحته للدكتوراه البروفيسور الدكتور برنارد هوروتز استاذ الانواء الجوية المعروف . عاد الى وطنه وعمل في التعليم الثانوي ودار المعلمين الابتدائية لفترة في العمارة وبغداد واصبح معاونا لمدير الانواء الجوية في مطار البصرة بين سنتي ١٩٣٧-١٩٤١ .
انشغل بالعمل الثقافي الوطني وانتمى الى جمعية الرابطة التي تشكلت سنة 1943 وشغل منصب سكرتير تحرير مجلتها (الرابطة ) وقد كتب عن هذه الجمعية استاذي وشيخي الأستاذ الدكتور فاضل حسين وقال ان من ابرز اهداف جمعية الرابطة بث الثقافة العامة والروح الوطنية والديمقراطية والفكر العلم في العراق وقد انتمى الى هذه الجمعية نخبة من السياسيين والمثقفين المؤمنين بالفكر الديموقراطي الوطني التحرري ..
وبين سنتي 1948-1948 عمل استاذا للفيزياء في المعهد الذي تخرج فيه وهو معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (١٩٤٨-١٩٤٩وخلال عمله هذا انجز بحوثا قيمة في مجال حركة الأمواج ونشوء الأعاصير وعاد الى العراق بعد انتهاء فترة وجوده في الولايات المتحدة الامريكية وعين رئسا لقسم الفيزياء في دار المعلمين العالية 1958-1958 وكما هو معروف كان المربي والمفكر العربي القومي الأستاذ ساطع الحصري هو عميدا لها وكانت الدار التي اصبح اسمها كلية التربية بعد ثورة 14 تموز 1958 مركزا من مراكز الفكر التحرري والتنويري فضلا عن انها كان تضم شعراءا كبارا منهم بدر شاكر السياب ونازك الملائكة . لم ينقطع الأستاذ الدكتور عبد الجبار عبد الله عن مركز دراسته في الولايات المتحدة الامريكية فقد التحق بجامعة نيويورك بين سنتي 1952-1955 متمتعا بإجازة دراسية انحجز فيها بحوثه المهمة عن ديناميكية الأعاصير وعاد الى العراق سنة 1957 ليعين عضوا في المجلس التأسيسي الذي نوهت ايه آنفا وكان برئاسة الأستاذ الدكتور متي عقراوي . كما اختير ليكون رئيسا لتحرير مجلة المجمع العلمي العراقي (١٩٥٧-١٩٦٢). وبعد قيام ثورة ١٤ تموز عام ١٩٥٨ عين الأستاذ الدكتور عبد الجبار عبد الله امينا عاما ورئيسا لجامعة بغداد وكالة وفي سنة 1959 اصبح رئيسا لجامعة بغداد . ومن خلال الاطلاع على ما حصل في جامعة بغداد خلال فترة رئاسته للجامعة 1959-1963 يتضح انه وضع كثيرا من الأسس الإدارية والعلمية والأكاديمية والفكرية للجامعة وسرعان ما احتلت الجامعة في عهده مكانة علمية رفيعة واصبح يشار لها بالبنان وعدت من الجامعات المتقدمة في الشرق الأوسط واقبل عليها الطلبة من جميع انحاء العالم يدرسون فيها كما انها ضمت أساتذة كبارا عراقيين وعربا وأجانب وتم تطوير المناهج الدراسية فيها وذاعت سمعتها في العالم كله ومما يسعدني انني تخرجت فيها سنة 1968 متخصصا بالتاريخ.
طبيعي انعكست الصراعات السياسية على الجامعة خاصة بعد انقلاب 8 شباط 1963 فتم اعتقال من كان محسوبا على الزعيم عبد الكريم قاسم والشيوعيين والديموقراطيين واليساريين واعتقل بضعة اشهر من شباط 1963 الى يوم 8 تشرين الثاني 1963 وبعد اطلاق سراحه عمل أستاذا وباحثا في مركز البحوث الوطني للأنواء الجوية (١٩٦٥-١٩٦٦) وبعدها غادر العراق الى الولايات المتحدة الامريكية وعين أستاذا زائرا في بولدر كولورادو وهناك قام بعدد من البحوث كما اسهم مع جيمس اوبراين في تأليف كتاب حول الموجات ذات السعة المحدودة.
في سنة ١٩٦٦ انتقل الى جامعة ولاية واصبح استاذاً في قسم علوم الانواء الجوية وفي السنة التالية حصل على منحة للقيام ببعض الدراسات حول امكانية الانسان في السيطرة او تغيير الطقس وبالرغم من انجازه دراسة حول الطبقات الغيمية الا انه سرعان تعرض للوهن والمرض فقل انتاجه و توفي رحمه الله في ٩ تموز ١٩٦٩ سنة في مستشفى المركز الطبي في الباني نيويورك عن عمر يناهز ال ( ٥٦ ) سنة توفي رحمه الله وطيب ثراه وهو في عز عطاءه بسبب اصابته بمرض السرطان من نوع (هو جكنز ليمفوما ) ونقل جثمانه الى العراق ودفن حسب وصيته في المقبرة المندائية قرب بغداد .
زوجته ، هي السيدة قسمت عنيسي الفياض . وكان والدها يمتهن الصياغة . وقد عينه الملك غازي ملك العراق السابق (١٩٣٣-١٩٣٩) ، صائغا خاصا بالأسرة الحاكمة ومنحه لقب شيخ. وكانت زوجته معلمة في المدرسة الابتدائية، وقد انجب منها أولاده سناء ، وسنان ، وهيثم ، وثابت . والاخ الدكتور ثابت عبد الجبار عبد الله يعمل عند كتابة هذه السطور، أستاذا في كلية التاريخ بجامعة تورنتو في كندا.

الكاتب الموسوعي المرحوم الأستاذ حميد المطبعي في موسوعته الموسعة وفي الجزء الأول من (موسوعة أعلام وعلماء العراق) ،طبعة مؤسسة الزمان ببغداد سنة 2011 كتب عن الأستاذ الدكتور عبد الجبار عبد الله فقال انه "عالم فيزياء ،من علماء العلوم الطبيعية في العالم . ولد في مدينة (قلعة صالح) بمحافظة ميسان .اكمل دراسته الثانوية في بغداد سنة 1930 ودرس في بيروت وحصل على شهادة البكالوريوس من الجامعة الامريكية في بيروت سنة 1934 وعلى الدكتوراه من معهد ماتسو ست التكنولوجي في الولايات المتحدة الامريكية وعين أستاذا ورئيسا لفسم الفيزياء في دار المعلمين العالية 1949-1958 ومن سنة 1952-1955 رشح أستاذا باحثا في جامعة نيويورك الامريكية وفي سنة 1958 عين امينا عاما لجامعة بغداد ووكيلا لرئيس الجامعة ثم عين رئيسا لجامعة  بغداد سنة 1959 وخلال الستينات من القرن الماضي عمل أستاذا باحثا في الجامعات الامريكية . وكان الأستاذ الدكتور عبد الجبار عبد الله عضوا في العديد من الجمعيات العلمية العالمية في اوربا والولايات المتحدة وحضر مؤتمراتها ونشر عددا كبيرا من بحوثه المبتكرة في المجلات العلمية الامريكية والاوربية وخلال مسؤوليته في جامعة بغداد رفع شعارا يقول:" البحث العلمي هو الغاية القصوى التي تسعى اليها الجامعة لا  التدريس  وحده" . وأضاف الأستاذ حميد المطبعي يقيم الأستاذ الدكتور عبد الجبار عبد الله:" كان عقلا علميا حواريا ديموقراطيا " .

من مؤلفاته المطبوعة (موسوعة الانواء الجوية) وهو ترجمة صدر الجزء الأول سنة 1941 وله كتاب بعنوان (العراق في القرن السابع عشر ) ،  وصدر سنة 1944 وهو أيضا ترجمة كما ان له كتاب بعنوان ( علم الصوت) وصدر سنة 1955 وقد ترجم كتابا بعنوان ( مقدمة في الفيزياء النووية والذرية) تأليف البروفيسور هنري سيمات وصدر بالاشتراك سنة 1962 .

كان يدرك أهمية البحث العلمي والترجمة العلمية وضرورتهما في تلك الفترة التكوينية من تاريخ العراق المعاصر. ومما كان يدعو اليه (الاستقلال العلمي للجامعة). وقد ذهب في كثير مما كان يتحدث به الى " ان العلم في نظرنا وحدة متكاملة والمعرفة لا تتم الا بعد الإحاطة بجميع نواحيها . وأما التجزئة المتبعة في تدريس كل وجه من وجوه المعرفة في معهد او في كلية قائمة بذاتها، فهي تجزئة يحتمها يحتمها اتساع المعلومات وكثرة الحقائق الامر الذي يجعل من المتعذر على الشخص الواحد ان يحيط بها جميعا " .

وكان يدعو الى التخصص الدقيق ويقول :" من المستحسن ان يتعمق الشخص الواحد في فرع ضيق واحد بحيث يتمكن منه ويلم بأهم ما فيه " .ويستدرك ليؤكد على انه لابد "من ان نعود فنجمع ما توصلت اليه الدراسات في تلك الفروع المختلفة ونربطها بعضها ببعض لكي يتبين لنا الشكل العام لهيكل المعرفة الكامل .ثم ان دراسة الفرع الواحد من تلك الفروع لا تستقيم  بإنعزال  ذلك الفرع انعزالا تاما بل ينبغي ان تتعاون الفروع بعضها مع البعض الاخر تعاونا وثيقا لما بيناه من وجود التداخل والترابط في طبيعة اختصاصاتها وحاجة البعض منها الى البعض الاخر واعتماده عليه فالفيزيائي مثلا لا  يستطيع ان يستغني عن مساعدة الرياضي وكثيرا ما يعود الى الكيماوي يستنير برأيه والى المهندس يستعين به على وضع التصاميم لأجهزته ، وقس على ذلك وهذا التعاون لا يتأتى الا  اذا كانت كافة الفروع قريبة من بعضها من البعض الاخر بحيث يسهل القيام بالاتصال دوت ان يعيقه عائق البعد والمسافات " .

اريد ان أقول ان الأستاذ الدكتور عبد الجبار عبد الله وهو الأستاذ المتخصص والداعي الى الاهتمام بالتخصصات العلمية وحاجة كل تخصص الى الاخر نجده يهتم بمباني جامعة بغداد فهو من كان وراء اختيار موقع جامعة بغداد الحالي وقال اننا اتفقنا على :"بقعة جميلة في الزاوية الجنوبية من بغداد في ضاحية الجادرية فهي من اخترناها لتقام عليها ابنية جامعة بغداد وهذا الموقع محاط من جهاته الثلاث بنهر دجلة بحيث ان مدينة بغداد مهما نمت واتسعت ،فإنها لن تطغى على الجامعة ولن تختلط بها بل سوف تبقى الجامعة منعزلة عن ضوضاء المدينة بعيدة عن مداخلاتها .كما انها سوف تبقى محافظة على جمال موقعها متميزة بكافة ما تتميز به الضواحي البعيدة عن المدن وهذا الموقع بالرغم من انعزاله عن المدينة فهو قريب منها يسهل الوصول اليه في بضع دقائق بفضل الجسر الذي سيربطه بقلب المدينة " . واستمر وهو يتحدث عن مستقبل ابنية جامعة بغداد سنة 1959-1960 وأمام الزعيم عبد الكريم قاسم رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة 1958-1963  ليقول:" ان مشروع ابنية جامعة بغداد ادخل ضمن مشاريع الاعمار وعدته الحكومة من اهم مشاريعها واعطته الاسبقية واختارت له مهندسا معماريا عالميا يتمتع بشهرة عالمية واسعة هو ( البروفيسور ولتر كروبيوس) ،  الذي وضع التصاميم اللازمة له والتي كانت من اجمل تصاميم الجامعات اطلاقا " .

كان الأستاذ الدكتور عبد الجبار عبد الله يدرك ان للجامعة وطبعا جامعة بغداد التي تولى رئاستها سنة 1959 فتية وناشئة ولابد من وضع فلسفة لإدارتها وتوضيح الواجبات التي يجب ان تضطلع بها لهذا حدد واجباتها وهو لم يزل في بدء تسلمه مهامه بالقول ان الواجب الأول للجامعة هو تدريس مختلف المهنة التي يحتاجها الوطن ولابد ان تستهدف المناهج اعداد الخبراء القادرين على الابداع ضمن اختصاصات المهن المحتفلة فضلا عن تسيير الاعمال الاعتيادية .ويفسر ذلك بالقول ان العراق بعد ثورة 14 تموز 1958 هو في فترة انتقال يتحول خلالها من بلد متخلف يمتلك ثروات طبيعية لم تستغل بالشكل المطلوب الى بلد متقدم لراق يتطلع الى وضع تلك الثروات في خدمة الشعب لترتفع مستوى معيشته ولنعم بالرغد والرفاه . وللقيام بهذا الواجب تعمل الجامعة على ان تحور مناهجها التعليمية وتقوّمها حتى تكون في مصاف المناهج اللائقة بالتعليم الجامعي وان تقوم بتهيئة الوسائل اللازمة للقيام بالتدريس قياما متقنا وعميقا. وتتلخص هذه الوسائل بتوفير المختبرات التعليمية واستكمال أجهزتها وادارتها واستكمال المكتبة وتزويدها بأهم المراجع والنشرات والمجلات الاكاديمية والثقافية والعلمية وتهيئة قاعات الدراسة والمطالعة وتوفير العدد اللازم من الأساتذة المتخصصين ومساعديهم.

ووقف عند الواجب الثاني للجامعة طويلا وهو ما اسماه بالواجب التربوي ويتلخص بتربية الشباب تربية صحيحة تهيؤهم لان يكونوا مواطنين صالحين في بلدهم العراق. فالمواطن الصالح يقول – في نظرنا – من كان متمتعا بالصحة السليمة جسمية كانت أم عقلية ،ومن كان ناضجا في ثقافته الاجتماعية واعيا لمطالب العصر المتطور ومن كان واقفا على ميول جمهوريته جمهورية العراق ونزعاتها متفهما أهدافها مؤمنا بواجباته الوطنية تجاهها قادرا على الإضافة الى فلسفتها ما من شأنه ان يؤدي الى تقدمها وتطويرها ،متمكنا من التفكير الإيجابي في القضايا التي تعرض له مستعدا لتنفيذ ما يعهد اليه من الاعمال بروح متقبلة منطلقة وايمان بصحتها ووجاهتها مروضا نفسه على حب النظام والتقيد بالحميد من العادات الاجتماعية والسلوك المتزن المقبول .

وللنهوض بهذا الواجب وضع الأستاذ الدكتور عبد الجبار عبد الله رئيس جامعة بغداد كل المستلزمات التي تساعد في ان يتوفر في الجامعة الجو العلمي والمجتمع العلمي الذي يساعد الطلبة على ان يعيشوا داخل الجامعة ويستمتعوا بما يتوفر فيها من ساحات وحدائق وقاعات صالحة لممارسة سائر الفنون الجميلة وممارسة الألعاب الرياضية بمختلف أنواعها وان تنظم الجامعة المحاضرات التثقيفية والحلقات الجدلية – السمنارات والجمعيات العلمية وتحبب للطلبة المساهمة في كل هذه النشاطات والفعاليات ومجمل القول في هذا الواجب الثاني أي واجب التربية ،انه ينتظم كافة أوجه الحياة التي لا تتناولها المناهج الدراسية .

ويأتي الأستاذ الدكتور عبد الجبار عبد الله الى الواجب الثالث للجامعة وهو واجب (البحث العلمي) فيقول ان الكثير من جامعات العالم الراقية تُسّلم بأن البحث العلمي هو واجبها الرئيسي، وتعد التدريس واجبا ثانويا يتأتى عرضا اثناء القيام بهذا الواجب. وهذا هو الفرق الأساسي بين (الجامعة ) وبين (مجموعة من الكليات والمعاهد) فالمفروض في الكليات والمعاهد المهنية ان تتخصص بالتدريس وتتفرغ له .  وما قد يقوم به بعض أعضاء الهيئة التدريسية من بحوث ؛ فإنما يتأتى عرضا وربما كان مردها الى رغبة فردية تنشأ  في الباحث نفسه ومن هنا نشأ السبب في ان بعض الدول قد اخذت عزل المعاهد والكليات المهنية عن الجامعة وقصرت الجامعات عندها على الكليات المتفرغة للعلوم الحرة التي تؤهل الطلبة للبحث العلمي وكما هو معروف فإن البحوث العلمية عموما تنقسم الى نوعين بحوث أساسية وبحوث تطبيقية ، فإما البحوث الأساسية قهي التي يتوخى منها الإضافة الى معلوماتنا العلمية البحتة وتحصل بتطوير النظريات القائمة وتقديمها وابتداع نظريات جديدة واستخلاص النتائج الجديدة من النظريات القائمة . ويؤكد الاستاذ الدكتور عبد الجبار عبد الله :" ان الجامعة هي الموطن الأول لهذا النوع من البحوث ومن هنا فالكثير من الجامعات الرصينة جعلت شعارها :"البحث عن الحقائق وفحصها والدعوة اليها وتدريسها هي مهمتنا الحقيقية " .

واما البحوث التطبيقية فالغرض منها أخذ النظريات العلمية القائمة واعتبارها حقائق نسبية مفيدة ومحاولة وضعها في صيغ عملية مناسبة تيسر الإفادة منها في الحياة العلمية وطبيعي هذه البحوث تنبثق عن المتطلبات الناشئة في المجتمع " .

ويذكر الأستاذ الدكتور عبد الجبار عبد الله ثلاث غايات للبحوث التطبيقية هي:

أولا: دراسة حاجات البلد ومشاكله القائمة

ثانيا: دراسة النظريات القائمة وتفهمها وفحصها والتأكد من مطابقتها للنتائج التجريبية

ثالثا: دراسة الظاهر الطبيعية والاجتماعية وفحصها ومحاولة اشتقاق القواعد التجريبية التي تخضع لها ثم ربطها بالحياة العامة بغية الاستفادة منها.

ويؤكد الأستاذ الدكتور عبد الجبار عبد الله حقيقة مهمة وهي ان البحث العلمي أمر واحد لا حدود فاصلة بين نوعيه فالبحث الأساسي يتداخل كثيرا بالبحث التطبيقي وعلى الباحث التطبيقي ان يستوعب نظريات الباحث الأساسي ويتفهمها وكثيرا ما يمارس الباحث الواحد نوعين من البحث في آن واحد.

ويشير الى حقيقة لم تكن في حينها معروفة كثيرا لكنه اشرها بدقة وفهم وحرص وهي ان هناك حلقة الوصل بين المفكر والعامل وحلقة الوصل هذه هي (التكنولوجيا)، فالباحث التطبيقي يأخذ النظريات من الباحث الأساسي ويصف الطرق لاستغلالها والإفادة منها في الحياة الاعتيادية ثم يعطيها الى الاختصاصي في التكنولوجيا لكي يبني  الآلة  التي تعمل بموجبها او الجهاز الذي ينفذ تصاميم الباحث وعند عدم ارتباط المتخصص بالتكنولوجيا تبقى دراساته مجرد خطط مرسومة على الورق فقط .

هنا دعا الأستاذ الدكتور عبد الجبار عبد الله ، صانع القرار السياسي الى توفير كل المستلزمات للنهوض بالبحث العلمي وحددها  بتهيئة العلماء المجربين على ممارسة البحث العلمي وتوفير المختبرات والمكتبات والجو العلمي الذي يساعد على البحث والإنتاج .

الأستاذ الدكتور عبد الجبار عبد الله كان يقول ان الباحث لا يأتيه العلم بطريقة الوحي والتجرد بل بالتعلم والتدريب والممارسة وكان يعتقد ان العلم "اممي" وشامل والعالم يجب ان لا يعزل نفسه عن المجتمع في برج عاجي فهذا مما يقبر مواهبه .

واخير فالأستاذ الدكتور عبد الجبار عبد الله كان عالما وفيلسوفا يمتلك نظرة شمولية الى الكون والمجتمع والحياة وكان يريد من الجامعة من جامعة بغداد ان تكون في مستوى علمي رصين شأنها شأن الجامعات العالمية ويذكرني هنا بالمرحوم الأستاذ الدكتور محمود الجليلي اول رئيس لجامعة الموصل 1967 ومؤسسها وواضع أسسها العلمية والإدارية والمالية والفكرية كان الأستاذ الدكتور عبد الجبار عبد الله رائدا في قيادة جامعة بغداد كما كان من بعده الأستاذ الدكتور محمود الجليلي رائدا في قيادة جامعة الموصل فكليهما نقل تجربته في التعلم خارج العراق والأستاذ الدكتور عبد الجبار عبد الله قال ان الجامعة جامعة بغداد وحتى تقوم بواجباتها في البحث والتدريس عليها :

1.   تهيئة العلماء وارسال البعثات الى الجامعات الأجنبية ليتدربوا على البحث وممارسته.

2.    استقدام العلماء الأجانب ممن تضلعوا في البحث العلمي للتدريس والقاء المحاضرات

3.   إقامة المختبرات وتهيئتها بما تحتاج اليه من أجهزة

4.   انشاء مكتبة مركزية لائقة بالبحث والاشتراك بالمجلات الاكاديمية العالمية

5.   الاتصال بمؤسسات البحث العلمي ومراكزه المنتشرة بالعالم والإفادة منها وعقد اتفاقات علمية معها وتبادل النشريات العالمية

6.   اصدار مجلات اكاديمية علمية محكمة داخل الجامعة

7.   تشجيع النقد العلمي النزيه

8.   إقامة الندوات والمؤتمرات والحلقات النقاشية وورش العمل لمبادلة الرأي في المشاكل القائمة

9.   تشجيع الأساتذة والمدرسين والمدرسين المساعدين للمشاركة في الندوات والمؤتمرات العلمية خارج العراق

10.                     منح الجوائز والمكافئات للمتفوقين والاعتراف بقيمة مجهوداتهم.

الأهم من هذا كله لابد من ان تضطلع الجامعة –ويجب ان لا ننسى ان الأستاذ الدكتور عبد الجبار عبد الله هو ثاني رئيس لجامعة بغداد الدكتور متي عقراوي وكان هو مساعدا له كان عند تسلمه العمل يؤكد ان لابد من "رسم الخطط العامة للبحوث العلمية" بحيث تنتظم في مشاريع علمية تؤلف وحدات قائمة بذاتها ويعمل في كل مشروع نخبة من الأساتذة والطلبة على شكل فرقة متضامنة واحدة يساعد كل منهم الاخر ويشاركه.

وعلى هذا الأساس دعا الى انشاء مجلس علمي اعلى في الجامعة بقوم بوضع الخطط العلمية وهنا اكد على حقيقة مهمة وهي ان لابد من إعطاء الباحث (حرية) و(استقلالية) ومنحه الوقت الكافي فالبحوث في الجامعة لا تزدهر الا اذا كان في الجامعة (دراسات عليا) على مستوى الماجستير والدكتوراه ويقينا ان جامعة بغداد كما قال هو في حينه ما تزال (طفلة لم يمض على ولادتها الحقيقية اكثر من سنتين والاهداف التي تسعى الى تحقيقها اهداف جسام لا يسهل تحقيقها بمجرد الرغبة وحسن النية ولابد من الانتظار مدة قد تطول قبل ان تبلغ تلك الاهداف النبيلة " . ودعا الى توفير الاستقرار وهو من اهم ما تتطلبه الجامعة للقيام بواجباتها وقال:"ان الاستقرار لا يتأتى الا بالاستقلال واذن فلابد من ضمان استقلال الجامعة لتكون بعيدة عما قد يستجد من الاهواء والنزعات “. الاستاذ لكي يعمل يحتاج الى جو  من الحرية الفكرية والشرط الأساسي لممارسة الحرية الفكرية هو الشعور بالحصانة القانونية واستمداد القوة والصلابة من ذلك الشعور " . ووعد ان يعمل من اجل التقدم بطلب سن قانون جديد للجامعة يحقق لها هذا المطلب الأساسي وهو (الحرية الفكرية واستقلال الجامعة) .

أقول ختاما ان اول قانون لجامعة بغداد شرع في أيلول سنة 1956  وكان الحجر الأساس لبناء جامعة بغداد لكنه بقي حبرا على ورق ولم ينفذ حتى أواخر سنة 1957 حين عين الدكتور متي عقراوي اول رئيس لجامعة بغداد ثم اصبح للجامعة مجلس تأسيسي تألف من خمسة أعضاء كان الأستاذ الدكتور عبد الجبار عبد الله عضوا فيه وبعد ثورة 14 تموز 1958 شرع قانون جامعة بغداد لسنة 1958 والغي المجلس التأسيسي وحل محله مجلس الجامعة وكان الأستاذ الدكتور عبد الجبار عبد الله عضو المجلس التأسيسي هو من قدم عددا من المقترحات لتطبيقها خلال فترة الانتقال بحيث تنتقل الكليات من وضعها المستقل القائم الى وضعها الجامعي الجديد كليات تنتظمها الجامعة وتدار من قبل عميد ومجلس كلية يتألف من رؤساء الأقسام وتعرض قانون جامعة بغداد الى التعديل الأول وأقيم اول حفل للتخرج مساء يوم الأربعاء 16 حزيران 1958 على ملعب ساحة الكشافة وكان الدكتور متي عقراوي هو رئيس الجامعة واصدر وزير المعارف (التربية) الدكتور عبد الحميد كاظم امرا وزاريا في 10 كانون الأول 1957 بالحاق الكليات المختلفة بجامعة بغداد وصدر قانون جامعة بغداد رقم 28  لسنة 1958 وأحيل رئيس جامعة بغداد الدكتور متي عقراوي  اول رئيس لجامعة بغداد على التقاعد وعين الدكتور إبراهيم شوكت الأمين العام وكيلا لرئيس جامعة بغداد لمدة قصيرة وتولى الأمانة الدكتور عبد الجبار عبد الله وبعد حركة الموصل المسلحة في 8 آذار 1959 بقيادة العقيد الركن عبد الوهاب الشواف المضادة للزعيم عبد الكريم قاسم رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة 1958-1963 ظهرت الحاجة الى التغيير والاتيان  برئيس جديد للجامعة فأصبح الأستاذ الدكتور عبد الجبار عبد الله اول رئيس لجامعة بغداد في العهد الجمهوري .

وعندما تسلمها الأستاذ الدكتور عبد الجبار عبد الله كانت تتألف من كلية الآداب – كلية التجارة والاقتصاد – كلية التحرير – كلية التربية –كلية الحقوق –كلية الزراعة – كلية الشريعة –كلية الصيدلة – كلية طب بغداد – كلية طب الموصل – كلية طب الاسنان – كلية الطب البيطري – كلية العلوم – كلية الهندسة – معهد الدراسات الإسلامية العليا – معهد بحوث المناطق القاحلة – معهد التاريخ الطبيعي – معهد الإدارة العامة – المعهد العالي للتربية الرياضية – معهد الغابات العالي – معهد اللغات العالي – معهد المساحة العالي- معهد الهندسة الصناعية العالي وارتبطت برئاسة الجامعة الدوائر التالية : مديرية التسجيل العامة – عمادة الطلبة – دائرة البعثات العربية – المكتبة المركزية – رئاسة الهندسة – مديرية الحسابات – مديرية الصحة – الدوائر العلمية . وقد بلغ عدد طلبتها عند السنة 1962 اكثر من 14000 الف طالب وطالبة بعد ان كانت تضم المئات فقط وصارت عندئذ صرحا علميا كبيرا يؤدي رسالته في البحث والتدريس والاعداد العلمي وكان لرئيس الجامعة الأستاذ الدكتور عبد الجبار عبد الله دور قيادي كبير في تأسيس وتطوير جامعة بغداد.

حين توفي نعاه شاعر القرنين الاستاذ عبد الرزاق عبد الواحد بقصيدة رائعة يقول فيها :

هذا  أوانك   لا    أواني       ...    ورهان مجدك لا رهاني
وصداك انت المالئ الدنيا     ...     فما     جدوى   بياني ؟
مرماك  أوسع  من  يدي    ...      وثراك  أبلغ من لساني
وسناك  أبعد في المروءة  ...      أن  اراه ، وأن  يراني
وحضورك الباقي ...   وكل  حضور  من  ولدوك   فاني
يامن  له  كل  المكان        ...    وليس  يملك  من  مكان  
يا ايها  القديس  يحمل     ...    صمته  حمل  الاذان
وتدورعمق الكون انجمه       ... ونحسبها دواني
واقول قد القاك ، قد      ...    يرضى زمانك عن زماني
فأراك ، ألمح مقلتيك     ...    على    كتابك  تحلمان
وارى لجسمك وهو مثل    ...   الطيف .. يعبر في  ثواني
فأحس كل مروءة الدنيا   ...     تغلغل  في  كياني
واحس ضوءك وهو يملؤني ...  ويمسح  من  دخاني
ويعيد لي صفوي ...     ويمنحني شجاعة  ان اعاني

قالوا.. وانت تموت...            كانت مقلتاك ترفرفان
كحمامتين   غريقتين      ...      عن العمارة  تبحثان
وبقيت    حتى   اخر    الانفاس   تلهج    في  حنان
لو    نسمة   هبت    بقلعة   صالح    لك    بالامان
لو   نهرها   ناداك  آخر  مرة  ......... والشاطئان
لو  طوّقاك  فنمت   في  حضينيهما   والفجر  داني
فترى   الى   شمس   العراق   ومقلتاك   تحدّران
مشبوبة  هي  في  المياه  وانت  مشبوب  المحاني

رحم الله الأستاذ الدكتور عبد الجبار عبد الله وطيب ثراه وجزاه خيرا على ما قدم لوطنه وامته . 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

فاروق عمر فوزي وكتابه : تجربتي في الكتابة التاريخية بقلم : الأستاذ الدكتور إبراهيم خليل العلاف

  فاروق عمر فوزي وكتابه : تجربتي في الكتابة التاريخية الأستاذ الدكتور إبراهيم خليل العلاف أستاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل أجا...