الخميس، 29 ديسمبر 2022

                                       ابراهيم العلاف امام تمثال الشاعر ابو تمام ..ونصب ابي تمام في حديقة الشهداء


ابو تمام والموصل
- ابراهيم العلاف
يعتز الشاعر الكبير أبو تمام الحبيب بن أوس الطائي 804 -846 م بالموصل وهو دفينها .. ويعتز الموصليون بأبي تمام كثيرا .. فقد نظموا له مهرجانا كبيرا في كانون الاول -ديسمبر 1971 .كما أقاموا له تمثالا رائعا صممه ونفذه الفنان الكبير الاستاذ نداء كاظم كان يستقر قرب الجامع المجاهدي على كورنيش الموصل القائم على الضفة اليمنى لنهر دجلة الخالد وقد دمرته عناصر داهش عند سيطرتها على الموصل 2014-2017 .
ومن ثمار جولتي يوم السبت 3-4-2021 في الجانب الايمن من مدينة الموصل أي في المدينة القديمة هذه الصورة التي التقطها لي ولدي الدكتور هشام وانا اقف امام تمثال الشاعر الكبير ابو تمام الطائي عند كورنيش الموصل قرب جامع الخضر عليه السلام ..الموصليون ابوا الا ان يعيدوا التمثال تمثال من قال : السيف اصدق انباء من الكتب . ومن نفذ التمثال النحات الفنان الاخ والصديق الاستاذ عمر الخفاف شيء رائع جدا ..
فضلا عن ذلك كان لأبي تمام (نصب) فخم في حديقة الشهداء وسط الجانب الايمن من المدينة وفي أكبر حدئق الموصل تجدون صورته الى جانب هذه السطور .....يقول الشاعر أبي تمام يصف الطبيعة في الموصل :
رقتَّ حواشي الدهر فهي تمرمرُ
وغدا الثرى في حليه يتكســـــر
نزلت مقدمة المصيف حميــــدة
ويد الشتاء جديدة لا تكفـــــــــر
لولا الذي غرس الشتاء بكفــــه
لاقى المصيف هشائما لا تثمــر
كم ليلة آسى البلاد بنفســـــــــه
فيها ويوم وبله مثعنجـــــــــــــر
مطر يذوب الصحو منه وبعــده
صحو يكاد من الغضارة يمطــــر
غيثان فالأنواء غيث ظاهــــــــر
لك وجه، والصحو غيث مضمـر
وندى إذا ادهنت لمم الثــــــــرى
خلت السحاب أتاه وهو معــــــذر
ما كانت الأيام تسلب بهجـــــــة لو
أن حـسن الروض كان يـعــمــــر
أولا ترى الأشياء إن هي غيـًّرت
سمجت وحسن الأرض حين تغيـًّــر
...................................................رحم الله شاعرنا الكبير

 

ابراهيم العلاف عند تمثال الشاعر ابي تمام في شارع الكورنيش بالموصل


     ابراهيم العلاف عند تمثال الشاعر ابي تمام في شارع الكورنيش بالموصل 2021

تاريخ حديقة الشهداء في الموصل ................ا.د. ابراهيم خليل العلاف


 

                                                                          نصب الشهيد في حديقة الشهداء

                                                     واجهة حديقة الشهداء في الموصل

 تاريخ حديقة الشهداء في الموصل

ا.د. ابراهيم خليل العلاف

استاذ التاريخ الحديث المتمرس – جامعة الموصل

في الجانب الايمن من مدينة الموصل حديقة عامة كبيرة تسمى "حديقة الشهداء " وأصل هذه الحديقة ساحة كانت تتدرب فيها قطعات الجيش العثماني حيث انها تمتد لمسافات كبيرة  كانت تضم القشلة المدنية والقشلة العسكرية وهي نفسها اليوم تضم دار محافظ نينوى  وبناية المتحف الحضاري وبناية المستشفى العسكري وبلدية الموصل وبناية المكتبة المركزية العامة القديمة والتي اصبحت مديرية الوسائل التعليمية .وقد اعتادت  القيادة العثمانية في مقر ولاية الموصل تنظيم الاستعراضات العسكرية الرسمية والسباقات المدرسية والاحتفالات الحكومية وقد ابتدأ الوالي المصلح محمد اينجة بيرقدار والذي تولى امر الموصل سنة 1832 بتشجير الساحة التي تحولت في عهد الاحتلال البريطاني(1918-1921 ) الى حديقة عامة عندما ُسيجت واطلق عليها اسم " حديقة ايمري" و( ليبولد ايمري )    هو  وزير المستعمرات البريطاني الذي احتلت الموصل في عهده وامام الحديقة الساحة التي كانت تتم فيها الاستعراضات العسكرية العثمانية وقد اطلق على الساحة سنة 1918 اسم "ميدان فانشو " نسبة الى القائد البريطاني الذي احتلت قواته الموصل في 11 تشرين الثاني –نوفمبر 1918 الجنرال فانشو.

     وبعد تكوين الدولة العراقية الحديثة بذل متصرفو  الموصل جهودا كبيرة من اجل تطوير الحديقة وتجميلها وزرعها بالأشجار دائمة الخضار . وفي سنة 1923 واثناء " حركات بارزان  الاولى "في شمال العراق سقطت في الحركات طائرة  كان يقودها " الطيار فائق الطائي " في 8نيسان 1923 الموافق 12 ذي الحجة سنة 1315 هجرية وكان معه مساعده المرحوم " محمد عباس " ، وتقرر دفن جثمانيهما في الحديقة  واصبح لهما نصب يعرف ب" نصب الشهداء" ، وتغير اسم الحديقة الى "حديقة الشهداء ". ويذكر الحاج عبد الجبار جرجيس الباحث التراث الموصلي في مقال له عن حديقة الشهداء منشور في جريدة فتى العراق في عددها 27 ايلول –سبتمبر 2008 ان الحديقة كانت تشهد في عيد تأسيس الجيش في 6 كانون الثاني –يناير من كل عام احتفالية توضع فيها اكاليل الزهور على ضريح الشهيدين واستمر الحال هكذا حتى سنة 1968 . وعندما توفي رئيس بلدية الموصل السيد خير الدين العمري سنة 1951 ، وكانت له جهوده الكبيرة في اعمار الموصل وتحديثها عندما تولى البلدية من 1932-1949 ،  أراد المجلس البلدي تكريمه ، فدفن في حديقة الشهداء واقيم له نصب تذكاري لايزال موجودا في الحديقة .

    وثق للحديقة عدد من ادباء الموصل وشعراءها ، وممن أرخ للحديقة ووثقها شعرا ونصا الدكتور ذو النون الاطرقجي والقاص الاستاذ انور عبد العزيز والكاتب والباحث صلاح سليم علي .  وكان للجميع ،ومنهم كاتب هذه السطور، ذكريات جميلة فيها فلقد كان الطلبة عبر  السنوات الماضية يدرسون فيها ويقضون امتع اوقاتهم اذ كانت  هي وحديقة الشعب في الجانب الايسر من الموصل متنفسهم الوحيد وللأسف لم يبن او يؤسس اي مسؤول  حكومي منذ 80 عاما حديقة في الموصل على غرار حديقتي الشهداء والشعب. وادناه ماقاله الاستاذ ذو النون الاطرقجي في  حق حديقة الشهداء :

مفتوحة للعابرين والمقيمين وللجيران

لطالبي المتعة والنزهة

والمتعبون يستريحون على المصاطب الخضراء

يحلمون

والكهول ينثرون ذكرياتهم

في أخريات الضوء

والحدائقيون يشذبون ما طال من الثيل

والآس

ويزرعون شتلات جديدة تسر العابرين

والمتعبون يرمقونها ويبسمون

أبوابها الستة

مفتوحة للناس فوق مصاطبها،

يشمسون يرقبون يقظة الورود من نداها

للفصول المبطئات

للهواء ينقل العبير والغبار

والتلاميذ يروحون،

يجيئون

ساعة للدرس

ساعتين للهو وللورود

...

سياجها الطويل لم تكن له نهاية

كدجلة الطويل

كانت تسع الدنيا

ومما كتبه الاستاذ انور عبد العزيز عنها : " قبل أربعين عاماً في الخمسينات وجزء من الستينات كانت حديقة الشهداء معلماً جميلاً بهياً، وكانت رمزاً للموصل أبّهة وفرحاً ونظافة، في التصنيف البلدي لم تكن أكثر من حديقة ولكنّها كانت من أجمل حدائق العراق تخطيطاً وتنسيقاً وشجيرات ورد وزينة وطيور، كان الكلّ محباً لها معتزاً بها، لم يجرأ أحد – إلاّ في النادر – على العبث بها، وحتى الصغار يتعاملون معها بتقدير..." . أما الاستاذ صلاح سليم علي فكتب عن الحديقة وقال :" حديقة الشهداء كانت اشبه بجامعة حرة مفتوحة في الهواء الطلق ، وهي بحكم اجواء ام الربيعين تنسجم مع مناخات المدينة واجوائها الطبيعية والوجدانية معا . كما تقدم دربا مختصرا عاطرا لمن يقدم من المكتبة المركزية  العامة او الجسر الجديد او شارع حلب عبر الإعدادية الشرقية او الكورنيش الى الدواسة او النبي شيت التي تختزن افكار الحركة القومية وانتفاضة الشواف ..وذكريات أخرى كثيرة..." .

خلال فترة سيطرة عناصر داعش على الموصل 2014-2017 وحرب التحرير تعرضت حديقة الشهداء للتخريب واصابها الاهمال للأسف الشديد ولكن –والحمد لله – توجهت اليها الانظار وتمت اعادة تأهيلها

وافتتاحها في اواخر حزيران سنة 2021  بدعم من (الوكالة الاميركية للتنمية ) وبالتعاون مع (فريق خلوها اجمل التطوعي) ومديرية بلدية الموصل ) بوركت الجهود ولنجعل مدينة الموصل خضراء كما كانت .

*نصب الشهيد في حديقة الشهداء في الموصل 


قد لايعرف كثيرون ما الذي يمثله ( نصب الشهيد) في حديقة الشهداء في الموصل .صورة نشرتها سنة 2013 في صفحتي هذه الفيسبوكية واليوم هو 18 من نيسان - ابريل وفي مثله سنة 1932 اي في 18 نيسان 1932 استشهد الطيار العراقي ناطق الطائي ومساعده محمد عباس.. استشهدا في ماكان يسمى انذاك حركات الشمال فاقيم لهما نصب سمي نصب الشهيد ولايزال قائما في الحديقة حديقة الشهداء التي شهدت اليوم تنظيما وتشذيبا رحم الله الشهيدين ورحم الله كل شهداء العراق ولااعلم من هو الفنان الذي نحت النصب .............................ابراهيم العلاف 18-4-2021
**حديقة الشهداء في الموصل تُبعث من جديد
بلدية الموصل وبالتعاون مع منظمة ابناء الحدباء للاغاثة والتنمية، تشرعان بزراعة عدد من الاشجار في حديقة الشهداء بدعم من الوكالة الامريكية للتنمية الدولية - برنامج تعافي USAID .وتأتي هذه الاعمال ضمن خطة محافظ نينوى نجم الجبوري ومدير بلدية الموصل المهندس عبدالستار الحبو، في اعادة تأهيل وتشجير المسطحات الخضراء في المدينة.



شلالات الموصل ................ ا.د.ابراهيم خليل العلاف

                                                           شلالات الموصل على نهر الخوصر 


شلالات الموصل

ا.د.ابراهيم خليل العلاف

استاذ التاريخ الحديث المتمرس – جامعة الموصل

ومما ذكرنا بما نسميه نحن في الموصل (منطقة الشلالات) ، أو (شلالات الموصل) تصريح السيد وزير الثقافة والسياحة والآثار الجديد الاخ والصديق الاستاذ الدكتور احمد فكاك البدراني –  وهو بالمناسبة تلميذي اشرفت عليه في الماجستير والدكتوراه- قال ان وزارته ستعمل على اعادة اعمار الشلالات وهي اليوم مهملة وسيتم بناء فندق سياحي كبير فيها وستعود الى رونقها منطقة سياحية جميلة ومتنفس لأهالي الموصل منذ زمن بعيد .

وكما يعرف الجميع ان الشلالات هذه تقع على نهر الخوصر التاريخي وهو النهر الذي ينحدر الى مدينة الموصل ليصب في النهاية في خاصرة نهر دجلة عند مقتربات الجسر العتيق جسر نينوى او جسر الملك غازي في باب الجسر والميدان .

ونهر الخوصر نهر صغير تقع منابعه في باعذرة بقضاء الشيخان وهو جزء من مشروع اروائي كبير عمل فيه الاشوريون وعاصمتهم نينوى قبالة الموصل تحويل نهر الكومل اليه من خلال مسننات مائية والهدف كان تزويد عاصمتهم بالمياه العذبة وقبل دخول نهر الخوصر الى الموصل  بذلت الجهود قبل سنوات لإقامة مدينة سياحية تعرف اليوم  ب(مدينة الشلالات السياحية ) ، وكان هذا قبل الاحتلال الامريكي في 9 نيسان 2003 وقد نهبت المدينة وخربت دورها السياحية وملاعبها ومساحاتها الخضراء ومطاعمها ومظاهرها العامة لتتحول الى انقاض وارض جرداء مشاهدتها تُمي القلب حقا وقد زرتها قبل فترة فتألمتُ وكتبتُ عن اهمية اعمارها وتأهيلها وجلب شركة استثمارية للقيام بذلك ولكن لم اسمع ردودا على مناشداتي بسبب ضياع المسؤولية الادارية عليها ولكن اقول ان جهود وزارة الثقافة والسياحة والاثار وجهود بلدية الموصل وبلديات محافظة نينوى يجب ان تتظافر لكي تتم عملية اعادة (المنطقة السياحية في مدينة الشلالات ) الى سابق مجدها وافضل .

الان نأتي لنتحدث عن تاريخ المدينة السياحية في الشلالات فأقول ان في هذه المدينة وهي متنزه قبل اي شيء أخر وهذا المتنزه يقع على طريق الموصل – الشيخان وهو يبعد عن مركز محافظة نينوى بقرابة (10) كيلومترات والموقع بالاصل اقيم كما سبق ان قلت في مكان سد اثري انشأه الملك الاشوري سنحاريب ( 705-861 قبل الميلاد ) وآثار هذا السد باقية حتى يومنا هذا في موقع الشلالات كما نرى في الصورة المرفقة 
 



تاريخ الاعدادية الشرقية للبنين في الموصل



 



تاريخ الاعدادية الشرقية للبنين في الموصل

 
ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس – جامعة الموصل


اولا يجب ان نُفرق بين ( الاعدادية الشرقية)  و( بنايتها الحالية) ،  فبناية الاعدادية الشرقية الحالية اشغلتها المدرسة الاعدادية (موصل اعدادي مكتبي )  في العهد العثماني ثم اشغلتها (المدرسة الخُضرية)  نسبة الى جامع الخضر عليه السلام والقريب منها   في عهد الاحتلال البريطاني 1918- 1920 ، واشغلتها (ثانوية الموصل) في العهد الملكي ، وبعدها (الاعدادية المركزية )حتى سنة 1954 عندما بنيت لها بناية خاصة في باب سنجار قرب البارودخانة ومطبعة جامعة الموصل سابقا .

ولفهم كل ذلك اقول ان ( بناية الاعدادية الشرقية) الحالية والشامخة حاليا   بنيت في عهد والي الموصل مصطفى يمني  باشا العابد وهو عربي من ال العابد بدمشق –سوريا وبنيت بتبرعات الاهالي  اهالي الموصل  وقد سبق أن افتتحت في احتفال مهيب في الخامس عشر من ايلول سنة 1908 هي التي نتحدث عنها ولكن بالتسميات التي اشرت اليها لكن البناية هي نفسها التي هي شامخة بالرغم من عوادي الزمن وما لحق بها من التخريب خلال سيطرة عناصر داعش وحرب تحرير الموصل منهم 2014-2017

ولقد كتبت كثيرا عن الاعدادية الشرقية وبنايتها – بحكم تخصصي فأنا كتبت اطروحتي للدكتوراه سنة 1979 عن التعليم في العراق 1914-1932 ومما قلته عن بناية الاعدادية الشرقية أن  بناية الإعدادية الشرقية في مدينة الموصل  ترتبط بأذهان الموصليين على أنها فصل مهم من فصول التربية والتعليم في العراق، وكما يعرف المتخصصون بالتاريخ أن أول مدرسة في الموصل تأسست سنة 1895 بأسم (موصل إعدادية مكتبي) وقد شغلت في بداية الأمر بناية مستاجرة تقع في محلة باب لكش كانت تداوم فيها المدرسة الرشدية (المتوسطة) وكان من مدرسيها حسن خير الدين، وإبراهيم أفندي(جد الأستاذ الدكتور محيى الدين توفيق إبراهيم عميد كلية التربية الأسبق ) ، واحمد عزت آل اغا(السعرتي ) ، وعندما ضاقت بطلابها فكرت إدارة المدرسة بضرورة اختيار بناية جديدة تستوعب الأعداد المتزايدة من الطلاب، وتليق بمكانه ودور المدرسة الإعدادية الوحيدة في الولاية.
ويشير كاتب هذه السطور في بحثه الموسوم (إعدادية الموصل للبنين 1908-1954: فصل من تاريخ التربية والتعليم في العراق المعاصر)والمقدم إلى مركز دراسات الموصل قبل بضعة سنوات إلى أن سلطة الولاية قررت إنشاء بناية على قطعة ارض قريبة من بناية القشلة الملكية (السراي المدني) والتي كانت تضم مديرية المعارف (التربية ) ايضاً، ولم تكن هذه الأرض سوى بناية التي يقوم عليها (الإعدادية الشرقية) الحالية.
وقد جرى احتفال كبير عصر يوم الأحد 16 شعبان 1323هـ الموافق لليوم الخامس من تشرين الأول-اكتوبر سنة 1905 م، وضع فيه الحجر الأساس من قبل والي الموصل آنذاك نوري باشا (1903- 1905) .وقد ألقى الوالي كلمة أكد فيها أهمية العلوم وفوائدها ..واختتم الاحتفال بدعاء ردده الشيخ محمد أفندي الشعار ،ونحرت الذبائح وصدحت موسيقى الجيش بالألحان الحماسية وقد تشكلت لجنتان للإشراف على البناء الأولى برئاسة عمر لطفي رئيس المحاكم وكانت تضم الحاج محمد باشا الصابونجي  وإسماعيل بك الجليلي وهما من وجهاء المدينة. أما اللجنة الثانية فترأسها محمود بك آل شريف بك آل ياسين أفندي قاسم أغا مدير البنك الزراعي، وقد بذلت اللجنة المشرفة على جمع التبرعات هذه جهودا كبيرة من اجل حث الناس على التبرع بالأموال والمستلزمات الأخرى لبناء المدرسة التي أنجزت سنة 1908 وتم إشغالها من الطلاب في الخامس عشر من أيلول-سبتمبر سنة 1908.
وبشأن طراز البناية المعماري اقول  ان المدرسة بنيت على الطراز المعماري الإسلامي حيث الأقواس والفضاءات ، وقد استخدم في بناءها أسلوب حديث في البناء يسمى عند المعماريين بـ (الساندوج وول
Sandwich_ Wall) أي الجدار العازل وهذا الأسلوب يقوم على أساس البناء من جدارين يفصل بينهما عازل يتألف من مادة مغايرة. وقد أعطى هذا الأسلوب في البناء ميزة الهدوء في داخل المدرسة بالرغم من وقوعها في منطقة مزدحمة بالحركة. ويتضح من البناء كذلك أن الأقواس والفناء الداخلي المحاط بالصفوف قد أعطت نوعا من البساطة وعدم التعقيد الذي ينعكس ايجابيا على نفسية الطلبة فيدفعهم إلى الدراسة وتلقي العلم دون أية مشكلة .

كتب الدكتور علي نجم عيسى في كتابه ( مدارس الموصل ) عن الاعدادية الشرقية وقال ان  مساحتها الكلية  اكثر من ( 3) دوانم ، والدونم 2500 متر مربع ومساحة البناء ( 2400 ) متر مربع ومساحة حديقتها 600 متر مربع و800 مساحة العابها وعدد صفوفها (26) صفا منها (16) للفرع العلمي و(10) للفرع الادبي وعدد غرفها الكلية (50) غرفة في الجناحين الداخلي والخارجي وهي من طابقين وفيها اواوين اما الصفوف وحوش واسع واستخدمت الغرف للمختبرات وللحانوت ولموظفي الخدمات وفيها قاعة للاحتفالات و(17) من المرافق الصحية وكاتب هذه السطور هو احد خريجيها  وولدي الدكتور نشوان والدكتور هشام وهما اطباء متخصصون من خريجيها والمدرسة خضعت خلال تاريخها لكثير من حالات الترميم  منها الترميم الذي حدث سنة 2005 وهي ملك صرف لوزارة المالية واول مدير لها هو الاستاذ  سعيد صفو والاستاذ نجم الدين جليميران ومن مدراءها المشهورين الاستاذ عبد العزيز جاسم الحافظ والاستاذ كمال صدقي  عبد الغني والاستاذ محمود شيت الجومرد والاستاذ سعيد عزيز الملاح والاستاذ عبد الاله سعيد والاستاذ سعيد سليمان والاستاذ حازم عمر وقد تولاها بين سنتي 1960-1967 والاستاذ فخري بشير المختار والاستاذ عبد الله محمد علي القليه جي والاستاذ حقي اسماعيل ياسين والاستاذ عبد الماجود احمد السلمان والاستاذ اسماعيل جمعة خميس والاستاذ طارق فضل والاستاذ جاسم محمد الصوفي تولاها منذ سنة 1982 الى سنة 1992 توفي سنة 1992 في حادث اصطدام سيارة والاستاذ عدنان محمد حسن والاستاذ عبد الوهاب محمد علي والاستاذ موفق رسول عبد الحافظ والاستاذ صبحي شيت حسين  منذ سنة 2006 . وكان يدرس فيها نخب من التدريسيين الفضلاء المتميزين . وقد اصدرت عددا من المجلات منها مجلة (الشروق) وكانت مجلة ثقافية طلابية صدر عددها الاول سنة 1970 .

الاعدادية الشرقية اسهمت في كل النشاطات السياسية وكانت في كل تاريخها (بؤرة) للتظاهرات والنشاطات السياسية المعارضة للسيطرة الاجنبية وللطبقة الحاكمة المستبدة . وقد تعرض عدد من طلبتها للاعتقال والطرد والفصل .

كان للإعدادية الشرقية في كل تاريخها  ، دور متميز في رفد مؤسسات الدولة والمجتمع العراقي بآلاف من المتخرجين الذين تسلم كثير منهم بعد اكمالهم الدراسة العالية مهام ومسؤوليات جسيمة، فكان من بين المتخرجين رؤساء وزارات ووزراء وأطباء ومهندسين وصيادلة وشعراء وكتّاب ومؤرخون وتربويون وعسكريون وفلاسفـة وصحفيون وغيـر ذلك.. ويتباهى كـل خريج من الاعدادية الشرقية  اليوم بمدرسته ويذكر أساتذته بفخر، وجدير منّا اليوم ان نحيي ذكرى تأسيس هذا الصرح العلمي ليظل شامخاً أما أعين أبناءنا وأحفادنا وكل الأجيال القادمة

 

 

 

 

 

 

 

بإتجاه الجديد دوما



 


 

المفكر والشاعر العربي المتنور الكبير ابراهيم اليازجي (1847- 1906م) في ذكرى رحيله ال (116)


 


المفكر والشاعر العربي المتنور الكبير ابراهيم اليازجي (1847- 1906م) في ذكرى رحيله ال (116)
-ابراهيم العلاف
الشاعر والكاتب العربي المتنور ابراهيم اليازجي ونذكره بقصيدته البائية ومطلعها :
تنبهوا واستفيقوا أيها العرب ***فقد طمى الخطب حتى غاصت الركب
فيم التعلل بالآمال تخدعكم *** وأنتم بين راحات الفنا سلب
الله أكبر ما هذا المنام فقد شكاكم *** المهد واشتاقتكم الترب
كم تظلمون ولستم تشتكون *** وكم تستغضبون فلا يبدو لكم غضب
كتبت عنه في كتابي (تاريخ الوطن العربي في العهد العثماني ) وهو مطبوع منذ سنة 1982 وكتبت عنه العديد من المقالات ومنها مقالي الموسوم : ( ابراهيم اليازجي ولغة الجرائد ) ومما قلته :" لم أر أحدا أكثر غيرة على اللغة العربية من الشيخ ابراهيم اليازجي وهو لبناني اسمه الكامل إبراهيم بن ناصيف بن عبد الله بن ناصيف بن جنبلاط اليازجي؛ فقبل نيف و100 وبالضبط في سنة 1914 اصدر كتابا فريدا من نوعه انذاك بعنوان : لغة الجرائد " ..وكتاب "لغة الجرائد " بالاصل مجموعة من المقالات التي كتبها الشيخ ابراهيم اليازجي في مجلتي "الضياء " و" البان " بعد ان ألحق بها التصحيحات . وقد طبع الكتاب في مطبعة التقدم بشارع محمد علي -القاهرة 1914 .وفي التمهيد قال الشيخ ابراهيم اليازجي :" وليس من ينكر ان الجرائد كانت سببا في انتشار صناعة القلم عندنا ، وتدريب الكُتاب على اساليب الانشاء واقتباسهم صور التراكيب المختلفة واحياء كثير من اللهجة الفصحى حتى بين عامة الكتاب مما آذن بإنتعاش اللغة من كبوتها واحيا الامال في عودها الى قديم رونقها " .
وفي صفحة أخرى تحدث عن ما اسماه "بيان موضع الجرائد من الامة وما لها من التأثير في مداركها واذواقها وأدابها ولاسيما مع كثرتها وانتشارها في عهدنا الحالي حتى اصبحت بحيث تصدر الالوف منها كل يوم وتوزع بين ايدي القراء فيتناول كل قارئ منها على حسب وسعه واستعدادها " .
ثم وقف ليقول :"بيد اننا مع ذلك كله لانزال نرى في بعض جرائدنا الفاظا قد شذت عن منقول اللغة فأنزلت في غير منازلها ،واستعملت في غير معناها فجاءت بها العبارة مشوهة وذهبت بما فيها من الرونق وجودة السبك عما يترتب على مثل ذلك من انتشار الوهم والخطأ .
ويبدأ بذكر النماذج من كتابات الصحفيين وابتعادها عن صحيح اللغة ومن ذلك مثلا استخدامهم لفظة (التحوير ) ويريدون بها (التنقيح ) و(التهذيب ) وما جرى هذا المجرى وذلك في الكلام على الشروط والمعاهدات والاحكام ويقول ان هذا لم يرد في شيء من كتب اللغة فالتحوير هو التبييض فيقال حَوَرَ الثوب اذا قصره وبيضه ومنه الحوري للدقيق الابيض وهو لباب البر واجوده واخلصه . ويزيد في الامثلة فيذكر قولهم "مزق الكتاب إربا إربا " والصواب يقال "قطعت الذبيحة إربا إربا " والاب العضو وهو خاص بما له اعضاء ولايجوز استعماله للكتاب .ويقولون "نوه بالامر " و"نوه عنه " اي ذكره تلويحا واشار اليه من طرف خفي بينما الاساس في اللغة نوهت به تنويها اي رفعت ذكره وشهرته اي انهم يستعملونه عكس ما هو صحيح .......انصح الصحفيين والكتاب بالعودة الى هذا الكتاب وقد علمت بعد ان عدت الى الكتاب ورقيا بفضل صديقي الاستاذ عمر ابراهيم انه اي الكتاب متوفر على النت وهذا مما يسهل عملية العودة الى الكتاب .
عقب الاخ الاستاذ الدكتور محمد عبد المطلب البكاء - مشكورا - على ما نشرته في صفحتي الفيسبوكية في 8 اذار 2016 فقال :"لى الرغم من أن الشيخ إبراهيم اليازجي (1847- 1906م) يُعد من رواد النهضة باللغة العربية بعد قرون من التدهور ،فهو مؤسس مجلة الضياء في عام 1898م في القاهرة، وتولى تحرير جريدة النجاح عام 1872م، إلى أن توفى في القاهرة عام 1906م. إلا انه سبق في تدارك لغة الصحافة، والعمل على تنقيتها من الأخطاء،وقد قدم الأخ أ.د. محمد ضاري حمادي، رسالته لشهادة الماجستير، بعنوان: حركة التصحيح اللغوي في العصر الحديث - منشورات وزارة الثقافة والاعلام،بغداد 1980، وقد ألحقت في كتابي:" الإعلام واللغة - مستويات اللّغة والتطبيق"، ملحقاً أتممت فيه ماصدر من كتب تعنى بتصويب لغة الصحافة،بعد أن اخترت من كتاب الأخ الدكتور محمد ضاري حمادي ما عني بالصحافة ولغتها حصراً " . رحم الله ابراهيم اليازجي وطيب ثراه وجزاه عنا خير الجزاء



الدكتور أحمد صدقي الدجاني الكاتب والمؤرخ الفلسطيني الكبير في الذكرى ال (19) لوفاته


 


الدكتور أحمد صدقي الدجاني الكاتب والمؤرخ الفلسطيني الكبير في الذكرى ال (19) لوفاته
-ابراهيم العلاف
ولمن لايعرف الاستاذ احمد صدقي الدجاني الذي تمر اليوم الذكرى التاسعة عشرة لوفاته اقول انه كاتب ومؤرخ ومفكر فلسطيني له بصمة وله ذكر وقدم للفكر العربي المعاصر وللتاريخ العربي المعاصر الكثير . كانت كتاباته التاريخية والفكرية موضع نقدير واحترام قرأت له عن قضايا امتنا العربية .
من مواليد مدينة يافا بفلسطين الحبيبة سنة 1936 توفي في 29 كانون الاول -ديسمبر سنة 2003 وبين هذين التاريخين كانت ثمة حياة فاعلة فهو عضو في مجمع اللغة العربية بدمشق ويحمل شهادة الدكتوراه من جامعة القاهرة 1969 ، وتخصصه التاريخ الحديث وكتاباته التاريخية متميزة وفوق انه مؤرخ حصيف فهو ، مناضل خدم قضية شعبه .. وكما هو معروف اسهم اسهاما فاعلا في تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية ، وهو احد رموز النضال العربي الفلسطيني .
آل الدجاني اسرة فلسطينية كريمة ؛ فهم من السادة ، وبرزت من الاسرة شخصيات كثيرة في ميادين مختلفة .رسالته للماجستير كتبها عن الحركة السنوسية في ليبيا ..أما اطروحته للدكتوراه فكانت بعنوان ( ليبيا قبيل الاحتلال الإيطالي) .عمل في ليبيا .. كما عمل في مصر كان مدرسا في معهد البحوث والدراسات العربية التابع لجامعة الدول العربية..له اكثر من خمسين كتابا منشورا.منها كتابه المؤلف من عدة أجزاء عن (مسيرة الشعب الفلسطيني وآفاق الصراع العربي - الاسرائيلي ) ، وكتابه (دراسات في تاريخ ليبيا المعاصر) ، وكتابه (بدايات اليقظة العربية والنضال الشعبي في ليبيا 1882-1911 ) ، وكتابه ( القدس وانتفاضة القدس وحرب العولمة) .
رحمه الله وطيب ثراه وجزاه خيرا على ماقدم لبلده وأمته .

خان الغزل في محلة السرجخانة في الموصل ا.د. ابراهيم خليل العلاف

                                                             خان الغزل في محلة السرجخانة - الموصل 



خان الغزل في محلة السرجخانة في الموصل
ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس – جامعة الموصل
والموصل ، أقصد مدينة الموصل تسمى (كوجك اسطنبول ) ، بمعنى انها اسطنبول الصغيرة . والسبب في هذه التسمية انها تضم اسوق وخانات ، وقيصريات تشبه ما هو موجود في اسطنبول .وفي الموصل خانات كثيرة وقديمة . والخانات كانت منذ العصور الاسلامية وحتى في العهد العثماني بمثابة (فنادق ) للمسافرين ، وهي تأوي اصحاب القوافل التجارية الذين يأتون الى الموصل اما للتبضع وشراء منتوجات الموصل او بيع ما لديهم من منتوجات وقسم من هذه القوافل كانت تأتي من داخل العراق وقسم من خارجها .
شيء مهم يجب ان نقوله هو ان كلمة (الخان)كلمة بابلية قديمة تعنى (المكان ) وهناك من يقول انها كلمة فارسية تعني (البيت ) . وهناك من يقول انها سريانية تعني مكان ( الاقامة او النزول) ، لذلك كان اجدادنا يسمون الخان ب (النُزل) .وانا ارجح انها سريانية . وللعلم فان الاتراك العثمانيين يسمون الخان (كروان سراي Caravanserai ) ، و( الكروان سراي) أي محل اقامة الكروان ، والكروان ( القافلة) باللغة العربية والسراي أي محل او مكان القوافل .
والنقطة الاخرى التي يجب ان نعرفها ان الخان عادة ما يكون مؤلفا من طابقين الطابق الارضي يكون مربطا للحيوانات من قبيل الخيول والجمال والحمير والطابق الثاني يكون للمسافرين والتجار . كما ان لدينا خانات بثلاث طوابق يستخدم الطابق الثالث لأغراض خزن البضائع والسلع .
وللخانات باب واحد أو بابان أو ثلاثة ابواب وابواب الخانات كبيرة مرصعة بالمسامير وهي قوية وغالبا ماتكون من صفاقتين كبيرتين .. وفي الخان فناء داخلي أي (حوش)  وعادة يكون غير مسقف وحول الحوش العديد من الغرف .. والخان اما ان يكون مربع المساحة أو مستطيل المساحة مع مدخل يسمى (دهليز) وحول المدخل من اليمين غرفة ومن اليسار غرفة وهذه الغرف تكون لبواب وحرس الخان .وهناك امام الغرف اروقة جمع رواق أي اواوين جمع ايوان . والخانات تكون قريبة من الاسواق التجارية وتُعد جزءا منها .

النقطة الثالثة التي يجب ان نقولها ونقف عندها ان الخانات اما ان تكون داخل المدن ، واما ان تكون على طريق القوافل كدار استراحة لهم . ولدينا الكثير من الخانات في العراق تأسست على طرق القوافل كمكان لسكنى واستراحة التجار والمسافرين والرحالة وعابري السبيل وغالبا ما تكون عند مجاري الانهار او العيون عيون الماء .
وفي الموصل وعبر تاريخها الطويل ، خانات كثيرة اقف اليوم عند احد اشهر خاناتها وهو (خان الغزل) ويقع في محلة السرجخانة بالجانب الايمن من مدينة الموصل .ويذكر اللواء الركن المتقاعد ازهر سعد الله العبيدي في مقالة له عن خانات الموصل القديمة منشور في موقع (بيت الموصل) ورابطه التالي :
https://www.baytalmosul.com/
ان (خان الغزل ) في السرجخانة ، كان متخصصا ببيع الغزول والقطن ، وكان موطنا لتجمّع النساء اللواتي يحملن غزولهن ليسلمنها إلى الخان خان الغزل يومياً، ومن الطبيعي أن يكون الضجيج من طابع هذا المكان الذي يزدحم بالنساء الكثيرات أو ما يسمى ب (الدوي) .وثمة قصص وحكايات عن اولئك النسوة وهن يتجمعن في هذا السوق ليبعن غزولهن ومنذ الصباح الباكر . وكان خان الغزل يقع قبالة جامع النعمانية وقد يكون من المناسب الاشارة الى ان خان الغزل كان ملك صرف لآل الجليلي الاسرة الموصلية التي حكمت ولاية الموصل في العهد العثماني وبين سنتي 1726-1834 وهو أي الخان وقف على جامع النعمانية . ويقول الاستاذ سعيد الديوه جي في كتابه (جوامع الموصل وطبع في مطبعة شفيق ببغداد وصدر سنة 1963 ان خان الغزل لم يزل يعرف بهذا الاسم ويباع فيه الغزل والقطن ويسمى ايضا سوق القطن وجامع النعمانية بناه نعمان بك بن سليمان باشا بن محمد امين باشا الجليلي سنة 1212 هجرية أي سنة 1788 ميلادية أي في القرن الثامن عشر الميلادي . وكما هو معروف ان جزءا من ارض خان الغزل اقيمت عليه مديرية ضريبة نينوى – الجانب الايمن لفترة من الزمن . وخان القطانين كان يسمى سوق الغزل لان هناك في الطابق الثاني للخان من كان يعمل وينتج الغزل وهي خيوط اما من الصوف او القطن .

ويذكر الدكتور اكرم محمد يحيى في بحثه الموسوم :  (خطط خانات الموصل خلال العهد العثماني ) والمنشور في مجلة (دراسات موصلية) العدد (28) ،تشرين الاول 2012 الى ان خان الغزل  يقع في محلة السرجخانة مركز مدينة الموصل القديمة قبالة جامع النعمانية وهو ملك صرف ووقف على جامع السرجخانة الـشهير بجـامع نعمـان باشا الجليلي وتعود ملكيته الى الحاج إسماعيل بك بن صديق الجليلي والحاج أمين بك وعائشة خاتون واحمد بك أولاد أيوب بك الجليلي، ويشتمل علـى طـابقين، الطـابق    الأرضي يضم اثنتي عشر حجرة وفناء واسع وقنطرة وبئر مـاء، فيمـا أشـتمل الطابق الثاني العلوي على ثمان وعشرين غرفـة و ثلاثـة عنـابر للخـزن وثلاثـة وعشرين رواقا، ويعد خان الغزل سوقا رئيسا لتجارة خامات الاقطان وندفها وغزلهـا وكان محط  إقبال أهالي الموصل والحائكين فضلا عن سكان القرى والمنـاطق المحيطـة بمدينة الموصل.

وقد كتب اللواء المتقاعد رافع محمود داؤد القطان وما كتبه عن خان القطانين متوفر في الموقع التالي ورابطه : https://asak.ahlamontada.net/t37-topic

بإن  خان القطانين ، عبارة عن خان واسع ، في حوش مستطيل وفيه غرف كثيرة ، وفوق كل غرفة يوجد غرفة علوية يصعد اليها بدرج يتوسط الخان وبشكل دوار على الغرف في الطابق الثاني مبني من الحجارة والجص والغرف سقوفها على شكل قبة تتخللها الاواني الفخارية وكل غرفة في الطابق الثاني تسمى (كنج)   يوضع فيها القطن (الحليج )او القطن ذو الحب او حب القطن وقسما  من هذه الغرف كانت مخصصة لأشخاص يصنعون( الكجاية) وهي عبارة عن بساط يصنع من الصوف وتعامل من مواد وتكبس بالأرجل وتنقش بالوان زاهية وتستخدم في فرش الدواوين او تحت الدواشك وكان اشهر من مارس هذه المهنة (يونس الكججي) ،  (وتوفيق و احمد الجبان) ،  (واحمد الداؤود الشهير ابو حاتم ).. وكان يحرس الخان ويشرف عليه المرحوم ( جميل الخانجي واولاده واخوانه)، وكانوا مثالا للشرف والامانة والحرص" .
واول من مارس هذه المهنة هو المرحوم (عبدالله مراد العبيدي ) منذ 500 عام او اكثر حيث انتقل من منطقة جامع العبدال الى منطقة السرجخانة ، واخذ يزاول مهنة بيع وتصنيع القطن ومن اخر احفاده كان المرحوم (محمود داؤد القطان) والذين عملوا معهم بهذه المهنة العريقة من بيع وشراء وتصدير القطن.
1-
محمود داؤد القطان واخوانه واولاده
2-
ملا احمد القطان
3-
السيد محمود علي القطان واخوانه
4-
داؤد سليمان القطان
5-
بيت الحاج بشير القطان واخوانه
6-
الحاج احمد الصغير
7-
بيت سليمان وسلمان الطعان
8-
الحاج حمود الجراح واولاده
9-
الحاج عبدالقادر القطان واولاده
10-
يحيى صالح القطان
11-
صالح وعبدالسلام عبدالواحد القطان
12-
الحاج محمود الحافظ
13-
سيد يحيى سيد خليل القطان
14-
نجيب الديوه جي واخوانه
15-
سيد مجيد واولاده
16-
الحاج طاهر القطان
17-
بيت ياسين القطان
18-
بيت سلمان داؤد الساغا
19-
بيت خليل نومه واولاده
20-
بيت الدكتور محمد شريف القطان
والقطن انواع منه ( القطن البلدي او قطن سنجار) ،  وهو قطن ذو خاصية اسفنجية ذو شعره قصيرة وحبة مملؤة بالزيت واغلب زراعته كانت في منطقة سنجار والمناطق المحيطة بها واكثر استعمالاته للدواشك وهناك (القطن السانتيم)  ، وهو قطن يزرع  في العراق من حبوب استوردت من الخارج ذو شعرة طويلة   ( (تيلة  ) يصلح لعمل الغزل وكان ذو جودة عالية وانتشرت زراعته في عموم القطر وجاء استيراد هذه الحبوب لإنتاج اقطان تلبي حاجة معامل النسيج في البلاد ( الموصل – بغداد – الكوت)، وغير ذلك وعند انتشار زراعته منعت الحكومة زراعة القطن البلدي لكونه يضر بالاقتصاد ولا يلبي حاجة معامل النسيج في البلاد.
وهناك ( القطن ذو اللون الحني)  ، وكان يزرع بكمية قليلة ليلبي حاجة السوق ويصنع منه الفوطة التي تستخدمها الفلاحيات في القوش وقرقوش وتل اسقف.
اما عن كيفية زراعة وصناعة القطن ، فيمكن القول ان حب القطن يزرع في المناطق التي تتوفر فيها المياه واهما مناطق سهل نينوى ومنطقة كرمليس) ، وعند نضوج الانتاج تكون على شكل جوزة مملؤة بالقطن يجمع الفلاح هذا المنتوج ويذهب الى العلوة وكانت قرب الجسر القديم ولكل فلاح علوة خاصة به وقطان خاص به. وياتي القّطان الى العلوة وياخذ كمية من جوز القطن حسب حاجته ويضع القطن في   (شليف) أي  كونية كبيرة ويضع علامة خاصة به أي ( ماركة )  فمثلا" محمود الداؤد كانت علامته على شليف القطن هي ( 91 ) ، وعندما تصل هذه ( الشلفان)  الى حوش خان القطن وعليها علامة القطان يعرف كل من في الخان انها تعود للقطان الفلاني من علامته الخاصة وهكذا  الباقين . وبعد ذلك يجري تفريغ شلفان القطن ( الجوزة ) ، في اروقة الخان ولكل قطان.
وكان خان القطن يستقبل صباح كل يوم   اكثر من( 250 )عامل ( خراجة )  لتستلم كل واحدة منها   (كونية )جوزة قطن وتذهب بها لدارها ثم تقوم بفصل الزهرة ( العطبة ) من القشور وتعود بالقطن المنظف من القشور الى صاحبه بالخان وقشور القطن تستفاد منه الخبّازة كشعلة في التنور.
وكان القطن يباع ويشترى بأوزان ( المن- الحقة –الوقية) ، وبعد ان يجمع القطن حامل الحب يجري التعامل معه سابقا" يدويا" بفصل القطن عن الحب ، وكانت عملية صعبة حتى دخول مكائن حديثة التي بدأت تفصل القطن عن الحب وتنظفه بشكل جيد بعدها القطن يدفع الى النداف ليبدأ بندفه وجعله منفوشا" اما الحب فيباع للجماسة حيث هذه المكائن تسمى (محالج صغيرة) اما المحالج الكبيرة فكانت في معمل نسيج الموصل ومحالج الصابونجي في الفيصلية ، ومحالج  محمد نجيب الجادر في الغزلاني والمحالج نوعين:  الاولى هي مكائن المنشار عبارة عن مناشير حادة مكونة من ( 024)منشار مع صندوق مملوء بالقطن ذو الحب ويبدأ حلجها اي فصل القطن عن الحب فالقطن مخصص له مكان لنهاية الماكنه والحب يسقط في مكان اخر.والثانية هي مكائن السكين وهي عبارة عن (راسطتين)  تشبه السكين سفلى وعليا مربوطة على مكائن تعمل بالكهرباء ذات فولتية واطئة ويحلج فيها القطن (البلدي) حيث تنظف حب القطن بشكل جيد يفضله الجمّاس كعلف للجاموس ياتون صباحا "للقطانين لياخذوا هذا الحب منهم امثال ( بيت حسين الفارس ، و بيت شيت شلاوي ، و بيت ابو حاجم).. اما الحب الزائد فيقوم التجار في تجمعه ويرسل بعجلات الى بغداد لكي يتم استخراج الزيوت النباتية منه .
وهناك مكائن الندف وهي عبارة عن سربس مثبت على ماكنة فيها نتوءات على شكل مسامير صلدة يتقدم (السربس)  قايش عريض يجرى وضع القطن عليه ويندف وقد عوضت هذه المكائن عن قوس الندف حيث كان النداف يبذل جهودا" كبيرة لمسك قوس فيه وتر مع جك من خشب يوضع امامه القطن ويبدأ بندفه اي(تنفيشه)وكان اشهر نداف هو المرحوم (طه حساني واحمد الجبان وغيرهم .
بعد ثورة 14 تموز سنة 1958   وبالتحديد بداية الستينات اصدرت الحكومة امرا "بإلغاء المحالج الصغيرة نظرا "لكونها توثر على عمل المحالج الكبيرة الموجودة في معامل النسيج. وقد امتعض القطانين من هذا الامر ولم ينفذوه الا ان الحكومة اصدرت امرا" الى مديرية كهرباء الموصل بقطع الكهرباء عن هذه المحالج الموجودة في خان القطن مما جعلها حديد خردة لا تنفع .
اضطر كبار القطانين وشخصياتهم الى تشكيل وفد برئاسة محمود داؤد القطان وعضوية كل من السيد محمود السيد علي وحمودي الجراح ومحمود الحافظ وتوفيق الجبان فقابلوا الزعيم عبد الكريم قاسم رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة 1958-1963 وشرحوا له ما اصابهم من ضرر لكن الحكومة اصرت على موقفها وهذا ادى الى اضمحلال هذه المهنة واندثارها وجاء اغراق السوق بالمستورد من الاسفنج الصناعي ليضع حدا لهذه المهنة العريقة وتراجعها .

 

صلاة الجمعة في جامع قبع - الزهور -الموصل

                                                                    الشيخ نافع عبد الله أبا معاذ   صلاة الجمعة بسم الله الرحمن الرحيم :...