الاثنين، 19 يوليو 2021

سوق تحت المنارة في الموصل





                                                              سوق جوا البناغه في الموصل 



سوق تحت المنارة في الموصل

ا.د. ابراهيم خليل العلاف

استاذ التاريخ الحديث المتمرس – جامعة الموصل

وكما ترون في الصورة المرفقة لهذه السطور ،  وهي لدكاكين في سوق في الموصل يسمى سوق تحت المنارة ، وبلهجة اهل الموصل ( سوق ما تحت البناغة)  أو سوق (جوا البناغه ) ، و(البناغه) هي المنارة ، وأية منارة يقصدون  . انهم يقصدون منارة جامع الاغوات وهو أول جامع بناه الجليليون في الموصل قبل تسلمهم الحكم حكم الموصل سنة 1726 بقليل ،  بنوه سنة 1114 هجرية اي 1702 ميلادية بناه  اسماعيل ، وخليل ، وابراهيم اولاد عبد الجليل . وقد انشأ على حافة الخندق الذي كان يحف بسور( ايج قلعة ) أي القلعة الداخلية ، وهي القلعة التي بناها العثمانيون على دجلة وكانت تقابل سوق الميدان الحالي. وللأسف الجامع تعرض لكثير من التدمير وقطع رأس منارته التاريخية التي وقف امامها المستشرق الفرنسي وخبير المدن العربية والاسلامية  ( البروفيسور اندريه ريمون )  وكنت معه . وقف امامها متأملا وقال انها اجمل (منارات ) العالم الاسلامي في ريازتها وطرازها المعماري .

في الصورة ترون  مثلا دكان في هذا السوق سوق ما تحت المنارة في باب الجسر  في الميدان في مدينة الموصل عند الجسر العتيق ... والسوق ايضا  يسمى ب (سوق اليوزبكية ) وهذا الدكان ، والدكان الذي يجاوره متخصص ببيع الادوات الزراعية التقليدية التي كانت تستخدم ولاتزال في الحراثة وتهبيش محصولي الحنطة والشعير . وعندما تدخل السوق  من جهة شارع نينوى عند الميدان في باب الجسر ، ولنبدأ من اليمين من جهة شارع نينوى عن باب الجسر نرى دكاكين تبيع الفخار وهي البراني  (البغيني) والشربات  (الشغبات)  والحبوب (جمع حب او كما كنا نقرأه في القراءة ايام الابتدائية الزير وزيران )  و(الجرة والجمع جرار ) و( الاقداح)  و( الاباريق)  و( الدنابك جمع دنبك ويستخدم للضرب عليه وله صوت ونغمة موسيقية )  و( الصمادي أي حصالة الاطفال )  ومن يبيع كل هذا يسمى عندنا في الموصل (الكواز) أي (بائع الكوز ) وهناك اسر في الموصل تحمل اسم هذه المهنة (ال الكواز )  والسوق الذي تباع فيه كل هذه الحاجات يسمى سوق الكوازين . وفي سوق الكوازين وهو ايضا تحت المنارة كان هناك مطعم  سيد بكر الكبابجي  وسيد بكر الكبابجي هو صاحب مطعم الكباب الشهير بكباب سيد بكر وهو مشهور وكل الموصليين يعرفونه .

ونصل الى عدد من الدكاكين في القنطرة الواقعة تحت المنارة وهي دكاكين  اليوزبكية وكلمة  اليوزبكية  جاءت من  اليوزبكي أي صاحب المائة حاجة واليوزبكي  هو ( بك اليوز)  أي ( قائد المائة مقاتل ) وكلمة (  يوز)  تعني باللغة التركية واليوزبكية تعني الشخص الذي يبيع  ويتاجر ب (100 ) حاجة ،  والحاجات معظمهما صغيرة تهم الخياطة والخياطين من قبيل الابرة والكشتبانات والخيوط والمكوك والخرز وال( دكم ) او ما تسمى في الموصل ( القوبجة  والقوبجات بأنواعها ) والخيوط الملونة التي تستخدم كأفاريز او ما تسمى  (القرديلات ) وغير ذلك .         

الاخ الاستاذ الدكتور ذنون يونس الطائي وهو من عمل اطروحته للدكتوراه بإشرافي الف كتابا عن (مهن وحرف موصلية قديمة ) طبع في الموصل  2014

وقف عند مهنة (اليوزبكي ) و(اليوزبكية ) ولدينا في الموصل اكثر من اسرة تحمل لقب اليوزبكي قال ان اليوزبكي كلمة  تطلق على من يتاجر بمواد كثيرة للاستعمالات الشخصية والمنزلية وادوات الزينة ومنها مثلا القلائد (جمع قلادة ) والاساور (جمع سوار ) والاساور منها ما يصنع من الزجاج والمرجان ومنها من الذهب او الفضة الا ان الاساور التي تباع في سوق ما تحت المنارة فانها مصنوعة من الزجاج والمرجان وعادة ما تشتريها الفتيات من القرى المجاورة للموصل  واليوزبكي  يبيع ايضا المواد التي تستعمل في التدخين ، ومنها المقادح ، وورق السيكاير  ، والشخاط ، وادوات الحلاقة ، والسكاكين  ، والآلات المنزلية التي يحتاجها الانسان للحلاقة ، وكذلك السكاكين ، والآلات المنزلية ومنها الابرة والخيوط . 

كما قلت هناك اسر في الموصل تحمل اسم (اليوزبكي)  واعرف من هذه الاسر اسرة اخي وصديقي المرحوم الاستاذ الدكتور توفيق سلطان اليوزبكي عميد كلية الآداب السابق – جامعة الموصل والمؤرخ المعروف وهم من محلة السوق الصغير ،  واعرف من بيت اليوزبكي الاخ الشاعر الدكتور حيدر محمود عبد الرزاق من بيوتات محلة القنطرة ، وهناك ال اليوزبكي في باب لكش ، وهناك ال اليوزبكي في محلة حمام المنقوشة  ومنهم الاستاذ نافع اليوزبكي وعمل مديرا للأملاك في بلدية الموصل  ، وهناك ال اليوزبكي في محلة عبدو خوب وهناك من ال اليوزبكي في محلة باب البيض ومنهم الاخ والصديق الدكتور مؤيد محمد صالح اليوزبكي الاستاذ في قسم اللغة العربية بكلية الآداب – جامعة الموصل ومنهم اسرة الوجيه السيد عبد الكريم اليوزبكي 1898-1989 وهو من اعضاء غرفة تجارة الموصل كان له دور في الحركة الصناعية في الموصل وعمل في استيراد المواد الزجاجية ، وكان له محل تجاري كبير في شارع النجفي قريب من سوق الصياغ كتب عنه الاستاذ عماد غانم الربيعي في كتابه (بيوتات موصلية) ، وقال انه من البيوتات الزراعية الصناعية الموصلية في الثلاثينات والاربعينات والخمسينات من القرن الماضي عمل في التجارة والصناعة اسس سنة 1920 معمل نسيج قياطين القداحات في خان الشط ووسعه في الثلاثينات ليكون معملا للأشرطة والمطاط ونقله الى محلة الفيصلية كما اسس معمل لنسيج التريكو لإنتاج الملابس الداخلية والجواريب وكان يضم قرابة 40 عاملا كما عمل في تصنيع مستلزمات المطابخ المنزلية وال اليوزبكي هؤلاء سكنوا اول الامر في محلة الفيصلية وهم سادة شريفات ، ولهم في محلة المشاهدة مسجدا صغيرا (مطلوبة) ، له وقف في سوق اليوزبكية .وكان جد الاسرة فارس من اوائل اليوزبكية يعمل في سوق ما تحت المنارة .

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

النجف والقضية الفلسطينية .........في كتاب للدكتور مقدام عبد الحسن الفياض

  النجف والقضية الفلسطينية .........في كتاب للدكتور مقدام عبد الحسن الفياض ا.د. ابراهيم خليل العلاف استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة ال...