المطبخ العربي في كتاب للدكتور قيس كاظم الجنابي
ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل
وكم انا سعيد وفرح ، وانا اتسلم هدية الاخ والصديق الدكتور قيس كاظم الجنابي ، واقصد كتابه الجديد الذي صدر عن دار الانتشار العربي 2021 بعنوان ( المطبخ العربي :دراسة تاريخية - فكرية في انثروبولوجية الطعام والجسد ) .وقد اهداه الى زوجته التي جعلت من الطبخ والمطبخ فضاءَ للسعادة وحسنا فعل وفعلت وتفعل ؛ فالطعام وتناوله ( لذة) ، وليس كما يتصور البعض انه ملْ للمعدة وابعاد شبح الجوع ، ومجرد الجلوس على المائدة لذة وسعادة ، ومجرد تذوق الطعام لذة وكان زرياب الموصلي وهو ينقل تقاليد واكلات وحلويات الموصل الى الاندلس يفعل ذلك ؛ فتناول الطعام سلوكية محببة فيها لذة والانسان يشعر بالسعادة عندما يقضم الطعام ويتلذذ وعبر سلسلة من الفعاليات بتناول الطعام لهذا فالغرب الذي علمناه اتيكيت الجلوس على المائدة والتلذذ زرياب من علمهم زريات الموسيقار والانسان الموصلي هم اليوم يعلموننا ( اتيكيت ) الجلوس على المائدة وقد يستغرق وقت الغداء ساعتان وقد يستغرق وقت العشاء خمس ساعات والاتراك فقهوا قيمة طعام الافطار صباحا فقالوا (لقمتي صبح مسماري بدن ) اي ان اهمية الافطار للجسم كالمسامير التي تشد البنيان .
ما علينا ، ومنذ ان الف محمد بن حسن البغدادي كتابه (الطبيخ ) وأُعيد نشره سنة 1934 في الموصل من قبل شيخي الدكتور داؤد الجلبي الذي أُخذ نصّه من مخطوطة تعود إلى سنة 623 هـجرية ، الموافق 1226ميلادية لم نر كتابا عن المطبخ باستثناء ما اصدرته ( الشيف منال العالم ) وها هو اخي وصديقي الحبيب الدكتور قيس كاظم الجنابي يصدر كتابه هذا الذي يقع في اكثر من سفر ؛ فهو قد لاحق المطبخ العربي تاريخيا واقتصاديا وسياسيا وسايكلوجيا وانثروبولوجيا واجتماعيا ، وربط الطعام بالدين والجسد والتراث والثقافة والفكر والسلطة بالدين من حيث التحريم والاباحة للطعام والشراب وبالسلطة من حيث توفير الطعام وتهيئة مستلزمات ومعدات الطبخ كل هذه تشكل موضوعات اسفار الكتاب وفصوله ولم ينس من ان يجول ويصول في اروقة التاريخ العربي واقفا عند المطبخ منذ الجاهلية وحتى العصر الاندلسي مرورا بالفترات الاموية والعباسية والفاطمية .
انا شخصيا لي مقال عن (المطبخ الموصلي) وقدمت حلقة من برنامجي التلفزيوني( موصليات ) والذي اقدمه من على قناة (الموصلية ) الفضائية وما قدمته عن المطبخ الموصلي متوفر على قناة اليوتيوب وفيه وجدت ان جذور المطبخ الموصلي آشورية ولعل اهم اكلة موصلية هي (الكبة ) اشورية وتوجد نصوص تثبت ان الملوك الاشوريين كانوا يتباهون بالكبة النينوية ويقدمونها لضيوفهم ووفق سياقات رائعة تنم عن الذوق الرفيع وتقديم الكبة وتقسيمها وفق مثلثات وطريقة حشوها والبرغل مع اللحم المستخدم كل ذلك وفق طقوس لايعرفها الا من هم في جيلي جيلي ما بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية 1945 انا اعرف كيف كانت المرأة الموصلية بل كيف كانت نساء الدار جدتي وامي ونسوة اعمامي يتفرغون لكي يعدون الكبة التي كانت تدق في الجاون وو لتكون في مراحلها النهائية امام من يأكل ولم يكنوا ينسون اللوز والكشمش الذي يحشى مع اللحم والبرغل وكان قطر الكبة الواحدة كبيرا وكتب عن ذلك احد المستشرقين الذين زاروا الموصل وكان له حظ ان دعي لوليمة كانت الكبة سيدة المائدة وبالعافية للجميع وشكرا صديقي الدكتور قيس كاظم الجنابي على كتابك والى مزيد من التقدم والنجاح والتوفيق .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق