الخميس، 29 يوليو 2021

وليام ويلكوكس مهندس الري البريطاني ( 1852- 1932 ) في ذكرى وفاته ال (89)



وليام ويلكوكس مهندس الري البريطاني ( 1852- 1932 ) في ذكرى وفاته ال (89)

ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل

ولمن لايعرف وليام ويلكوكس أقول انه مهندس ري بريطاني كان له دوره في انشاء العديد من مشاريع الري في العراق ومصر وتركيا وجنوب افريقيا . وما يهمني اولا ذكره ان لهذا الرجل افضال في العراق وخاصة من حيث وضع الخطط لدرء مخاطر الفيضانات المدمرة في اواخر القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين .
ويشير شيخي واستاذي الدكتور عبد الله الفياض في كتابه الرائع الذي درسناه في جامعة بغداد قبل خمسين سنة (الثورة العراقية الكبرى سنة 1920) والمطبوع سنة 1963 ان اعظم ما شهده العراق من تطورات في بداية القرن العشرين حصل في حقل الري .وكانت اوضاع الري في سنة 1900 شبيهة بما كانت عليه لقرون خلت ،فكانت الفياضانات السنوية تجلب الدمار الى البلاد بينما تقل المياه وقت الصيهود رغم حاجة المزروعات الشديدة اليها .ولم تكن الحكومة قادرة على السيطرة على تنظيم المياه كما كانت عنايتها بالمبازل قليلة .وقد ساءت الاحوال وحدث صراع بين العشائر بسبب تحول معظم مياه الفرات من فرع الحلة الى فروع الهندية وتلفت معظم مزارع الحلة والديوانية والدغارة وذهب ضحية حادث الصراع الذي حدث سنة 1909 الف قتيل او يزيد .لذلك فكرت السلطات العثمانية وكان العراق انذاك تحت سيطرتها في حل والحل كان استقدام مهندس الري البريطاني السير ويام ويلكوكس William Willcoks وعينته مستشارا للري في العراق .
جاء السير ويليام ولكوكس الى العراق مع (12) مهندسا ومكث في العراق سنتين ونصف يرسم الخرائط ويضع التصاميم لمختلف المشاريع التي وجد ان مستقبل اعمار الاراضي وانتعاش البلاد يتوقف عليها بحيث يمكن تخليصها من اخطار الفبضانات . وبعد ان انتهى من عمله قدم تقريره الى الحكومة العثمانية في استانبول في نعاية نيسان -ابريل سنة 1911 .وقد كان تقريرا تفصيليا ضافيا وفيه العديد من مقترحاته لانشاء مشاريع الري وقسم كبير منها نفذ في السنوات اللاحقة وابتدأت ببناء سدة الهندية وعهدت اليه الحكومة العثمانية أمر تصميمها وتنفيذها وقد تم افتتاحها سنة 1913 وكانت كما يقول ستيفن همسلي لونكرك في كتابه (اربعة قرون من تاريخ العراق الحديث) والذي ترجمه الى العربية الاستاذ جعفر خياط تقل عن نصف مليون ليرة انكليزية . وقد قامت الحكومة العراقية بعد تأسيس الدولة العراقية الحديثة بطبع تقرير ويلكوكس ببغداد سنة 1937 .
واذا كان الشيء بالشيء يذكر فان لهذا المهندس المدني البريطاني دور ليس في العراق فحسب بل في كثير من البلدان فالمدونات المتوفرة تشير الى انه هو من اقترح وبنى سد أسوان (1898-1902). ونفذ العديد من مشاريع الري الكبرى في أفريقيا الجنوبية وتركيا. وتشير موسوعة المعرفة الالكترونية ورابطها التالي : https://www.marefa.org
انه وُلد سنة 1852 ودرس الهندسة في الهند قبل الانتقال إلى مصر في 1883، حيث أصبح مدير عام الخزانات. وحين طـُلِب منه العثور على طريقة لتخزين مياه النيل لتسمح بزراعة محصول اضافي من القطن، وجد منخفضاً في وادي الريان، يمكن تحويل جزء من مياه الفيضان السنوي إليه، ثم يعاد ادخالها إلى النهر في موسم التحاريق. وحين أُقنـِع ببناء سد، قام بتصميم سد أسوان ليسمح للمياه المحملة بالطمي في الأسابيع الأولى من الفيضان السنوي من المرور عبره، وحجز فقط المياه الصافية التي تأتي لاحقاً في موسم الفيضان.
وهكذا دخل السير ويام ويلكوكس التاريخ من باب تقديم الخير للناس في ميدان الري وها نحن نذكره ونشيد بما قدمه من منجزات .وقد يكون من المناسب ان اشير الى ان ذكره ورد في الانسكلوبيديا البريطانية https://www.britannica.com/biography/William-Willcocks
وفي انسكلوبيديا ويكيبيديا الالكترونية ورابطها التالي :https://ar.wikipedia.org
ومما جاء عنه :"ويليام ويلكوكس William Willcocks‏ مهندس بريطاني (1852 ـ 1932) عمل في مصر والعراق وتركيا في إنشاء قطاع الري. أنشأ في مصر سدة أسوان وأثناء عمله في العراق سدة الهندية. ترجم الإنجيل للهجة المصرية . ألّف كتاب بعنوان "جنة عدن ـ إلى عبور الأردن) وقال فيه أن جنة عدن المذكورة في الكتب المقدسة موجودة في جنوب العراق، حيث يلتقي نهرا دجلة والفرات.صمم وأنشأ قناطر أسيوط بين سنتي 1898 و1903 على نهر النيل وعلى بعد 530 كم إلى الشمال من سد أسوان وشيدت هذه القناطر من أجل تحويل جزء من مياه النهر إلى المياه المنخفضة في أكبر قناة للرى في مصر وهى المعروفة بأسم (الترعة الإبراهيمية) والتي تمتد من اسيوط إلى الجيزة شمالا بطول 350 كم تقريبا وكان المقاول الرئيسى للمشروع هو المقاول الأنجليزى شركة "ميسرزوآيرد".
في الرابع من حزيران سنة 2018 نشرت مقالة في موقعي الفرعي في الحوار المتمدن ورابطه التالي :https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=601396
بعنوان ( كلمة التاريخ في سدود ومشاريع الري في العراق ) وقفت عند مشاريع ويلكوكس وقلت بالنص :" ونحن في العراق ، نواجه مشكلة المياه ، وقد بح صوتنا ومنذ اكثر من ربع قرن ، ونحن نحذر ، ونكتب، ونعقد الندوات والمؤتمرات في مركز الدراسات التركية (الاقليمية حاليا في جامعة الموصل ) عن المياه واهمية ان تكون لدينا ( سلطة وادارة رشيدة للمياه) . فضلا عن اهمية ان تكون لنا اتفاقيات مع دول الجوار تضمن حصتنا العادلة من المياه .
وها نحن اليوم في مواجهة مباشرة مع المشكلة والاخوة في سدة الحكم منشغلين بإقتسام المناصب والاستفادة من المناصب استفادة شخصية دون ان يكون للشعب في نظرهم دور ، ولا موقف ، ولا نصيب .
اقول ، وقد طلب مني بعض الاخوة والاخوات ان أُذكر بما انجزته الحكومات السابقة ابتداءَ من الفترة العثمانية ، ان العثمانيين وعندما كانوا يسيطرون على العراق استقدموا خبيرا بريطانيا وهوالسير وليم ويلكوكس سنة 1908 ، وذلك لوضع تقرير عن كيفية احياء الاراضي الزراعية، وتوسيعها واعمال الري الواجبة الانشاء لذلك وقد وضع خططا لمشاريع الري التي بنيت فيما بعد. وطبع تقريره الشامل سنة 1911 ، وهو الذي سارت عليه مديرية الري العامة في اكثر مشاريعها المائية مع بعض التحوير والتعديل الذي كانت الظروف تقتضيه انذاك حسبما يشير (دليل العراق الرسمي لسنة 1936 ) .
لقد بوشر في انشاء سدة الهندية سنة 1911 وهي من اقترحها السير ويلكوكس وتولت انشاءها شركة جاكسون البريطانية التي اكملت العمل في سنة 1913 .
بعد تشكيل الدولة العراقية الحديثة كان من يدير المياه مديرية الري العامة وقد اعيد تنظيم هذه المديرية مرات عديدة منذ تأسيسها الاول سنة 1918 اي في عهد الاحتلال البريطاني وقد وجدت هذه المديرية بعد سنة 1921 ان سدة الهندية المنشأة على نهر الفرات تحتاج الى صيانة فتمت صيانتها .
وكان سد ديالى وهو سد صخري اقيم على نهر ديالى في جبل حمرين قد بني في كانون الاول سنة 1928
وكانت اعمال الري في لوائي الدليم (الانبار حاليا ) وبغداد تقتصر على جداول الصقلاوية واليوسفية اللذان تم انشاؤهما في عهد الاحتلال البريطاني 1914-1918 .. وكان شط الحلة في لواء الحلة وفرعاه الديوانية والدغارة وكذلك جداول الكفل وبني حسن والحسينية المتفرعة من امام سدة الهندية في حاجة الى الصيانة وفي لواء ديالى كان الامر هكذا وكذلك كان الامر في منطقة الغراف ذات الاراضي الزراعية الشاسعة الممتدة في الوية الكوت والعمارة والناصرية ، فإن اندراس شط الغراف قد احالها الى مناطق قاحلة لاتصلح للزراعة وهكذا وضعت مديرية الري العامة امامها الموضوع وقدمت خططها الى الحكومة وتمت الاستجابة لتلك الخطط وبدأ العمل الجاد .
لقد كتب عن مشاريع الري عدد من ابرز المتخصصين منهم الدكتور باقر كاشف الغطاء مدير الري العام الاسبق ( 1960 ) والدكتور احمد سوسة والدكتور جاسم محمد الخلف رئيس الجمعية الحغرافية الاسبق واشار الى ذلك دليل الجمهورية العراقية لسنة 1960
وكان سد ديالى الثابت الذي تم انشاؤه على نهر ديالى سنة 1928 ثم اعيد بناؤه عدة مرات حتى وضع له تصميم جديد تم تنفيذه سنة 1940 وكانت سدة الكوت سنة 1939 .. وكان جدول الدجيلة الذي تم حفره سنة 1949 وجدول منطقة العمارة ومشروع (خزان دوكان) على الزاب الصغير الذي انتهى العمل به سنة 1959 وكان ( سد دربندخان ) على نهر ديالى سنة 1956 .
منذ سنة 1940 شهد العراق عناية فائقة بالسدود والخزانات ومشاريع الارواء ومنها مثلا مشاريع نهر الفرات وحوضه وابرزها (مشروع خزان الحبانية) ، وهو اول مشروع في اعالي الفرات وكان يعد من اهم المشاريع الاروائية في العراق وكانت هناك ايضا جداول الفرات العليا في جنوب الرمادي وهي جداول الصقلاوية وابي غريب واليوسفية واللطيفية وهذه الجداول الاربعة تأخذ مياهها من الضفة اليسرى لنهر الفرات .
اما مشروع سدة الهندية والجداول المعتمدة عليه فهي شط الحلة وفروعه وجداول الكفل والمسيب الكبير والناصرية والاسكندرية على الجانب الايسر من نهر الفرات .وكانت سدة الهندية ومجموعة الجداول المتفرعة من امامها في حينه تعد اكبر منشأة للري في العراق .وكانت هناك مشاريع شطي الشامية والكوفة ، وكذلك منشآت ذنائب الفرات على بعد 23 كيلومترا من جنوب الناصرية وكما ه معروف فإن نهر الفرات ينشطر الى شطرين هما جدول السفحة وشط ذنائب الفرات وقد شيدت على هذين الفرعين وعلى فروعها الراضعة منهما نواظم لتقنين المياه وتنظيم توزيعها .
وفيما يتعلق بمشاريع نهر دجلة داخل العراق ؛ فهناك مشروع خزان دوكان على الزاب الصغير وقد انتهى العمل به في حزيران سنة 1959 .وهناك ( مشروع سنكه سر ) على الزاب الصغير ايضا ويقع هذا المشروع في جوار خزان دوكان شمالا على بعد 15 كيلومترا من رانية ضمن لواء(محافظة ) السليمانية وقد بني على نهر كارفين وهو احد الانهار التي تصب في نهر الزاب الصغير .
وهناك جدول الحويجة على نهر الزاب الصغير ويشتمل على جدول يتفرع من الضفة اليسرى لنهر الزاب الصغير في نقطة تقع على بعد 30 كيلومترا جنوب التون كوبري .
اما مشروع الثرثار فهو من المشاريع الجبارة وهناك مشروع خزان دربندخان وقد انجز بشكل نهائي سنة 1962 .
اما مشروع نهر الوند ونهر الوند منبعه من ايران عند حدود لواء (محافظة ) ديالى ؛ فيصب بعد مسيرة قصيرة في اعالي نهر ديالى مارا بعدة قرى وبمدينة خانقين وكثيرا ما كان الايرانيون يقطعونه في كل ازمة تحدث بينهم وبين العراق وفي سنة 1960 وبعد ان حولت ايران مجراه قامت حكومة الزعيم عبد الكريم قاسم رئيس الوزراء انذاك 1958-1963 بإنشاء مشروع جديد لتوصيل المياه من نهر ديالى الى نهر الوند وحفرت جدولا يبتدئ من حيث نهاية جدول بلاجو الذي يرضع من نهر ديالى عند قرية ( بلاجو ) الواقعة على بعد 40 كيلومترا شمال شرقي جلولاء.
ولايمكن ان ننسى سد ديالى الثابت على نهر ديالى وهذا السد يقع في مضيق جبل حمرين حيث يمر به نهر ديالى والهدف منه حجز مياه نهر ديالى ورفع مستواها لتسهيل مد الجداول الكثيرة التي تقع على ضفتي نهر ديالى في مقدمة السد بالمياه الكافية طوال مواسم السنة وكما قلنا آنفا فهذا السد انشأ اول مرة سنة 1928 ثم اعيد بناؤه مرات عديدة كما قلنا حتى وضع له تصميمه الاخير سنة 1940 ونفذ . وقد تيسرت لي منذ الستينات زيارة هذا السد الذي يسمى بالصدور .
وهناك كما هو معروف سد الكوت ويقع بجوار مدينة الكوت مركز محافظة واسط شمالا على نهر دجلة وتم بناؤه سنة 1939 وايضا لدينا ضمن المشاريع الاروائية جول الدجيلة وتم حفره سنة 1949 وهناك جداول منطقة العمارة التي تتقدمها نواظم لتقنين المياه حسب الحاجة ولتنظيم مناسيب المياه في نهر دجلة وطبعا لااعرف حالها اليوم .
وخلال الفترة من 1981-2002 تم انشاء السدود التالية بالرغم من ظروف الحرب العراقية - الايرانية التي استمرت ثمان سنوات 1980-1988 وبالرغم من حرب 1991 والحصار 1990-2002 :
سد حمرين 1981
سد الرطبة 1981
سد الرحالية 1982
سد ام الطرقات 1982
سد حديثة 1986
سد الموصل 1983
سد دهوك 1988
سد العظيم 1999
سد الابيض 2002
ولنتسائل كم انجزت حكومات مابعد الاحتلال منذ 2003 وحتى ساعة كتابة هذه السطور 4-6-2018 اقول واجيب ( صفر ) .
كان هناك سدود لم تكتمل عندما حدث الاحتلال الاميركي للعراق سنة 2003 فإن الحكومات المتعاقبة لم تستطع اكمالها منها ( سد بادوش ) يقع اسفل سد الموصل وهناك سد الفتحة شمال بيجي .
يقول الدكتور عبد اللطيف رشيد وزير الموارد المائية الاسبق ان مجموع النواظم في المشاريع الاروائية في العراق بلغ قبل 2003 (2351) ناظماً موزعة بين المحافظات كافة ومن مختلف الانواع ( رئيسية،وفرعية وقاطعة وذيلية) أضافة الى وجود (49) ناظماً كبيراً متفرعة من الانهر دجلة والفرات وروافدهما وفروعهما كناظم الثرثار في سامراء وناظم الورار ضمن مشروع الحبانية ونواظم أخرى تأخذ مياهها من عدد من السدات كسدة سامراء وسدة الدبس على نهر دجلة وسد ديالى على نهر ديالى وسدة الكوت وسدة العمارة على نهر دجلة وسدة الرمادي و سدة الفلوجة وسدة الهندية وسدة الكوفة وسدة العباسية على نهر الفرات .
وللاسف فإن الحكومات المتعاقبة بعد الاحتلال الاميركي ومنذ 2003 لم تستطع بناء سد واحد لابل لم تستطع اكمال سدود بادوش وبخمة والفتحة كما قلنا ،مما يدل على قصورها وضعفها وفسادها .ولاشك انها اليوم ممثلة في من تولى الحكم مسؤولة امام الشعب على هذا التقصير الفاضح بحق شعبها .
*صورة ويليام ويلكوكس وصورة سدة الهندية

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

النجف والقضية الفلسطينية .........في كتاب للدكتور مقدام عبد الحسن الفياض

  النجف والقضية الفلسطينية .........في كتاب للدكتور مقدام عبد الحسن الفياض ا.د. ابراهيم خليل العلاف استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة ال...