تقديم الاستاذ الدكتور ابراهيم خليل العلاف* لكتاب الاستاذ جاسم عبد شلال النعيمي الموسوم ( رجال ونساء الخدمات المجتمعية في الموصل خلال العهد العثماني )
لا اعرف باحثا جادا ، صبورا مثل الاخ والصديق الاستاذ جاسم عبد شلال النعيمي وهو مشرف تربوي يعمل في المديرية العامة للتربية في محافظة نينوى .وفوق هذا فهو انسان متواضع ، نبيل ، دؤوب ، ومخلص ، ومحب لبلده وامته.. وانا لهذا أعزه ، وأحبه ، واحترمه ، وله في قلبي وعقلي مكانة كبيرة .
لهذا سُعدت عندما طلب مني ان اكتب تقديما لكتابه الجديد الموسوم ( رجال ونساء الخدمات المجتمعية في الموصل خلال العهد العثماني ) . والعهد العثماني في الموصل يمتد لأربعة قرون من 1516 حتى سنة 1918 ، ومعظم هذه القرون شهدت قيام اهل الموصل انفسهم بتولي الأمر في ولايتهم ، وكان من عادة العثمانيين ان لا يتدخلوا كثيرا في شؤون ولاياتهم كانوا يتركون الامر لأهل تلك الولايات ان استطاعوا الحكم وان قدروا والموصليون تولوا امرهم بشكل كبير حتى ان اللغة العربية ظلت هي السائدة في مؤسساتهم ومحاكمهم واوقافهم ومدارسهم وهكذا حكمت الموصل نفسها بنفسها واستطيع ان اميز الفترة من 1726-1834 وهي الفترة التي حكم فيها ابناء الاسرة الجليليلة الموصل وبعضا من ولايات الدولة العثمانية .
وخلال هذه الفترة احتفظت ولاية الموصل وهي احدى ولايات (الخطة العراقية ) بشخصيتها الحضارية ، واصبحنا نجد الكثير من مظاهر الخدمات التعليمية والصحية والوقفية والمجتمعية .. ومن هنا اقتنص الاخ المؤلف والهمام الاستاذ جاسم عبد شلال النعيمي هذه الظاهرة والقى عليها الكثير من الاضواء من خلال ايراد اسماء من قدم هذه الخدمات المجتمعية للناس من رجال ونساء .
وكما قال المؤلف ، فالموصل كانت عامرة بالمؤسسات المجتمعية من مدارس ، ودور قرآن ، ودور حديث ، وخزانات كتب ومستشفيات ودكاكين وقيصريات وخانات، وحمامات ، وسبيلخانات ، وكنائس ، واديرة ومعابد ، وغير ذلك مما كان يدير الحياة في تلك القرون الخالية ، وقبل ان تدخل المؤسسات الحديثة المقتبسة من الانظمة الادارية والمجتمعية والبلدية والتعليمية الاوربية في القرن التاسع عشر .
عندما نعود الى سجلات التاريخ ومدوناته نجد المئات من المدارس العلمية والكتاتيب وخزانات الكتب كلها احتضنتها مدينة الموصل العريقة وتاريخها يمتد لأكثر من 7000 سنة والموصل ليست مدينة عادية فحسب بل هي من اقدم المدن المأهولة بالسكان وخلال الاف السنين لهذا بذل المؤلف جهدا كبيرا من اجل ان يبرز لنا اوجه النشاط الخدمي والعمراني والحضاري في الموصل خلال العهد العثماني وتدل الوقفيات على ان ثمة نشاط عمراني واداري وتعليمي وديني بذل وثمة كتب تناولت شيئا من هذا واذكر الكتاب القيم الذي تركه لنا القنصل الفرنسي في الموصل بين سنتي 1878-1893 المرحوم المسيو نيقولا سيوفي وهو دمشقي وكان مولعا بالآثار الاسلامية واقصد كتابه الموسوم(مجموع الكتابات المحررة في ابنية مدينة الموصل ) الذي عني بتحقيقه ونشره المرحوم الاستاذ سعيد الديوه جي سنة 1956 .
رتب الاخ المؤلف الاستاذ جاسم عبد شلال النعيمي كتابه حسب الحروف الهجائية وتابع كل من قدم جهدا خدميا مجتمعيا في الموصل العثمانية وقدم ما لديه من معلومات عنه وبذلك سهل على الباحثين والمهتمين مهماتهم في التتبع والدراسة والنقد والتحقيق بارك الله بجهوده الطيبة والى مزيد من التوفيق .
*استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق