الخميس، 12 يناير 2023

خان الباليوز في الموصل بقلم : ا.د. ابراهيم خليل العلاف

                                                                     خان الباليوز في الموصل 


خان الباليوز في الموصل

ا.د. ابراهيم خليل العلاف

استاذ التاريخ الحديث المتمرس – جامعة الموصل

 

وقبل ان اقف عند خان الباليوز في الموصل ، لابد لي ان اتحدث قليلا عن الخانات فأقول انه كانت الموصل في العهد العثماني 1516-1918 تسمى (كجك اسطنبول ) أي (اسطنبول الصغيرة)  ؛ لأنها تشبه اسطنبول في خاناتها واسواقها المسقفة وقيصرياتها ؛ فالموصل مدينة تجارية تصل الجزيرة بالعراق وهي ذات موقع استراتيجي مهم في الربط بين الخليج العربي والبحر المتوسط والاناضول والجزيرة الفراتية .

لذلك كان على ابناءها الاهتمام بالخانات والخان كلمة آرامية تعني الاقامة والنزول والخان كان بمثابة الفندق أو (الاوتيل ) ففيه طابقان : الارضي للحيوانات والدكاكين والاعلى للمبيت واحيانا هناك خانات تتألف من اكثر من طابق وفي كل طابق 40-60 غرفة وامام الغرف الاواوين (جمع إيوان)     .

وفي الموصل خانات عديدة منها خان المفتي (محمود المفتي ) ، وخان الباليوز (القنصل ) وخان حمو القدو ،  وخان السواد وخان الغلاوين وخان الحجيات .ولاتزال هذه الخانات قائمة حتى يومنا هذا وإن هدم بعض منها .

فيما يتعلق بخان الباليوز  اقول انه حمل هذا الاسم الباليوز نسبة الى القنصل فكلمة (باليوز)  تعني القنصل و(الباليوز)  كلمة لاتينية  اصلها (باليوس)  وتعني القنصل وقد اشار الى ذلك الاستاذ يعقوب سركيس في  القسم الاول من كتابه الموسوم ( مباحث عراقية في الجغرافية والتاريخ والآثار وقد صدر ببغداد سنة 1948 .

كتب الدكتور اكرم  محمد يحيى دراسة بعنوان (  خطط خانات الموصل في العهد العثماني) منشورة في مجلة (دراسات موصلية ) عدد (38) في تشرين الاول 2012 التي يصدرها مركز دراسات الموصل – جامعة الموصل اشار فيها الى  (خان الباليوز) ، وقال انه هو من الخانات القديمة في الموصل ويقع عنـد سـوق الحـصيرجية علـى الطريق الممتد الى باب السراي ، وقد عرف ب(خان المستر رسـام ) نـسبة الـى مالكـه (كريستيان انتوني رسام ) الذي كان يشغل منصب وكيل القنصل البريطاني  فـي مدينـة الموصل منذ تأسيس هذا الخان  سنة (١٢٥٥هجرية – ١٨٣٩ميلادية ) حتى وفاته وقد اشرت اليه في مقال لي عن التمثيل القنصلي في الموصل وقلت التالي :  ان كريستيان  رسام عمل اول الامر بصفة مترجم مع الانكليز وكان متزوجا من ابنة احد التجار الانكليز وهو بيرس  pierce   منذ خمسينات القرن التاسع عشر واسمها كلوديا  بادجر وكانت احدى رائدات التبشير البروتستانتي  Clodia  Badger" .

، وقد عُرف كريستيان رسام  ووالده أنطون رسام  كان أسقف كنيسة الشرق الاشورية  في الموص واخوه هرمز . وهومن اسرة  آل رسام الموصلية العريقة وهي اسرة موصلية مسيحية بممارسته التجارة الى جانب تكليفه من الانكليز ليكون قنصلا لهم  وهي عادة درج عليها  الانكليز والفرنسيون  في تكليف شخص من اهل البلاد يثقون به ليكون قنصلا لهم   ، لذا عرف خانه بخان القنصل (الباليوز)  ويقال ان كريستيان تخرج في جامعة اكسفورد وكان مثقفا ثقافة رفيعة المستوى  . وقد اسـتخدم خان  الباليوز  -  كما يقول الاستاذ الدكتور خليل علي مراد -  في بحثه الموسوم : (تقديرات سكان الموصل في العهد العثماني 1516-1918) والمنشور في العدد   السابع  من مجلة ( دراسات موصلية) الصادر سنة 2004 لتجارة وبيع وشراء وتخزين وحفظ الجلود والغزول والأصواف، الى جانـب تجـارة البلوريات والأصباغ وما تحتاجه الحياكة والدباغة من مستلزمات  .

الخان كان مكونا من طابقين  ،  ضـم الطابق الأرضي على تسع عشرة غرفة  وعشر خزانات واربعة عـشر دكانـاً تقـع خارج الخان فضلا عن فناء واسع وقنطرة المدخل في حين أشتمل الطـابق العلـوي   على ثلاث وثلاثون غرفة واثنا عشر رواقا . كان خانا كبيرا وقد ادركته ودخلت اليه اكثر من مرة ومنذ الخمسينات من القرن الماضي وكان فيه باب خشبي كبير مرصع بالمسامير  يتألف من سفاقتين وغالبا ما تفتح من الباب سفاقة واحدة . 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

صلاة الجمعة في جامع قبع - الزهور -الموصل

                                                                    الشيخ نافع عبد الله أبا معاذ   صلاة الجمعة بسم الله الرحمن الرحيم :...