السبت، 26 فبراير 2022

مسجد الامام ابراهيم في الموصل







مسجد الامام ابراهيم في الموصل

ا.د. ابراهيم خليل العلاف

استاذ التاريخ الحديث المتمرس جامعة الموصل

ومسجد الامام ابراهيم في الموصل ، من المساجد العريقة ،  والقديمة ، والمعروفة في الجانب الايمن من مدينة الموصل . وقد كتبت عنه اكثر من مرة كما انني قدمت عنه حلقة من برنامجي التلفزيوني (موصليات) بعنوان ( حجر الامام ابراهيم في الموصل ) ، وما قدمته متوفر على شبكة اليوتيوب . ومسجد الامام ابراهيم هو الذي اعطى الاسم للمحلة الواقعة بين محلتي رأس الكور والنبي جرجيس في الموصل ، وقد تعرض المسجد خلال سيطرة عناصر داعش وحرب تحرير الموصل 2014-2017 الى كثير من التدمير ، لكن الخيرين والحمد لله اعادوا بناؤه وتم بعثه من جديد .

ومسجد الامام ابراهيم ، ورد ذكره في بعض المدونات التاريخية القديمة وفي بعض المصادر  على انه ( مزار الامام ابراهيم)  عليه السلام ، والامام ابراهيم المجاب عليه السلام ورضي الله عنه هو ابن الامام موسى الكاظم بن الامام جعفر الصادق بن الامام محمد الباقر بن الامام زين العابدين بن الامام الحسين بن الامام علي بن ابي طالب عليهم السلام ورضوان الله عليهم اجمعين وهو مسجد قديم اتخذه بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل مشهدا ومزارا .

ولعل من ابرز من ذكره هو المؤرخ الموصلي والعلامة الشيخ أحمد بن بكر الخياط المتوفى سنة 1780 في كتابه الموسوم ( ترجمة الاولياء في الموصل الحدباء ) والذي حققه ونشره شيخنا واستاذنا الاستاذ سعيد الديوه جي وطبع في مطبعة الجمهورية في الموصل سنة 1966 . ومما قاله انه هو من بنى مسجدا في فناء  مزار الامام ابراهيم سنة 1836 ، وان اخاه محمد افندي بن الخياط هو من تحمل نفقة البناء لهذا فالمسجد يسمى ايضا مسجد ابن الخياط ، وانه بنى فيه مدرسة علمية دينية هي مدرسة ابن الخياط وكان فيها خزانة  كتب كبيرة فيها الكثير من المخطوطات التي اشار اليها المرحوم الدكتور داؤد الجلبي في كتابه الشهير (مخطوطات الموصل) وان هذه المخطوطات نقلت فيما بعد الى مكتبة الاوقاف في محلة النبي شيت في الموصل .

كان مسجد الامام ابراهيم اوسع مما هو عليه اليوم قبل فتح شارع سوق الشعارين ثم توسيعه اي توسيع الشارع سنة 1951 لكن فتح الشارع قضم الكثير من مساحته  وضيقها واقتصرها على مساحة قليلة وقد ادركته وصليت فيه خلال الخمسينات من القرن الماضي فهو قريب من محلتي التي نشأت فيها وهي محلة رأس الكور .

يقول المؤرخ احمد بن الخياط الموصلي المتوفى سنة 1780 ميلادية :"  انه في سنة 1252 هجرية -  1837 ميلادية بنى مسجدا في فناء الامام ابراهيم من مال محمد افندي بن الخياط وعرف المسجد بمسجد ابن الخياط وكتب فوق باب المصلى ( انما يعمر مساجد الله من آمن بالله وباليوم الاخر واقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش الا الله فعسى اولئك ان يكونوا من المهتدين ) سورة التوبة الاية (17) و(قد سعى بعمارته العبد الفقير احمد الشهير بابن الخياط وذلك في شهر رجب الغر الواقع في سنة 1252 هجرية -1837 ميلادية ) ويظهر انه اكتمل البناء في سنة 1257 فقد كتب على المحراب :" كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا " ال عمران الاية ( 37) سنة 1257 هجرية – 1842 ميلادية .

وفي سنة 1257 هجرية -1842 ميلادية  بنى له مدرسة في المسجد وصار يدرس فيها وهي التي عرفت فيما بعد وادركتها انا بمدرسة ابن الخياط واوقف في المدرسة مخطوطات مختلفة ذكرها الدكتور داؤد الجلبي  في كتابه (مخطوطات الموصل) وكان يدرس قبل ذلك في مدرسة الصائغ قبل ان يبني مدرسته وقد توفي في الموصل سنة 1285 هجرية – 1869 ميلادية وكان احمد بن الخياط عالما جهبذا يعظ في جامع النبي جرجيس ويخطب يوم الجمعة في جامع الباشا ويدرس في المدرسة التي انشأها في فناء الامام ابراهيم .

نيقولا سيوفي في كتابه ( مجموع الكتابات المحررة في ابنية مدينة الموصل ) والذي عني بتحقيقها ونشرها شيخنا الاستاذ سعيد الديوه جي سنة 1956 وعندما تحدث عن محلة الامام ابراهيم ذكر (مزار الامام ابراهيم) وقال ان فيه مصلى ومحراب وضريح وحوش .وانه عمر اكثر من مرة منها عمارة احمد بن الخياط الموصلي التي اشرت اليها آنفا سنة 1285 هجرية -1869 ميلادية .كما ان  الضابط العثماني السيد محمد طاهر بك ميرآلاي عمره سنة 1290 هجرية – 1874 ميلادية ، ومن الذين عمروه المرحوم مصطفى جلبي الصابونجي  في مطلع الخمسينات من القرن الماضي ..

فوق (مصلى المسجد ) كانت الآية الكريمة ( يبشرهم ربهم برحمة منه ورضوان لهم فيها نعيم مقيم ) التوبة (21) .وفي صدر (المحراب)  الاية الكريمة ( الصابرين والصادقين والمنفقين والمستغفرين بالاسحار شهد الله انه لااله الا هو واولوا العلم قائما بالقسط لااله الا هو العزيز الحكيم . ان الدين عند الله الاسلام ) وفي قوس المحراب (البسملة وآية الكرسي)   وفوق ذلك (انما يعمر مساجد الله ...).

كان في المسجد (باب الحضرة وهو ضمن المصلى مصنوع من الخشب فيه صفاقة من اليمين وصفاقة من الشمال  وعلى الصفاقتين ايات قرآنية واسماء الائمة الاطهار . وقد نقلته مديرية الاثار القديمة العامة الى متحف القصر العباسي ببغداد) وقد صنعه الاسطه نوري بن يونس رحمة الله عليه وكمل عمله في 498 هجرية – وعلى جهات الضريح الاربعة مكتوب ( هذا مشهد الامام بن الامام الامام ابراهيم المجاب عليه رحمة الملك الوهاب بن جعفر الصادق بن محمد بن سيدنا ومولانا زين العابدين والحجة البالغة على العالمين علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب رضى الله تعالى عليهم اجمعين ) وتحت الكتابة البسملة وآية الكرسي وتحت الكتابة السابقة داخل ست دوائر 1.شهد الله انه لااله الا هو والملائكة 2. واولو العلم قائما بالقسط 3. لااله الا هو العزيز الحكيم سنة  هجرية 1290- 1874 ميلادية  4. الصابرين والصادقين 5. والقانتين والمنفقين 6. والمستغفرين يالاسحار .

كان في الجدار الشرقي في حضرة الامام ابراهيم حجر بازلتي خلع من الحائط سنة 1937 ووضع في دار الاثار العربية  وقد رويت قصته وهو ان الامير ابراهيم الجراحي  من انصار الشيخ عدي بن مسافر الهكاري جاء به من مكة المكرمة وفيه صورة الكعبة ليكون تذكارا لزوجته المتوفاة حنيفة بنت القرابلي ومن صنعه نحات في مكة اسمه عبد الرحمن بن ابي حرمي المكي وطوله 33 سم وعرضه 15 سم ويضم اول رسم عرفناه للكعبة وكان ذلك اواخر القرن 12 الميلادي .وقد حمله معه من مكة الى الموصل وعمر المسجد ووضع الحجر التذكاري ليخلد ذكرى زوجته وليبارك حياتها ويجلب لها الدعاء .

 

 


 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

النجف والقضية الفلسطينية .........في كتاب للدكتور مقدام عبد الحسن الفياض

  النجف والقضية الفلسطينية .........في كتاب للدكتور مقدام عبد الحسن الفياض ا.د. ابراهيم خليل العلاف استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة ال...