منطقة الدركزلية
في الجانب الايسر من مدينة الموصل
ا.د. ابراهيم خليل
العلاف
استاذ التاريخ
الحديث المتمرس – جامعة الموصل
وكما سبق ان قلت
فان مدينة الموصل تتألف في جانبيها الايمن والايسر من محلات واحياء ومناطق .
واليوم اريد ان اتحدث لكم عن منطة سكنية وتجارية جميلة معروفة في الجانب الايسر من
مدينة الموصل باسم ( منطقة الدركزلية ) والتي يخترقها شارع جميل هو شارع خير الدين
العمري وخير الدين العمري كان رئيسا لبلدية الموصل من سنة 1933 الى سنة 1949
ويعتبر من رؤساء البلديات المجددين الذين تركوا الكثير من الاثار العمرانية
والخدمية في الموصل .
وقد سميت منطقة
الدركزلية هكذا الدركزلية نسبة الى مجموعة
من الاعمدة الواقفة ضمن ما كان يسمى العرازيل التي يستخدمها الكوازين
العاملين في هذه المنطقة في العشرينات من القرن الماضي للوقاية من المطر واشعة الشمس والدركزلية والدركزلي كلمة تركية تعني العمود الواقف (
دركز لي ) ويقول
الاخ اللواء الركن المتقاعد الاستاذ ازهر سعد الله العبيدي ان الدكتور نعمان
الجليلي مدير بلدية الموصل وكالة بين سنتي
1951-1952 غّير اسم المنطقة وسماها (محلة
النعمانية ) .
وهناك من يرى ان كلمة الدركزلية كلمة آشورية
معناها ( الباب الكبير المفتوح ) ، واعتقد
ان منطقة الدركزلية سميت نسبة الى عشيرة حسنية هاشمية هي ( عشيرة الدركزلي )
، وتنتمي الى هذه العشيرة اسر وعوائل
معروفة .
كان عدد نفوس منطقة
الدركزلية وهي محلة النعمانية خلال عمليات التعداد السكاني التي جرت منذ سنة
1965-1997 (14378 ) نسمة وعدد وحداتها السكانية (1875 ) وحدة سكنية .
ويقول الاستاذ عبد الله محمد
خضر في كتابه عن (التوسع العمراني في الموصل في القرن العشرين) وقد عمل لسنوات
مساحا في شعبة الهندسة بمديرية التسجيل العقاري ان منطقة الدركزلية هي من المناطق المستحدثة في
الجانب الايسر من مدينة الموصل وتاريخ استحداثها يرجع الى العام 1960 لكني اعتقد ان التاريخ الصحيح هو 1950 بدليل ان كثيرين من الموصليين انتقلوا سنة 1954
من الجانب الايمن وتحديدا من محلة رأس الكور الى محلة النعمانية في سنة 1954 وكانت
عائلة الصديق الاستاذ كريم يونس الاتروشي من بين هذه الاسر .. وطبيعي فهي أي منطقة
الدركزلية تقع ضمن (60) منطقة مستحدثة
والاستحداث كان منذ سنة 1930 وحتى سنة 1990 . ومنطقة الدركزلية تمتد الى جوار نهر
الخوصر ويفصلها عنه شارع خدمي تمتد على جوانبه الدور السكنية ووراءها المباني
التجارية .وشارع خير الدين العمري الرئيس فتح في الخمسينات من القرن الماضي وهو
يمتد مابين قناطر جسر الخوصر وتقاطع جسر السويس (جسر الامير عبد الاله قبل 1958)
وكان البناء اكثره عند بداية الشارع في المنطقة القريبة من محطة تعبئة الوقود في
محلة الفيصلية .
وحسب التقسيم الاداري لخرائط
التسوية للجانب الايسر من مدينة الموصل فان منطقة الدركزالية تقع ضمن عقار مقاطعة
(41) نينوى الشمالية ويشمل هذا العقار منطقة الدركزلية وطبيعي محلة النعمانية
داخلها فضلا عن احياء مجاورة منها حي الجزائر وحي النور وحي البكر .
.
ومن معالم منطقة الدركزلية فضلا
عن دكاكين باعة المواد الانشائية والتجهيزات المنزلية و( مصرف الشرق الاوسط ) ، وكراجات لوقوف السيارات والمقاهي والمطاعم وباعة
الحلويات والعصائر و ( صالة انتيكات وتحافيات نينوى ) ، (
جامع محمد نجيب الجادر ) الذي تأسس سنة
1948 ولي مقال عنه منشور ، و (مدرسة الكفاح ) ،و ( مدرسة الحرية الإبتدائية للبنين) و(جامع الكاتب) الذي فتح سنة 1968 وقد كتبت
مرة عن ( آل الكاتب) وقلت :" أنا أعرف أن آل الكاتب
اسرة موصلية لها وجود ، وتاريخ ، واراض ٍ ،وقصر ال الكاتب عند جسر القوارب القديم
، وجامع في الجانب الايسر من الموصل .ويشير الاخ الاستاذ
عماد غانم الربيعي في كتابه ( بيوتات موصلية ) الموسع والذي صدر سنة 2013 واهداني
نسخة منه ان آل الكاتب ، من بيوتات النبي يونس عليه السلام وهم نسبة الى الجد يحيى
بن خليل بن ذنون الذي كان (كاتبا) في خان الكمرك ، وكان
من الوجهاء ، وداره منتدى للعلماء والادباء وكان مسؤولا عن (وقفية أملاك جامع
النبي يونس) التي انحصرت في اعقابه .
وكما
هو معروف فان من انشأ (جامع الكاتب ) سنة 1968 ، هما
السيدتان فاطمة ومريم بمساهمة من ابناء الحاج يحيى الكاتب ، وبلغت تكاليف انشاء
الجامع في حينه (16000) ستة عشر الف دينار ، واوقفت له عدة دكاكين ، وبرز من
الاسرة عدة رجالات منهم الحاج يحيى بن محمد بن احمد الكاتب ، واحمد الكاتب هو صاحب
القصر المعروف . وهناك الطيار عبد السلام يحيى الكاتب مواليد 1936 ومحمد امين
الكاتب والدكتور الصيدلاني صديق الكاتب والاستاذ سعد الكاتب وكيل مدير عام سابق
لساحة التبادل التجاري والعميد هشام الكاتب والعميد فاروق الكاتب والاستاذ شريف
الكاتب والاستاذ المربي الصديق موفق الكاتب وغيرهم كثيرون من اسرة ال الكاتب. واول
من كان يخطب وكان اماما ايضا في جامع
الكاتب 1968 الشيخ احمد محمد طيب السليفاني .
ومن
معالم منطقة الدركزلية (مقهى الصنف) .وقد كتب الصحفي والكاتب الاستاذ صباح سليم
علي عن مقهى الصنف وقال انه موجود في منطقة الدركزلية على الرصيف المواجه لشارع المركز المؤدي لسوق النبي يونس وقد تأسس
في الستينات من القرن الماضي وكان يديره حينذاك السيد ثامر سليمان محمد آل شامات ويتواجد فيه نجاري
القالب وحدادي التسليح ولكن الجديد فيه أنه دار
بطابقين وسرداب. وذات حوش واسع رصفت القنبات على شكل
رباعي تتوسطها الطبلات الخشبية ..وهناك مجموعة من الغرف
واقعة في طابق قريب من أرضية الدار يصعد اليها
الزبائن بواسطة درج مبني من الفرش.. وجهزت هذه الغرف بالكراسي والقنبات الخشبية
وخصصت كذلك لجلوس رواد المقهى ومعظمهم من
العمال والشباب الباحثين عن العمل وأكثر زبائن المقهى من سكنة باب الجديد وباب
لكش ومحلة النبي شيت وبعض أحياء المنطقة القديمة
في أيمن الموصل وبعض الشباب العاطلين عن العمل من
المساكن القريبة من المقهى .حيث غدت لعبة الدومينو
والطاولي والورق هي من الملهيات التي يقضون فيها على الضجر
والكأبة التي أنتباتهم نتبجة ماجرى لهم من ويلات ودمار
لبيوت البعض منهم.
عندما كتبت عن
السباح الموصلي الرائد نزار اسماعيل مقالا وهو من امهر السباحين الذين عرفتهم الموصل منذ
الستينات من القرن الماضي احرز الكثير من البطولات الاولمبية ..كان معروفا في
الموصل انه يسبح ضد التيار ومرة سبح من جسر الحرية الى عين كبريت اي من الجنوب الى
الشمال في نهر دجلة في الموصل وقد قطع المسافة وهو يسبح ضد التيار بزمن قدره
ساعتان و13 دقيقة وشاركه سباحون اخرون لم يستطيعوا اكمال السباحة مثله وبقي لوحده
حتى نهاية السباق قلت انه يعيش اليوم في منطقة
الدركزلية وهو شقيق استاذي في مدرسة ابي تمام الابتدائية الاستاذ محمد اسماعيل
مصطفى ( أبو جاسم ) .ومعنى هذا ان منطقة الدركزلية قدمت الكثير من الشخصيات وسكنتها اسر
وعوائل معروفة لها تاريخها وهي بحاجة الى دراسة مفصلة .
كانت
منطقة الدركزلية تتعرض بسبب الفيضان فيضان نهر دجلة ونهر الخوصر الى الفيضان ولدي
صور عن غرقها سنة 1963 بحيث اضطر الناس الى التنقل في الشوارع المغمورة بالمياه عن
طريق الزوارق .
في
مدينة الموصل توجد اسر تسمى بال الدركزلي منهم
الاخ الاستاذ احمد توفيق بن اسماعيل اليماني بن رشيد بن محمد ال غريب
الدركزلي الحسني ، وهو من اعلام السادة الدركزلية الحسنية
القرشية . وقد عمل بوظيفة
ألمشرف ألأول للغة ألعربية في محافظة نينوى على مدى ثلاثين عاماً . وبهذا تكون مدة خدمته في الوظيفة ألحكومية خمسين سنة
من سنة 1956 لغاية سنة 2006 .
وخلال هذه السنوات
..عمل أيضاً في مجال ألشباب ايضا حيث رأس الاتحاد ألوطني لطلبة وشباب العراق
- فرع نينوى بين سنتي 1987 و 1988.وهو من
مواليد مدينة دهوك سنة 1938 .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق