مهنة الخياطة
والخياطون في الموصل
ا.د. ابراهيم خليل
العلاف
استاذ التاريخ
الحديث المتمرس – جامعة الموصل
ومهنة الخياطة من
المهن العريقة والقديمة التي تميز بها الموصليون والخياط هو الذي يخيط ملابس
الرجال والخياطة هي التي تخيط ملابس النساء وكان للخياط دكان للخياطة اما الخياطة
فكانت تقوم بعملها داخل البيت وكانت النسوة يأتين اليها وهن يحملن قطع القماش
لتقوم هي بتفصيل وخياطة ملابسهن وفقا للموديلات السائدة في ذلك الزمان .وقد ادركت
وانا طفل في الاربعينات عددا كبيرا من الخياطين والخياطات في الموصل .وغاليا ما
كان الخياط هو نفسه من يوفر الاقمشة لزبائنه وطبيعي كان الزبون هو من يختار نوع القماش لخياطته كزبون وصاية او
سترة وبنطلون او غير ذلك .
وكان للخياط زبائن يعرفهم ويعرفونه ولفترات طويلة كما هو
معروف ونسميهم في الموصل (معاميل ) والعلاقة تمتد من الاجداد والاباء والاولاد
واذا ما اختار الزبون نوع القماش فان هناك ما يسمى (البراوة الاولى ) و(البراوة
الثانية) ووفق مدد زمنية يحددها الخياط نفسه ولازلت اذكر وانا مدرس في المدرسة
الثانوية اننا كنا نخيط ملابسنا عند الخياط حازم العبيدي ابو اياد وبالقسط المريح
وبمبلغ لايزيد عن (12) دينارا للبدلة (القاط) سترة وبنطلون واحيانا يلك وال (12)
دينارا هي ثمن القماش والخياطة معا .
وكان الخياط هو
الاسطة ولديه خلفة ولديه صانع او اكثر من صانع وعندما ينتهي الخياط من خياطة
البدلة او الزبون يتولى الصانع كيها بمكواة (اوتي ) من الحديد تحمى بالفحم ولم تكن المكواة
الكهربائية آنذاك اي في الثلاثينات
والاربعينات متوفرة .
يتحدث الدكتور
ذنون الطائي في كتابه ( مهن وحرف موصلية قديمة) عن الخّياط فيقول ان الخياط كان يخيط
الملابس الرجالية فقط اما ملابس النساء فكانت تخياط من قبل خياطات يعملن في
منازلهن . لكني ادركت في الستينات خياطون رجالا كانوا متخصصين بخياطة ملابس النساء
وخاصة المعاطف النسائية ، ومن اشهرهم خياط في محلة السراجخانة هو
المرحوم شاكر العبايجي . وللاسف مهنة
الخياطة بدأت في وقتنا الحاضر عند كتابة هذه السطور تنحسر واصبحنا نشتري ملابسنا
الجاهزة من شركات ومولات ومخازن متخصصة بالخياطة محليا وعربيا وعالميا .
فيما يتعلق
بالخياطة النسائية فان مهنة الخياطة
النسائية معروفة في الموصل ولاتزال شائعة وتوجد عندنا خياطات ماهرات يشار اليهن
بالبنان وغالبا ما تكون الخياطة وهي تعمل بكل دقة واتقان معروفة في المحلة وكثيرا
ما تكون زوجة او اخت لخياط مشهور . وكما هو معروف كانت في الموصل خياطات مشهورات
بخياطة اجزاء من ملابس الرجال واقصد (الدمير ) والدمير يشبه السترة والزبون او الصاية وكن ينقشن على عباءات الرجال .
حين اشرفت قبل
ثلاثين سنة على اطروحة الدكتور نمير طه ياسين الصائغ وكانت عن الاصناف في الموصل طلبت منه الاهتمام
بالخياطين واستطاع الحصول على وثائق في محافظة نينوى عن الخياطين في الموصل وكيف
انهم استطاعوا سنة 1930 ان يؤسسوا لهم جمعية هي (جمعية الخياطين ) كان لها مقر في
الطابق العلوي من عمارة توما جردق في شارع نينوى قبالة مدخل شارع غازي وكان رئيس
الجمعية الخياط احمد سعيد يحيى الخياط والد صديقنا الاستاذ في قسم التاريخ بكلية
الاداب – جامعة الموصل الاستاذ عبد التواب احمد سعيد وكان مع الخياط احمد سعيد
يحيى في تأسيس و ادارة الجمعية حسن ثابت
وهايكاز آكوب وعبد السلام عبد
الغفور واوانيس القس ولويس حلبية واندريا قصير وكان للجمعية نشاطات مهنية لحماية
حقوق الخياطات ونشاطات اجتماعية كما ان الجمعية شاركت في الكثير من الاحتفالات
الدينية والوطنية .
اعرف كثيرا من
الخياطين وقسم منهم كانوا زملاء لي في المدرسة الابتدائية ومن الخياطين المرحوم
الخياط طه النجم وكانت دكانه في سوق
الشعارين وكان صديقا لخالي ومن الخياطين حازم العبيدي ابو اياد وكانت دكانه وراء
مصرف الرافدين في ساحة صقور الحضر القريبة من دورة باب الطوب .
وقد قدم الاستاذ
معن ال زكريا في كتابه (الوجيز الموسوعي في تاريخ اهل الموصل ) وهو كتاب جميل
معلومات لطيفة عن الخياطين والخياطات في الموصل . كانت في الموصل خياطات سوريات
.ومن الخياطات مثيلة الحيالي وزهور الخياطة ومحروسة سيد حمدي وصبيحة يحى الجمعة
وزهيرة سليم الجابي ومن الخياطين نيشان وطاطول وهما من الارمن ومن الخياطين عبد
الستار وعبد الجبار داؤد وهما اخوان في شارع غازي (الثورة) وهناك من الخياطين طارق
قصاب باشي وصالح حسنكو وجدعون عبد الله
ترزي وزكريا آدمو وممتاز العسلي وجعفر اسماعيل وناصيف منصور الترزي وقاسم الخياط
الذي تخصص بخياطة الزبون والدمير .
لايمكننا ان نذكر
كل خياطي الموصل منذ العشرينات من القرن الماضي وحتى اليوم فهذا يحتاج الى وقت
وجهد كبيرين .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق