الأحد، 27 فبراير 2022

مهنة الحدادة وسوق الحدادين في الموصل ......................... ا.د. ابراهيم خليل العلاف

الصورة من صفحة (صوت الموصل) الفيسبوكية ورابطها التالي :https://www.facebook.com/sound.mosul/photos/basw.AbrOtXm-8jCoB69HDzIT2zG-iFJqMBFFHK46SFQR8chMo8Ayk9-ctRhfm-In5lxAWIJ81GWnHFIkPkdyRMPhnSeFw1djJm

 

مهنة الحدادة وسوق الحدادين في الموصل 

ا.د. ابراهيم خليل العلاف 
استاذ التاريخ الحديث المتمرس –جامعة الموصل 


وكما سبق ان قلت فإن الموصل مدينة تجارية كما انها مدينة زراعية وصناعية .والموصل من المدن العريقة التي يرجع تاريخها الى 7000 سنة وانها من المدن التاريخية القليلة القديمة المأهولة بالسكان وهي لاتزال تقارع محن الزمان ومصائبه وعبر العصور وهي محاطة بالجبال والصحراء والسهول لهذا فهي مدينة جاذبة وهي عقدة مواصلات وهي مركز من مراكز التجارة العالمية وهي احدى محطات طريق الحرير الشهير لهذا كثرت الاسواق فيها واتسعت نشاطات هذه الاسواق وتنوعت البضائع التي تحتويها بحيث لا تكاد تريد شيئا او تحتاج شيئا الا وتراه في الموصل .
وقد كان من آثار ذلك كله ان اتسعت اسواق الموصل وتنوعت وثمة احصائية رسمية عثمانية تعود الى سنة 1911 تشير الى ان عدد اسواق الموصل كان (3062 ) سوقا . وتقع معظم اسواق الموصل في وسط المدينة وتمتاز بالسعة والازدحام ووفرة البضائع . ولدينا اسماء لاسواق كانت موجودة في الموصل منذ مئات السنين ولاتزال قائمة . ومن هذه الاسواق جهار سوق او سوق المربعة وجهار سوق الذي يقع اليوم في محلة شهر سوق يتكون من اسواق اربعة وهناك سوق القتابين وسوق التبن وسوق الشعارين وسوق الحبالين وسوق القصابين وسوق الحبالين وسوف العطارين وسوق البزازين وسوق السراجين وسوق الدواب وسوق الطعام وسوق الاربعاء وسوق باب الجسر وسوف السقط وسوق النجارين وسوق الفحامين وسوق الاساكفة وسوق الغنم وسوق الصوافة وسوق الهرج وسوق الميدان وسوق الايمنجية وسوق القوندرجية وسوق اللولجية وسوق السوفاجية وسوق القزازين وسوق الجقمقجية وسوق الصياغ وسوق الجيته جية وسوق الكبابجية وسوق باب العراق وسوف باب السراي وسوق باب الطوب وسوق القصابين وسوق الصوافة وسوق الحنطة وسو التحفجية وسوق الحدادين .
وسوق الحدادين من اقدم اسواق الموصل ويقع في منطقة الميدان أو باب الجسر مقابل بناية البلدية القديمة والتي هي اليوم بعد ان هدمت البلدية ساحة وقوف للسيارات
وسوق الحدادين سوقان الاول يختص بصنع الادوات المنزلية من قبيل محمل حبوب الماء والمناقل والسلاسل الحديدية والابواب والشبابيك الحديدية وابواب الدكاكين والثاني يقع قريبا عنه وفي مدخل سوق منارة جامع الاغوات ويسمى سوق تحت المنارة ( تحت البناغة ) وهذا السوق يتخصص ببيع المحاريث وادوات الزراعة والحصاد .
وسوق الحدادين الاول لايزيد طوله على 50 مترا وتتناثر الدكاكين على جانبيه واغلب الدكاكين تكون بوضع منخفض عن الشارع حتى يستطيع الحداد ممارسة عمله امام كورة النار والسندان بيسر وسهولة .وللدكان باب حديدي استبدل في ايامنا هذه بما يسمى ( الخبنك ) وكلمة الخبنك كلمة فارسية تعني الباب .
وعادة ما يكون للحداد خلفة وصانع وتلميذ والتلميذ عادة ما يكون ابن الحداد او احد اقرباءه ويضمن هذا تواصل تعلم المهنة وامتدادها جيلا بعد جيل
والحدادة مهنة شريفة ومقدسة وقد ورد ذكرها في القرآن الكريم في موضع يتعلق بالحديد قال تعالى في سورة سبأ الاية ( 10) بسم الله الرحمن الرحيم : (وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ مِنَّا فَضْلا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ ، وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ (10) صدق الله العظيم
وكان للحدادين في الموصل صنف خاص يقوده شيخ الصنف وكان الحدادون يعودون اليه في كل ما يتعلق بالمهنة وعلاقتهم بغيرهم من ذوي المهن الاخرى وقد حافظ شيخ الصنف على علاقته بجماعته على افضل ما يكون وكان لاسرة اللوس وهي اسرة مسيحية مكانة محترمة بين ابناء صنف الحدادة .
ويشير الاستاذ بهنام سليم حبابة في كتابه (الاسر المسيحية في الموصل ) الى ان اسرة اللوس الحداد كانت اسرة كبيرة وكان شيخهم هو اسطيفان اللوس في محلة القلعة بجانب بيت يعقوب فرجو وكان حدادا معروفا ومن اولاده ايليا وفتح الله وكان ايليا قد اصبح مديرا لاحد البنوك في مدينة العمارة اما فتح الله فكان موظفا صحيا سكن كركوك منذ اكثر من نصف قرن وقد التقاه الاستاذ بهنام سنة 2010 ولهم اخت اسمها مادلين كانت تعمل خياطة وهي والدة صائب ايليا من بيت عرق السوس وهناك اولاد عم لايليا وفتح الله وهما الاستاذ بشير اللوس مؤسس متحف التاريخ الطبيعي في بغداد والمتخصص بعالم الطيور العراقية وقد خصصت له حلقة من برنامجي هذا برنامج (موصليات ) .اما بهنام فقد كان يعمل في بلدية الموصل ترك المسيحية واعتنق البهائية وتزوج واحدة من البهائيات .
ثمة قصة اريد ان ارويها عن الحداد اسطيفان وهي ان شابا جاء الى الموصل يبحث عن عمل وادعى انه له خبرة بالحدادة والتقى اسطيفان الحداد في سوق الحدادين وقام الحداد اسطيفان بتشغيله خلفة له في الدكان وكان هذا في سنة 1904 وظل يعمل في دكان الحداد وبعد قيام الحرب العظمى وهو الحرب العالمية الاولى سنة 1914 وقيام الانكليز بإحتلال البصرة سنة 1914 واحتلال بغداد سنة 1917 واحتلال الموصل سنة 1918 اتضح ان الشاب الذي اشتغل عند الحداد اسطيفان اللوس في سوق الحدادين بالموصل ليس الا الكولونيل جيرارد ليجمن الذي عين حاكما سياسيا على الموصل بعد احتلالها من قبل الانكليز .وكما هو معروف فإن ليجمن عنما كان يعمل في سوق الحدادين متنكرا كان ضابطا في الاستخبارات البريطانية وان جمع معلومات كبيرة عن الموصل واهلها وكان يتقن اللغة العربية واللهجة البدوية وهو نفسه الذي قتله فيما بعد الشيخ ضاري الزوبعي فيما بعد عندما انتقل ليكون حاكما لمنطة الليم السياسي (الانبار ) في يوم 12 اب سنة 1920 وفي حادثة شهيرة بحادثة (خان النقطة ) بين بغداد والفلوجة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

النجف والقضية الفلسطينية .........في كتاب للدكتور مقدام عبد الحسن الفياض

  النجف والقضية الفلسطينية .........في كتاب للدكتور مقدام عبد الحسن الفياض ا.د. ابراهيم خليل العلاف استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة ال...