الفروة والفروجي
وصناعة الفراوي في الموصل
ا.د. ابراهيم خليل
العلاف
استاذ التاريخ
الحديث المتمرس - جامعة الموصل
ولازلت اذكر وانا
طفل صغير قبل اكثر من خمسين سنة المثل الموصلي المشهور الذي يقال لمن لايحسب
للامور حسابها ولايعرف كيف يتصرف اذ يقولون له (يحسب الفروة حياجة ) والفروة
لايمكن ان تحاك بل تصنع بطرق لايعرفها الا من اتقن هذه المهنة وعرف اسرارها
وتفاصيلها .
وصناعة الفراوي من
الصناعات التقليدية التي اشتهرت بها منطة قره قوش او الحمدانية بخديدا مدينة الرب
التابعة لمحافظة نينوى ويقول الاخ الدكتور
ذنون يونس الطائي في كتابه (مهن وحرف موصلية قديمة ) وصدر سنة 2014 ان اشهر من
امتهن مهنة صنع الفراوي وبيعها هم الحرفيون في منطقة الحمدانية منهم من المتخصصين
بهذه الحرفة ويصنعون الفروة من جلود تسمى (جلود الطرحيات ) وهي جلود طرحيات
الولادة للاغنام وتكون باهضة الثمن وهناك انواع من الفراوي منها الفراوي السميكة
التي تدبغ باللون الاصفر وتباع للاعراب من ابناء القرى لتقيهم البرد القارص وتباع
الفراوي في سوق الفراوي ايضا في مدينة الموصل ويتخصص ببيعها تجار معروفون ومن يصنع
الفروة يسمى الفروه جي وتوجد اسر عراقية تحمل اسم الفروجي منها اسرة المطرب
العراقي المشهور الاستاذ اسماعيل الفروه جي .
ويشير الاستاذ
شعلان عبد فتحي في كتابه عن ( اللاحقة التركية جي ) ان الفروه جي تعني صاحب الفروة
والفروة لباس شتوي ثخين يسمى الفروة وهو شائع الاستعمال ليس بين ابناء الريف فقط
بل في المدينة وانا كاتب هذه السطور لا استغني عن الفروة في الشتاء وارتديها حتى
في داخل البيت واتدثر بها واحسن بالدفء والفروة اذا تصنع من جلود الاغنام بعد ان
تعامل هذه الجلود بشكل دقيق من اجل المحافظة على سلامة هذه الجلود وليونتها
وطراوتها ليبقى الصوف ظاهرا عليها ببياضه ونظافته .
ولدينا في تراثنا
الشعبي الكثير من القصص والحكايات التي ترد فيها الفروة من قبيل الحكاية الطريفة
بين الاسد والثعلب والتي تسمى في تراثنا الموصلي ( فروة السبع ) . والفروة تكون
طويلة وهناك فروة قصيرة او نصف فروة تسمى الجداعية وتكون بدون اكمام وتسمى ايضا (الحورانية ) . والفروة غالبا ما
(تُخوم) بالخام (القمندور) الاسود او بالخام الازرق . ودائما الفروة غالية
الثمن تصل الى قرابة مليون ونصف مليون
دينار خاصة اذا كانت مصنوعة لاتقان ومن
جلد الطرح .
يقول الحاج عبد
الجبار محمد جرجيس رحمة الله عليه في كتابه (الالبسة الشعبية الموصلية ) وصدر سنة
2007 ان الفروة (رداء فوقاني ) يلبس في الموصل من قبل الرجال على نطاق واسع
والفروة تصنع من جلود الخرفان الكبيرة او الصغيرة المعروفة ب(الطليان ) .وكلما كان
الجلد صغيرا كانت الفروة جيدة وثمينة ..حيث يتم جمع جلود الخرفان مع صوفها وتتم
عملية دبغ الجلود وتنظيفها وتفصل من قبل الخياط المكلف بخياطة هذه الجلود وقصها
على شكل (الفروة) والفروة تشبه (القابوط
لكنها اوسع من القابوط ) ثم تخاط القطع مع بعضها حتى تتكون هيئة الفروة التي تشبه
ايضا (الجبة) والفروة مفتوحة من الامام الى الاسفل وفيها اردان طويلة وليست فيها
(ياخة ) اي عديمة الياخة .
والفروة تخوم
بقماش جيد من نوع القمندور الاسود او الازرق الغامق فيشكل هيئة الفروة الامامية
وتطرز حافتها وخلفها بواسطة شريط خاص .
وهناك من يقول ان
الفروة دخلت العراق من اذربيجان الروسية ومن العاصمة باكو في القرن التاسع عشر . والفروة تصنع لافي قره
قوش وفي باطنايا وفي تلعفر وفي تلكيف وفي سنجار وكلما كانت غالية الثمن فان هذا
دليل اتقان صنعها وجودة المواد التي تصنع
منها .
اخيرا اقول الان
بعض الفراوي تستورد من الصين ومن روسيا ومن ايران ومن بعض جمهوريات اسيا الوسطى
الاسلامية فهناك الفروة الكشميرية والفروة السورية والفروة الالمانية لكن افضل
الفراوي كما جاء في احد المواقع الالكترونية ورابطه التالي :
https://www.almrsal.com/
هي الفروة العراقية الموصلية وهي أحد ابرز أنواع الفروة الخليجية العربية التي تتميز بالجودة في الصنع ، والخامة فيكفي أنها عراقية وتحديدا موصلية أي أنها صنعت لتناسب أهل البادية بالعراق ، فقد أعدت بطرق معينة من جلود الأغنام الصغيرة لتناسب كل الاحتياجات لتحظى على نسب كبيرة من إقبال الزبائن عليها ويصل سعرها لأكثر من 5 آلاف ريال سعودي أي ما يعادل 1350 دولار
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق