جامع عبد الله بك
في محلة رأس الكور بمدينة الموصل القديمة
ا.د. ابراهيم خليل
العلاف
استاذ التاريخ
الحديث المتمرس – جامعة الموصل
واعرف هذا الجامع
معرفة دقيقة لانه ملاصق لبيت جدي احمد الحامد العلاف في رأس الكور وقد كتبت عنه مقالة نشرتها في جريدة (فتى العراق)
الموصلية بتوقيع (أبو نشوان ) العدد الصادر في 9 نيسان
2007 .
ولازلت اتذكر
السبيلخانة الرائعة التي كان يضمها هذا الجامع وانا صغير وللآسف هدمت وبني فيها
مكان حديث للوضوء زود بحنفيات . وسمعت انه كان يسمى بجامع السبيلخانة وجامع عبد
الله بك من الجوامع العريقة في الجانب الايمن من مدينة الموصل ويقع في اقدم واعرق
محلة في الموصل هي محلة رأس الكور او محلة الكوازين كما يسميها اهل الموصل والجامع
يقع على الشارع الرئيس الذي يربط سوق الشعارين بمحلة الشفاء شمال المدينة وفي
منتصف الطريق بين هذا الشارع والطريق الذي يؤدي الى ما يسمى اليوم جامع المصفي وهو
المسجد الجامع او الجامع الاموي اول جامع بناه العرب المسلمون عند دخولهم الموصل
سنة 16 هجرية -637 ميلادية .
سمي هذا الجامع
بجامع عبد الله بك لان عبد بك بن محمد شريف بك من احفاد ياسين افندي المتوفي وقد
توفي عبد الله بك هذا سنة 1887 ميلادية ( 1304هجرية ) . وثمة رواية تاريخية اشار
اليها شيخنا الاستاذ سعيد الديوه جي في كتابه (جوامع الموصل في مختلف العصور ) تقول ان في مكان هذا الجامع كان هناك مسجد اسمه
(مسجد الكوازين) فقام بهدمه وبنى في مكانه سنة 1869 ميلادية -1285 هجرية جامع هو جامع عبد
الله بك وانشأ فيه مدرسة تدرس فيها العلوم الفقية الاسلامية كما بنى فيه سبيلخانة
او سقاية للماء .
وكان للجامع باب
واحد يقع على الشارع الاموي الذي يصل بين شارع المكاوي الى الجامع الاموي وتقع في
جانب الجامع دار جد كاتب هذه السطور ابراهيم خليل احمد حامد العلاف .وكان مكتوبا
على باب الجامع ثلاثة ابيات من الشعر ذكرها نيقولا سيوفي في كتابه (مجموع الكتابات
المحررة في ابنية الموصل ) جاء فيها :
ذا جامع للمسلمين وكم به **من مساجد او هو رائع
وبه تطوع ثلاثة
تقربا ** يرتقي للمهيمن طمع
بالخير والتقوى
تأسس ارخو ** (من بر عبد الله هذا الجامع)
وقد وردت سنة 1285
هجرية لتوافق تاريخ انشاء الجامع بالحساب الشعري المعروف بحساب الجّمل .
كان للجامع مصلى
كتبت فوقه عبارة ( من بنى مسجدا بنى الله له بيتا في الجنة ) 1285 هجرية وفوق ذلك
عبارة ( تطوع بعمارته خالصا لوجه الله تعلى عبد الله بك نجل محمد شريف بك غفر الله
لهما ) . وكان في الجامع (مصلى) وفي المصلى محراب جميل .وفي سنة 1953 وسعت بلدية
الموصل شارع سوق الشعارين وعندما وصل التوسع نحو الجامع قامت البلدية ببناء عدد من
الدكاكين وجعلتها وقفا للجامع لاتزال قائمة .كما اعدت المحراب القديم الذي كان
موجودا في الجامع ومكتوبا عليه" فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ ۚ إِنَّ الصَّلَاةَ
كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا " سورة النساء (الاية 103) .وفوق ذلك (فنادته
الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب ) سورة ال عمران الاية (39) .
في سنة 1952 تعطلت
في الجامع صلاة الجمعة وبعد سنوات اي في سنة 1956 بوشر بعمارته واعادته الى سابق
عهده . وكما هو معروف فان في الجامع مدرسة كما سبق ان قلت آنفا والمدرسة بنيت على
ارض مقبرة قديمة وكتب فوق باب المدرسة ( قال صلى الله عليه وسلم :اطلبوا العلم ولو
في الصين ) . واصل الجامع والمدرسة كما هو مدون في بعض السجلات التاريخية كان
مسجدا صغيرا يسمى مسجد رأس الكور او مسجد علي بزار الشهواني لان علي بزار الشهواني
هو من بنى المسجد والمدرسة ليصلي به الكوازون ممن يعملون في صناعة الاكواز والحباب
والتنانير .
وممن درس في مدرسة
عبد الله بك الشيخ محمد بن احمد الصائغ المشهور بالصوفي والمتوفى سنة 1922 وكان من
علماء الموصل المعروفين .كما درس فيها الشيخ احمد القليه جي المتوفى سنة 1934 ودرس
فيها الشيخ عبد الله الصوففي وهو من علماء القرن الماضي والجامع كما قلت كان يضم
سبيلخانة جميلة لسقاية الناس وتقع في شرقي باب الجامع وكتبت فوق شباكها ثلاثة
ابيات هي :
(بارد) هذا الماء
كم صاد روى ** عند الشفاء قلبه وقالبه
اجراه عبد الله من
يجري على **يديه فعل الخير وهو صاحبه
طلب ورودا وصفا
لتاريخه **طيب ماء قد صفت مشاربه
وبعد تجديد الجامع
هدمت السبيلخانة وبنى فوقها مكان للوضوء .
تعرض الجامع وهو من طابقين لكثير من التشويه والتدمير والحرق
خلال سيطرة عناصر داعش على الموصل 2014-2017 فقد اُتخذ مصنعا للعبوات .كما ازيلت الكتابات او بعبارة ادق ُطليت بالجص ولم
يعد يراها احد وقد بذل اهل المحلة والخيرين
كما قال الاخ الاستاذ غانم صديق الحديدي جهودا لاعادته والصلاة فيه وقد كان يؤمه يوم الجمعة قرابة (600) مصلٍ ، لكن
مع هذا الواجب يتطلب اعادة تعمير الجامع وتجديده لكونه من الجوامع المهمة في محلة
عريقة واصيلة هي محلة رأس الكور .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق