الأربعاء، 23 فبراير 2022

المسبحجي .. بائع السبح في الموصل










السبح .. والمسبحجي .. بائع السبح في الموصل

ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس – جامعة الموصل

وسألني قائلا هل توجد مهنة في الموصل تسمى ( المسبحجي) ؟ ، فأجبته نعم.. المسبحجي ، هو بائع المسابح أو السبح . وكلمة مسبحجي مؤلفة من المسبحة واللاحقة التركية (جي) اي صاحب المسبحة . وهناك اسرة موصلية كريمة تحمل اسم (بيت المسبحجي ) ادركتها ، وكنت اعرف بعضا من افرادها ، وكانت ثمة علاقات مصاهرة معنا ، أي مع اسرتنا لم اتابعها للأسف الشديد منذ اكثر من نصف قرن .
ومهما يكن ، فأن بيع المسابح او السبح في الموصل كان في باب الطوب وبالضبط ما نسميه اليوم بمدخل (سوق الهرج) ، ولازلت اذكر اصحاب السبح ومناضدهم في ساحة السوق ، وهم يبيعون انواع من السبح التي تستخدم لعدة اغراض ومن قبل الشباب وكبار السن ولكل هدفه من استخدام المسبحة فهناك من كبار السن يستخدمونها للتسبيح ولذكر الله ولممارسة الحمد والشكر لله سبحانه وتعالى وبعدد حبات المسبحة التي تصل بعضها الى ال( 99) حبة بعدد اسماء الله الحسنى .
ومنهم وخاصة من الشباب ، وحتى الشابات اليوم يستخدمونها للزينة والتسلية او لنقل (للكشخة) للتسلية .والمسابح انواع ، واشكال ، والوان يعرفها بائعو المسابح ، وهواة حملها فهناك (الشيح ) ، و(اليسر) ، و( الصندلوز) ، و(الكهرب ) ، و( الكهرمان) . وانا شخصيا لدي العديد من المسابح ، لكني لا استخدمها اليوم وكنت سابقا واقصد ايام الشباب احملها للزينة والوجاهة و(الكشخة) .
وسوق المسابح اليوم ( شباط 2022 ) أي عند كتابة هذه السطور انتقل من ( سوق الهرج في باب الطوب في الجانب الايمن من مدينة الموصل) الى ( سوق النبي يونس عليه السلام في الجانب الايسر من مدينة الموصل) .
وعند العودة الى ارشيفي الشخصي وجدت انني نشرت في 15 من تموز سنة 2016 ، في صفحتي الفيسبوكية مقالة طريفة عن ( السبح ) وقلت فيها : " قبل قليل كنتُ والاخ الاستاذ جعفر الزاملي نتحدث عن مسابقة طريفة نظمت في الموصل سنة 1966 لهواة ، واصحاب المسابح (السبحات ) ؛ فكما هو معروف فإنه ، وفي أحد ايام الجمعة من شهر ايلول سنة 1966 وكما جاء في جريدة ( المنار ) البغدادية بعددها 3502 الصادر في 9 ايلول -سبتمبر سنة 1966 نظمت في مدينة الموصل ، وفي مقهى (ابو ضياء ) في شارع العدالة القريب من سوق المسابح ، وهو جزء من سوق الهرج بباب الطوب ، مسابقة طريفة لهواة واصحاب المسابح .. وقد ازدانت المقهى بلوحات ملونة جميلة علقت عليها عشرات المسابح وبأنواعها المعروفة : (الشيح ) و(السندروس) و( اليسر ) و ( العطش ) .. وبعد جولة قامت بها لجنة التحكيم ، استقر رأيها على فوز السادة التالية اسماؤهم ادناه بالكؤوس :
1. السيد خضر الاحمر (الاول من يمين الصورة ) وقد فاز بكأس الدرجة الاولى لامتلاكه مجموعة نادرة من السبحات كالشيح والعَطَشْ والسندروس .
2. السيد محسن علي الحصيني (الثاني من يمين الصورة )وقد فاز بكأس الدرجة الثانية لامتلاكه أحسن مسبحة من نوع (يسر) .
3. السيد يونس الجاسم (ابو شيبان ) (الثالث من يمين الصورة ) وقد فاز بكأس الدرجة الثالثة لامتلاكه أحسن مسبحة ( باغة ) قديمة .
و بيع السبح في الموصل ، مهنة تراثية متوارثة ولاتزال مزدهرة ، ويرجع البعض اصولها الى ايام الرهبنة المسيحية في القرن الرابع الميلادي . وهناك حب لها من قبل بعض الناس ، كما ان من بين هؤلاء من هو خبير في حباتها ، والوانها ، ونوعياتها ، ومناشئها . وثمة قصص تروى عن السبح وانواعها وكيف ان حباتها الاصلية تستخرج من اعماق البحار وخاصة في المناطق البركانية ، وكيف ان هناك سبح محلية موصلية ، ونجفية وهي من افضل الانواع . وهناك سبح مستوردة ومنشأ المسابح اليوم من المانيا وروسيا والصين وبلغاريا والبرازيل . وهناك مسابح تصنع محليا في الموصل ( وما يصنع في الموصل من المسابح ممتاز ومعروف بدقته ) . واسعار بعض المسابح الممتازة النوع تتراوح مابين 300 الف الى مليون دينار وقد قرأت ان اسعار بعضها في الكويت مثلا تصل الى (20 الف دولار ) . وثمة امر له علاقة بالمسابح وهو الخيط الذي ينتظم حبات السبحة و(الكركوشة) التي في رأس الخيط وهذا ما كان يفعله القزاز في سوق العتمي في الموصل كنا نذهب بالسبحة لتغيير خيطها وعمل كركوشة جميلة لائقة بمن يحمل السبحة .
قصة السبح والمسابح قصة طريفة فللسبح عشاقها وهواتها ولها سوقها وسوقها مزدهر اليوم في الموصل والمهنة مهنة بيع السبح تحتاج الى خبرة ومعرفة دقيقة بأنواع السبح ومناشئها ، والوانها ، واشكالها ومن الطريف انها محط انظار الاعلاميين والقنوات الفضائية والاذاعية الذين يرتادون هذا السوق ويقدمون عنه تقاريرهم وهذا ما فعلته مثلا قناة الموصلية الفضائية وقناة زاكروس الفضائية وراديو الغد ووكالة الموصل برس الثقافية وغير ذلك من القنوات الفضائية والمحطات الاذاعية ووكالات الانباء ، وحتى الصحف والمجلات .


 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

النجف والقضية الفلسطينية .........في كتاب للدكتور مقدام عبد الحسن الفياض

  النجف والقضية الفلسطينية .........في كتاب للدكتور مقدام عبد الحسن الفياض ا.د. ابراهيم خليل العلاف استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة ال...