جامع الشيخ محمد الزيواني في محلة باب البيض في الموصل
ا.د.
ابراهيم خليل العلاف
استاذ
التاريخ الحديث المتمرس – جامعة الموصل
قبل
ان اتحدث لكم عن جامع الشيخ محمد الزيواني في محلة باب البيض وهو من الجوامع
العريقة في الموصل اطلعكم على هذه الصورة التي التقطتها لكم عصر
يوم 3 من نيسان الجاري 2021 لما تبقى من جامع الزيواني وهو من الجوامع التاريخية
القديمة في محلة باب البيض بالجانب الايمن من الموصل حيث السور او (البدن ) والبدن
سيظل عالي البنيان مهما فعلوا وبالغوا في التدمير .والجامع اليوم يحتاج الى
صيانة كما ترون في الصورة المرفقة هذه :
وجامع الزيواني بُني واسس سنة 1193 هجرية - 1779
ميلادية أي ان عمره اكثر من قرنين واثنين واربعين سنة (242) سنة ، وكان يسمى مسجد الشيخ محمد الزيواني ، والشيخ محمد الزيواني رجل
صالح ، وشيخ جليل ، ومتصوف طيب وله قصة ارويها
لكم الان وملخصها ان هذا الجامع يُعد من معالم محلة باب البيض وهي من المحلات
العريقة في الجانب الايمن من مدينة الموصل .
ومحلة باب البيض واحدة من أعرق محلات ( أحياء ) مدينة الموصل
القديمة في جانبها الايمن ويقع عندها أي عند هذه المحلة احد ابواب مدينة الموصل ،
وهو ( باب كندة او باب البيض) . كما ان
جزءا كبيرا من سور مدينة الموصل التاريخية يحيط ببعض جوانبها ويسمى هناك (البدن ) ،
ولايزال شامخا حتى كتابة هذه السطور 28-2-2022
هذا فضلا عن ان احد ابناء هذه المحلة وهو الكاتب والآثاري
الاستاذ عبد الله أمين اغا الف كتابا عنها بعنوان ( محلة باب البيض الكبرى )
واصدرته مكتبة الجيل العربي بشارع النجفي في الموصل سنة 2004 .
وجامع
الشيخ محمد الزيواني .الجامع يقع في محلة باب البيض لذلك يسمى ايضا جامع باب البيض
..بُني الجامع سنة 1193 هجرية أي سنة 1799 ميلادية (القرن 18) الميلادي في العهد
العثماني . ومئذنته مبنية بالآجر
فيها زخارف ونقوش مبنية على قاعدة من الحجارة المهندمة . ويقع باب محلة (باب البيض) الى جانب مدخل او باب جامع
الشيخ محمد الزيواني ، وكما هو معروف فأنه في اواخر الاربعينات من القرن الماضي انهار جزء
من المنارة بتأثير زلزال ضرب الموصل . وفي سنة 1967 ضربت الموصل عاصفة قوية في
الليل وسقط رأس المنارة الحديدي على الارض وبقيت المنارة بدون رأس منذ ذلك الوقت
ولم تمتد اليها يد الصيانة ..
وفي محلة باب البيض كما تعرفون معالم شاخصة ولاتزال مع انها
قد هدمت وخاصة عند سيطرة عناصر داعش على الموصل وحرب تحرير الموصل منهم
2014-2017 ومن هذه المعالم (قلغ العكس ) والقلغ كلمة تركية
تعني مخفر وفيه برج المراقبة العثماني والذي كان يضم الحرس عند
باب البيض وكان الى جواره الخندق ثم باب البيض أي البوابة ويقع الى
جواره (جامع الشيخ محمد الزيواني) وتاريخ هذا
الجامع كما قلت ُ آنفا يعود الى سنة 1799 ميلادية ، وهو من الجوامع
المعروفة وله مئذنة مبنية بالآجر وتقوم على قاعدة مبنية بالحجارة المهندمة وكان في
هذا الجامع مدرسة دينية هي (المدرسة الاحمدية) ، وفي المدرسة خزانة كتب
أي مكتبة فيها الكثير من المخطوطات التي ذكر عناوينها الدكتور داؤد الجلبي في
كتابه الكبير (مخطوطات الموصل ) .
كتب شيخنا واستاذنا الاستاذ سعيد الديوه جي عن جامع الزيواني
في كتابه (جوامع الموصل) ، وظهرت طبعته الاولى في مطبعة شفيق ببغداد سنة 1963 وقال
ان المؤرخ الموصلي الكبير محمد امين العمري (1738-1788) ميلادية تحدث عن ( الشيخ
محمد الزيواني) في كتابه (منهل الاولياء
ومشرب الاصفياء في سادات الموصل الحدباء ) ، وقال انه مدفون في مسجد صغير يقع وسط المباني
مباني الناس وبيوتهم وقريبا من السور وله قبة تُزار وهو احد المشايخ الصالحين
وعندما توفي ، دفن في المكان نفسه الذي كان قد اتخذه تكية له وفي سنة 1193 هجرية
-1779 ميلادية قام احد رجالات الجليليين
وهو سليمان باشا بن محمد امين باشا الجليلي بهدم القبة قبة الشيخ محمد الزيواني ، واشترى عدة بيوت والحقها واضافها الى الجامع ووسعه واتخذه جامعا
كبيرا قال عنه انه كان فخما وجميلا تؤدى
به صلاة الجمعة وفتح فيه مدرسة في وسط فنائه وشاركه في عمله هذا اخوه محمد باشا الجليلي وهو
من تولى ولاية الموصل ، واخته الحاجة حمراء خاتون وامهم الحاجة حليمة خاتون .
في جامع الشيخ محمد الزيواني قبة ، ومنارة ، ومدرسة ، ومصلى ، وتعلو المصلى
قبة جميلة على شكل نصف كرة تستند الى اساطين مثمنة من الرخام وفي زوايا المصلى تحت
القبة مقرنصات فوقها مثمن تستند عليه القبة ومكتوب في اعلى اربع جهات المصلى
(البسملة وآية الكرسي) و(انما يَعمر مساجد الله (الى ) اولئك هم الفائزون )
والكتابة داخل شريط عرضه (30) سنتمتر وهي بارزة من الجبس) وفوقها الواح على شكل
شبابيك بعضها مفتوح كل ثلاثة منها في جهة ، وهي مزخرفة في اعلاها بزخارف جبسية ، يعلو
هذا شريط مزخرف بزخارف جبسية جميلة تحيط بالقبة .
وللأسف ، القبة متضررة تحتاج الى صيانة كما هو حال المنارة ، ومحراب الجامع من المحاريب المهمة يعود الى
القرن 18 الميلادي ، وحول المحراب (جامات) كبيرة خالية من النقش ، والكتابة ومكتوب فوق
قوسه الآية الكريمة ( كلما دخل عليها وكريا المحراب (الى) سميع الدعاء ) ، وفوق
هذا تاريخ هو سنة 1193 هجرية أي 1779 ميلادية .
وفي الجامع مصلى للحنفية، ومصلى آخر للشافعية . وللمصلى ثلاثة
ابواب وهي من المرمر ، وقبة الشيخ الزيواني بسيطة تقع غربي المصلى ، ولها باب من
المصلى ، والجامع غني جدا بالكتابات وابيات الشعر واسماء من بنوه وانفقوا عليه
وعمروه كان هذا موجودا في الستينات في
الاروقة امام المصلى .. وفي داخل المصلى ، وقد تصدعت بعض سقوف المصلى وللجامع
بابان احدهما يتجه الى الغرب قريب الى الباب باب محلة باب البيض ، والباب الثاني
في جهة الشرق وهو اصغر من الباب الاول ، ومطلع
القصيدة الموجودة في الباب الاول وتتألف من
عدة ابيات نظمها المؤرخ والشاعر محمد امين العمري مطلعها :
لقد انشأ السادات بيت عبادة
***** رجاء ثواب في غد وختام
وعلى الباب الثاني ايضا ابيات للمؤرخ والشاعر العمري محمد
امين مطلعها :
تطوع ابناء الامير وآله
***** بإنشاء بيت للمهيمن جددا
وكان في الجامع مدرسة دينية هي (المدرسة الاحمدية ) ، وفيها خزانة للكتب والمخطوطات ، وفيها غرف
للطلاب ، ووقفية تنظم الصرف على الاساتذة
والشيوخ والخدم ، واعيد تجديدها أي تجديد
المدرسة اكثر من مرة وكان فيها ( دار
للقرآن ) ، يدرس فيها القرآن الكريم وعلومه وأرخ بناؤها المؤرخ محمد امين العمري
ايضا بقصيدة والبيت الاخير بحساب الجمل او التاريخ الشعري يساوي سنة 1193 هجرية
1779 ميلادية يقول :
يقول لسان الحال فيه مؤرخا ***** (بنائي لأحياء العلوم تقررا )
سنة 1193 هجرية .وبني في الجامع دارا للحديث في غربي الجامع على يمين الداخل من
باب الجامع المجاور لباب محلة باب البيض وفي وسط حوش او فناء الجامع كان هناك
(شاذروان ) او ميضأة للوضوء وعليها كتابات شعرية من جهاتها الاربعة ولا اعرف مصيرها اليوم ، وكان في الجامع ( سبيلخانة) أي مكان لسقاية الماء ايضا لا اعلم مصيرها ، وكان
مكتوبا على باب منارة جامع الزيواني :
زهت كعرس الحسن عجبا فأرخت ***** وقالت وصدق القول الله
الكريم .
وممن درس في مدرسة الجامع المؤرخ محمد امين العمري ( المتوفى
سنة 1788 ميلادية ) ، والملا جرجيس الاربلي (توفي 1791 ميلادية ) ، ويوسف افندي بن
رمضان الواعظ (توفي 1838 ميلادية ) والحاج داؤد افندي بن احمد الوضحة (المتوفى سنة
1936 ) وفي الستينات من القرن الماضي كان يدرس فيها الشيخ ابراهيم افندي الحبيطي .
ادعو من بيده الأمر الى اعادة بناء وتعمير وصيانة هذا الجامع
وعمره كما قلت اكثر من قرنين ونصف قرن
تقريبا .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق