الجمعة، 18 فبراير 2022

كلمة في الذكر الحسن

                                                                      ابراهيم خليل العلاف


كلمة في الذكر الحسن

- ابراهيم العلاف

 للأسف الشديد ، هناك من لا يفكر الا في ما هو عليه . ويتصور انه قد ملك الدنيا ، واصبحت كل مفاصلها بيديه ..ملك المال ، وملك المنصب ، وملك الجاه .صار يتحكم في الناس ، ويتولى أُمورهم ، ولا يراعي اي حق من حقوقهم ؛ لهذا فهو يظلم ، ويكذب ، ويفتري ، غير آبه بما سوف تؤول اليه الامور . وفي يوم من الايام ، تنقلب الامور ، واذا بهذا الظالم المفتري ، قد زالت عنه كل مظاهر القوة المالية ، والجسدية ، والاجتماعية ، فصار منبوذا لا يذكره احد ، ولا يهتم به أحد ، ويبتعد عنه الناس ، وعندما يأتي ذكر اسمه ينبري الجميع لوضعه في مكان لا يحسد عليه ، والسبب في كل هذا انه عمل لنفسه ، ولمن حوله ، وانه لم يعمل شيئا للناس ، بحيث يجعلهم يذكرونه حتى وهو حي ، فكيف وهو قد اصبح في ذمة الله .

والقرآن الكريم ، والاحاديث النبوية ، وكل الكتب المقدسة ، وكتابات المفكرين ، اكدت أهمية ان تكون للإنسان في الحياة (رسالة) ورسالة خير وصدق ، والرسالة نبيلة، والرسالة لا تقتصر على العمل ، بل الكلام ؛ فالانسان من حولنا بحاجة الى الكلام الحق ، كما انه بحاجة الى الفعل الحق ..( وقولوا للناس حُسنا ) صدق رب العزة والجلال ..

نعم لابد ان يفكر احدنا بما يقوله عنه الناس الان وغدا وبعد موته وغيابه عن الدنيا ، وان لايغتر بقوته ، ومنصبه ، وماله ، وجاهه فكل هذه الامور زائلة ، وما يبقى هو الذكر الحسن .. ما يتركه الانسان من ذِكر حسن ، وهذا يحتاج الى ( جهد ) و( بناء) متراكم ، حتى تتكون الصورة الذهنية عنه عند الناس . وقد اكد الله سبحانه وتعالى هذه الحقائق في كثير من الآيات التي اوردت لكم بعضها ومنها بسم الله الرحمن الرحيم :" واجعل لي لسان صدق في الآخرين " وتفسير هذه الاية كما جاء في تفسير ابن كثير : واجعل لي ذكرا جميلا بعدي أُذكر به ، ويُقتدى بي في الخير ، كما قال تعالى : ( وتركنا عليه في الآخرين . سلام على إبراهيم كذلك نجزي المحسنين ) سورة الصافات : 108 - 110 . قال مجاهد ، وقتادة : ( واجعل لي لسان صدق في الآخرين ) يعني : الثناء الحسن . قال مجاهد : وهو كقوله تعالى : ( وآتيناه أجره في الدنيا ، وإنه في الآخرة لمن الصالحين ) سورة العنكبوت : 27 ، وكقوله : ( وآتيناه في الدنيا حسنة وإنه في الآخرة لمن الصالحين ) سورة النحل : 122 . قال ليث بن أبي سليم : كل ملة تحبه ، وتتولاه . وكم هو جميل ؛ ان الله سبحانه وتعالى اصطفى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم من خلال ( رفع ذكره) في قوله تعالى: ( وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ ) ؛ فرَفْعُ ذِكْرِ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من أجَّل النعم .. نعم الله سبحانه وتعالى ، وأعظم الخصوصيات ، واروع الشمائل والقيم والاخلاق الحميدة .




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

النجف والقضية الفلسطينية .........في كتاب للدكتور مقدام عبد الحسن الفياض

  النجف والقضية الفلسطينية .........في كتاب للدكتور مقدام عبد الحسن الفياض ا.د. ابراهيم خليل العلاف استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة ال...