كلمة في الذكر الحسن
- ابراهيم العلاف
للأسف الشديد ، هناك من لا يفكر الا في ما هو
عليه . ويتصور انه قد ملك الدنيا ، واصبحت كل مفاصلها بيديه ..ملك المال ، وملك
المنصب ، وملك الجاه .صار يتحكم في الناس ، ويتولى أُمورهم ، ولا يراعي اي حق من
حقوقهم ؛ لهذا فهو يظلم ، ويكذب ، ويفتري ، غير آبه بما سوف تؤول اليه الامور .
وفي يوم من الايام ، تنقلب الامور ، واذا بهذا الظالم المفتري ، قد زالت عنه كل
مظاهر القوة المالية ، والجسدية ، والاجتماعية ، فصار منبوذا لا يذكره احد ، ولا
يهتم به أحد ، ويبتعد عنه الناس ، وعندما يأتي ذكر اسمه ينبري الجميع لوضعه في
مكان لا يحسد عليه ، والسبب في كل هذا انه عمل لنفسه ، ولمن حوله ، وانه لم يعمل
شيئا للناس ، بحيث يجعلهم يذكرونه حتى وهو حي ، فكيف وهو قد اصبح في ذمة الله .
والقرآن الكريم ،
والاحاديث النبوية ، وكل الكتب المقدسة ، وكتابات المفكرين ، اكدت أهمية ان تكون
للإنسان في الحياة (رسالة) ورسالة خير وصدق ، والرسالة نبيلة، والرسالة لا تقتصر
على العمل ، بل الكلام ؛ فالانسان من حولنا بحاجة الى الكلام الحق ، كما انه بحاجة
الى الفعل الحق ..( وقولوا للناس حُسنا ) صدق رب العزة والجلال ..
نعم لابد ان يفكر
احدنا بما يقوله عنه الناس الان وغدا وبعد موته وغيابه عن الدنيا ، وان لايغتر
بقوته ، ومنصبه ، وماله ، وجاهه فكل هذه الامور زائلة ، وما يبقى هو الذكر الحسن
.. ما يتركه الانسان من ذِكر حسن ، وهذا يحتاج الى ( جهد ) و( بناء) متراكم ، حتى
تتكون الصورة الذهنية عنه عند الناس . وقد اكد الله سبحانه وتعالى هذه الحقائق في
كثير من الآيات التي اوردت لكم بعضها ومنها بسم الله الرحمن الرحيم :" واجعل
لي لسان صدق في الآخرين " وتفسير هذه الاية كما جاء في تفسير ابن كثير :
واجعل لي ذكرا جميلا بعدي أُذكر به ، ويُقتدى بي في الخير ، كما قال تعالى : (
وتركنا عليه في الآخرين . سلام على إبراهيم كذلك نجزي المحسنين ) سورة الصافات :
108 - 110 . قال مجاهد ، وقتادة : ( واجعل لي لسان صدق في الآخرين ) يعني : الثناء
الحسن . قال مجاهد : وهو كقوله تعالى : ( وآتيناه أجره في الدنيا ، وإنه في الآخرة
لمن الصالحين ) سورة العنكبوت : 27 ، وكقوله : ( وآتيناه في الدنيا حسنة وإنه في
الآخرة لمن الصالحين ) سورة النحل : 122 . قال ليث بن أبي سليم : كل ملة تحبه ،
وتتولاه . وكم هو جميل ؛ ان الله سبحانه وتعالى اصطفى نبينا محمد صلى الله عليه
وسلم من خلال ( رفع ذكره) في قوله تعالى: ( وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ ) ؛ فرَفْعُ
ذِكْرِ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من أجَّل النعم .. نعم الله سبحانه وتعالى ،
وأعظم الخصوصيات ، واروع الشمائل والقيم والاخلاق الحميدة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق