جامع الامام الرضواني ومدرسته في الموصل
ا.د.
ابراهيم خليل العلاف
استاذ
التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل
والامام الحاج
محمد افندي الرضواني رحمة الله عليه ، ورضي عنه قد كتبت عنه مقالا بعنوان ( الحاج
محمد الرضواني ..العالم التاجر الانسان ( 1852 - 1938 ) وقلت عبر رابط المقال
في مدونتي (مدونة الدكتور ابراهيم العلاف) : http://wwwallafblogspotcom.blogspot.com/2018/11/1852-1938.html اليوم نقف عند رمز آخر
من رموز الموصل ، وشخصية فذة من شخصياتها ، وعلم بارز من أعلامها ، لايزال
الموصليون يحتفظون في ذاكرتهم التاريخية عنه بأجمل الذكريات ، وما تكاد مناسبة تدل
على المحبة ، والعطف ، والتعاون الا ويُذكر فيها ...انه الحاج محمد الرضواني ( 1852 - 1938 ) رحمه
الله وجزاه خيرا على ماقدم لمدينته ودينه وبلده . والحاج محمد الرضواني
، حظي بكتابات كثيرة حتى ان الصديق والاخ الشيخ محفوظ العباسي الف كتابا كاملا عنه
.كما كتب عنه الاستاذ أحمد محمد المختار فصلا في كتابه ( تاريخ علماء الموصل ) ،
وكتب عنه الاستاذ عبد الجبار محمد جرجيس كذلك في كتابه ( موسوعة علماء الموصل ) .
واتذكر ايضا ان الاستاذ غانم الحيو كتب عنه وعن مسجد الرضواني في الباب الجديد. على
كل حال الحاج محمد الرضواني ، وهو حي بيننا نذكره ، ولا ننساه ، ونذكر مساعدته
للفقراء واليتامى والارامل والمعوزين بصمت وهدوء لايعرف ما كان يقدمه الا الله
سبحانه وتعالى ، شيخ جليل ، وعالم دين فذ ، وركن من أركان الاصلاح والتنوير في
المجتمع الموصلي المعاصر .. عاش ستة وثمانون سنة
بين سنة ولادته 1269 هجرية -1852 ميلادية وسنة وفاته 1357 هجرية -1938 ميلادية ،
ولم يكن يفرط بوقته وجهده دون ان يفيد ويقدم شيئا .ومع انه كان حنفيا لكنه كان
لايفرق بين المذاهب ويقول ان كلها على حق . والشيخ محمد الرضواني
، من اسرة الرضواني الدينية المعروفة في الموصل بأنها من السادة الحسينيين ؛
فوالده الشيخ عثمان الرضواني ، كان عالما درس العلوم النقلية والعقلية ، وقد درس
الحاج محمد الرضواني على يد والده ، وعلى يد الشيخ صالح افندي الخطيب ، واخذ عنه
اجازته العلمية كما جرت العادة انذاك عندما ينتهي التلميذ من دراسة المتطلبات
الواجبة في مجال اللغة والفقه والتفسير والحديث . ومما يذكره المؤرخون
عنه ايضا ، انه لم يكتف بما درسه في الموصل بل سافر الى الحجاز سنة 1897 ودرس على
أيدي شيوخ افذاذ في مكة المكرمة ، والمدينة المنورة وادى فريضة الحج وهو في
الاربعينات من عمره . ومن العلماء الذين درس على ايديهم الشيخ عبد الحق الحجازي ،
وما ان عاد الى الموصل حتى أقدم على توسيع مسجد اسرته الاسرة الرضوانية من خلال
شراء دور كانت تقع الى جانب مسجد الشيخ عثمان الرضواني ، وبنى مدرسة دينية هي
مدرسة الرضواني في باب الجديد لاتزال قائمة حتى يومنا هذا ، وانشأ فيها مكتبة قيمة
، واوقفها على المدرسة الرضوانية ثم انصرف للتدريس في هذه المدرسة ، وتحلق حوله
عدد كبير ممن يحبون العلم واهله . ومما يجب ان نذكره ،
ان الحاج محمد أفندي الرضواني توجه بطبيعته المتسامحة ، وروحه المرحة الى التصوف
فكان يحبذ قراءة كتب الامام الغزالي وخاصة كتابه المشهور (احياء علوم الدين ) ....
كان يدرسه ويدرسه ويحث على اقتنائه وتدبر ما يضمه من معلومات غزيرة عن كيفية انعاش
الطاقة الايمانية عند الانسان . ومما يجب ان اذكره في
هذا المجال ان كل ذلك انعكس على شخصية الحاج محمد الرضواني ، وسلوكه اليومي وطريقة
تعامله مع الناس فكان معروفا بقلة الكلام مع غزارة علمه ، وكان اذا تحدث أوجز وكان
يميل الى الصمت واستماع الآخرين مع ان لديه ثروة كلامية لم تتوفر لغيره ، وكان
كثيرا ما يدعو الناس الى ان لايتدخلوا فيما لايعنيهم، وان لايتكلموا الا فيما هم
على معرفة دقيقة به ، وان يكون كلامهم وفق ما يقتضيه الحال ويبرره .وفد عرف ايضا
بأنه كان لبق في الكلام فصيحا في اللسان يبهر السائل اذا اجاب بعمق الجواب وبعمق
معانيه واصابة بيانه وكان يحث على التعلم والاعتدال ومعاملة الجميع بروح المساواة
وبدون تفريق او تمييز . كان الجميع في الموصل
يعرفون انه يداوم في مسجده ومدرسته منذ صلاة الفجر وطلوع الشمس .. يصلي الفجر في
مدرسته وينشغل بالتدريس على مدى خمس ساعات متوالية في كل يوم وكانت له طريقة مشوقة
في التدريس تجذب اليه الطلاب ، فهو يعرض المسائل ودقائق العلوم بعبارات بسيطة
ومحكمة ، ويحبب الدرس لطلبته من خلال ادخال جانب من التشويق اليه ، وهذه هي
الطريقة التربوية التي توصل اليها علم التربية الحديثة فيما بعد في العالم . ومن
تلاميذه الشيخ عبد الله النعمة والشيخ عبد الله الحسو والشيخ عثمان الديوه جي
والشيخ احمد الديوه جي والشيخ فائق الدبوني وسيد علي النعيمي والشيخ رشيد الخطيب
واخيه الشيخ سعد الدين الخطيب ومن تلاميذه الشيخ عبدالغفور خضر الحبار الذي أجاز
الاستاذ الشيخ محمد علي العدواني رحمهما الله تعالى في سنة 1955 في جامع مقابل سوق
الصاغة اول الدرب المفضي إلى سوق السرجخانة. واستطيع ان اقول ان
معظم علماء الدين في الموصل تخرجوا على يديه وخرجوا من داخل معطفه لهذا نجد
تلاميذه يعتزون به ويتبنون في احاديثهم وخطبهم ، مقولاته وتوجيهاته ، ويحاولون
تقليده وخاصة في توجهاته الاصلاحية للمجتمع ، ومعالجة امراضه الاجتماعية . اقف
عند مسجده ومدرسته فأقول أن جامع ومدرسة الامام الرضواني بُني سنة 1795 ميلاديه
بناه السيد عبد الرزاق الرضواني في محلة الشيخ محمد الاباريقي في الجانب الايمن من
الموصل .....وهو جد آل الرضواني . وكان في الجامع مدرسة
.. جدده أي جدد الجامع الشيخ الحاج محمد افندي الرضواني سنة 1921 . كما عمره
المتولي السيد اكرم رؤوف بشير الرضواني سنة 1986 ..من التلاميذ الذين تخرجوا من
المدرسة الشيخ عبد الله النعمة ، والشيخ احمد الجوادي ، والشيخ عبد الله الحسو
والشيخ فائق الدبوني ، والشيخ احمد الديوه جي ، والشيخ عبد الغفور الحبار ...كتب
الاستاذ غانم محمد الحيو مقالة جميلة عن المسجد والمدرسة في العدد الخامس من مجلة
الموصل التراثية كانون الثاني 2011 بعنوان :"مسجد ومدرسة الرضواني " .
كما كتب عنه في كتابه عن (محلة الشيخ محمد الاباريقي) وصدر سنة 2018 ومسجد الشيخ
الرضواني يقع في محلة الشيخ محمد الاباريقي وكما قلت فان جد ال الرضواني السيد عبد
الرزاق الرضواني هو من اسسه سنة 1210 هجرية أي سنة 1795 ميلادية وسميت العائلة
بالرضواني تيمنا بخازن الجنان الملك رضوان عليه السلام وهي اسرة دينية عريقة
معروفة في الموصل واكثر من اشتهر منها الحاج محمد الرضواني وقد كتبت عنه ولي عنه
مقال اقول فيه :" ان الحاج محمد الرضواني 1852- 1938 الذي نقف عنده اليوم رمز
بارز من رموز الموصل ، وشخصية فذة من شخصياتها ، وعلم بارز من أعلامها ، لايزال
الموصليون يحتفظون في ذاكرتهم التاريخية عنه بأجمل الذكريات ، وما تكاد مناسبة تدل
على المحبة ، والعطف ، والتعاون الا ويُذكر فيها ...انه الحاج محمد الرضواني (
1852 - 1938 ) رحمه الله ورضوان الله عليه وجزاه خيرا على ماقدم لمدينته ودينه وبلده.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق