الثلاثاء، 30 نوفمبر 2021

محمود الجلبي(1927 -2009 ) الرائد الصحفي الموصلي الكبير في ذكرى وفاته ال ( 12)



محمود الجلبي(1927 -2009 ) الرائد الصحفي الموصلي الكبير في ذكرى وفاته ال ( 12)

ا.د.ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل

في مثل هذا اليوم وقبل (12) سنة أي في يوم الاثنين 30 تشرين الثاني –نوفمبر 2009 ) ، رحل أحد الرواد الاوائل للصحافة الموصلية ،وصاحب الكلمة الاولى الاستاذ محمود ابراهيم الجلبي(في الصورة الثاني من اليسار والاول الاستاذ عبد الباسط يونس الصحفي المعروف والرابع من اليسار صديقهما الاستاذ احمد الحاج يونس الوطني الاقتصادي المعروف رحمهم الله ) .
وقد كنت كتبت عن الاستاذ محمود ابراهيم الجلبي في كتابي الموسوم : ( شخصيات موصلية ) الذي صدر عن دار ابن الاثير للطباعة والنشر بجامعة الموصل 2007 وعنونت مقالتي ب: (( محمود الجلبي والكلمة الاولى )) ،و( الكلمة الاولى ) هي عنوان المقال الافتتاحي الذي كتبه الاستاذ الصحفي المحامي الرائد محمود الجلبي عندما اصدر جريدته (اللواء) في العاشر من ايلول سنة 1951 , وقد اكد في ( كلمته) تلك سياسة الجريدة قائلا : بان اللواء هي لسان الشعب العراقي بكل شرائحه الاجتماعية .. الفلاح في مزرعته ، والعامل في مصنعه ، والطالب في مدرسته ، انها جريدة ((تنتصر للحق)) .. ((تنتقد ما يوجب الانتقاد )) .. ((تعتمد على الاقلام المخلصة )) .. (( تعمل كل ما من شأنه تحقيق مصالح الناس )) .. ((تكافح الفساد )) ..على الصعيد الخارجي فالجريدة تحرص على نشر الوعي القومي وتدعو لتحقيق حلم العرب في الوحدة والاصلاح السياسي والاجتماعي والاقتصادي .. تدافع عن الحقوق والحريات ..
ومحمود ابراهيم محمود الجلبي صحفي ومحام واداري متميز .. ولد في مدينة الموصل سنة 1927 ، واكمل دراسته الابتدائية والمتوسطة والاعدادية فيها في سنة 1944 التحق بكلية الحقوق في جامعة بغداد وتخرج سنة 1948 مارس المحاماة منذ تخرجه وفي سنة 1960 عين موظفا في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية ثم اصبح مديرا للعمل والشؤون الاجتماعية في الموصل وقد أحيل على التقاعد سنة 1972 ، وعاد لمزاولة المحاماة ثانية .. كتب عنه صديقنا الاستاذ حميد المطبعي مرتين ، مرة في 9 حزيران 1987 وفي حقل من (أنا) في جريدة الثورة البغدادية ، ومرة اخرى في الجزء الاول من موسوعة اعلام العراق في القرن العشرين ( بغداد 1995) وقال ان محمود الجلبي عمل في الصحافة منذ ان كان طالبا في الاعدادية ، فوالده ابراهيم الجلبي صحفي معروف ، ونشأ إبنه في كنف جريدته ( فتى العراق) التي ولدت لاول مرة في 15 آذار 1930 ، وقد انتهجت الجريدة سياسة عربية ـ اسلامية ..شانه شأن الكثيرين من مجايليه ، كما افرد تلميذي الدكتور وائل النحاس بعض المباحث عن محمود الجلبي ونشاطه الصحفي في رسالته للماجستير التي أشرفت عليها سنة 1988 في كلية الاداب بجامعة الموصل والموسومة ( تاريخ الصحافة الموصلية 1926 ـ 1958) .
أصبح محمود الجلبي مديرا مسؤولا في جريدة فتى العراق في تشرين الثاني 1948 ،ثم تولى مسؤوليتها ورئاسة تحريرها فامدها ، كما قال المرحوم الاستاذ احمد سامي الجلبي في مقاله الموسوم ((فتى العراق ..سجل تاريخ الموصل الحديث )) المنشور في جريدة الحدباء (العدد 578 في 15 حزيران1993) ، بروح جديدة من الشباب والفتوة والاندفاع ، وعمق اتجاهها الوطني والقومي في رحلة اشتدت فيها الحركة الوطنية وازدادت ضراوتها واحتدم صراع الشعب مع السلطة القائمة في العهد الملكي ، وقد اخذت فتى العراق في هذه المرحلة تنشر مقالات وقصائد ، تتسم بالقوة والجرأة الامر الذي ادى بها الى التعطيل .. وفي شباط 1951 قام الاستاذ ابراهيم الجلبي بالحصول على امتياز جديد لجريدة اخرى باسم (فتى العرب) ولم يكن حظها في التعطيل افضل من اختها جريدة فتى العراق فقد الغي امتيازها هي الاخرى بعد اقل من سنة من صدورها .
اصدر الاستاذ محمود الجلبي جريدته الخاصة باسم ((اللواء)) ، وبرز العدد الاول في العاشر من ايلول سنة 1951 ، وقد اكدت الجريدة في مقالاتها على ضرورة انتهاج سياسة اطلاق الحريات الديمقراطية وانتقدت تزوير الانتخابات وانتشار المحسوبية والرشوة وطالبت باطلاق حرية الانتخابات . وتولى هو رئاسة تحريرها ، وجاء في ترويستها انها جريدة يومية سياسية . وكانت اللواء بحق جريدة وطنية قومية حملت على النظام القائم انذاك . وكشفت مساوءه ، وانتقدت رجالاته ، وحظيت بالرواج والانتشار بين اوساط الشعب كافة وخاصة الشباب والمثقفين الطلبة ، ولم تتحمل الحكومة انتقادات اللواء فبعد صدور (18) عدد منها قامت بانذارها وتعطيلها .. عالجت اللواء الاوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، وتابعت مجريات الحركة الوطنية واصدرت عددا خاصا في ذكرى وثبة كانون الثاني 1948 وقالت ان الاستعمار هو المسؤول ليس عن اوضاع العراق السيئة وانما عن الاوضاع السيئة في الوطن العربي كله ، في19تموز 1952 تنازل الجلبي عن الجريدة الى حازم المفتي وسياسي حزب الاستقلال ولكنه عاد ثانية اليها بتاريخ 28 حزيران 1954 .. وفي 18 تموز 1954 تعرضت للتعطيل لمدة سنة لنشرها مما عد خطرا على ((الامن العام)) و ((سلامة البلاد )) وقد الغي امتيازها نهائيا سنة 1954 عندما صدر مرسوم المطبوعات سيء الصـيت .
لقد أحيل الاستاذ محمود الجلبي عندما كان رئيسا لتحرير جريدة ( فتى العرب )و(فتى العراق) الى محكمة جزاء الموصل من قبل حاكم التحقيق عن مقالات له نشرتها جريدة فتى العرب في العددين 91 و 92 الصادرين في 15 و22 ايلول سنة 1952 وذلك لمحاكمته وفق احكام المادتين 252 و 293 من قانون العقوبات وبدلالة المادة (30) من قانون المطبوعات لنشره مقالين الاول بعنوان ((انا كافر بكم ايها الزعماء )) والثاني بعنوان : (( وهب السعيد بما لايملك)) وقد عدت الحكومة تلك المقالات موجهة ضدها وماسة بشخص رئيس وزرائها انذاك السيد نوري السعيد رحمه الله لكن المحكمة لم تجد ادلة تكفي لادانته فالعبارات الواردة في المقالات لاتخص شخصا معينا لذلك اطلق سراحه ، وقد انشغل الموصليون بتلك المحاكمة التي اقترنت بمحاكمات مشابهة لقادة الرأي والفكر والصحافة في الموصل ، امثال المرحوم الاستاذ محيي الدين ابو الخطاب المحامي رئيس تحرير جريدة الاديب والمرحوم الاستاذ غربي الحاج احمد رئيس تحرير جريدة النضال .
واسهم الاستاذ محمود الجلبي في تحرير اكثر من (20) صحيفة ومجـلة ..
كما كان عضوا في جمعية الدفاع عن فلسطين في الاربعينات وله فضل تأسيس اول فرع ل(جمعية الحقوقيين ) في الموصل ابان الستينات من القرن الماضي .. هذا فضلا عن نشاطاته الادارية وحضوره مؤتمرات وحلقات دراسية عديدة في حقل اهتمامه انعقدت في اماكن عديدة منها مشاركته في حلقة نظمتها الامم المتحدة في ايران 1960 ومؤتمر للتعاونيات انعقد في براغ سنة 1966 .. رحمك الله يا محمود الجلبي (أبو فراس ) وجزاك خيرا على ما قدمته لبلدك ومهنتك ولامتك .
_________________________________

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

صلاة الجمعة في جامع قبع - الزهور -الموصل

                                                                    الشيخ نافع عبد الله أبا معاذ   صلاة الجمعة بسم الله الرحمن الرحيم :...