كلية التربية بجامعة الموصل في ذكرى تأسيسها ال ( 46)
ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل
تمر اليوم الخامس من تشرين الثاني - نوفمبر 2021 الذكرى ال (46) لتأسيس كلية التربية - جامعة الموصل والتي تشرفت ان ارأس فيها قسم التاريخ (15) سنة من 1980-1995 .وقد سبق ان ارخت لها في كتابي ( خمسون عاما من تاريخ جامعة الموصل 1967-2017) ومما قلته :"فتحت يوم 5 تشرين الثاني سنة 1975 على ارض جامعة الموصل في المجموعة الثقافية التي تضم بنايات وأقسام وكليات جامعة الموصل .وقد أقيمت في ذلك اليوم احتفالية كبيرة حضرها الأستاذ الدكتور محمد المشاط رئيس الجامعة آنذاك ، وعدد من عمداء الكليات والأساتذة وجمع غفير من الطلبة .
ومن فعاليات ذلك اليوم أن الأستاذ الدكتور المشاط قص الشريط المخصص لهذا الغرض إيذانا بافتتاح الكلية التي اتخذت لها مكانا في بناية سابقة في المجموعة الثقافية، كانت مخصصة كقسم داخلي لطلبة المجموعة ،وفي موقع توسط بنايتي كليتي العلوم والآداب .
وقد جاء تأسيس الكلية استجابة لقرار أصدره ( مجلس وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ) بأفتتاح كليتين للتربية الأولى في الموصل، والثانية في البصرة .فضلا عن كلية التربية بجامعة بغداد، وذلك بسبب التوسع في فتح المدارس المتوسطة والثانوية خلال السبعينات من القرن الماضي .
قابل مندوب مجلة الجامعة (الموصلية ) التي كانت جامعة الموصل تصدرها كمجلة ثقافية عامة ، الأستاذ الدكتور محيى الدين توفيق إبراهيم عميد الكلية الذي عين آنذاك ووجه إليه أسئلة بخصوص الكلية الفتية .وقد نشر الحوار في العدد 3 ،السنة 6 ،الصادر في الأول من كانون الأول سنة 1975 .ومما قاله الأستاذ الدكتور محيى الدين توفيق إبراهيم :أن هدف الكلية تخريج مدرسين مؤهلين علميا ، وتربويا ، وثقافيا يتولون التدريس في المدارس المتوسطة والثانوية .
وعن عدد الطلبة المقبولين قال إن خطة الكلية تقتضي قبول حوالي 850 طالبا منهم ( 500 ) في الأقسام العلمية و ( 350 ) طالبا في الأقسام الإنسانية .ولكن اتضح فيما بعد أن الكلية استقبلت فعليا عند بدء تأسيسها العام الدراسي 1975-1976(550 )طالبا وطالبة فقط . ولم يقتصر القبول على الطلبة العراقيين بل شمل كذلك عددا من الطلبة العرب .وكانت الأقسام العلمية التي تألفت منها الكلية من قسم الطبيعيات ( ويضم فرعي الكيمياء وعلوم الحياة)،وقسم الفيزياء والرياضيات (ويضم فرعي الفيزياء والرياضيات ) .أما الأقسام الإنسانية فهي قسم العلوم الاجتماعية (فرعي التاريخ والجغرافية ) ، وقسم العلوم النفسية والتربوية (فتح باب القبول فيه العام 1978 )، وقسم اللغات (ويضم فرعي اللغة العربية واللغة الانكليزية ) .وكان عدد طلبة الكلية في العام الدراسي 1979-1980 (2660 )طالبا وطالبة .
وعن أسلوب القبول أكد السيد العميد آنذاك إن المعدل ورغبة الطالب هي الأساس في القبول . وقد تقرر أن تكون مدة الدراسة أربع سنوات يمنح بعدها المتخرج شهادة البكالوريوس في العلوم والآداب .
وقال أن جامعة الموصل بدأت في تنفيذ مشروع لإنشاء بناية جديدة للكلية على ارض مناسبة داخل الحرم الجامعي ،وخصص للمرحلة الأولى مبلغ نصف مليون دينار ،وللمرحلة الثانية ثلاث ملايين دينار وان الانتهاء من البناء والتأثيث سيحتاج إلى حوالي 600 يوم . وبعد الانتهاء من البناية اتضح بأنها تضم أربعة مدارج سعة كل مدرج حوالي 100 طالب زطالبة مع 31 قاعة دراسية و29 مختبرا للدراسات الأولية والبحوث منها 8 للفيزياء و8 لعلوم الحياة و10 للكيمياء و2 للأصوات اللغوية ومرسم للجغرافية وكافيتيريا للأساتذة وقد صممت المختبرات وفق احدث المواصفات الهندسية والعلمية وتحتوي على احدث الأجهزة المختبرية .وقد الحق بالمبنى برج لإدارة الكلية وأقسامها، وغرف التدريسيين .فضلا عن جناح للمكتبة وفق احدث طرز للمكتبات الجامعية . وبخصوص المناهج فقد اعتمدت مناهج كلية التربية بجامعة بغداد مؤقتا وان الجهود تبذل لإعداد الكادر التدريسي .
تتلخص أهداف الكلية بإعداد مدرسين ومدرسات ومربين تربويين يستطيعون الإسهام من خلال التدريس في خلق التغييرات الاجتماعية والعلمية والثقافية في المجتمع . ومن أجل ذلك يزود الطالب في الكلية بالمعلومات العلمية والتربوية والثقافية والاجتماعية .فضلا عن التدريب والتطبيق العملي على التدريس في المدارس المتوسطة والثانوية في المحافظة .مع التأكيد على خلق نزعة التتبع العلمي عند الطالب ، وبما يساعده على نقل خبراته لطلبته بعد تخرجه .
كان لي شرف رئاسة قسم العلوم الاجتماعية منذ سنة 1980 ، وبعدها توليت منصب رئيس قسم التاريخ بعد انفصاله عن قسم الجغرافية ، واستحداث الاقسام بدلا عن الفروع . وقد بقيت رئيسا لقسم التاريخ حتى سنة 1995 .
أصدرت كلية التربية دليلا لها لأول مرة طبع في دار ابن الأثير للطباعة والنشر التابعة لجامعة الموصل سنة 1980 .وتضمن الدليل التقويم الجامعي، وكلمة عميد الكلية ، وأهداف الكلية ، وإدارتها واقسامها ونشاطاتها العلمية، ونظامها الدراسي مدعما بالصور التذكارية وبواقع 144 صفحة .
ضمت مكتبة الكلية عند تأسيسها أكثر من 9180 كتابا في مختلف الاختصاصات .وكان للكلية اشتراك في أكثر من 100 مجلة أكاديمية .فضلا عن الصحف .وكانت المكتبة تستوعب 108 من الطلبة في آن واحد، وتتبع المكتبة نظام ديوي العشري العالمي .وقد أصدرت الكلية مجلة أكاديمية بأسم : (التربية والعلم ) منذ شباط 1979 وتعنى المجلة بالبحوث والدراسات العلمية والإنسانية .وبعد فترة أصبحت المجلة تصدر بجزئين أولهما يهتم بالبحوث العلمية الصرف. وثانيهما يهتم بالبحوث الإنسانية .وقد تولى كاتب هذه السطور ، لفترة ،سكرتارية تحرير المجلة.
اعتادت الكلية إقامة موسم ثقافي سنوي يتضمن الكثير من الفعاليات الثقافية، وكانت هناك لجنة تدير النشاط الثقافي برئاسة الدكتور طارق عبد عون الجنابي .وقد استضافت الكلية في سنوات تأسيسها الأولى أساتذة عراقيين وعرب وأجانب .وأتذكر بان الكلية استضافت البروفيسور ايكون فيرث رئيس المعهد الجغرافي في جامعة ارلانكن –نورنبرك في ألمانيا، وألقى ثلاث محاضرات حول المدينة العربية والسوق الإسلامية القديمة ونظام الري في المدن الإسلامية .كما استضافت الكلية السيد فاروق أبو شقرا أستاذ اللغة العربية في قسم الدراسات الأسيوية والإفريقية بجامعة هلسنكي في فنلندة، والدكتور هنريك ستافوياك عضو أكاديمية العلوم البولونية ،والدكتور هانز ستيفاني أستاذ الفيزياء في جامعة فردريك شيلر في ألمانيا، والدكتور روبير منتران الأستاذ في جامعة اكس اوف برفانس بفرنسا ، والدكتور عمر الدقاق عميد كلية الآداب بجامعة حلب .كما القى عدد من أساتذتها محاضرات ضمن الموسم الثقافي .وزار الكلية أساتذة من جامعة بغداد والقوا محاضرات في بعض أقسامها ومنهم الدكتور جلال صبري الخياط الأستاذ في قسم اللغة العربية بكلية الآداب –جامعة بغداد ،والدكتور كمال قاسم نادر أستاذ الأدب الانكليزي في كلية الآداب –جامعة بغداد والدكتورة ايمي سكويرا أستاذة الأدب الانكليزي في كلية الآداب –جامعة بغداد، والدكتور فاضل حسين أستاذ التاريخ الحديث الأستاذ في كلية الآداب –جامعة بغداد والدكتور صبري فارس الهيتي أستاذ الجغرافية بكلية الآداب –جامعة بغداد .
كما زار أساتذة الكلية عددا من الجامعات العراقية والعربية والأجنبية ،وحضروا ندوات ومؤتمرات علمية وألقوا المحاضرات في حقول اختصاصاتهم المختلفة .وشارك أساتذة الكلية في إلقاء محاضرات في مؤسسات الدولة والمجتمع .كما اشتركوا في دورات لتدريب المدرسين والمدرسات التابعين لوزارة التربية، وكانت هناك علاقات طيبة مع المديرية العامة للتربية في نينوى، وخاصة في مجال إفساح المجال لقيام طلبة الكلية بالتطبيق في مدارس المحافظة .
وقام عدد من أساتذة الكلية بتأليف الكتب المنهجية والعامة .كما ترجم بعضهم كتبا علمية في لغات مختلفة،وأنجزوا بحوثا تم نشرها في مجلة الكلية والمجلات الأكاديمية داخل العراق وخارجه وقد اكتسبت تلك البحوث قيمة علمية من خلال إخضاعها للتقويم العلمي . وكان في الكلية لجان متعددة تدير النشاطات اللامنهجية منها لجنة الثقافة والإعلام ،ولجنة النشاط الاجتماعي ،ولجنة الشؤون الرياضية، ولجنة الشؤون العلمية . وقد أسهم الطلبة في كل هذه اللجان .وقد حققت فرق الكلية الرياضية نتائج جيدة وخاصة فريق كرة القدم الذي نال المركز الأول في الجامعة للعامين 1975-1976 و1977-1978 ،والمركز الثاني في العام 1979-1980 .وتهدف اللجان إلى تنمية مواهب الطلبة وقابلياتهم العلمية والثقافية والرياضية .وكانت اللجان تقيم المعارض، والمهرجانات، وتصدر النشرات وتعقد الندوات، وتجري المسابقات بين الطلبة .
كانت الكلية خلال التسعينات من القرن الماضي تضم تسعة أقسام علمية هي أقسام الفيزياء والرياضيات والكيمياء وعلوم الحياة والتاريخ والجغرافية واللغة العربية واللغة الانكليزية والعلوم التربوية والنفسية فضلا عن فرع جديد استحدث آنذاك بأسم فرع علوم الحاسوب يتبع قسم الرياضيات .وقد يكون من المناسب الاشارة الى ان الكلية بسبب النقص في الملاك التدريسي لبعض الاقسام العلمية استعانت بأساتذة عرب واجانب فعلى سبيل المثال كان هناك في قسم الكيمياء الدكتور كمال عبد الله رزق .وفي قسم علوم الحياة الدكتور عاصم محمود حسين ،والدكتور علي محمد سليط وكلهم مصريون .وفي قسم الرياضيات كان هناك الدكتور محمود احمد قريشي (باكستاني ) ،فضلا عن اساتذة مصريين اربعة، منهم الدكتورة سميرة تادرس .
وكان مجلس كلية التربية خلال العام الدراسي 1991-1992 مؤلفا من :
1.الأستاذ الدكتور زهير محمد عبد الله الشاروك عميد الكلية
2. الأستاذ الدكتور سمير بشير حديد معاون العميد
3. الأستاذ الدكتور جمال أسد مزعل رئيس قسم العلوم التربوية والنفسية
4 . الأستاذ الدكتور شاكر جابر شاكر رئيس قسم الفيزياء
5. الأستاذ الدكتور نزار حمدون شكر رئيس قسم الرياضيات.
6. الأستاذ الدكتور ثابت سعيد الغبشة رئيس قسم الكيمياء .
7. الأستاذ الدكتور لؤي جميل رشان رئيس قسم علوم الحياة
8. الأستاذ الدكتور إبراهيم خليل العلاف رئيس قسم التاريخ .
9. الأستاذ الدكتور محمد أزهر سعيد السماك رئيس قسم الجغرافية.
10.الأستاذ الدكتور طارق عبد عون الجنابي رئيس قسم اللغة العربية.
11.الأستاذ الدكتور عدنان خالد عبد الله رئيس قسم اللغة الانكليزية .
كما كان هناك في مجلس الكلية ممثل للطلبة،وآخر لنقابة المعلمين .وقد تكاملت آنذاك أقسام الكلية وتطورت إعداد كادرها التدريسي حتى أن قسم علوم الحياة على سبيل المثال كان يضم 54 تدريسيا وقسم الكيمياء 51 تدريسيا وقسم التاريخ 26 تدريسيا إلا أن بعض الأقسام كانت تعاني من نقص في عدد التدريسيين، ومن ذلك قسم اللغة الانكليزية ،وقسم الرياضيات .وقد تداركت إدارات الكلية ذلك فأرسلت البعثات، ومنحت الإجازات الدراسية ،وعينت المعيدين لغرض تطويرهم ضمن برامج الدراسات العليا التي أخذت طريقها إلى الكلية وفي مختلف الاختصاصات شيئا فشيئا .
في دليل جامعة الموصل للعام 2005 ما يشير إلى أن كلية التربية اليوم تضم 11 قسما علميا وإنسانيا .وثمة فكرة لفصل الكلية إلى كليتين للتربية الأولى للعلوم الصرف. والثانية للعلوم الإنسانية .وفي الكلية دراسات أولية تتبع النظام السنوي ، ودراسات عليا تتبع نظام الفصل الدراسي .وأقسام الكلية هي القران الكريم والتربية الإسلامية ،واللغة العربية ، والحاسوب ،والكيمياء، وعلوم الحياة، والفيزياء، والرياضيات ،واللغة الانكليزية، والتاريخ، والجغرافية ،والعلوم التربوية والنفسية .وتواصل مجلة الكلية الأكاديمية المحكمة : "التربية والعلم " صدورها . في مجلة كلية التربية العلمية المحكمة : "التربية والعلم " ،شغلت لفترة تزيد على ال10 سنوات منصب سكرتير التحرير والكل يشهد على أن المجلة وصلت إلى مرحلة كبيرة من التطور وذاعت شهرتها وكنا نطبعها في بغداد من خلال احد الأصدقاء من الأساتذة هناك وقد نشرت المجلة بحوث الأساتذة العلمية التي كانت لهم عونا كبيرا في ترقياتهم العلمية.
في سنة 2013 انشطرت كلية التربية الى كليتين الاولى كلية التربية للعلوم الانسانية وكلية التربية للعلوم الصرفة واصبح لكل كلية بنايتها الخاصة لكن ظلت مجلة الكلية تحمل اسم (مجلة العلم والتربية للعلوم الانسانية) و(مجلة التربية والعلم للعلوم الصرفة) .
عميد كلية التربية للعلوم الانسانية اليوم الاخ والصديق الاستاذ الدكتور حازم ذنون اسماعيل السبعاوي ورئيس قسم التاريخ الان الاخ والصديق الدكتور احمد صالح عبوش تحياتي واعتزازي بهما .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق