الثلاثاء، 30 نوفمبر 2021

محمود الجلبي(1927 -2009 ) الرائد الصحفي الموصلي الكبير في ذكرى وفاته ال ( 12)



محمود الجلبي(1927 -2009 ) الرائد الصحفي الموصلي الكبير في ذكرى وفاته ال ( 12)

ا.د.ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل

في مثل هذا اليوم وقبل (12) سنة أي في يوم الاثنين 30 تشرين الثاني –نوفمبر 2009 ) ، رحل أحد الرواد الاوائل للصحافة الموصلية ،وصاحب الكلمة الاولى الاستاذ محمود ابراهيم الجلبي(في الصورة الثاني من اليسار والاول الاستاذ عبد الباسط يونس الصحفي المعروف والرابع من اليسار صديقهما الاستاذ احمد الحاج يونس الوطني الاقتصادي المعروف رحمهم الله ) .
وقد كنت كتبت عن الاستاذ محمود ابراهيم الجلبي في كتابي الموسوم : ( شخصيات موصلية ) الذي صدر عن دار ابن الاثير للطباعة والنشر بجامعة الموصل 2007 وعنونت مقالتي ب: (( محمود الجلبي والكلمة الاولى )) ،و( الكلمة الاولى ) هي عنوان المقال الافتتاحي الذي كتبه الاستاذ الصحفي المحامي الرائد محمود الجلبي عندما اصدر جريدته (اللواء) في العاشر من ايلول سنة 1951 , وقد اكد في ( كلمته) تلك سياسة الجريدة قائلا : بان اللواء هي لسان الشعب العراقي بكل شرائحه الاجتماعية .. الفلاح في مزرعته ، والعامل في مصنعه ، والطالب في مدرسته ، انها جريدة ((تنتصر للحق)) .. ((تنتقد ما يوجب الانتقاد )) .. ((تعتمد على الاقلام المخلصة )) .. (( تعمل كل ما من شأنه تحقيق مصالح الناس )) .. ((تكافح الفساد )) ..على الصعيد الخارجي فالجريدة تحرص على نشر الوعي القومي وتدعو لتحقيق حلم العرب في الوحدة والاصلاح السياسي والاجتماعي والاقتصادي .. تدافع عن الحقوق والحريات ..
ومحمود ابراهيم محمود الجلبي صحفي ومحام واداري متميز .. ولد في مدينة الموصل سنة 1927 ، واكمل دراسته الابتدائية والمتوسطة والاعدادية فيها في سنة 1944 التحق بكلية الحقوق في جامعة بغداد وتخرج سنة 1948 مارس المحاماة منذ تخرجه وفي سنة 1960 عين موظفا في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية ثم اصبح مديرا للعمل والشؤون الاجتماعية في الموصل وقد أحيل على التقاعد سنة 1972 ، وعاد لمزاولة المحاماة ثانية .. كتب عنه صديقنا الاستاذ حميد المطبعي مرتين ، مرة في 9 حزيران 1987 وفي حقل من (أنا) في جريدة الثورة البغدادية ، ومرة اخرى في الجزء الاول من موسوعة اعلام العراق في القرن العشرين ( بغداد 1995) وقال ان محمود الجلبي عمل في الصحافة منذ ان كان طالبا في الاعدادية ، فوالده ابراهيم الجلبي صحفي معروف ، ونشأ إبنه في كنف جريدته ( فتى العراق) التي ولدت لاول مرة في 15 آذار 1930 ، وقد انتهجت الجريدة سياسة عربية ـ اسلامية ..شانه شأن الكثيرين من مجايليه ، كما افرد تلميذي الدكتور وائل النحاس بعض المباحث عن محمود الجلبي ونشاطه الصحفي في رسالته للماجستير التي أشرفت عليها سنة 1988 في كلية الاداب بجامعة الموصل والموسومة ( تاريخ الصحافة الموصلية 1926 ـ 1958) .
أصبح محمود الجلبي مديرا مسؤولا في جريدة فتى العراق في تشرين الثاني 1948 ،ثم تولى مسؤوليتها ورئاسة تحريرها فامدها ، كما قال المرحوم الاستاذ احمد سامي الجلبي في مقاله الموسوم ((فتى العراق ..سجل تاريخ الموصل الحديث )) المنشور في جريدة الحدباء (العدد 578 في 15 حزيران1993) ، بروح جديدة من الشباب والفتوة والاندفاع ، وعمق اتجاهها الوطني والقومي في رحلة اشتدت فيها الحركة الوطنية وازدادت ضراوتها واحتدم صراع الشعب مع السلطة القائمة في العهد الملكي ، وقد اخذت فتى العراق في هذه المرحلة تنشر مقالات وقصائد ، تتسم بالقوة والجرأة الامر الذي ادى بها الى التعطيل .. وفي شباط 1951 قام الاستاذ ابراهيم الجلبي بالحصول على امتياز جديد لجريدة اخرى باسم (فتى العرب) ولم يكن حظها في التعطيل افضل من اختها جريدة فتى العراق فقد الغي امتيازها هي الاخرى بعد اقل من سنة من صدورها .
اصدر الاستاذ محمود الجلبي جريدته الخاصة باسم ((اللواء)) ، وبرز العدد الاول في العاشر من ايلول سنة 1951 ، وقد اكدت الجريدة في مقالاتها على ضرورة انتهاج سياسة اطلاق الحريات الديمقراطية وانتقدت تزوير الانتخابات وانتشار المحسوبية والرشوة وطالبت باطلاق حرية الانتخابات . وتولى هو رئاسة تحريرها ، وجاء في ترويستها انها جريدة يومية سياسية . وكانت اللواء بحق جريدة وطنية قومية حملت على النظام القائم انذاك . وكشفت مساوءه ، وانتقدت رجالاته ، وحظيت بالرواج والانتشار بين اوساط الشعب كافة وخاصة الشباب والمثقفين الطلبة ، ولم تتحمل الحكومة انتقادات اللواء فبعد صدور (18) عدد منها قامت بانذارها وتعطيلها .. عالجت اللواء الاوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، وتابعت مجريات الحركة الوطنية واصدرت عددا خاصا في ذكرى وثبة كانون الثاني 1948 وقالت ان الاستعمار هو المسؤول ليس عن اوضاع العراق السيئة وانما عن الاوضاع السيئة في الوطن العربي كله ، في19تموز 1952 تنازل الجلبي عن الجريدة الى حازم المفتي وسياسي حزب الاستقلال ولكنه عاد ثانية اليها بتاريخ 28 حزيران 1954 .. وفي 18 تموز 1954 تعرضت للتعطيل لمدة سنة لنشرها مما عد خطرا على ((الامن العام)) و ((سلامة البلاد )) وقد الغي امتيازها نهائيا سنة 1954 عندما صدر مرسوم المطبوعات سيء الصـيت .
لقد أحيل الاستاذ محمود الجلبي عندما كان رئيسا لتحرير جريدة ( فتى العرب )و(فتى العراق) الى محكمة جزاء الموصل من قبل حاكم التحقيق عن مقالات له نشرتها جريدة فتى العرب في العددين 91 و 92 الصادرين في 15 و22 ايلول سنة 1952 وذلك لمحاكمته وفق احكام المادتين 252 و 293 من قانون العقوبات وبدلالة المادة (30) من قانون المطبوعات لنشره مقالين الاول بعنوان ((انا كافر بكم ايها الزعماء )) والثاني بعنوان : (( وهب السعيد بما لايملك)) وقد عدت الحكومة تلك المقالات موجهة ضدها وماسة بشخص رئيس وزرائها انذاك السيد نوري السعيد رحمه الله لكن المحكمة لم تجد ادلة تكفي لادانته فالعبارات الواردة في المقالات لاتخص شخصا معينا لذلك اطلق سراحه ، وقد انشغل الموصليون بتلك المحاكمة التي اقترنت بمحاكمات مشابهة لقادة الرأي والفكر والصحافة في الموصل ، امثال المرحوم الاستاذ محيي الدين ابو الخطاب المحامي رئيس تحرير جريدة الاديب والمرحوم الاستاذ غربي الحاج احمد رئيس تحرير جريدة النضال .
واسهم الاستاذ محمود الجلبي في تحرير اكثر من (20) صحيفة ومجـلة ..
كما كان عضوا في جمعية الدفاع عن فلسطين في الاربعينات وله فضل تأسيس اول فرع ل(جمعية الحقوقيين ) في الموصل ابان الستينات من القرن الماضي .. هذا فضلا عن نشاطاته الادارية وحضوره مؤتمرات وحلقات دراسية عديدة في حقل اهتمامه انعقدت في اماكن عديدة منها مشاركته في حلقة نظمتها الامم المتحدة في ايران 1960 ومؤتمر للتعاونيات انعقد في براغ سنة 1966 .. رحمك الله يا محمود الجلبي (أبو فراس ) وجزاك خيرا على ما قدمته لبلدك ومهنتك ولامتك .
_________________________________

 

اليوم يوم الشهيد في العراق ...............الاول من كانون الاول ديسمبر الرحمة لشهداء العراق جميعا


اليوم يوم الشهيد في العراق ...............الاول من كانون الاول ديسمبر 

الرحمة لشهداء العراق جميعا 

#نوط الابداع للدكتور ابراهيم خليل العلاف


#نوط الابداع للدكتور ابراهيم خليل العلاف

كم كنت سعيدا اليوم الثلاثاء 30-11-2021 وانا القي المحاضرة الافتتاحية للندوة ال (58) لمركز دراسات الموصل -جامعة الموصل حول (السمات الحضارية لولاية الموصل خلال العهد الجليلي 1726-1834م) حين قدم لي الاحبة في (مجلةالانساب والتراث) نوط الابداع لمناسبة صدور العدد الخمسون والذكرى الثامنة لانطلاقتها .قدم لي النوط الاخ الاستاذ الدكتور غانم سعيد والاخ الاستاذ عماد غانم الربيعي وانا اشكركهما متمنيا للمجلة ولهما التألق والابداع الدائم خدمة للعراق العظيم ...............ابراهيم العلاف


 

منطقة الدواسة في الموصل

                                                             مكتبة اقرأ وبيت الاستاذ بهنام حبابة 
                                                           صورة في الدواسة التقطها سنة 2015
                                                                        الدواسة في الليل 
                                                 دائرة معارف الموصل بعدسة الفنان الفوتوغرافي كوفاديس 


                                                           محلات علي جعفر اسماعيل للالبسة 

                                                                 قصر الاستاذ بهنام سليم حبابة 
                                                                           مطر في الدواسة 
                                                                   مقهى عمر البجاري 
 

منطقة الدواسة في الموصل

ا.د. ابراهيم خليل العلاف

استاذ التاريخ الحديث المتمرس – جامعة الموصل

 ومن منا لا يعرف منطقة الدواسة ومن منا لم يرتادها فقد كانت ولازالت متنفسا للموصليين وخاصة الشباب ومكانا لتزجية الوقت .كان فيها مقاه عديدة وكازينوهات ودور العرض السينمائي وكان فيها محلات تجارية فضلا عن الاسواق والملاهي . وتاريخ منطقة الدواسة يعود الى اوائل الاربعينات من القرن الماضي  حينما اراد رئيس البلدية بلدية الموصل المرحوم خير الدين العمري وتولى رئاسة البلدية منذ سنة 1932 الى سنة 1949 وقرر ضمن تخطيطه للمدينة مدينة الموصل التوسع باتجاه الجنوب وكانت منطقة الدواسة التي سميت بهذا الاسم او سماها الناس بهذا الاسم  لان ارضها كانت واطئة ومنخفضة ورخوة وتدوس دوما وغالبا ما تعلوها مياه الفيضانات والامطار ولكن هذه المنطقة  تحولت في بداية سنوات الاربعينات من القرن الماضية الى منطقة تجارية كثرت فيها المقاهي والاسواق ودور العرض السينمائية والمطاعم والفنادق والملاهي .

شارع الدواسة هو ما كان يميزها ويمتد هذا الشارع من مدخله عند شارع الجمهورية وشارع حلب  وبناية محافظة نينوى التي هدمت الان باتجاه الجنوب الى بداية  شارع المطار .ومنذ الثمانينات من القرن الماضي توسعت الدواسة باتجاه الغرب الى مدخل شارع النبي شيت وهي التي باتت تعرف بالدواسة خارج .وفيها اليوم من المطاعم والمقاهي والمحلات التجارية الكثير واصبحنا نشهد دواسة داخل ودواسة خارج على نمط ما هو معروف في بغداد كرادة داخل وكرادة خارج .

معالم محلة الدواسة وشارع الدواسة ومنطقة الدواسة كثيرة فاذا ابتدأنا في الخمسينات والستينات وما بعد ذلك من السنوات وحسب ما ادركتها انا استطيع القول اذا ما ابتدأ بالجهة الشمالية من المنطقة اي الجهة القريبة من مبنى المحافظة السابق لابد لنا ان نذكر ان هناك (استديو مراد) لصاحبه المصور الفوتوغرافي الموصلي العالمي الكبير المرحوم مراد عبد الله الداغستاني وكثيرا ما كنا نشاهد في واجع-هته الزجاجية الامامية نماذج من صوره الفوتوغرافية الرائعة . وكان الى جانبه (تجهيزات الصواف الرياضية ) ومقابلها افتتح آمر القاعدة الجوية السابق المرحوم احمد رشيد كافيتريا عصرية تشبه  كافيتريا ( كيت كات)  في شارع السعدون ببغداد واقصد كافيتريا فلامنكو وكانت تقدم القهوة والشاي والايس كريم وعلى جدرانها صور الفلامنكو اقصد الراقصين الاسبان المعروفين بهذه الرقصة الجميلة التي كانت شائعة آنذاك وانا كنت واحدا من مرتادي هذه الكافيتريا الجميلة والى جانبها كان صالون حلاقة للنساء هو الذي يعود للحلاق مهران ومن ثم عاد لتلميذه محمد نوري .

وكانت هناك بناية جميلة لاتزال استخدمت كدائرة للمعارف – التربية ثم اتخذت حسب علمي قسما داخليا لطلبة جامعة الموصل .

عندما نسير قليلا لابد ان نذكر مخبز غسان عند مدخل الفرع الذي يؤدي الى حديقة الشهداء ومقابله مدخل الى جامع النبي شيت وبجانب المدخل شركة الفلاح للمرحوم الاستاذ حسن خير الدين العمري رحمة الله عليه وهي متخصصة باستيراد ماكينات الحراثة – التركتور والحصاد الدراسات .

كان في منطقة الدواسة الكثير من المكتبات منها مكتبة اقرأ للمرحوم المحامي سليمان الطائي ومكتبة المتنبي لصاحبها الاستاذ معن الصباغ ومكتبة زهرة نينوى للمرحوم الاستاذ اسماعيل خليل ومكتبة الاستاذ غانم الحيو صاحب ( مجلة الموصل التراثية ).

وكانت هناك دائرة مساعد رئيس جامعة بغداد في الموصل قبل سنة 1967 اي قبل افتتاح جامعة الموصل يديرها المرحوم الاستاذ الدكتور نجيب خروفة ومدير التسجيل المرحوم الاستاذ الدكتور عامر سليمان ابراهيم .

كما كانت هناك مقاه منها مقهى اطلس وكان مكانا للمثقفين ، ومقهى البجاري وكان هناك مطعم كباب كويسنجق المميز ومطعم الكهف   ومطعم قوزي الوليد ، وكانت هناك باجة ( ابن أتى ) الشهيرة ويقع في الفرع الذي يؤدي الى حديقة الشهداء فضلا عن مطاعم الفلافل ومنها مطعم ناثر ابو اللفات) قرب سينما غرناطة وكانت لدور العرض السينمائية ابواب للطوارئ من الخلف  كما اتذكر وتعرض هذه السينمات احدث الافلام الامريكية والايطالية والعربية والهندية . كما كان في الدواسة  محلات بيع المشروبات الكحولية فضلا عن عدد من (البارات) .

وفي الدواسة كانت هناك محلات جعفر اسماعيل للألبسة الحديثة والان (أزياء محمد جعفر اسماعيل – فرع الدواسة ) حيث ان لديه الان 2021 اكثر من فرع .كما يجب ان نذكر ايضا السوق العصري المعروف السوق العربي للملابس مقابل مبنى معارف الموصل والذي كما قلت اصبح قسما داخليا لطلبة جامعة الموصل .

وكان في الدواسة ولايزال ما يسمى قصر المطران وعدد من مصلحي السيارات ودائرة الماء فضلا عن انني اشرت مرة الى ان الدواسة كانت تضم ناعورا في بستان قريب كانت تسمى (بستان غزال نجم ) . وهناك اليوم الكثير من المعالم التجارية منها مثلا (تجهيزات الفهد الغذائية) .

 

وكان ثمة فنادق منها فندق اطلس وفندق الزهراء وكان هناك فرعا لاورزدي باك – شركة المخازن العراقية وكان هناك بيت التاجر الموصلي الكبير جبوري غزول رحمه الله والد الدكتورة فريال جبوري غزول استاذة الادب والنقد في الجامعة الامريكية في القاهرة .

وكانت في الدواسة حمام الدواسة للسيد فاضل كما كان هناك (سوق التيارية)  وتسجيلات الربيع . وهناك في الدواسة مدرسة أُم المعونة ، وقصر الاستاذ بهنام سليم حبابة المؤرخ والمربي المعروف والى جانبه مكتبة اقرأ . وقصر بهنام حبابة في مدخل الطريق المؤدي الى شرطة الموصل من جهة الدواسة  من القصور الجميلة في محلة الدواسة قصر الكاتب والمؤرخ الاستاذ بهنام حبابة وهو بطراز معماري غربي عمره اكثر من 100 سنة .

عن تسجيلات الربيع كتبت مرة وقلت :" من منا لايتذكر محل تسجيلات الربيع في الدواسة في الموصل .لازلت اتذكر موقعها في واجهة احد اركان الشارع المقابل للشارع المؤدي الى سوق الاثوريين وجامع النبي شيت عليه السلام .كنا نشاهد الشباب وهم يقتنون كاسيتات الاغاني العراقية والعربية والاجنبية وكانت تلك التسجيلات اصلية وتتميز بصفاء التسجيل وروعة الالحان . في محل التسجيلات الذي يعود افتتاحه الى اوائل السبعينات من القرن الماضي ، نجد ايضا صورا لقادة عراقيين وعرب منهم الملك فيصل الاول والملك غازي ونوري السعيد وعبد الناصر وصورا لممثلين ومطربين عراقيين وعرب .. كما كنا نشاهد راديوات قديمة وانواع من المسجلات .. اليوم صباحا سمعت احد الاخوان يذكرها من احدى اذاعات الاف ام ولعلها اذاعة المدينة ذكر تسجيلات الربيع وتأوه لان مجرد ذكر هذه التسجيلات اجج لديه الذكريات الشبابية . رأيت تسجيلا جميلا في الفيسبوك يتابع هذا الموضوع صاحبها الاستاذ طه خضير يديرها اليوم بجدارة ابنه الاستاذ عمار ابو أشرف ولازال الكثيرون من عشاق التسجيلات (الكاسيت وال CD ) يرتادونها والحمد لله استطاعت الحفاظ على ارشيفها وروادها" .

ولا ننسى دور العرض السينمائية في منطقة الدواسة ومنها سينما القاهرة الصيفي وسينما فيصل الثاني الصيفي ومن بعد ذلك فتحت سينمات غرناطة واشبيلية والاندلس وحمورابي .

وفي دواسة  خارج هناك مقاه ومطاعم للباجة ومطعم المنقل وللأسف منطقة الدواسة تعرضت للتدمير خلال سيطرة عناصر داعش 2014-2017 وحرب تحرير الموصل الا انها عادت اليوم ونهضت ثانية والحمد لله بفضل اهلها اهل الموصل الذين شمروا عن سواعدهم واعادوا مدينتهم وهم اليوم مستمرون اعادوها الى القها الذي تستحقه . 

الأحد، 28 نوفمبر 2021

الشاعرة فدوى طوقان أُم الشعر الفلسطيني

                                                                   فدوى طوقان في شبابها 



الشاعرة فدوى طوقان أُم الشعر الفلسطيني

 

ا.د. ابراهيم خليل العلاف

استاذ التاريخ الحديث المتمرس – جامعة الموصل

 

الشاعرة فدوى طوقان 1917-2003 ، عرفناها منذ اكثر من خمسين عاما شاعرة فلسطين الاولى أخت الشاعر الفلسطيني الكبير ابراهيم طوقان ،وهو من كتب النشيد الوطني العراقي والفلسطيني (موطني) .فدوى طوقان شاعرة الحب والرقة شاعرة الارض والكرامة والثورة قرأت عنها الكثير ولازلت اقرأ .

هي من مواليد مدينة نابلس بفلسطين الحبيبة سنة 1917 ، سماها الشاعر محمود درويش ( أُم الشعر الفلسطيني) .كانت في بداية امرها تنشر بأسماء مستعارة منها (ام تمام) و( دنانير) و( المطوقة)  أي من بيت طوقان .

طبيعي نكبة 1948 ، تركت اثرا عليها وعلى شعرها .عاشت في لندن قرابة سنتين واستفادت كثير لمعرفتها جوانب من حضارة الغرب . وكانت نشيطة في قرظ الشعر والسفر وحضور النشاطات الثقافية مع اخوتها شعراء فلسطين خاصة بعد نكسة حزيران 1967 .توفيت يوم 12 كانون الاول - ديسمبر سنة 2003 عن عمر ناهز ال (86) عاما .انا اقول انها كانت شاعرة جريئة ، وصريحة ، وبطلة .. وشعرها رقيق جدا .وقد كتبت مذكراتها بجزئين هما (رحلة جبلية رحلة صعبة) و(الرحلة الأصعب) . ومن مجاميعها الشعرية مجموعتها (وحدي مع الايام) 1952 ، و(وجدتها ) 1957 ، و(أمام الباب المغلق) .. ولها كتاب جميل عن اخيها ابراهيم بعنوان ( أخي ابراهيم ) ، صدر في يافا سنة 1946 .

كتب عنها كثيرون ، وأحدث ما قرأت مقال للأستاذة ريم ريان بعنوان ( شعر فدوى طوقان ) في الموقع التالي ورابطه :https://mawdoo3.com/%D8%B4%D8%B9%D8%B1_%D9%81%D8%

ومما قالته : " ان الألفاظ الواردة في شِعر فدوى طوقان تتميّز باحتوائها على الكثير من الدّلالات والإيحاءات، وانعكس ذلك على أسماء الدّواوين الخاصّة بها، حيث جاءت تحمل طابعاً من التّدرّج والحوار مع النّفس؛ لإضفاء حالةٍ من الرّغبة باكتشافها ومعرفة معانيها " ... وقد اقتبست من شعرها قولها في قصيدتها (أمام شُبّاك التّصاريح  )   :

حنظلاً صرت، مذاقي قاتلٌ

حقدي رهيب، موغلٌ حتى القرارْ

صخرةٌ قلبي وكبريتٌ وفوَّارةُ نارْ

كما تقول :

حريّتي!

حريّتي!

حريّتي!

صوتٌ أرددهُ بملء فم الغضبِ

تحت الرّصاص وفي الّلهبِ

وأظلُّ رغم القيد أعدو خلفها

وأظلُّ رغم الّليل أقفو خطوها

وأظلُّ محمولاً على مدّ الغضب

وأنا أناضل داعيًا حريّتي!

حريّتي!

حريّتي!

رحم الله الشاعرة الفلسطينية الكبيرة فدوى طوقان وطيب ثراها وجزاها خيرا على ما قدمت لوطنها وأمتها .

 



#قلق شديد في العالم من المتحور الجديد من فايروس كورونا أوميكرونOmicronأرجو الاستمرار في اجراءات الوقاية :التلقيح -الكمامة -التباعد


 #قلق شديد في العالم من المتحور الجديد من فايروس كورونا أوميكرونOmicronأرجو الاستمرار في اجراءات الوقاية :التلقيح -الكمامة -التباعد

السبت، 27 نوفمبر 2021

الزعيم عبد الكريم قاسم يفتتح سد دربندخان


 


الزعيم عبد الكريم قاسم يفتتح سد دربندخان
-ابراهيم العلاف
في يوم 27من تشرين الثاني - نوفمير سنة 1961 افتتح الزعيم عبد الكريم قاسم رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة العراقية 1958-1961 سد دربندخان وكان ضمن مشاريع مجلس الاعمار واقد ابتدأ العمل فيه في العهد الملكي .
وسد دربندخان سد عظيم يضم محطة لإنتاج الطاقة الكهرمائية ويقع بالقرب من بلدة دربندخان في محافظة السليمانيةباقليم كردستان العراق. أنشأ السد على نهر ديالى، وضع حجر الأساس في سنة 1956 وافتتح رسمياً في يوم 27 تشرين الثاني / نوفمبر 1961. حيث يشكل السد بحيرة تعرف بإسم بحيرة دربندخان. وتجدر الإشارة من إن ارتفاع السد يبلغ حوالي 128م ويبلغ طوله حوالي 445 م بينما يبغ أقصى عرض للسد في القاعدة حوالي 17م.وحجم خزانه يتسع ل ( 7,100,000 م3) ومعدل التدفق (11,400 م3/ث )وعدد التوربينات فيه (3) ، ورد ذكره في انسكلوبيديا ويكيبيديا الالكترونية والرابط هو التالي :
اما في موسوعة المعرفة الالكترونية ورابطها التالي :https://www.marefa.org/%D8%B3%D8%AF_%D8%AF%D8%B1%D8%A8%D9...
فقد تمت الاشارة اليه على انه : سد دربندخان Darbandixan ويعني بالكوردية ( المـُغلـَق)، يقع في شمال محافظة السليمانية.والسد مبني على نهر سيروان ليشكل بحيرة لمحطة توليد طاقة كهرمائية.
كتب عنه الصحفي الاستاذ محسن حسين وكان حاضرا عندما افتتح مقالا في جريدة ( الزمان ) اللندنية والرابط التالي
وقال :سد دربندخان مازال يعمل لحفظ الماء وتوليد الطاقة الكهربائية.وله قصة بدات في العهد الملكي عندما وضع الحجر الاساس له في سنة 1956 نفذته شركة أمريكية وانتهى العمل به في العهد الجمهوري وافتتحه رئيس الوزراء الزعيم عبد الكريم قاسم .

الجقماقجي والجقماقجية وجقماقجيان في الموصل

                                                                               الجقماقجي 



الجقماقجي والجقماقجية وجقماقجيان في الموصل

ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل

وسأني أحد الاصدقاء عن بعض المهن وخاصة المهن التي اندثرت او في طريقها الى الاندثار ومنها مهنة ( الجقماقجي) وقلت له سأكتب شيئا اليوم عن هذه المهنة التي كنت اعرف عددا ممن يشتغلون بها او يمارسونها ودكاكينهم كانت وراء بناية بريد الموصل مقابل مدخل شارع غازي من جهة باب الطوب .
الجقماقجي Chaqmaqchi ´.... Armourer اي مصلح الاسلحة والاسلحة التي كان يصلحها الجقماقجي هي المسدسات والبنادق القديمة وكان الجقماقجي ايضا يصنع الاسلحة من قبيل الخناجر والسيوف والحربات والدرباشات وقد كان (متحف التراث الشعبي ) التابع لمركز دراسات الموصل يضم مجسما للجقماقجي ووردت هذه الصورة في دليل المركز 2007 .
وقف الاخ والصديق الاستاذ شعلان عبد فتحي في كتابه ( اللاحقة التركية جي في اللهجتين الموصلية والبغدادية ) وطبع في الموصل سنة 2018 عند مفردة (جقماقجي ) وقال انها مفردة تركية مؤلفة من (جقمق) والجقمق (الذي يطرق بالمطرقة اي ما يصدر من صوت عن الطرق جق مق .. جق مق ) و(جي) اللاحقة التركية والجقماقجي من يقوم بصناعة وتصليح الاسلحة النارية ومنها البنادق والمسدسات وكان المسدس يسمى (الورور) والبندقية ( التفنكة) والمسدس يسمى ايضا (طبنجة ) والمسدس الكبير (قره داغ) و(القرمة ) بندقية الصيد .
قد يكون من المناسب ان اشير الى ان اسم جقماقجي كان ماركة مسجلة لشركة اسطوانات عراقية كتبت عنها مرة وكانت لها فروع وتسجيلات جقماقجي معروفة .
وفي مدينة الموصل عدة اسر تعرف ب(الجقماقجي) وهناك اسرة (جقماقجيان ) العراقية الارمنية ومن (ال جقماقجي) صديقنا المربي ومدرس اللغة الانكليزية الاخ الاستاذ بشير جقماقجي .ويقول الاخ الاستاذ عماد غانم الربيعي في كتابه ( بيوتات موصلية ) ان ال جقماقجي من بيوتات محلة الجامع الكبير ومن العباسيين وهم اعقاب جدهم قاسم بن يونس بك جقماقجي وكان هو من يصلح الاسلحة وظهر من الاسرة الحاج فتحي يحيى قاسم جقماقجي عمل مع والده في دكانه لتصليح الاسلحة وكان ايضا مديرا لمدرسة الصنائع العسكرية وكانت له خبرة في تصليح الاجهزة الصوتية ومنه الغرامافون والاسطوانات اسس سنة 1918 شركة جقماقجي مع اولاده في شارع غازي ثم انتقل الى بغداد وفتح فرعا في شارع الرشيد وقد كتبت عنه مرة في النت وكان وكيلا لشركة كايروفون المصرية كما اسس في الخمسينات استوديو لتسجيل الاغاني واصبحت له شهرة واسعة في العراق وبعض الدول العربيةتوفي سنة 1969 وبرز من الاسرة الدكتور محمد ضياء جقماقجي والدكتور مقداد نجيب واحمد وجيه يحيى . وكما هو معرف فقد قدمت حلقة من برنامجي التلفزيوني (موصليات ) من على قناة الموصلية عن (اسطوانات جقماقجي ) والحلقة متوفرة على اليوتيوب ورابطها التالي :
واذكر ايضا الصديق الاستاذ محمد سامي أحمد جقماقجي مؤلف كتاب ( حكاية محلة الميدان ) وال جقماجي الذين ينتسب اليهم الاستاذ محمد سامي من عشيرة العبيد وهم ابناء اسماعيل بن احمد بن صالح بن سعود من محلة الميدان منهم اسماعيل احمد جقماقجي والاستاذ المربي سهيل احمد جقماقجي والاستاذ براق يحيى حسن جقماقجي والمربي الصديق محمد بشير يحيى جقماقجي والست سالمة اسماعيل جقماقجي والست نهاد اسماعيل جقماقجي والست فائزة اسماعيل جقماقجي والدكتور محمد صالح يونس جقماقجي
وهناك ال جقماقجيان من الارمن في محلة حوش الخان بمدينة الموصل وكان احد اجدادهم يصلح المدافع في الموصل سنة 1734 خلال مواجهة حصار نادرشاه للموصل ومنهم مركب الاسنان حنا جقماقجيان والدكتور بدريك جقماقجيان والاستاذ جوزيف الموظف في المنتجات النفطية ومن اشهر البيوتات التي حملت هذا اللقب الاستاذ سركيس حنا جقماقجيان ومنهم البطريارك بهنام بني المتوفى سنة 1897 .
رحم الله من توفي من ال جقماقجيان وال جقماقجي وحفظ من بقي معنا

 

آبي أحمد والرجولة



آبي أحمد والرجولة
اولا صباحكم عافية وخير وثانيا آبي أحمد علي رئيس الوزراء الاثيوبي واثيوبيا هي الحبشة عين في 27 من آذار - مارس 2018 رئيسا للوزراء .مُنح (جائزة نوبل للسلام 2019) لجهوده في حل النزاع الحدودي بين اثيوبيا وارتيريا . عُمره (45) سنة ..قد أحبه وقد لا أحبه ..قد اؤيده أو لاأؤيده ...هذا لايهم ...ما يهمني هو موقفه عندما ترك العاصمة والتحق بجبهات القتال واخذ يقود شعبه وبدأ يحقق بعض النتائج ..لم ينتظر حتى يأتي معارضوه ويصبح بين ايديهم لقمة سائغة انها (بطولة الرجال ) في الدفاع عن البلد وقد يموت في الجبهة لكنه سجل موقفا مشرفا ،واعطى درسا لمن يحتاجه من الحكام .

 

آق سُنقُر البُرسُقي صاحب الموصل


 


آق سُنقُر البُرسُقي صاحب الموصل
ا.د.ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس – جامعة الموصل
من القادة العظام الذين ناضلوا من اجل الامة ، ووحدتها والارتفاع بمقدراتها . وكانت الموصل ، وهو صاحبها ، وحاكمها وأميرها ايام عهد السلاجقة ، مرتكزا له ، ولنشاطاته العسكرية في مواجهة حروب الفرنجة (الحروب الصليبية ) في بلاد الشام .
وآق سنقر البرسقي ، ضابط تركي في الجيش السلجوقي من عشيرة ( برسق )التركمانية المعروفة بالأصالة والشجاعة والرفعة ،
عمل مع السلطان السلجوقي ملكشاه بن ارسلان ، وهو السلطان الذي توسعت ادارته بحيث امتدت من الصين شرقًا إلى آسيا الصغرى غربًا ، وكان معروفا بحسن السيرة ، والعدل ، كتب عنه كثيرون منهم البروفيسور ستيفن رونسيمان ، والاستاذ الدكتور سهيل زكار ، والاستاذ الدكتور راغب السرجاني ، والاستاذ مصطفى سلام وغيرهم ممن كتب عن فترة السلاجقة . وكان يحرص على ان تكون حاشيته من الرجالات الاقوياء والصالحين والنزيهين ، وذوي الشرف ، وكان نظام الملك من وزراءه ، وكان آق سنقر البرسقي واحدا من اقرب الرجال اليه ، واكثرهم شجاعة وآق سنقر البرسقي رحمة الله عليه والد المجاهد البطل عماد الدين زنكي صاحب الموصل فيما بعد وجد المجاهد الشهيد نور الدين زنكي وهو من بنى الجامع النوري الكبير في الموصل قبل 850 سنة .
كان آق سنقر يلقب ب(قسيم الدولة ) ، وهو لقب اطلقه عليه السلطان السلجوقي ملكشاه ويذكر المؤرخون انه اراد من هذا اللقب ان يُشعر الناس أنه يقتسم ادارة الدولة مع السلطان ، وتلك – بحق – منزلة رفيعة .
الموصل وحلب كانتا ضمن سلطة السلطان ملكشاه بن الب ارسلان ، ويقينا انهما أي الموصل وحلب ، تحملتا في بداية القرن الحادي عشر ، وعند بدء ما سمي بالحروب الصليبية او حروب الفرنجة الاستعمارية السياسية المتقنعة بقناع الدين والدين منها براء ، تحملتا واجب تهيئة الحملات الاولى لتحرير كثير من المدن والقصبات التي وقعت تحت سيطرة الفرنجة .
كان الاجراء الاول الذي اتخذه السلطان ملكشاه بن الب ارسلان هو توليته حلب الى قسيم الدولة آق سنقر البرسقي ، وكانت فكرته في هذا التعيين ان الاوضاع المرتبكة التي كانت بلاد الشام تتعرض له من جراء بدء اطماع الغرب ، هو تعيين هذا الرجل القوي ، فهو يعرفه معرفة مباشرة ، ويثق بأخلاقه واسلامه ، واخلاصه للدولة العباسية ، وهكذا تسلم آق سنقر السلطة في حلب ، وكثير من المدن الشامية ، ومنها منبج وحماة واللاذقية.
الدكتور علي محمد الصلابي كتب مقالة جميلة بعنوان ( جهاد امير الموصل آق سنقر البرسقي لانقاذ حلب ) في الموقع التالي ورابطه : https://alsallabi.com ، واشار الى ان اهل حلب واعيانها استنجدوا بقسيم الدولة آق سنقر ، لانقاذ حلب وكان مريضا لكنه وعدهم ما ان يشفى ، الا ويبدأ حملته ويقول :" ولم تمض ثلاثة أيام على مقابلته تلك حتى فارقته الحمَّى ، وتماثل للشفاء ، وسرعان ما ضرب خيمته بظاهر الموصل ، ونادى قواته لأن تتأهب لقتال الصليبيين ، وإنقاذ حلب ، وفي غضون أيام معدودات ، غدا جيشه على أهبة الاستعداد ، فغادر الموصل متجهاً إلى الرَّحبة ، وأرسل من هناك إلى طغتكين أمير دمشق ، و«خيرخان» أمير حمص يطلب منهما مساعدته في إنجاز مهمته ، فلبَّى هذان الأميران دعوته ، وبعثا عساكرهما للانضمام إلى جيش البرسقي الذي كان قد تحرَّك آنذاك صوب بالس القريبة من حلب ، وأرسل من هناك إلى مسؤوليها ، وشرط عليهم ـ مسبقاً ـ تسليم قلعة حلب لنوَّابه لكي يحتمي بها في حالة انهزامه أمام الصليبيين ، فأجابوه إلى طلبه ، وما أن استتب الأمر لهؤلاء النواب ، واطمأنَّ الرَّجل إلى وجود حماية أمينة في حالة تراجعه؛ حتى بدأ زحفه صوب مواقع القوات الصَّليبية التي تطوِّقُ حلب.
وصلت قوات طلائع البرسقي حلب، يوم الخميس الثاني والعشرين من ذي الحجة من سنة 518هجرية - 1125 ميلادية ـ وما أن اقترب البرسقي بقواته المنظمة؛ حتى أسرع الصليبيون في التحوُّل إلى منطقة أفضل من الناحية الدفاعية ، فعسكروا في جبل جوشن على الطريق إلى أنطاكية ، وهكذا غدوا في حالة الدِّفاع بعد أن كانوا مهاجمين ، وخرج الحلبيون لاستقبال البرسقي ، والاحتفاء به لدى وصوله ، وقد أدرك الرَّجل ما يرمي إليه الصَّليبيون بانسحابهم ، واتخاذهم موقفاً دفاعياً ، فلم يتسرع بمهاجمتهم قبل أن يعيد تنظيم قواته من جديد خوفاً من نزول هزيمة فادحة بعساكره ، قد تُعَرِّض حلب للسقوط ، وأرسل طلائعه الكشفية لردِّ القوات المتقدِّمة إلى معسكراتها في حلب ، وقال موضحاً خطَّته هذه: ما يؤمننا أن يرجعوا علينا ، ويهلك المسلمون، ولكن قد كفى الله شرَّهم ، فلندخل إلى البلد ، ونقويه ، وننظر إلى مصالحه ، ونجمع لهم إن شاء الله، ثم نخرج بعد ذلك إليهم. ومن ثم دخل البرسقي ، حلب ، وبدأ بحلِّ مشاكلها ، ورفع مستواها الاقتصادي ، والاجتماعي ، فنشر العدل ، واصدر مرسوماً برفع المكوس ، والمظالم المالية ، وإلغاء المصادرات ، وعمَّت عدالته الحلبيين جميعاً بعدما مُنوا به من الظلم ، والمصادرات ، وتحكم المتسلِّطين طيلة فترة الحصار الصَّليبي.
ولم يكتف البرسقي بذلك ، بل قام بنشاطٍ واسعٍ لجلب المؤن ، والغلال إلى المدينة؛ كي يخفِّف من حدَّة الغلاء ، ويقضي على الضائقة؛ التي كان يعانيها الحلبيُّون ، وما لبث النشاط الزراعي في منطقة حلب ، أن عاد إلى حالته الطبيعية ، حيث استأنف المزارعون العمل في الأراضي التي شُرِّدوا عنها ، كما عاد النشاط التجاري إلى سابق عهده اعتماداً على ما تمتَّعت به المنطقة من أمنٍ ، واستقرار. وهكذا استطاع البرسقي أن يُحْكِمَ الطوق الذي أحاط به الصليبيون حلب ، وأن يخلِّص هذا الموقع الستراتيجي من أخطر محنة جابهته طيلة الحروب الصليبية ، ويوحِّده مع الموصل لأوَّل مَّرة منذ بدء هذه الحروب ، الأمر الذي أتاح لهذا القائد ، ولعماد زنكي من بعده أن يفيد من هذه الوحدة لتحقيق انتصارات عديدة ضدَّ الغزاة.
يقول المؤرخ الكبير ر ستيفن رونسيمان: " سرعان ما غدت الإمارة التي شكَّلها البرسقي نواةً لما قام بعدئذ بالشام من دولة إسلامية متَّحدة زمن الزنكيين ، والأيوبيين والمماليك ، ولم يكن الصَّليبيون؛ الذين وحَّد بينهم نظام الملكية في بيت المقدس يواجهون قبل ذلك سوى بلاد تنازعتها في الشام قوى عديدة ، وإقطاعات متفرقة زادت من ضعفها ، وما حدث إذاً من توحيد حلب مع الموصل يعتبر بدء توحيد الجبهة الإسلامية " .
فيما يتعلق بالموصل ، فان السلاجقة تطلعوا اليها منذ زمن ووضعوا في سنة 1095 ميلادية ( 489 هجرية ) نهاية لحكم الامراء العرب من بني عقيل في الموصل واقليم الجزيرة وبعض مدن الشام ، واصبحت هذه المنطقة ضمن نفوذ السلاجقة . ومما قوى سلطتهم ، هو تحملهم عبء حركة الجهاد ضد الغزاة الصليبيين الذين اجتاحوا بلاد الشام اواخر القرن الخامس الهجري الحادي عشر الميلادي (491 هجرية -1097 ميلادية ) .ويشير الاستاذ الدكتور رشيد عبد الله الجميلي في مبحثه (الموصل في عهد السيطرة السلجوقية 1095-1127 ميلادية ) في الجزء الثاني من (موسوعة الموصل الحضارية ) التي اصدرتها جامعة الموصل سنة 1992 ، الى ان صاحب الموصل السلجوقي ابو سعيد كربوغا ، هو من أنهى حكم بني عقيل الذي استمر اكثر من مئة عام ،واصبحت الموصل خاضعة خضوعا مباشرا للسلاجقة وتوالى على حكمها عدد من الولاة السلاجقة حتى سنة 521 هجرية حيث انتقل الحكم الى عماد الدين زنكي بن قسيم الدولة آق سنقر مؤسس دولة الاتابكة في الموصل التي حكمها خلفاؤها من بعده حتى سنة 631 هجرية-1234 ميلادية )
تولى آق سنقر ولاية الموصل مرتين الاولى سنة من 1113–1114 والمرة الثانية من 1124 إلى 1126ميلادية .
كان لقسيم الدولة آق سنقر ، دور كبير في اصلاح اوضاع الموصل خاصة ، ومن ذلك انه اعتمد مبدأ اقامة الحدود ، وتعاون ابناء القرى والمدن والقصبات ، مع السلطة على كشف المجرمين، وقد امتدحه المؤرخ ابن الاثير في كتابه (الكامل في التاريخ ) ، بقوله انه اقام العدل واهتم بالعمران ، فعم الاستقرار والامن في كل المناطق التي ادارها ومنها الموصل وحلب ، وقد اقام بها مدة وقد عهد لقسيم الدولة مهمة الجهاد ضد القوى الصليبية في اقليم الجزيرة وبلاد الشام وابلى بلاء حسنا في هذا الجانب ،ونجح في انقاذ حلب ، واعلن عن دمجها مع امارة الموصل وكان لوحدة الموصل وحلب دور كبير وخطير على مستقبل المنطقة وبعد استشهاده تولى ولده عماد الدين زنكي الحكم .
يقول الاستاذ سعيد الديوه جي المؤرخ الموصلي الكبير في الجزء الاول من كتابه (تاريخ الموصل) طبعة سنة 1982، ان قسيم الدولة آق سنقر البرسقي "كان من أجل الامراء السلاجقة ،واول من فكر في جمع البلاد لتكون قوة في وجه الصليبيين ،زحف الى بلاد الشام وفك الحصار عن حلب ، وحرر (كفر طاب) ، واضاف اليه السلطان السلجوقي حلب وكفر طاب وفتك بمناؤئيه من الباطنية ونكل بهم وقتل جماعة منهم وفي سنة 508 هجرية سيره السلطان الى حرب الصليبيين وكتب الى الامراء بوجوب طاعته . عني آق سنقر بالجيش ونشر العدل في البلاد وكان سياسيا وقائدا عسكريا محنكا وقد شن غارة مدمرة على كونتية الرها في نيسان وايار سنة 1115 ميلادية . وجاء في انسكلوبيديا ويكيبيديا الالكترونية ورابطها التالي : https://ar.wikipedia.org/wiki
انه أعيد تعيين البرسقي في منصب أتابك الموصل سنة 1124 بسبب عصيان جيوش بك. وفي تلك السنة جاء، بلدوين الثاني من القدس ، وجوسلين الأول من الرها و دبيس بن صدقة، حصار حلب في تشرين الاول - اكتوبر سنة 1124 عندها أرسل قاضي حلب أبو الفضل بن الخشاب من البرسقي طالبًا مساعدته في سنة 1125، أجبر البرسقي قوات العدو المتحالفة على التخلي عن الحصار في كانون الثاني سنة 1125 وبذلك استعاد حلب. كما دعم ظاهر الدين طغتكين في معركة أعزاز سنة 1125، لكن الصليبيون انتصروا في تلك المعركة باستخدام الغنائم التي نالها انتصاره في أعزاز، تمكن بلدوين الثاني من فدية ابنته يوفيتا و جوسلين الثاني من الرها.
بعد قسيم الدولة آق سنقر تولى الحكم ولده عماد الدين زنكي الملقب بالشهيد والملك المنصور 521-541 هجرية - 1127- 1147 ميلادية ، وقد سبق ان كتبت عنه .
يقول الاستاذ الدكتور عبد المنعم رشاد في مبحثه الموسوم ( الموصل في عهد الادارة الاتابكية ) والمنشور في الجزء الثاني من (موسوعة الموصل الحضارية ) ان تأسيس اتابكية الموصل يعود الى عماد الدين زنكي الذي ولاه السلطان السلجوقي محمود الموصل سنة 521 هجرية – 1127 ميلادية وسلمه ولديه الب ارسلان والخفاجي ليكون مؤدبا لهما أي اتابكا وفقا للتقاليد السلجوقية ومنذ ذلك الوقت سمي عماد الدين زنكي اتابكا وكان والده آق سنقر الحاجب من امراء ملكشاه ولدوره البارز في السلطنة ولاه ولاية حلب فأحسن السيرة في اهلها وجعلهم يحبونه .لكن الباطنية ولموقفه السابق منهم في حلب اغتالوا والي الموصل اق سنقر البرسقي في جامع الموصل سنة 520 هجرية -1126 ميلادية .
المهم ان ولده عماد الدين زنكي اكمل مسيرة والده من خلال تكوين جبهة إسلامية متَّحدة ضدَّ الصليبيين وهذا ما تحدثت عنه في مقالي السابق عن عماد الدين زنكي وهو متوفر في الانترنت .

صلاة الجمعة في جامع قبع - الزهور -الموصل

                                                                    الشيخ نافع عبد الله أبا معاذ   صلاة الجمعة بسم الله الرحمن الرحيم :...