الخميس، 7 أكتوبر 2021

أورقا تكاد ان تكون رواية .......................الحلقة السابعة



أورقا تكاد ان تكون رواية .......................الحلقة السابعة

بقلم :الاستاذ محمد مناف ياسين

وبوجود جهينه صاحبة اجمل بسمة وتلك القبلة على الرأس التي تستقبلنا بها او تحاول دفعنا للنوم
تبقى اهمية رمضان مختلفة تماما ؛ ويصح الامر الديني والالتزام به ؛ الاان هذا الشهر يمنهج الحياة اليومية للشخص والجماعة منهاجا واضحا ! بمنطق العصر يعيد برمجة الحياة الشخصية وبانتباه الى
تفاصيله ٠٠! في الليلة الاولى اخذتنا جهينة نحن صغار البيت كما تحسن قولها ؛ حدثتنا عن بيتها حين
كانت صغيرة في حلب ؛ بالنسبة الينا كنا نسمع من اهلنا الكثير عن حلب والتجارة المشتركة لأهلنا بين
المدينتين ولكنه عالم اخر معنا جعلنا اكثر انتباها لما كانت تحدثنا به وتذكر تشابهات بين سكان المدينتين في الملبس والسلوك العام واشخاص لم نكن قد تكررت علينا اسماؤهم ولا اعمالهم وتدخل تشابهات بين شخصية حاضرة في البيت وتكون التشابهات محببة ومشجعة لنا ان نفكر بها ٠٠ نلومها حينا ونعذرها احيانا اخرى ودون ذاك الاغراق الممل بالاخص اذاكانت الشخصية قد غادرت الحياة لسبب ما ٠٠ واتذكر الان انها في تلك الاحاديث لم تذكر غياب ذلك الشخص بالموت مثلا ٠٠ ونسمعها توصي سيدات البيت عدم ذكر موت فلانه اوفلان سوى ان نجعل غيابه النهائي خاتمة ، كما نقول اليوم معلقة ولكنه لم يعد يذكر في محاولة لنسيان الصغار كي لا يدركهم خوف وهم متجهين الى فراش النوم وتحبب ذلك الشخص في لحظة حرجة من انتباهنا فتروي عنه نشيدا اوتنزيلة معين. تجعلنا نرددها معها ولا انسى ابدا ذلك الصوت الجميل الذي كانت تؤدي به : للعاشق في الهوى٠٠ دلايل لايسمع من كلام عاذل ٠٠ ) تلي ذلك عبارات متقاصرة بين الكبار بمن قام بتلحين هذه التنزيلة ودون كثير اغراق ٠٠
احببت من. تلك اللحظات ان امتلك عودا اقضي به ليال صعبة والموسيقى هنا خير هرب ٠٠
وفي رمضان يظهر العد بعشزات الايام العشرة الاولى والعشرة الثانية تتزايد الزيارات والسهر٠٠لم يكن في تلك االايام سهرات تلفزيونية انما هي ليال عائلية اكثر لمن يستطيع ويبدا التحضر للعيد في العشرة الاخيرة اذا صح التعبير ويكون موسم اعداد ( الكليجه ؛ ) ومستلزماتها الاولية وتكون سيدة البيت هي المسؤولة الاكبر عن كل هذا ٠٠ وبحسب الوضع العائلي ٠٠
وكنا ننتظر جهينة ان تتقدم باشياء جديدة وتنتشر روائح الخبز وما يريده الصائمون وكان الصوم هو نوع من استعداد لتنويع الطعام وايضا للتواصل في تعاطف خاص بين من يستطيع ومن لايستطيع ماليا او اجتماعيا فهو شهر التواصل الاكثر قيمة ٠٠
كانت سيدات البيت يحاولن اظهار براعتهن ليس في نوعيات الطبخ فقط انما في ما يمكن ان يقدمنه من زخرفة اجمل وتقديمها للصغار اكثر ٠٠ فقد كنا نتجمع حولهن وهن يصنعن الكليجة وتشكيلاتها وكانت جهينة تصر على اكساء وجوه الكليجة بمخلوط البيض فتبدو الكليجة اكثر جمالا وتزحف رائحتها الى الانوف جميلة تنعش من يعرف كيف يتنسم الطيب ٠٠
تصر العائلة عموما على توزيع كمية من ما تصنع لمن لا يستطيعون ماليا ان يتحملوا ذلك او ان هناك اسباب اخرى ويبدا بالجار الاقرب وهو تبادل حلو يعطر العلاقات وكثيرا ما ينهي خلافات ممكنة في كل زمان ومكان خاصة وان المجتمع الموصلي مستقر وثابت اكثر فتغدو الاعياد وسيلة لتزكية الطيب بين الجميع ٠٠
كنا نشعر مع كل رمضان أو عيد اننا قد اصبحنا اكبر واكثر مسؤولية في تفاصيل تحلي ايامنا وتسعدها حقا وكثيرا ما اكتشفنا غياب فلان بسبب السفر للعمل او الدراسه او الزواج ٠٠
قال لي صديق وجار قديم انه اكتشف في نفسه كم كان يحب فلانه التي كبرت وتزوجت ، وهو لم يشعر عميقا بذلك ونضحك اليوم ونحن كبارا كيف استغفلتنا الايام واضاعت الكثير من احلامنا الصغيرة والمهمة وقتها وكأنك عبرت بحارا لاتدريها ولا تعرف كيف تقررت عليك وحين تراجعها اليوم وبعد سنين تتمنى احيانا حتى لو امتهنت مهنة اخرى لكنت افضل
او لو اعتنيت باناس غابوا عنك اليوم ، ومن الصعب جدا ان تمسك الايام وتغير تاريخ حياتك لأنه ايضا تغيير ممكن ان كان لحياة اخرين واحلامك ليست احلام الاخرين ٠٠
واذكر هنا جهينة حين كانت تبدا قصصها بكلمة ( كان ٠٠ ياما كان ) وتؤشر لنا في نهاية الكلام على الموضوع الأهم في قصص السندبادالبحري الذي تمنيناه جميعا باعتباره مغامرا راى وسمع ٠٠وعرفنا ان الحياة ليست قاربا تشتريه وتركب فيه فالبحر غير ذاك البحر ، والناس غير الناس ٠٠


مناف ياسين ٠٠
اوائل تشرين الاول٢٠٢١

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

النجف والقضية الفلسطينية .........في كتاب للدكتور مقدام عبد الحسن الفياض

  النجف والقضية الفلسطينية .........في كتاب للدكتور مقدام عبد الحسن الفياض ا.د. ابراهيم خليل العلاف استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة ال...