كازينو الشرق في الموصل
ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل
وعندما كتبتُ عن اخي وصديقي الاستاذ سالم شريف جاسم صالح مقالا قلت وانا ايضا أعرف انه ينتمي لأسرة ال شريف الطائية الموصلية المعروفة العريقة ، وان اخوه المرحوم جاسم كان صاحب كازينو الشرق في شارع نينوى وكانت ملتقى للعروبيين وكنت انا واحدا ممن يجلس فيها وكنت اعرف ايضا ان المرحوم سالم شريف جاسم محمد صالح كما كنا نسميه ابا رائد وقبلها اي قبل زواجه ابا داؤد كان من اهالي محلة باب الجبلين الواقعة بين محلتي النبي جرجيس والجامع الكبير كما كان رئيسا للجمعيات التعاونية وكان قد درس في مدرسة الحدباء الابتدائية ثم في في المتوسطة الغربية فالاعدادية المركزية ودخل كلية الادارة والاقتصاد بالجامعة المستنصرية -الدراسسة المسائية وتخرج سنة 1967 .
نعم كان اخوه المرحوم جاسم شريف جاسم محمد صالح صاحب كازينو الشرق في شارع نينوى قريبا من السرجخانة وكم تألمت وانا ارى صورة نشرتها الاخ الاستاذ سعد هادي للكازينو وقد تهدمت بعد التحرير 2017 ولحق بها الضرر الكبير وكم كانت زاهية وانشر لكم صورتها الزاهية الى جانب هذه السطور والصورة التقطها الاستاذ هاني الطائي .
وقد سبق ان تحدثت عن مقاهي وكازينوهات الموصل وارتباطها بالسياسة فقد كان للقوميين مقاه وللشيوعيين مقاه وللاسلاميين مقاه وكازينو الشرق لها تاريخ ومن حسن الحظ اننا نختزن الكثير في ذاكرتنا التاريخية عنها فضلا عن ان المرحوم الحاج عبد الجبار محمد جرجيس كتب عنها مقالة نشرها في جريدة ( الحدباء ) الموصلية بعددها الصادر يوم 30 اذار سنة 2003 وقال ان صاحبي كازينو الشرق هما الاخوين جاسم وصالح شريف وكان موقعها الاول خلف بناية البريد المركزي القديم مقابل مصرف الرشيد وقرب تقاطع ما كان يسمى ساحة صقور الحضر اي الان مكانها بناية الشواف .
وكان روادها من الوطنيين المعارضين للعهد الملكي وخلال احداث العدوان الثلاثي البريطاني - الفرنسي -الاسرائيلي سنة 1956 على مصر شهدت الموصل مظاهرات عنيفة استنكارا لموقف السلطة من العدوان وتضامنا مع شعب مصر والزعيم الخالد جمال عبد الناصر وقد تصدت الشرطة للمتظاهرين واطلقوا النار عليهم وجرح العديد منهم وفتحت كازينو الشرق ابوابها لايواء المصابين وتضميدهم ولف جروحهم بقماش القنفات .
وبعد ثورة 14 تموز 1958 سميت كازينو الشرق بكازينو الثورة العربية وكانت التجمعات المؤيدة للوحدة وقيام الجمهورية العربية المتحدة سنة 1958 تتم فيها وخلال حركة الشواف في اذار 1959 تعرضت المقهى للحرق من قبل الشيوعيين زنجا اصحابها باعجوبة من الاعتداءات ونهبت محتوياتها واصبحت خربة مهجورة .
وبعد ان هدأت الاوضاع استأجر الاخوان جاسم وصالح شريف ارضا واسعة من البلدية في المنطقة التي شيدت عليها فيما بعد بناية دائرة الزراعة في الجانب الايسر من الموصل وشيدا مقهى صيفيا سموه (كازينو الامباسي) ولعلها اول كازينو صيفيا تتأسس هناك وحتى قبل كازيو آشور المقابلة لها وبعد انقلاب 8 من شباط 1963 سميت (كازيو الرسالة) وبعد انقلاب تشرين 1964 الذي قاده المشير الركن عبد السلام محمد عارف رئيس الجمهورية ضد البعثيين تعرض اصحاب المقهى الى الاعتداء واضطرا الى غلقها وبيع اثاثها .
وبعد فترة تم شراء الطابق العلوي من بناية في شارع نينوى وهي التي اصبحت كازينو الشرق من جديد وكانت من قبل تسمى (مقهى عبد هبرايا ) وكانت طابقا ارضيا من قبل ذلك هدمت وبنيت من جديد في الطابق الارضي محلات والطابق العلوى المقهى التي استأجرها الاخوان جاسم وصالح شريف واطلقوا عليها (كازينو الشرق) وايضا اصبحت مكانا يرتاده افراد من القوى الوطنية والقومية في الموصل وكان يعمل مع الاخوين شقيق الحاج عبد الجبار محمد جرجيس الكاتب التراثي المعروف واسمه (صابر) وكانت الكازينو محط رقابة الامن خلال فترة حكم الرئيسين عبد السلام محمد عارف وعبد الرحمن محمد عارف وكثيرا ما تعرضت للتفتيش وهي حالة اعتادها في العهد الملكي والعهد القاسمي والعهد العارفي لكن مما يجلب الانتباه ان كازينو الشرق وقرت في اذهان وافكار اهل الموصل يعرفون الكثير من دقائق تفاصيل تاريخها حالها حال مقاه سياسية اخرى ومنها مقهى العروبة في محلة النبي شيت ومقهى المهداوي في محلة رأس الكور ومقهى 14 تموز في شارع نيوى ومقهى مصطفى الاعرج في باب الجسر وهي كلها مقاه ذات طابع سياسي وقسم منها يعود للقوميين وقسم يعود للشيوعيين والديموقراطيين وقسم يعود للاخوان المسلمين وهي التيارات السياسية التي كانت سائدة في المشهد السياسي العراقي المعاصر .
ايام لها تاريخ يمكن مستقبلا ان تكون موضوعا لرسالة ماجستير .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق