محلة الشيخ محمد في الموصل
ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس – جامعة الموصل
كثيرون يسألونني عن محلة الشيخ محمد وهي
نفسها محلة الثلمي ، ولماذ سميت كذلك واقول ان الثلمي ليست الا محلة الشيخ محمد
القريبة من باب لكش وسميت بالثلمي عند حصار نادرشاه للموصل سنة 1743 وحدوث ثغرة في
السور بين باب لكش وباب الجديد .. هذه
الثغرة في السور كان يمكن ان يتخذها المحاصرون منفذا لإقتحام المدينة لكن المدافعين بقيادة الحاج
حسين الجليلي والي الموصل قاموا بسد هذه الثلمي او الثلمة او الثغرة في السور
والتي حدثت نتيجة القصف المدفعي وانتهى الامر واستمر الصمود بوجه نادرشاه وانتهى
الحصار وانسحب نادرشاه بعد ( 42) من الحصار لمدينة الموصل هذا الحصار
البطولي الذي لايزال اهل الموصل يتغنون به .
محلة الشيخ محمد من المحلات الموصلية العريقة
التي وجدت فيها الكثير من المعالم وبرز فيها الكثير من الرموز وكان لها تاريخ
وتاريخ ثر الف عنها الصديق الكاتب التراثي المعروف الاستاذ غانم محمد الحيو كتابا
جديدا بعنوان (محلة الشيخ محمد الاباريقي ) وصدر قبل ايام .
والشيخ محمد الذي تنسب اليه هذه المحلة
هو الشيخ محمد الصديقي الاباريقي دفين هذه
المحلة وهو من الاولياء الصالحين وله كرامات وكان يعيش من كسب يده بصنع وبيع
الاباريق ، ومحلة الشيخ محمد تسمى ايضا
البارودجية والعمرية والمنصورية لكن هذه تسميات لبعض حاراتها واسمها
الرسمي هو محلة الشيخ محمد الاباريقي .
وفي خارطة الموصل القديمة التي اصدرها المؤرخ
الموصلي الكبير الاستاذ احمد الصوفي جاء اسمها على انها محلة تغلب او حي تغلب
القبيلة العربية الشهيرة . ومحلة الشيخ محمد قريبة من سور الموصل الذي يقع في
شرقها ولايزال قسم من هذا السور يظهر فيها حتى ان بعض الاهالي ومنهم جاسم البكر
واخيه عبد الله شيدا دارهما على انقاض السور سنة 1889 .
ومحلة الشيخ محمد تقع الى الجنوب من محلة
الامام عون الدين وشرق شارع الفاروق القديم وغرب محلة النبي شيت وقد بلغ عدد
نفوسها سنة 1977 (3964 ) نسمة ولهجة اهلها هي اللهجة الموصلية الشعبية الاصيلة ومن
ابرز معالم هذه المحلة (الدكي ) ، وهو مكان مرتفع كان يستخدم للجلوس والاستراحة وعليه سيباط اتخذ
كمقهى صيفي يرتاده رجال المحلة وكانت هناك تكية ومسكن الشيخ محمد الحريثي المتوفى
سنة 1784وهناك دكان محمد الحيو ومسجد ومدرسة الحاج محمد الرضواني وقناطر منها
قنطرة بيت الملاح وقنطرة بيت الغلامي وعوجة بيت اعنين وعوجة بيت شنشل وعوجة القمل
وعوجة الدنك والخربة التي تقع على لحف السور من شارع الفاروق الى حمام العمرية
للنساء .
وهناك مسجد علي النومة وبيت الحاج حسن العمري
وقنطرة بيت الشماع والمدرسة الهاشمية ومدرسة الزهراء للبنات ويلحق بمحلة الثلمي
جانب من محلة القصر الممتدة من قصر الشيخ رشيد الخطيب وتنتهي بستديو كاكا في بداية مدخل محلة النبي شيت .
في محلة الشيخ محمد هناك جامع العمرية الذي
بناه الحاج قاسم بن علي العمري سنة 1563
ميلادية وتحدثت عنه في حلقة سابقة من
برنامج موصليات. وكان الى جانب الجامع المدرسة العمرية ومكتبة المدرسة وسبيلخانة
ومقبرة العمرية .وهناك جامع ومدرسة الامام
الرضواني .كما ان في محلة الثلمي مسجد الشيخ محمد الاباريقي ومسجد الشيخ محمد
الحريثيومسجد الشيخ محمد البلقيسي ومسجد عبد اللطيف الشماع ومسجد البكري ومسجد علي
النومة ومسجد امين بك المفتي ومسجد قاسم اغا بن عبيد اغا الجليلي ومسجد الحاج
حسين الحجار ومسجد كعب بن مالك .
كما ان هناك وفي محلة القصر الملاصقة للشيخ
محمد مدرسة الشيخ رشيد الخطيب .وكان ثمة كتاتيب كثيرة في هذه المحلة منها كتاب
الملا حمودي النعيمي وكتاب الملا محمد النقشبندي ومكتب الملاية زكية .
وكان في المحلة من يمارس الُرقية واشتهر من
هؤلاء الشيخ محمد الرضواني والشيخ ومريم
السيدية والشيخ عبد الله ناصر اغا
والشيخ فتحي البارودي .
وفي المحلة مقابر منها مقابر ارض الباقلاء
ومقابر الثلمي ومقبرة السبيل ومقبرة العناز ومقبرة العمرية .
وتتميز محلة الثلمي بالقناطر ولدينا اكثر من
قنطرة منها قنطرة بيت الرضواني وقنطرة بيت الملاح وقنطرة بيت الحاج شاهين وقنطرة
بيت شنشل .. كما تميزت بعض بيوت المحلة بالكوشكات اي الشناشيل واهم الكوشكات كوشك
بيت ملا محمد البارودي وكوشك بيت خيرو الخيرو
وكوشك بيت شندالة وكوشك بيت الجسار .
وبيوت الثلمي معظمها كبير منها مثلا بيت
الحاج شاهين الصفار، وبيت الغلامي وبيت الحاج محمد الرضواني وبيت الحاج حسن العمري
وبيت سعيد ثابت وبيت الحاج خليل الطالب وبيت يونس شريف بك وبيت محمد حسن ال عمر
اغا الشويخ وبيت الشيخ رشيد الخطيب ، وبيت خير الدين العمري .
ومن معالم المحلة حمام العمرية للرجال وحمام
العمرية للنساء .اما ابرز العشائر التي سكنت هذه المحلة وهي محلة الشيخ محمد
الاباريقي ومنذ السنوات الاولى من الفتح العربي للموصل سنة 16 هجرية 637 ميلادية
وما قبل ذلك فهي عشائر الساادة الحسينيون والبطكارة والنعيم والعبادة والسبعاويين
والحياليون والعباسيون وطي والعمريون والرحريث والحمدانيون والشهوان واللهيب
والموالي والعزاوي والزبيد والجحيش والبكريون والعبيد .ومن الاسر المسيحية التي
سكنت المحلة بيت القاشا وبيت سارة وبيت سعيد شكر وبيت عبو السمعان وبيت سعيد سرسم
.
وبرز في المحلة اشخاص كان لهم دورهم في
الحياة العامة في الموصل منهم محمود طه العسلي وعبد الرحمن نوري الوزان والشيخ
مصطفى محمد الوطاع ويونس العسلي ومحمد احمد الحيو وفخري حسن الوزان ويحيى شنشل
ومحمود فتحي البارودي وقاسم الاعنين .
وفي المحلة مدارس عديدة منها المدرسة
العراقية للبنين والمدرسة الهاشمية ومدرسة الامير عبد الاله وهي نفسها فيما بعد
مدرسة الفتوة النموذجية ومدرسة الزهراء للاحداث ومدرسة الوطن ومدرسة الحكمة
الابتدائية والمدرسة الخزامية للبنات والتي احتلت بنايتها اعدادية الموصل للبنات ومدرسة
الصديق للبنات.
كما قدمت المحلة اعلاما ورموزا بارزون كان لهم دورهم واسهاماتهم في بناء
العراق في مختلف الميادين منهم العلامة الكبير الشيخ عبد الله باشعالم العمري
1793-1879م والعلامة الكبير الشيخ محمد صالح
الخطيب والشيخ رشيد الخطيب 1886-1979والشيخ محمد محمود الصواف 1915-1992
والشيخ عبد الوهاب الشماع والشيخ عبد المنعم يحيى علي والملا احمد العسلي والشيخ
محمد صالح افندي الجوادي .
ومن حملة شهادات الماجستير والدكتوراه قدمت
المحلة الكثير نذكر منهم المؤرخ الدكتور عماد الدين خليل والمؤرخ الدكتور خالد
صالح العسلي والمؤرخ الدكتور راغب حامد البكر والمؤرخ الدكتور خيري شيت شكر واستاذ
الاقتصاد الدكتور نوفل قاسم علي الشهوان والشاعر الدكتور حكمت صالح .
كما قدمت الكثير من الرموز الذين تركوا بصمات
في مجالات التعليم والتاريخ نذكر منهم المؤرخ الاستاذ عبد المنعم الغلامي والمربي
الاستاذ عبد الرزاق الشماع والمربي الاستاذ رشاد عبيد البنا و المربي والكاتب عبد
الخالق الدباغ والمربية الاستاذة فخرية الجبوري والمربية الاستاذة كواكب جليميران
والباحث التراثي غانم محمد الحيو والكاتب
والاديب عبد الحق فاضل الصيدلي والصحفي والمحامي رمزي العمري والصحفي قحطان محجوب
والباحث التراثي عامر سالم حساني .
كما انجبت المحلة رجالات اشتهروا في عالم
العسكرية منهم الفريق نور الدين محمود الذي الف وزارة سنة 1952 وكان رئيسا لاركان
الجيش وهناك الفريق الاول الركن عبد الجبار شنشل وزير الشؤون العسكرية السابق
والطيار داؤد سارة والشعيد المقدم نافع داؤد والشهيد محمد سعيد شهاب وكامل اسماعيل
الملحق العسكري السابق للعراق في باريس واللواء الركن فاروق البارودي هذا فضلا عن
رموز كثيرون برزوا في مجالات الوظيفة والشرطة والدوائر الحكومية والرياضة والمصارف
والصناعة والتربية نحتاج الى وقت طويل فقط لذكر اسمائهم .
وفي مجال الرياضة برز من هذه المحلة كثيرون
منهم موفق عبد المجيد اول حامي هذف للمنتخب العسكري العراقي لكرة القدم وضياء فخري
حسن الوزان من لاعبي كرة الطائرة في نادي الفتوة وعبد الجبار محمود من لاعبي منتخب
الموصل لكرة القدم وفي مجال رفع الاثقال والكمال الجسماني والمصارعة برز الرائد
ياسين محمد احمد ابو طه وهو من ارسى اسس الحركة الرياضية في الموصل ومن ابطال اسيا
في رفع الاثقال برز بدر ياسين وطه ياسين ومن المصارعين جميل نوري ومن ابطال الكمال
الجسماني احمد قاسم علي لاعب جمناستيك والاخوان ممتاز وصبحي محمد الثلجي .
ولدي اسماء لحلاقين اشتهروا في المحلة منهم
جاسم الحلاق وصبري حسين وعبد الكريم محمد. كما ان من قصابي المحلة جار الله صفو الزيدان ومحمود
الشماع وجرجيس القصاب . ومن البنائين قاسم
الحجيات وسعيد علي الاعنين ، واشتهر سعيد الحلاوجي بصناعة الحلاوة الشكرية البيضاء
والحلاوة الطحينية واشتهر الحاج شيت ابو
موفق ال الجحلة واولاده بصناعة الطرشي
.وكان في لمحلة معمل لعمل النامليت وهناك الدنك العام الذي كان يقوم بإعمال تجهيز
الموني .
اخيرا لابد ان اقول ان التوجه السياسي الذي
تميزت به محلة الشيخ محمد او الثلمي هو التوجه العروبي القومي لذلك كان لابنائها
دور كبير في النشاطات السياسية والحزبية والتظاهرات المناوئة للسلطة في العهدين
الملكي والجمهوري.. وكان لاهل هذه المحلة
دور في حركة الموصل المسلحة في 8 اذار 1959 ضد نظام حكم الزعيم عبد الكريم قاسم
رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة .
وهنا لابد ان نذكر اسماء عدد من الرجالات
القوميين منهم الاستاذ محمد صديق شنشل
والشيخ محمد محمود الصواف واياد سعيد ثابت والشهيد جمال جميل الضابط العراقي الذي
اعدم في اليمن سنة 1949بعد مساهمته في
انقلاب 1948 ضد حكم الامام حميد الدين .
هذه جوانب من قصة هذه المحلة العريقة محلة
الشيخ محمد الاباريقي رويتها لكم بأمانة تمنياتي لاهلها بالتقدم وبالعودة السريعة اليها لاعادة بنائها
وتعميرها بعدما لحق بها من دمار واملي كبير بالله سبحانه وتعالى وبالمخلصين .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق