الجمعة، 15 أكتوبر 2021

أوراقا تحاول أن تكون رواية ٠٠...................الحلقة العاشرة



أوراقا تحاول أن تكون رواية ٠٠...................الحلقة العاشرة

بقلم : الاستاذ محمد مناف ياسين

حديقة الشهداء ٠٠

طيار عراقي يسقط بطائرته ، وهذه هي المرة الاولى لسقوط طيار وطائرة عراقية ! صدم الناس وحكومتهم ٠٠ وضجت التساؤلات وقتها ٠٠ كنت اصغر من ان اعيها تماما او اذكر كيف ولماذا ؟ كعادة الموصلي الاصيل ٠٠ وقد عرف عن الموصليون كثرة الاسئلة ٠٠ وعدم الاقتناع بسهولة فهم يحفرون الخندق بابره ٠٠! وامثلة كثيرة اخرى ولايقتنعون بالردود السهلة ٠٠ كما كان احد مدرسي التاريخ يقول لنا ٠٠ مفتخرا او ناقدا والسؤال مع الموصلي وجهة نظر ايضا ! اما الاقتناع فذاك عزيز وصعب الادامة ٠٠ ولابد ان يثور لديه سؤال جديد ؟
وانا هنا كابن بيت موصلي افخر بهذا واقول ان اول العلم سؤال ؟ اقتنعت الحكومه ام لم تقتنع تبقى الاسئلة قائمة ومتوالدة ٠٠ والمخفي فيها هو الاشد ايلاما ٠٠ كيف تصوغ السؤال ؟ ومتى تطرحه ٠٠
عذرا فقد اخذني الحديث ٠٠ سقطت الطائرة وانتهت حياة قائدها ٠٠ ؟ تخلصت حكومة ذلك الزمن ووضعت شىاهدا نصبت فيه عمودا من رخام احاطته بالزهور وخضرة ثيل جميلة كتب تحت العمود ذكرى الطائرة والطيار اتسعت الحديقة اطلق عليها ( حديقة الشهداء ؛)٠٠ كنت وغيري من الناس يمرون بالحديقة فهي معلم هام ضمن مشروع حكومي كبير امامها متحف الموصل وحولها المحكمة بالرخام الابيض المشغول بعناية والمتصرفية كل هذا من منجزات مجلس الاعمار في منتصف الخمسينات ٠٠ وقبل متوالية فجيعة تموز وقتل الملك بين اهله ٠٠
والحديقة عامة ووضع جدول كما اذكر لأيام انفتاح الحديقة فكان يومين منها للنساء ولاتتحرك النساء في الموصل دون اطفالها فترى الضجة المحببة من الاطفال ذلك اليوم ويدور المسؤولون عن الحديقة وعيونهم ترقب كل شئ ٠٠ قطف زهرة ؛ اخذ غصن صغير من نبتة احبت رائحتها او شكلها ٠٠ ويبقى كل شئ قبل ظلام المغرب ٠٠ اما المشكلة الاكبر فهي ان السيدات لايمكنهن اعتبار زيارة الحديقة ناجحة الا اذا كان صاحبهن ( الجرز = حبوب مختلف نباتات تنتشر في البيوت الموصلية ويحلو الحديث مع وجودها ويتبارين في اي منهن الافضل ؛) الملح على النبتة المطلوبة او اي اضافة تصبح حالة خاصة كما الطريقة التي ادت الى الاضافة ٠٠ كما كن جميلات الاحاديث واصواتهن هادئة تحاول اي منهن ابداء قل ادبها وكي لايقال / عن زوجة فلانا اخته فالكل يعرف الكل والاحاديث كثيرة ومثيرة للصحبة واشكالاتها اكثر من طاقتها ٠٠ تلك مدينة كثيرة الربيع والخضرة يختلط فيها جمال نفسية الناس مع محبة الربيع ٠٠ فتكون حقا ام الربيعين ٠٠
من هنا وعلى ما اتذكر ومع شديد احترامي لآخرين لااعرفهم حين اطلق محافظ الموصل الجديد اوائل السبعينات (علاء الدين البكري ) اعيادالربيع وتجهزت في كل مكان احتفالات واندية شعر كانت ناجحة وتبقى ذكراها في اذهان من حضر وقتها ٠٠ وكثيرا ما التقيت بشعراء يذكرون شاعرا او ابيات شعر لقصيدة القيت او شاعر عرف عنه ذلك يومها ٠٠
تنتشر الحدائق اليوم في كل المدن التي يحترم قادتها انفسهم وتتوه من كثر الاسماء وجمال الاحتفال
كنت مرة في بارك مدينة جميلة معتنى به وتتسابق زهوره ٠٠ قلت للمشرف على البارك الجميل اني اشم رائحة الخضرة والربيع تنقصني روائح زهور جميلة الالوان والاشكال ولكنها. ليست كالعطور في مدينتي فقال هذا بسبب كثر التسميد الكيمياوي ربما ٠٠
في اول ايام افتتحنا بها حقائب الهجرة كي نستقر والحمد اقترحت رفيقة العمر ان نذهب نستطلع هذا الجمال ؛ ففوجئنا بوجود شجرة تفاح صغير الحجم مبكرة الاثمار غزير العدد يلعب تحت ظلها اطفال صغار ويقف قربهم رجل كبير السن مبتهج بفرح الاطفال كانه يلعب معهم او من بينهم سقطت تفاحة صغيرة في حضن سلمى ٠٠ هرول اليها طفل صغير ثم توقف قريبا منها متردد ان يقول شيئا تناولت سلمى التفاحة واخذت تمسحها نظافة للتفاحة ثم اعطته اياها ٠٠رفض مترددا بادئ الامر ثم اخذها وهرول مع اصحابه يؤشر ان السيدة اعطته اياها نظيفة ٠٠ اقترب الرجل المسن من سلمى يشكرها خجلت كأية عراقية يفاجؤها حدث ٠٠
منذ تلك اللحظة اطلقت على البارك ( الحديقة) اسم حديقة سلمى وظلت التسميه بيننا ٠٠وتلك الشجرة باسمها الحبيب وهي تتردد من قولها ٠٠ كنا نرى دوما كثير صغاريلعبون تحتها حتى منحنا الله حفيدة احبتها سلمى وجعلت صورتها وجها لجهاز الموبايل ٠٠ ابحث اليوم عن الوسيلة والثمن الذي لابد ان يدفع لشراء الاسم وللمدة التي يحددها القانون لوضع اسم سلمى الجميل على شجرة التفاح ٠٠
ترى هل لم تزل حديقة الشهداء موجودة في موصلنا الجميلة قائمة بنفاصيلها القديمة بعد عديد القتلة ؟


مناف ياسين
١٤/ تشرين الاول ٢٠٢١


 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

النجف والقضية الفلسطينية .........في كتاب للدكتور مقدام عبد الحسن الفياض

  النجف والقضية الفلسطينية .........في كتاب للدكتور مقدام عبد الحسن الفياض ا.د. ابراهيم خليل العلاف استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة ال...