الأحد، 31 أكتوبر 2021

وبغدادنا ..دار السلام ....الزوراء


 



وبغدادنا ..دار السلام ....الزوراء
ما أحلاها وما أجملها ؛ هي بغداد العراقيين ، والعرب ، والعالم كله
و" من لم يرَ بغداد لم ير الدنيا "
هكذا قال الامام الشافعي لتلميذه ..............السلام عليكم ورحمة الله وبركاته واعود لاتواصل معكم على الحب والسلام ...................ابراهيم العلاف

أوراقا تكاد أن تكون رواية موصلية .................الحلقة 14


 


أوراقا تكاد أن تكون رواية موصلية .................الحلقة 14
بقلم :الاستاذ محمد مناف ياسين

ولجهينة اسئلة ٠٠وحكاية

لم تكف جهينة عن أحاديث الموصل ، والناس ، ومن حكايات غزو الموصل وصمودها الصامت دون تباه ولا ضجة ٠٠ونحن صغارا ، وفي المدرسة نتحادث بمانعرف وهو اقل القليل ٠٠ وكانت ليلة أول حكومة عراقية ووجود الانكليز بمغادرة العثمانيين ٠٠٠ امبراطورية تغادر واخرى تجر ذيولها لتحكم ٠٠
ظهر الكولونيل الانكليزي بالموصل ، يسير بخبب خاص على فرسه وهو يمتلئ بالشعور بالفخر أنه سيحكم كل هؤلاء ٠٠ يكبر في نظر نفسه حتى الفسحة في ساحة المدينة تبدو صغيرة تكاد ان لا تتسع للمجموعة العسكرية التي ترافقه ٠٠فكر انه سيحكم هؤلاء الذين لايختلفون كثيرا عما كان تحت سيطرة قوته العسكرية في الهند ؛ وقد وعده المستشار في الاستخبارات بان يُوليه هذه المدينة اذا استطاع ان يكون قوة يسيطربها هنا دون ان يثير أهل هذه البلدة المعروفين بأن رؤوسهم من حجر ٠٠ ليسوا اغبياء ولكنهم لايقتنعون بسهولة ٠٠ وقد مرت بهم حضارات ودول كثيرة ٠٠ أحس ان سيره بطئ ! لاباس ٠٠لابد ان يتعرف الى كل حوانب المدينة واين سيكون مقره بعد مغادرة كامل القوة العسكرية البريطانية غدا وبقاء سريته فقط التي ستحيط
بها قوات الليفي التي جاء بها الجيش كوسيط حمايه ، مهمتها الناس المحليين ٠٠ ومن بعد عليه ان يحكم !٠٠ نزل من على صهوة جواده وهويشعر بالتعب الشديد في قدميه حين لامستا الارض ٠٠ ؟
ضرب الخطو مستقويا كي يستعيد نشاطه واتجه الى مقر الخيالة وسط تحيات جنوده من الهنود والليفي وبعض الضباط الانكليز الذين كان يرى في أي واحد منهم تهديدا لما وعد به المستشار ان يكون هو الحاكم ، وبعدها ينتقل الى وزارة المستعمرات المدنية مع الاحتفاظ بوضعه العسكري وتلك ميزة مضافة اليه كعسكري.وحاكم مدني ٠٠
اعجبه ان سماه ذلك الوجيه العثماني ، وهم يستقبلونه ان يسميه ( نيومان ) ؛ شعر ان عليه السعي السريع لتجميع امثال ذلك الوجيه ويشجعهم على تجميع مبلغ ليقوم بعمل ما كتبلييط الشارع الرئيس الذي يربط بين داخل المدينة ومقر عمله كي يستطيع مراقبة الداخلين الى المقر والخارجين منه ٠٠ضحك ساخرا من تنبيه المستشار الى ان هؤلاء الناس عقولهم من حجر ِ، ولكنهم ليسوا اغبياء ٠٠
قال في نفسه: سيرى الجميع من هو الأذكى ومن يستطيع ان ينجح في قيادة المدينة ؟ وربما كان مخطئا في جلب جنود لهم تجربة سيئة معه ولكنه سيستخدم ذلك فهم يعرفونه جيدا واكثر من المستشار صديق عائلته والذي رشحه للمنصب ووعده بالافضل ٠٠
دخل الى غرفة الحاكم ، فوجدها صغيرة وعليه ان يامر باستبدال كل شئ٠٠ وجد ان الكرسي الذي كان يستخدمه الباشا الحاكم العثماني السابق وثيرا وارتاح في مجلسه متعلقا بذلك المفهوم الفخم في ان يكون هو الباشا ٠٠ لا بل افضل بالتاكيد اعجبته التسمية وهذا التلفظ الذي يعطيه كبرا واهتمام وتمنى ان تطلق على مركزه الجديد هذا تسمية الباشا ولا يتحدد كونه عسكريا حاكما فقط .
الباشا ٠٠ ارتاح جسده حتى كاد ان ينام لولا الملابس العسكرية التي تشد على جسده فتمنعه حتى ان يتحرك بحرية ٠٠ لمح غليونه الذي بستخدمه دوما وقد بدا عليه التنظيف ٠٠! عرف ان خادمه قد قام بواجبه باعادة ترتيب كل مايريد ٠٠ دق الجرس أمامه مرتين مناديا خادمه الذي بدا منشغل القكر مترددا ، فابتسم له محاولا ان يعرف منه ما اذا كان خادمه الهندي متعرفا على تقديره للفظة الباشا متسائلا عن غليون قديم لا يستخدمه الا في لحظات التكابر التي يريد فيها ان يعزز سلطته وعلو شانه .
ساله ان كان هناك احدا ما يريد ان يسأل عن شئ واوصاه ان ياتي له بما يكون عليه مراجعي الحاكمية وكاد ان يقول الباشاوية لولا انه فضل ان ينتظًًًر وقتا اخر ٠٠ سارع الخادم ان يعطيه رسالة جاءت من بغداد تقول ان المندوب السامي البريطاني يوصيه فيها ان لا يقوم بعمل يثير حفيظة الناس حتى يتم تشكيل الوزارة العراقية الاولى ٠٠ وعليه ان يكون متحسسا لطبيعة الناس عنده ، ومحاولة ابداء التعاون ، وان ماجاء هو به غير ماكان سائدا مع العثمانيين ، وقد انتهت الحرب وعلى الجميع ان يتعاون لرفع مستوى الحياة ودعم المتعاون وان التفاوض لم يزل مستمرا لحسم قضية الموصل والمطالب الدولية.
ولابد من التنبه الى ان مؤسسات بريطانية وشركات بريطانية عديدة وكبيرة تريد ان تكون الموصل تحت حكم وادارة البريطانيين لذللك تريد قنصلية المندوب السامي عدم ايذاء عملها والتنبه بالالتزام التام ٠٠٠
مرت الايام قلقة ، متخالفة ، ومتباينة واخيرا تم توقيع اتفاقية محددة بمده وقررت بذلك الحكومه العراقية ان تعين متصرفا عراقيا للقيام بمهمة ادارة الموصل وما حولها واطلق على المنصب :المتصرف .
المتصرف يدير شؤون البلد وتم تحديد حدود المتصرفية مما اغضب ( الباشا ) الانكليزي ، وراح يعمل كما كان في الهند !! ٠٠ وقبل ان يمسك القرارات ، اطلق الرصاص من مسدسه الشخصي ، وقتل المتصرف الوطني ! ؟ فثار غضب الناس في عموم المدينة وضواحيها وللتغطية شارك القاتل بالتشييع فتقرر اخفاؤه فورا واخرج ولم يعد بعدها الى الموصل المدينة التي يحاول غزاتها ان يستمروا بسلوك الغازي من داخلها ٠٠ وقد كانت ليلة تصميم ، وبكاء صامت وصلب كالصخر سائل كماء دجلة ٠٠
تلك هي واحدة من موصليات تتكرر ، ويظن البعض انها جديدة، ولكنها مفتعلة ،وواضحة المعالم دوما .


مناف ياسين٠٠
اليوم الاخير من تشرين الاول٢٠٢١
٠٠

الجمعة، 29 أكتوبر 2021

الاكاديمي البروفيسور باباجان غفوروف بعيون الصحفي والسياسي العربي الدكتور خليل عبد العزيز


 

الاكاديمي البروفيسور باباجان غفوروف بعيون الصحفي والسياسي العربي  الدكتور خليل عبد العزيز

بقلم :  تاج الدين ماردوني

دكتور في علوم الآداب ورئيس الباحثين في قسم الشرق الادنى والاوسط لمعهد اسيا واوروبا.

في عام 2018 ، ومن دار النشر البغدادية (سطور)  ، صدرت الطبعة الأولى لكتاب الصحفي والسياسي العراقي المعروف الدكتور خليل عبد العزيز وبعنوان ( محطات من حياتي سجون اغتراب النضال) . والواضح من عنوان الكتاب ، أن الكاتب عاش حياة صعبة ، تعرض فيها إلى مشقة كبيرة، في النضال من اجل حرية بلاده، وشارك في الكثير من النشاطات السياسية لأجل مستقبل الشعب العراقي، ونيل حقوقه وحرياته.

ولد خليل عبد العزيز عام 1934 في مدينة الموصل العراقية القديمة. وفي عز شبابه ، أنغمر في العمل السياسي . في عام 1952 استطاع تأسيس (اتحاد الطلبة العراقي العام ) في الموصل، و شارك في نشاطات وأعمال هذه المنظمة، وبالذات في التظاهرات ضد الحكومة آنذاك في الموصل. في سنة 1954 أصبح خليل عبد العزيز رئيسا للاتحاد العام للطلبة هناك أي في الموصل ، وانضم الاتحاد على عهده إلى (جبهة الاتحاد الوطني) سنة 1957 . و قاد وشارك في نشاطات الجبهة لأجل فوز مرشحيها لعضوية المجلس النيابي، ولهذا السبب قررت السلطات اعتقاله. لكن رفاقه في النضال سرعان ما أرسلوه إلى بغداد، و هناك انتخب عضوا في اللجنة العليا لاتحاد الطلبة العام العراقي. وفي الوقت نفسه عمل في اللجنة الطلابية التابعة للحزب الشيوعي العراقي في بغداد . في عام 1956 اعتقل هذا الشاب النشيط في بغداد ، وحكم عليه بالسجن لمدة سنة ، ووضع في سجن بعقوبة، ومن ثم تم إبعاده لمدة سنة إلى مدينة بدرة في لواء الكوت، وبعدها ُرّحل إلى معسكر الشعيبة في البصرة جنوب العراق بحجة هروبه من الخدمة العسكرية. عام 1958 حدثت في العراق ثورة 14 تموز ، لذا أطلق سراحه بعد فترة ليعود إلى بلدته الموصل. ترأس خليل عبد العزيز  فرع اتحاد الطلبة في هذه المدينة ، و[نظرا لنشاطاته المكثفة ودوره في قمع حركة العقيد الركن عبد الوهاب الشواف المسلحة 1959   أصدرت المحاكم العراقية بحقه عام 1959 حكما  غيابيا بالإعدام] .

كان الحزب الشيوعي العراقي في تلك الظروف السائد، وسطوة الرجعية، يعمل بشكل سري. ولكنه استطاع وبشكل خفي أن يرسل الشاب خليل عبد العزيز  إلى موسكو، وهنا تبدأ محطة جديدة في حياته، حيث درس اللغة الروسية في الكلية التحضيرية التابعة لجامعة موسكو. وأصبح فيما بعد طالبا في ( كلية الصحافة ) بجامعة موسكو . عندما كان خليل مشغولا بالدراسة ، بدأ يتعاون مع الوكالة السوفيتية للطباعة والنشر –وكالة نوفستي- فكتب في مطبوعاتهم مقالات باللغة العربية ، والتي تم طبعها ونشرها في المجلات التي كانت تصدر باللغة العربية في عدة بلدان عربية . وبعد مناقشة أطروحته للماجستير التي كانت بعنوان :  (  ظهور ونشاطات الحزب الوطني الديمقراطي العراقي لكامل الجادرجي) ، أراد أن يخصص حياته للعمل في مجال الصحافة الدولية ؛  إلا أن شغفه بالعلم وتحليله للبحوث واهتمامه بالقضايا السياسية والاجتماعية المعاصرة، ودراسته للعمليات السياسية والاجتماعية للدول العربية، أدت إلى أن يقترح المجلس العلمي للكلية عليه ، ممارسة العمل الصحافي وبنفس الوقت يلتحق بدراسة الدكتوراه في الكلية نفسها ،  وبذات الاختصاص ويعمل على إعداد أطروحته الدكتوراه. ووافق خليل بكل سرور على هذا الاقتراح. في الوقت الذي كان فيه منهمكا في العمل الصحفي. وخلال عمله الصحفي أستطاع كسب العديد من الأصدقاء والزملاء، وتعرف على الكثير من الشخصيات العلمية والسياسية والاجتماعية، وخصوصا ممثلي ومسؤولي الحزب الشيوعي في الأجهزة السوفيتية. مهنة الصافة الدولية هيأ ت له مقابلة شخصيات سياسية هامة، وكان بدوره يقوم بمقابلات صحفية معهم، خصوصا مع العاملين في البعثات الدبلوماسية في موسكو، ومع الكثيرين من الرؤساء والشخصيات القيادية في عواصم بلدان عديدة.

في كتابه ( محطات من حياتي) ،  يقول :   كنت شاهدا على الكثير من الأحداث السياسية الهامة في الاتحاد السوفيتي و بلدان أخرى. ومن ضمن اهتماماته الخاصة ، وفي مذكراته يركز على ابن الشعب التاجيكي البار ( باباجان غفوروف)  الذي لعب دورا مهما ، وحيويا في حياة ومصير خليل عبد العزيز. أظن أن هذا بالنسبة إلى القاريء  الطاجيكي سيكون ممتعا جدا. حيث يتعرف  من خلال مذكرات الدكتور خليل عبد العزيز على بعض جوانب الحياة الخفية لأعمال الأكاديمي باباجان غفوروف، والذي دون من قبل الصحفي العربي العراقي و السياسي المشهور  الدكتور خليل عبد العزيز، الذي يعيش حاليا في السويد.

 

في مذكراته ( محطات من حياتي) ،  من المنطقي بالنسبة إلى الشاب خليل عبد العزيز والذي كان يعيش في موسكو، منذ بضعة سنوات أن سمع وعرف عن العالم السوفيتي البارز باباجان غفوروف رئيس معهد الأستشراق في أكاديمية العلوم السوفيتية، لكن لم تكن لتتاح له الفرصة أن يلتقي به. كونه مشغولا بإعداد أطروحة الدكتوراه للمناقشة .حينذاك كان ينعقد في (يريفان)  عاصمة جمهورية أرمينيا السوفيتية، مؤتمر دولي للجنة التضامن مع الأدباء والكتاب في دول آسيا و أفريقيا , وفي ذلك الوقت اقترحت   كلية الصحافة ، ومنظمة التضامن على خليل عبد العزيز العمل ضمن هذه اللجنة للإعداد للمؤتمر، وأن يكون مسؤولا عن وفود الدول العربية. ووافق خليل على هذا الاقتراح ، وذهب إلى يريفان بكل حماس وجهد. في احد الأيام الأخيرة للمؤتمر جاء إلى خليل شخص وقال له بأن احد قادة المؤتمر، يريد الالتقاء به  في فترة الاستراحة ، وعندما سأل خليل من هو هذا القائد ،قالوا له انه غفوروف أحد قيادي المؤتمر. في فترة الاستراحة ذهب إليه خليل وسلم عليه بحرارة ،  وبدوره أخبره القائد ، بانه باباجان غفوروف رئيس معهد الأستشراق في موسكو ونائب رئيس لجنة التضامن الأسيوي - الأفريقي . وساله غفوروف: من إي جمهورية في الاتحاد السوفيتي أنت   ؟ فأجاب خليل أنا عراقي من العراق ,كان الحوار باللغة الروسية، إلا إن غفوروف تعجب ، ونظر إلى خليل وقال له ماذا تفعل في المؤتمر؟ من الجائز أن غفوروف أعتقد بان خليل من اوزبكستان لقرب سحنته وشبهها بأبناء تلك الجمهورية. وقال له خليل انه عضو إعداد المؤتمر ، ومهمته مساعدة وفود الدول العربية ، ومرافقتهم. بعد ذلك بدأ غفوروف يسأل خليل عن أصل عمله ومهنته ،  وعن الدراسة والدكتوراه ،  مستوى إعداد أطروحته ، والمشاكل التي يواجهها في إعداد الأطروحة للمناقشة الى آخره من المواضيع. وانتهز خليل هذه الفرصة ، وزوده بتفاصيل المشاكل التي كان يواجهها لمناقشة أطروحته ، وعلاقته مع ( بريماكوف)  الذي كان يعمل آنذاك في معهد الاقتصاد العالمي والعلاقات الدولية، والذي كان على خلاف معه حول موضوعة الأطروحة، لان الخلاف كان نظريا يدور حول الحركة الوطنية في الدول العربية. كان غفوروف مهتما بهذا الخلاف بين خليل و بريماكوف ،  حينها عبر خليل عن موقفه عندما كان يلتقي مع بريماكوف في مصر، ذلك الوقت الذي كان فيه يجمع المواد لأطروحة الدكتوراه. نصح بريماكوف خليل ، ان يغير عنوان أطروحته، كونه يتناقض وسياسة أو مبادئ الحزب الشيوعي السوفيتي و علاقته مع الشيوعيون و الحركة العمالية في بلدان العالم الثالث. لكن خليل لم يتفق مع ذلك ، وقال بان رأي بريماكوف لايعني بالضرورة رأي الحزب والحكومة السوفيتية. وأخبر خليل عبد العزيز ، غفوروف ، بان أطروحته أرسلت إلى المعهد الماركسي اللينيني التابع للجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفيتي، لغرض دراستها والموافقة عليها. حينها عبر غفورف من جانبه عن الاستعداد للتعاون معه وبذل قصارى جهده، كي يرسلوا الأطروحة إلى معهد الاستشراق والى اللجنة العلمية بغية مناقشتها. بعد انتهاء مؤتمر التضامن الأسيوي الأفريقي للكتاب، رجع خليل الى موسكو وعلم بان المعهد الماركسي اللينيني قد ناقشوا أطروحته بشكل ايجابي، بالرغم من وجود وجهات نظر مختلفة عما موجود في الاطروحة والتي لم تتطابق مع سياسات الاتحاد السوفيتي، خصوصا من الناحية الأيديولوجية , وكان رأي المعهد بان ليس هناك مشكلة في مضمون الأطروحة، بل هناك رأي قابل للمناقشة , والقرارات التي تصدر ستكون مبنية على الناحية العلمية، والإطار الأكاديمي والمضمون العلمي للأطروحة. وقرر المعهد أن تكون المناقشة سرية، وان تكون لجنة المناقشة محدودة، ومنع وسائل الإعلام من تغطيتها. صوت 15 عالما من مجموع 16 من أعضاء المجلس العلمي بشكل ايجابي، وتمت الموافقة بنجاح , وترحيب من قبل معهد الأستشراق، وفي اليوم التالي استقبل خليل من قبل غفوروف وهنأه الأخير بدوره , واعتبر خليل عبد العزيز بان هذا اللقاء مع رئيس معهد الأستشراق ، بمثابة سيرة جديدة في حياته. وكان غفوروف في الماضي يشغل منصب السكرتير الاول للحزب الشيوعي الطاجيكي، وشارك بشكل فعال لإنجاز الكثير من المهام الاشتراكية والثورية في طاجكستان، ولذا حاز على خمسة أوسمة من القيادة السوفيتية في عهد ستالين. ويروي خليل في مذكراته كيف كان يحضر لليوم التالي للقاء غفوروف، ويقول عن معهد الاستشراق لأكاديمية العلوم السوفيتية، الذي كانوا يسمونه (قصر العلوم المعرفية) ،  وعن غفوروف : عندما دخلت المبنى ذهبت إلى الاستعلامات وقلت، لدي موعد مع رئيس المعهد، عندها طلب منه الموظف أن يعرف بنفسه , وبعد ذلك بلحظات أوصلني إلى غرفة الرئيس ,دخلت الغرفة و نهض غفوروف من مكانه وجاء لصافحني بحرارة، و هنئني بمناسبة نجاح أطروحتي وقال – أظن انك تمكنت أن تجتاز حاجزا كبيرا، وأظن إني قمت بواجبي – في هذه اللحظة لم يدر في بالي إي شيء لتفسير ما قاله غفوروف. عندما باشرت بالعمل في المعهد آنذاك أدركت أي دور لعب غفوروف  لإبعاد الحواجز والمشاكل التي كانت تواجه مناقشة أطروحتي. وبعد ذلك سالني غفوروف ماذا أريد أن أعمل بعدما حصلت على شهادة الدكتوراه، وما هي خطط مستقبلي ؟ قلت كل هذا يتعلق بموقف الحزب الشيوعي العراقي الذي يرفع  شعار التحصيل العلمي والعودة للوطن . وفجأة قال غفوروف عليك العمل معنا في المعهد ما هو رأيك هل أنت موافق؟  ذهلت بهذا الاقتراح وشعرت بسرور. بالرغم من الارتباك الذي كان بداخلي، مع هذا قلت لغفوروف لم استلم الشهادة بعد وكيف اعمل معكم ؟وقال غفوروف : بإمكانك ألا تقلق على هذا، بالنسبة لي لايهم ولا يعني لي شيئا - , غدا صباحا بإمكانك أن تأتي إلى هنا وتباشر بعملك معنا. بعد حوار طويل تعجب خليل كثيراً عندما عينه غفوروف ،  كباحث أقدم , وكان مهنة الباحث العلمي بالنسبة لخليل الذي لم يستلم بعد شهادته، مفاجئة :"  إن تعييني في هذا المنصب كان يتطلب سنين من الخدمة. وبعد حواري معه تبين لي السبب , كي استلم راتبا مقداره 180 روبل وليس 150 وكان ذلك مساعدة منه لي" . اللقاء مع غفوروف والحوار معه بالنسبة إلى خليل عبد العزيز لم يكن عليه سوى الموافقة على الاقتراح ، وان يباشر العمل في هذه المنظمة العلمية البحثية الرصينة في الاتحاد السوفيتي. رأى غفوروف في هذا الشاب جهدا علميا ناضجا وصاحب كفاءة سياسية، وبذل جهدا كثيرا ليصبح مثاليا ، وإنسانا علميا ومتواضعا وفي الوقت نفسه شخصا حاسما وثابتا والذي يتمتع بخبرة ثورية ضد الاستعمار والرجعية العربية. باشر خليل في العمل واخذ هوية المعهد كباحث أقدم ، وأتاحت له الفرصة الحصول على شقة متواضعة للعيش فيه. وبدأ بالعمل بطاقة اكبر، إلا إن رفاقه في الحزب مازالوا يطلبونه بالعودة إلى العراق ، بالرغم من إنهم كانوا يعرفون انه يواجه حكم الإعدام. لكن بعد لقاءه مع قادة الحزب الشيوعي العراقي، ومناقشة الموضوع معهم والتلويح بان بقاءه في المعهد سيكون من مصلحة الحزب , لم يبقى شيئا لدى القيادة ، إلا أن يوافقوا على رأي خليل والتصالح معه. عمل خليل عبد العزيز بكل أخلاص وغيرة ، ومن خلال عمله وبمرور الزمن أتيحت له الفرصة للتعرف على قيادات كبيرة وكثيرة في الاتحاد السوفيتي ، ومع الدبلوماسيين وكبار مسؤولي الحزب. وغالبا ما كان يسافر وبإيفاد إلى بلدان أخرى وأتيحت له الفرص للالتقاء بممثلي السلطات ، وأعضاء الحكومة في تلك البلدان، ومع الشخصيات الاجتماعية و السياسية الثقافية والفنية ومع رؤساء الوزراء والشخصيات الحكومية.

 إن معهد الاستشراق ، هيأ جوا مناسبا لخليل عبد العزيز وأتاح له الإمكانية للكتابة ، ونشر مواضيع حول المؤامرات السرية ، والأحداث التي كانت تجري وراء الكواليس، والمناورات السياسية، وعن اللعبة السياسية في ممرات السلطات في بعض البلدان. كل هذه الأحداث مسجلة في ذاكرته،  وكأنها حدثت في الأمس القريب. ولهذا أراد بشكل سريع أن يكتبها على شكل صفحات وبما جرى من أحداث، وكل ما سمع ورأى في حياته، بشرط ان يحكم أصدقاؤه على هذه السطور ويحكم التاريخ عليها أيضا بشكل عادل.

 

في اليوم الأول في معهد الاستشراق جرى حوار بين خليل عبد العزيز ، وبابا جان غفوروف ، حول طبيعة عمله والتزاماته الوظيفية وجدول عمله اليومي. وشرح له غفوروف أصول و طبيعة عمله، وقال له : يجب أن لا تكون لك إي علاقة مع الأقسام الأخرى إلا إذا ما اقترحوا عليك التعاون معهم. بجانب عمله أصبح خليل مساعدا  لغفوروف في بعض متطلبات العمل، ولم يوضع له جدول لأوقات العمل مثلما كان مطلوبا من باقي الباحثين والموظفين في المعهد والذي حدد عملهم بالتواجد في العمل ليومين في الأسبوع ،  لكن كما يقول خليل : كان من المفروض تواجدي يوميا في المعهد، بالإضافة إلى ذلك تنفيذ كل  مايطلب مني غفوروف يجب في أي مكان وأي وقت. في اليوم الثالث طلب غفوروف من خليل أن يعد له تقريرا حول الأوضاع في اليمن الجنوبية ، وأوضح غفوروف بان الموضوع ضروري للمعهد، كي يكون على علم بما يجري من الاحداث هناك، ومساعي السلطة للتمسك إيديولوجيا الدولة بنهج الاشتراكية العلمية. وبناءٍ على ذلك تتم إدارة شؤون الدولة. لكن في البداية أعطى غفوروف معلومات إلى خليل عبدالعزيز حول موقف الاتحاد السوفيتي إزاء الأحداث الجارية في اليمن الجنوبية، وحدد له صفة العلاقات بين البلدين. بعدها سأل غفوروف خليل هل لديه اية معلومات عما يجري في اليمن ؟  فأجابه خليل: إن لديه علاقات مع ممثلي الحزب الاشتراكي اليمني في موسكو، وهو مراسل لجريدة يمنية باسم ( 14 أكتوبر ) ،  وجاء ذلك بناءً على طلب طلاب و أعضاء هذا الحزب بأن يكون هو مراسلا. فرح غفوروف عندما سمع هذا من خليل، و طلب منه أن يطور علاقاته معهم ، بصورة واسعة. بالفعل كان لدى خليل معلومات كثيرة عن الأحداث في اليمن الجنوبية، وذلك بفضل علاقاته مع الطلاب اليمنيين اللذين كانوا يدرسون في موسكو، وكان قسم منهم أعضاء في الحزب الاشتراكي , والقسم الأخر من معلوماته كان قد حصل عليها من وسائل الإعلام السوفيتية عندما كان يتابعها.

 

أول موضوع قدمه خليل كان يتعلق بالنضال السياسي في اليمن، ومعلومات عن قادته المعروفين وعن الرؤساء السياسيين الذين يترأسون ذلك النضال، وأشار لكون جميع السياسيين كانوا شبابا قليلي الخبرة السياسية و النضالية، وكتب عن ماضيهم السياسي وارتباطاتهم بالحركة القومية العربية. وضع خليل ووضح صورة متكاملة لتطورات هذا النضال، وأشار إلى انه من الممكن أن تنفجر الصراعات فيما بينهم في أي لحظة بسبب النعرة القبلية . وبين في تقريره صعوبة بناء الاشتراكية في هذا البلد الفقير، وفي ظل هذا الظروف خصوصا في ظل القيادات الغير كفوءه ومن الذين يفتقرون الخبرة السياسية، ويتميزون بثقافة واطئة . وضع خليل تقريره هذا على طاولة غفوروف , وبعد ذلك طلب غفوروف من سعيد كاميلوف الذي كان يعرف اللغة العربية جيدا، أن يترجم هذا التقرير إلى اللغة الروسية , وكان سعيد حبيب الله كاميلوف رئيس المركز الثقافي السوفيتي سابقا في المغرب، وهو الآن احد زملاء معهد الاستشراق و باحث علمي وكان يساعده في العمل فتاة روسية تعرف اللغة العربية بشكل ممتاز. وقال غفوروف لخليل بعد انتهاء الترجمة أنا اقرأه وأناقش معك هذا الموضوع. وبعد يومين التقى غفوروف بخليل ، وقال له قرأت ما كتبته وأنا أتوافق وجميع آراءك واستنتاجاتك, لكن لا تنسى هناك قادة لمنظمات سوفيتية، ليسوا موافقين مع آراءك واستنتاجاتك. وبعد مرور عدة أشهر على عمل خليل في المعهد تبين له انه توجد صراعات عميقة وتنافس سياسي قوي بين مجموعات داخل المؤسسات وسلطات الدولة السوفيتية خصوصا في صفوف اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفيتي. لكن كل هذه الصراعات كانت سرية ومخفية عن الشعب خصوصا في مؤتمر أو بلينوم الحزب، كل ذلك كان بعيدا عن أنظار الكادحين والشعب. بعد مدة أخرى سلم غفوروف لخليل اضبارة تحتوي على مواضيع تخص أفغانستان , واقترح على خليل أن يقوم بدراسة تلك المواضيع، التي يعرفها الناس العاديون عن طرق وسائل الإعلام.  كانت الإضبارة معدة من قبل أجهزة المخابرات وبالأخص من قبل سفارة الاتحاد السوفيتي، ومن قبل الجرائد والصحفيين حول مواقف الولايات المتحدة الأمريكية و بريطانيا وغيرها. وكان في هذا الوقت قسم من الجيش السوفيتي متمركزاً في أفغانستان. لذا قال خليل ماذا افعل بكل هذه الاضبارة، خاصة عندما كل محتوياتها تخص هذا البلد ؟  قال غفوروف انه لا يريد أن يتكلم كثيرا عن هذا الموضوع، ولا يريد منه الآن أن يعبر عن وجهة نظره أو التكلم عن هذه الأحداث أو يعبر عن رؤيته المستقبلية لهذا الحدث بل المهم عند غفوروف هو المعلومات التي تؤكد أو تكذب هذه الآراء المتنافرة في فهم أو تفسير المسألة الافغانية، وخصوصا بيننا و بينهم. وطلب من خليل أن يقرأ ويكتب رأيه ويجلس مع كاميلوف كي يترجم الموضوع إلى اللغة الروسية. وفجأةً فكر خليل في هذه الجملة – الخلافات بيننا و بينهم – وأحس  أنه أصبح جزأ من هذه المجموعة التي يترأسها غفوروف.



تطور الأحداث في مصر واضطراب الحالة إلى أبعد من المنظور , وهذا الوضع المتأزم بات لا يمكن إخفائه عن أنظار الناس , لأنه ظهر في القيادة، خصوصا بعد طرد الأخصائيين الفنيين السوفيت من مصر، وأصبح التقارب المصري – الإسرائيلي واضحا. يقول خليل في هذه الفترة طلب مني غفوروف أن اكتب تصوراتي عن أحداث مصر، والتي كان  كاملوف بدوره يترجمها إلى اللغة الروسية , ومن ثم دمجها مع بقية المواد الأخرى  ورفعها باسم معهد الاستشراق إلى اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفيتي , لكن بدون ذكر اسم  ولقب الكاتب لهذا التقرير , لكن في احد الأيام طلب مني غفوروف أن أوقع واكتب اسمي في التقرير كأحد المشاركين  بإعداده ,أحس خليل بان شيئا ما تغير في هذا الموضوع، وتوجه بسؤاله الى باباجان غفوروف عن سبب هذه التغيرات ؟ وأجاب غفوروف بان المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوفيتي، قرروا بان جميع من يشارك بإعداد هذا التقرير يجب أن توضع أسمائهم  وألقابهم. وشعر خليل بداخله بان هذا القرار جاء فقط  بسببه , يتعلق شخصيا به ولا احد غيره، وكان هذا محاولة جديدة من يفغيني بريماكوف وجماعته اللذين حاولوا بمؤامرة أخرى علي _ أي على خليل _ وبعد مرور الزمن شارك خليل في إعداد بعض التقارير، لم يكن كثيرا  لايتجاوز أربعة أو خمسة حتى طلب منه غفوروف ان يلتقي به , وقال له غفوروف أن شخصا ما مسؤول في العلاقات الخارجية للجنة المركزية للحزب كان مهتما به، وسأل من هو الدكتور خليل عبد العزيز وقلت له انه شيوعي عراقي محكوم بالإعدام في بلده , وسأل بأي سبب وافقتم على تعينه في معهد الاستشراق , وقال غفوروف بان له الحق ان يعينه في العمل كزميل باختياره ومعرفته عنه، وسال من غفوروف اخذ موافقة وصلاحية اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفيتي ؟ وأجاب غفوروف ليس من الضروري اخذ الموافقة ؛ لان المكتب السياسي هو الذي اعطاني هذه الصلاحية. كان زملاء خليل عبد العزيز في معهد الاستشراق التي يترأسه غفوروف ومعهد التاريخ لأكاديمية العلوم السوفيتية مهتمون بأطروحة الدكتوراه التي كان يعدها خليل عبد العزيز ، وفرحوا عندما اطلعوا على محتوى الأطروحة التي كان تخص (قانون تأميم الصحافة   في مصر) ،  وعن الظروف السياسية لهذا البلد، وتم إرسال مختصر الأطروحة إلى جميع مراكز العلمية والبحوث. في اليوم الأول عندما باشر خليل بالعمل، سأله غفوروف هل ينوي أن يطبع أطروحته في كتاب ؟ بكل سرور وافق خليل عن الطبع وسال: إي مؤسسة  بامكانها طباعتها ؟ اجاب غفوروف : معهدنا يأخذ على عاتقه طبع الأطروحة إلا إننا لا نتمكن طبعه بهذه الصورة والمضمون التي وافق عليها ( كلية الصحافة)  في جامعة موسكو، لأنه سيخلق لنا بعض المشاكل وخصوصا مع بعض الجهات، وأنت تعرف هذه الجهات وهؤلاء كانوا في الماضي ضد مناقشة الأطروحة . لذلك  نحن نشكل لجنة كي يختصر عدد صفحات الأطروحة من ( 400 ) صفحة إلى اقل من ( 200 )   دون التأثير على الفكرة الأساسية للموضوع. كان خليل راضيا ومسرورا بذلك ,وكان فرحا عندما رأى أطروحته مطبوعة في كتاب  وبيع  الكتاب في أيام  معدودة، ولم يبق  منه إي نسخة على رفوف المكتبات ودور النشر , بالرغم من أن الكتاب كان أكاديميا مخصص للأخصائيين و الباحثين في مجال العلوم، وللسياسيين وليس لعموم القراء.

 

الخميس، 28 أكتوبر 2021

#جمعتكم مباركة ..............وميتا (Meta) الأسم الجديد لشركة فيسبوك facebook


 #جمعتكم مباركة ..............وميتا (Meta) الأسم الجديد لشركة فيسبوك facebook

وصباحكم عافية ويومكم جميل
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...ومؤسس شركة فيسبوك مارك زوكربيرغ يُغير اسم شركته الى ( ميتا (Meta) ) ومعنى الاسم الجديد هو كلمة يونانية قديمة تعني ( مابعد) بمعنى ان هناك اشياء جديدة ستأتي .............ابراهيم العلاف

أوراقا تكاد تكون رواية موصلية .................الحلقة الثالثة عشرة


 


أوراقا تكاد تكون رواية موصلية .................الحلقة الثالثة عشرة

الحلو والطحينيي ٠٠
وقبل ان يحل فصل الشتاء تكون بيوت الموصل ، قد جهزت نفسها بما تحتمي به من برد وانخفاض حراره ؛ والبيت الموصلي لايكف عن العمل والانتاج بما جعل جهينة تنبهنا دوما على النشاط الذي لايتوقف وكان البيت الموصلي هو العالم كله ؛ من هنا كانت مقولة جهينة عن ( سيدة البيت ٠٠ ) أو أُم البيت ، فهي سيدة دؤوبة لايتوقف نشاطها ولا رعايتها تفاصيل حياة اسرتها ويكون عملها هو (الغرى) تشتد به الاسرة وتتماسك وتعتز ومن هنا ايضا نعود الى مشكلة ثقافة من يكتب عنها ومن يقرا له ٠٠والموصل مدينة حدودها لا بل حوافها مزارع وخضرة وزهور مختلفة وعلى مدى السنوات من عمر المدينة وغزاتها المتكررين فقد ابتنى الناس حولها كثيرا من سهولها الطيبة وتحولت في احيان كثيرة
من نوع زرع الى نوع اخر فالارض خصبة ويتوفر فيها العطاء حتى قبل ان يدخل الجهدالبشري الهادف
ولانها مدينة تعيش بين حدائق الزهور وسنابل القمح واشجار الفستق والتوت والرمان فقد كانت حتى حوافها غنية بعديد انواع زرع من اشجار زيتون ومزارع سمسم وبذور طيبة العطاء ٠٠ وصار على ساكنيها مهابة العمل الجاد وتضامن الساكنين اوقات الغزو المتلاحقة وبعض الغزاة لم يكفوا عن تكرار غزواتهم واستمر الطمع في خيراتها وتصنيع تلك الخيرات ٠٠ وقد كان من السهل علينا ونحن صغار ان نتناول وجباتنا بما يتوفر ومنها : الطحينيي (الراشي بلهجة أهل بغداد ) والحلو (وللتقريب هو دبس العنب )وهي اطيب وجبة فطور اوعشاء يوفرها البيت من ذلك الخزين الذي حقق الصبر على مقاومة الغزاة وايضا في بناء اجساد قوية قادرة على مقاومة الظرف الآني ٠٠ بسيطة وسريعة اضافة الى انها تجمع بين زيت لبناء الجسم وسكرا من ما توفره شجيرات العنب ٠٠وخيرها كثير ومتنوع وشمسها وفيرة كما امطارها ٠٠ وفر هذا الاصرار على المقاومة عنادا لاينتهي بسهولة٠٠اضافة الى ان المدينة كثيرة الدروب المتواصلة ( العوجات ) تكثر الالتفافات وتلتقي باسوار بيوت حجرية وصلبة وتلك احد اهم سماتها التحضرية واذكر جيدا كيف كانت جهينة تتفحص الزيت ورقته ولونه بل ورائحته ٠٠
وللمراة دورها ومزاجها ليس في اختيار الوجبات وتصنيعها فقط ، انما في رغباتها والجارات في التباري على تقديم الافضل والمختلف اختيار اماكن التسيار هل الى (تل الذهب) او (اغض الشقيق) والغين هنا بديل. الراء وحسب قدرة الوصول السريع ٠٠ مع تعب البيت هناك الاستعداد للراحة عصرا محملات بانواع الجرزات والابتكارات المضافه لكل واحدة منهن لما يرثنه عن الامهات عموما ٠٠
مدينة يكثر فيها الانبياء الى درجة كنا ونحن صغار نكتشف بين مدة واخرى ان لدينا جامع النبي علينا الصلاة في ذلك الجامع اضافة الى النبي جرجيس والكنيسة الكبيرة التي كان يوقظني ناقوسها الكبير ودقاتها المتلاحقة وهي تتصدر شار ع الفاروق بساعتها الكبيرة ، والتي كما اذكر انها كانت هدية من احدى اميرات أُوربيات ٠٠ وتشابه بشكل وباخر ساعة البريد التي تصدرت مفرق شوارع تجارية كبيرة في قلب المدينة ٠٠
ونحن صغارا ، كنا لانعرف شيئا تفريقيا بين هذا وذاك ، وحين اقفل جدي مجلسه في اعلى غرفة في البيت واجملها فهمت انا السبب كي يقوم العم المولع بالرسم وتكاثرت كتبه والمجلات الاجنبية التي اشترك فيها وكانت الجدة جهينة تضع فيها اثنين من الاعواد التي حاولت اكثر من مره تعلم العزف عليها ، واجمل لحظات العمر حين يكون سحور رمضان في ذلك السطح ، والنسيم يهف وكانك على قمة جبل لا سقف بيت ٠٠ ونرى من عليه عديد اضاءات لمنائر تجمل المشهد الافقي للموصل ، وكانها نجوم ارضية مضافة الى المشهد الفلكي الواسع الذي يبدو وكأنه يملك كل الالوان ويشكلها ٠٠


مناف ياسين
٢٧تشرين اول ٢٠٢١

الأربعاء، 27 أكتوبر 2021

جذاذة البحث وأهميتها في جمع مادة رسالة الماجستير أو اطروحة الدكتوراه


جذاذة البحث وأهميتها في جمع مادة رسالة الماجستير أو اطروحة الدكتوراه

ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل
وسألتني احدى الاخوات عن ما اقصده ب (الجذاذة وجمعها جذاذات ) ، واقول متعجلا انها (البطاقات ) ، أو (الكارتات) التي من خلالها نجمع مادة البحث من (المصادر ) و(المراجع ) .. فالباحث ما أن يسجل موضوعه رسميا ويعين له (مشرف) الا ويتوكل على الله ، ويبدأ بالبحث عن مصادر ومراجع موضوعه ولكن كيف يجمع المعلومات وهناك اكثر من وسيلة ؛ ففي بعض الجامعات او لنقل في بعض الدول ، هناك من يجمع مادة موضوعه فيما يسمى (الدوسيه) أو (الملف) أو (الفايل) ، والدوسيه هذا ، مقسم حسب فصول الرسالة أو الاطروحة الا اننا في العراق وانا ارى انها الاسهل هي ان نجمع المادة في (جذاذات) معدة وهي ( الكارتات) ، وتتضمن معلومات عن الكتاب ، وهذه الكارتات تطبع في المطبعة ، وبمبلغ بسيط وارى ان نطبع 1000 نسخة ، وهناك من يطبعها بشكل ألوان ، لكل فصل لون خاص ، وهذه سهلة الاستخدام حين نبدأ بالكتابة (نفرشها ) امامنا وننظر الى معلوماتها ونبدأ بالاستفادة من المعلومات عند الكتابة كتابة الرسالة او الاطروحة او حتى البحث العادي .
انا ارى انه بعد الانتهاء من الجمع بواسطة الجذاذات نبدأ بالقراءة الدقيقة لمحتوياتها حتى نتذكرها ونربط بين ما ورد فيها وانا دائما اقول نحن نبدأ بتفكيك المادة ثم نعيد تركيبها وبنائها من جديد وفق فكرة رسالتنا او اطروحتنا وهذه مرحلة مهمة وخطوة مهمة بعد خطوة اختيار الموضوع والقراءة حوله .وارجو ان لايكون الوقت مفتوحا مثلا نخصص للجمع اربعة شهور او خمسة .
فقط اريد ان اقول ان المصدر Source ونعني الكتاب الذي له علاقة بالحدث مباشرة ففي التاريخ الاسلامي مثلا الطبري مصدر وفي التاريخ الحديث مثلا الحسني في تاريخ الوزارات العراقية مصدر اما المرجع Reference فهو الكتاب الثانوي غير المعاصر للحدث مثلا في التاريخ الاسلامي كتاب حسن ابراهيم حسن ،تاريخ الاسلام وفي التاريخ الحديث مثلا كتاب تاريخ العراق المعاصر لجعفر عباس حميدي .
يقينا الباحث يجمع لرسالة او لاطروحة ما يكفي من المادة لثلاثة رسائل او لثلاثة اطروحات وهذا شيء جيد يفيده في دراساته المستقبلية كما كنت انا شخصيا افعل لكن ليس من الحكمة ان نضع في رسالتنا او اطروحتنا كل ما جمعناه لابد من الاختيار والدقة وعدم الاسهاب في العبارة او ذكر معلومات من قبيل الحشو فهذا ما يُضعف العمل . عباراتك يجب ان تكون رشيقة ومعبرة ودقيقة وعلمية عند الكتابة والاحالة في الهامش الى التفاصيل .عليك ان تضع فكرة وتدور حولها ، وعبارتك لابد ان تكون موجزة ، ودقيقة وأول ما تبدأ العبارة ، قل ما تريد ، وبدون مقدمات ، وبعدها فسر قولك .اتمنى لكم النجاح والتوفيق


 

الدكتور نشوان ابراهيم العلاف أمام تمثال الشاعر السياب العظيم في البصرة


 عراق ليس سوى عراق .............وعاش السياب العظيم

(صوت تفجّر في قرارة نفسي الثكلى : عراق .. كالمدّ يصعد ، كالسحابة ، كالدموع إلى العيون .. الريح تصرخ بي عراق .. و الموج يعول بي عراق ، عراق ، ليس سوى عراق) ............وصدق الشاعر السياب العظيم والخالد .
*صورة ولدي حبيبي الدكتور نشوان ابراهيم العلاف أمام تمثال السياب في البصرة التقطت سنة 2018 حين كان يحضر مؤتمرا طبيا هناك

ما مر عام ليس في العراق جوع...................وصباحكم عافية وحب


 

ومن أن كنا صغارا، كانت السماء*** تُغيم في الشتاء***ويهطل المطر ***وكل عام – حين يعشب الثرى- نجوع ***ما مر عام ليس في العراق جوع***مطر…***مطر…
رحم الله الشاعر السياب العظيم ..............وصباحكم خير وعافية وحب
*لقطة بعدسة الاخ الدكتور حسين مايع الكعبي

الثلاثاء، 26 أكتوبر 2021

تاريخ محلة شهر سوق(جهار سوق) في الموصل القديمة








تاريخ محلة شهر سوق(جهار سوق) في الموصل القديمة 

ا.د.ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس -جامعة الموصل
وقواتنا الباسلة وجيشنا العظيم وهو يحرر محلة شهر سوق ( اواخر حزيران 2017 )  ويعيدها الى حضن العراق العظيم كانت يدي على قلبي وانا اشاهد أنقاض جامع عمر الاسود و استعيد ذكرياتي في هذه المحلة العريقة وجاء منشور الاخ الاستاذ الدكتور احمد الحسو وهو ابن شهر سوق  وكذلك ما كتبه شقيقه الاستاذ سالم الحسو عن ذكرياته في محلة شهر  سوق ليدفعني إلى التعليق على منشوره  وكتابة شيء عن محلة شهر سوق او محلة جهار سوق  اي محلة الاسواق  الاربعة (جهار بالفارسية والكردية اربعة )  ..تلك فرصة عظيمة لاستعادة ذكرياتي مع هذه المحلة العريقة من محلات وأحياء الموصل .
شهر سوق او جهار سوق حي الأسواق الأربعة حي عريق ومحلة عريقة من محلات الموصل كان لجدي فيها أربعة دور يؤجرها قرب كنيسة مار حوديني انا ولدت في محلة رأس الكور (الكوازين ) لكن ظروفا مالية أجبرت والدي ( رحمه الله ) أن ننتقل إلى أحد دور جدي في شهر سوق سنة 1959 ..  كان من يؤجر تلك الدور خليل شكورة ووالد الطيار نذير بشير حسن  ووالده كان عسكريا ولديه محل للكهربائيات في مدخل شارع النجفي الجنوبي والبيت الثالث كان يسكن فيه ابو الصديق  امجد ويعمل في البلدية لااذكر اسمه  الان للاسف .
شهر سوق حيث بيوت ال طرية  وال هبرايا وال عبد الرزاق  وال شكورة وال طه المجيد  وال علي بك  وخاصة نوري علي بك  وعزيز علي بك وابراهيم علي بك وال دلال باشي وبيت الشهيد اسماعيل الحجار وبيت اللواء الركن الحاج محمود شيت خطاب وبيت السياسي والشاعر والصحفي الاستاذ غربي الحاج احمد  وبيت ال الجوادي ومنهم ابراهيم الجوادي النجار الذي برع في صناعة آلة العود في محله بمنطقة الساعة (محلة الاوس ) وبيت الشيخ عبد الله الحسو ومن اولاده الزميل الكبير الاستاذ الدكتور احمد .مرة شاهدته يخطب في جامع عمر الاسود عوضا عن والده وكان مريضا .بيوت ال الجليلي وحديقتهم الجميلة بيت الحلاق والمؤذن صديق -المدرسة العراقية للبنات وبيت حنون  ومنهم الاستاذ نذير حنون وبيت ابراهيم  الحلاوجي الذي كان كل موسم يعمل حلاوة الخضر و بيت حموكة و بيت الطحان ومنهم الدكتور المحامي عبد الرحمن عبد الرزاق الطحان وبيت قبع ومنهم  رمزي عبد الرحمن قبع والمرحوم عبد الرزاق كان معلما والمرحوم صبحي مدير الانواء الجويةزبيت حموكة وبيت دلال باشي وبيوت كريمة اخرى .
عن ماذا اتحدث لدي الكثير الكثير من الذكريات اتحدث عن صديقي المرحوم محمد يونس الخياط اتحدث عن صديقي عادل يحيى دلال باشي اتحدث عن صديقي الشاعر امجد محمد سعيد اتحدث عن صديقي اللواء الركن غائب احمد الغائب اتحدث عن صديقي العقيد الركن يونس حديد اتحدث عن صديقي المربي الملا كريم اتحدث عن صديقي الشهيد حازم نوري العلي بك اتحدث عن صديقي قيس ال علي بك اتحدث عن المقاهي والدكاكين اتحدث عن منطقة محصورة بين محلة الأوس -الساعة ومحلة باب العراق والباب الجديد هي الموصل القديمة العريقة بأهلها وبدورها ومساجدها وكنائسها ودكاكينها و(جوماتها ) اي محلات الغزل والنسيج
من معالمها  جامع عمر الاسود الذي كتب عنه استاذنا وشيخنا الاستاذ سعيد الديوه جي فقال إن جامع عمر الاسود اسمه كذلك جامع شهر سوق وسمي بجامع عمر الاسود لان بانيه هو عمر الاسود شقيق الحاج منصور التاجر الذي بنى جامع المنصورية او جامع الشيخ محمد ...كنت أصلي في الجامعين وفي جامع المنصورية كنا يخطب فيه الاستاذ اسماعيل الكتبي رحمة الله عليه وكانت خطيبا مفوها وله مكتبة في شارع النجفي .قرب جامع عمر الأسود كانت ثمة مصبغة تسمى مصبغة شهر سوق ويقابل المصبغة مسجد الملا عبد الحميد المعروف بمسجد الصوفية بينهما شارع لايزيد عرضه على المترين وبعدها وسع الشارع ليكون امتدادا لشارع الفاروق ويقال ان عمارة جامع عمر الاسود استغرقت ثلاث سنوات من سنة 1091-1093 هجرية ومكتوب في الجدار الشرقي من مصلى الجامع :
بنى عمر من طيب ماله *** مساجد نال الخير فيها مع الظفر
وفي الجامع منارة مبنية من الآجر وهي مزينة بقطع من الآجر المزلج وقد سقط معظمه ولم يبق منه إلا القليل وقبل سنوات سقط القسم الأعلى من المنارة ووضع محله مشبك من الحديد وفي المصلى ثلاثة محاريب والمحراب الكبير تحت القبة وللمصلى ثلاثة أبواب وفي الاروقة محرابان من المرمر وفي سنة 1239 هجرية أوقفت له (خيري وهي أخت عمر الاسود ) أملاكا وعينت له متوليا وكانت إلى جانب الجامع مقهى عامرة يرتادها أهل المحلة .
في محلة شهر سوق هناك أيضا مسجد الاحبيطي وال الحبيطي أسرة علمية موصلية معروفة منهم الملا حسن الاحبيطي (الحبيطي ) والجامع عرف بإسمه وكان في هذا المسجد مكتبة عامرة أدركتها .
كما ان في محلة شهر سوق مدرسة دينية عريقة هي ( مدرسة ال زكريا ) الدينية التي تحولت الى جامع ...ومدرسة ال زكريا هي مدرسة الحاج زكريا التاجر  الجد الخامس  لصديقنا الاستاذ معن عبد القادر ال زكريا ولازلت اتذكر انه كان  يسكن فيها في الستينات رجل من اليمن لديه مكتبة كبيرة فيها وكم اقتنيت منه كتبا دينية في حينه .
كما قلت كان  في شهر سوق بيوت ال الجليلي وال عبيد اغا ..كان من الجليليين من يسكن  في شهر سوق والقسم الاخر في محلة الامام عون الدين واذكر بيت المحامي الأستاذ زياد الجليلي في شهر سوق ومجلسه الثقافي والاجتماعي  العامر .
يقينا ان التداخل كان قائما بين محلات شهر سوق وباب العراق وبالي الجديد وبالب البيض التحتاني وامام عون الدين .كانت ثمة حمام قرة علي وحمام عبيد اغا ودكان يحيى بن شيخة عزيزة وجايخانة صفو وشربت وطرشي صفو (مصطفى الفركاحي ابو بشار ) ومكتبة راقي عبد الله ودكاكين كهربائيات للمرحوم خليل شكورة والحلاق صبري والمختار عاصم وجايخانة علي الخجو وصالون الحلاق المرحوم نايف وبيت الزرقي والمدرسة العراقية للبنات وثانوية كلية الموصل الأهلية 1944.تأسست المدرسة العراقية للبنات سنة 1918 في بناية تعود للاسرة الجليلية التي حكمت الموصل بين 1726-1834 وقد ادركنا مديرتها الرائعة المرحومة الست مثيلة الحاج مجيد الدباغ التي تولت إدارتها قرابة 30 سنة ويذكر الدكتور علي نجم عيسى في كتابه (مدارس الموصل ) ان من مديراتها كواكب جليميران وهنية مصطفى امين ووسناء الجليلي وزكية الدباغ وعالية عبدالرحمن ال قبع ومن طالباتها المتميزة شاعرة الموصل الاستاذة الدكتورة بشرى البستاني .
ولاننسى شخصية حتوت الحمال وحماره حيث كان يذهب بالحنطة لطحنها والاطفال يعاكسونه  وكان المختار السيد بشير المختار ومن ثم الحلاق عاصم ابو حسام تلميذنا في كلية الاداب وتوفي وهو يعد رسالته للماجستير .
كان هناك معمل للنجارة يعود للنجار احمد ودكاكين للعلافة ووكالة لحلج الأقطان في الخمسينات من القرن الماضي لوالدي خليل العلاف قريبة من ثانوية كلية الموصل الاهلية التي اسسها الاباء الدومنيكان سنة 1944 قرب محلة الأوس التي كانت تسمى في العهد الثماني بمحلة الجولاق وتسمى اليوم محلة الساعة نسبة الى برج ساعة كنيسة اللاتين و أول مدير لهذه الثانوية كان الأستاذ نجيب آدمو ومعاونه حنا موريس فييه الفرنسي الجنسية وقد كتب عنها الاخ الاستاذ الدكتور ذنون الطائي .
كان التوجه القومي العربي هو السائد في محلة شهر سوق وكثير من رموزها كانوا يحملون هذا التوجه واستطيع ان اورد أسماء عدد كبير من رموز هذه المحلة ممن كانوا من العرب القوميين .وختاما اقول ان الشيخ محمد عبد الله الحسو خلدها بقصيدة رائعة جدا نشرتها قبل سنين(2009 ) في مدونتي مدونة الدكتور ابراهيم العلاف وعنوانها ( الحنين الى شهر سوق ) يقول فيها :
يا دارنا في شَهر سوق تكلمني
يا مهجتي هلاّ عرفت فتاكِ؟
هل تذكرين ملاعبي؟
هل تذكرين طفولتي وملاعبي؟
هل تذكرين مساربي بحِماكِ؟
أيام ألهو في الحمى بطفولتي
والقلب نشوانُّ بنفحِ شَذاكِ
والغيدُ تمرحُ في الدروبِ طَلِيقةً
من كل ساحرةٍ كطيفِ مَلاكِ
هل كان يعلم طفلنا أقداره
ومصيره من بَعدِ عيش زاكِ
يا دارنا.. لو تعلمين ببعض ما
كتب الزمانُ له مِن الأشواكِ
لوهبتِهِ دَفقَ الحَنان تلطفاً
ولكانَ ما قد مَسَّه
أبكاكِ
عبرتْ به غِيَرُ الزمان عصوفةً
فإذا به يبكي على ذكراكِ
وإذا ذكرتك في الخيال تصدعت
كبد تنزى لوعة بهواك
لم يبقَ لي إلاّ صداك مُرجَّعا
برحاب قلبٍ عَالقٍ برؤاكِ
أهفو إلى حُلوُ التراب بدارنا
في السطح..
في الغرفات..
في الشباك..
أين الزهور تفتحت بذُراك؟
يا زهرة نبتت على درب الهوى
وتناثرت
في غمرة الأشواك
يا دارنا في شَهر سوقْ
تحدثي..
يا حلوتي
هل تذكرين فتاكِ؟
أمسى ضباباً فوقَ بحرٍ صَاخب
أو كالسحابِ بذروةِ الأفلاكِ
يا دهرُ..
يا أفلاكُ
أين طفولتي؟
صَمَتَ الزمانُ
وذاب صوتُ الشاكي


 

صلاة الجمعة في جامع قبع - الزهور -الموصل

                                                                    الشيخ نافع عبد الله أبا معاذ   صلاة الجمعة بسم الله الرحمن الرحيم :...