خلع السلطان مراد الخامس وتنصيب عبد الحميد الثاني سلطانا على الدولة العثمانية
ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل
في مثل هذا اليوم 31 من آب - اغسطس سنة 1876 ، تم خلع السلطان مراد الخامس ، وتنصيب السلطان عبد الحميد الثاني مكانه .السلطان مراد الخامس حكم من 30 ايار 1876 الى 31 آب سنة 1876 اي حكم ثلاثة اشهر وخلع بفتوى اصدرها شيخ الاسلام حسن خير الله افندي لاصابته بمرض عقلي ، وجاء اخوه السلطان عبد الحميد الثاني ليحكم (33) سنة ، ويخلع سنة 1909 بعد ثورة قادها حزب الاتحاد والترقي في 23 تموز 1908.
وقد وقفتُ عند هذا كله في كتابي (تاريخ الوطن العربي في العهد العثماني 1516-1916 ) وصدر عن جامعة الموصل سنة 1982 ، وهو مقرر في اقسام التاريخ بالجامعات العراقية وعدد من الجامعات العربية .
وتذكر المدونات التاريخية ان مراد الخامس ، كان رومانسيا ، وكان يجيد عدة لغات وكان مثقفا ثقافة عصرية ويقال انه اصيب بمرض عقلي لكنه شفي منه بعد ذلك وتوفي بعد اصابته بمرض السكر في 29 آب سنة 1904 ودفن في مقبرة (يني جامع) ، وله ثلاثة اولاد هم محمد صلاح الدين افندي ، وسليمان افندي ، وسيف الدين افندي .
ان مما اكدته في كتابي ان السلطان عبد الحميد الثاني كان محمولا على جناح حركة اصلاحية دستورية يقودها الشباب العثماني المثقف التواق للحكم الدستوري . كما ان هؤلاء الشباب اسسوا (جمعية تركيا الفتاة ) في العاشر من آب 1867 بجهود كل من ضياء باشا ونامق بك ونوري بك وعلي السعاوي ومصطفى فاضل وغيرهم وكانت لهم صحفهم وكان الغرب يدعمهم وكانوا يعتبرون انفسهم احرارا عثمانيين ، وكان مدحت باشا معهم وتعاونت معهم مشيخة الاسلام واجازت خلع السلطان وقد وجدوا في مرض السلطان مراد الفرصة واشترطوا على عبد الحميد ان يقر الدستور وان يعين مدحت باشا رئيسا للوزراء والدستور اقر الحريات وان العثمانيين متساوون امام القانون وتشكل البرلمان من هيئتين هما مجلس المبعوثان -النواب ومجلس الاعيان فوافق عبد الحميد على كل هذا .
اما السلطان عبد الحميد الثاني ، فكان ايضا مثقفا ثقافة عالية المستوى ، ويجيد العربية والفارسية فضلا عن لغته التركية وكان خطاطا ماهرا ، ويمارس النجارة وهو من اعلن دستور 1876 وهو من رفض استيطان اليهود فلسطين ورد طلب هرتزل زعيم الحركة الصهيونية العالمية . وقد علق العمل بالدستور وحل مجلس المبعوثان اي البرلمان العثماني بسبب الحرب مع روسيا كان من وزراءه مدحت باشا وخير الدين التونسي واحمد توفيق باشا ولديه ثمانية اولاد .
مما قلته في كتابي ايضا ان الاكثرية الساحقة من العثمانيين كانت بعيدة عن تيار التجديد والاصلاح ، ولم تمض الا بضعة اشهر على اعلان الدستور حتى غير السلطان عبد الحميد الثاني رأيه في الحياة الدستورية ، وبدأ يتجه نحو التفرد بالسلطة ، وحدث تصادم بينه وبين مدحت باشا ورفض السلطان التنازل عن ما اسماه حقوقه الدستورية التي ورثها عن اسلافه لأي مجلس ، واقال مدحت باشا في 5 شباط 1877 ونفاه الى الطائف بالحجاز وهناك مات سنة 1883 واجرى الانتخابات واجتمع البرلمان لكنه وجد في اعلان الحرب من روسيا على الدولة العثمانية في 24 نيسان 1877 فرصة مناسبة ، فحل البرلمان ، وعلق الدستور وقام بحملة ضد كل من احتج عليه وفرض قيودا على الصحافة وحكم 33 سنةالى ان قامت ضده ثورة 23 تموز 1908 الدستورية وخلعته سنة 1909 كما قلت آنفا .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق