وفاة المرشد الاعلى للطريقة البكتاشية في العراق السيد البير بابا حسن علي 1925-2021
ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل
علمتُ قبل قليل (مساء 21-8-2021) ، بوفاة المرشد الاعلى للطريقة البكتاشية في العراق المرحوم السيد البير بابا حسن علي في محل اقامته في تكية الطريقة البكتاشية في سهل نينوى . هو من قرية شيخ أمير من قرى شرق سهل نينوى من مواليد سنة 1926. توفي عن عمر ناهز ال ( 95 ) سنة . ولد في قرية شيخ أمير وعاش ودفن فيها . وقد عرف الرجل منذ سنوات طويلة بتبحره في ما يعرف بالمعارف والمناقب الدينية الباطنية ، وكرامات ال البيت عليهم السلام ورضي الله عنهم .
وكما هو معروف ؛ فان الطريقة البكتاشية تنطلق من الولاية لأمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام ورضي الله عنه وأرضاه .
وفي كتابي الموسوم ( تاريخ الوطن العربي في العهد العثماني 1516-1916) ، والذي صدر عن جامعة الموصل سنة 1982 مبحث عن الطريقة البكتاشية من خلال الحديث عن القوات الانكشارية العثمانية ، ومما قلته ان الطريقة البكتاشية طريقة صوفية باطنية شاعت منذ منتصف القرن الثالث عشر وكانت ثمة علاقة وثيقة بين الانكشارية والبكتاشية ؛ فالحاج بكتاش ولي الذي تنتسب اليه البكتاشية كان يسكن في قرية بالقرب من اماسيه التي تبعد عن انقرة (180) كيلومترا .وقد بارك الجيش الانكشارية . وكلمة الانكشارية بالاصل الينجرية ومعناها بالتركية الجيش الجديد ووضع الحاج بكتاش وله مقام في ضواحي الموصل وضع يده على رأس احدهم بحيث غطى رأسه بكمه مخاطبا السلطان اورخان وقال : " فليكن اسم الجند الذي انشأته حديثا يني جري ، واني ادعو للجيش الجديد ببياض الوجه ، وقوة الذراع ، ونفاذ السيوف ، وتسديد السهام ، وليكن طالعهم في الحرب ميمونا ، ونهاية قتالهم النصر " .
ومن الطريف ان قلانس الانكشارية البيضاء ، أصبحت شبيهة بقلنسوة الحاج بكتاش وكان لكل كتيبة عسكرية شيخ بكتاشي يسمى (بابا) وفي اواخر القرن 15 الميلادي اصبح الجيش الانكشاري القوة العسكرية الضاربة للدولة العثمانية .
وعندما نعود الى ما كتبه عنها عالم الاجتماع العراقي الكبير العلامة الدكتور علي الوردي نجد انه يؤكد بان الطريقة البكتاشية تمزج بين التصوف والتشيع وترى ان طريق الائمة من ال البيت هو من اسرع الطريق وصولا الى الله عزو جل ويقول أحمد سري البِكْتَاش (دده بابا) شيخ مشايخ الطريقة البكتاشية في مصر، في الصفحة (67) من كتابه (الرسالة الأحمدية في تاريخ الطريقة البكتاشية) : أن "الطريقة العلية البكتاشية هي طريقة أهل البيت الطاهر رضوان الله عليهم أجمعين" وان " جميع الصوفية على اختلاف طرقهم يقدسون النبي محمد صلى الله عليه وسلم وأهل بيته ويغالون في هذه المحبة " .
ويشير الدكتور راغب السرجاني في مقال له عن البكتاشية منشور في الموقع التالي ورابطه :https://islamstory.com
الى أن كل شيخ تكية ما عدا الشيخ الأعظم يقال له "بابا" ويقال للدرويش "مريد" وللملتحق "منسَّب". ولهم زي خاص يعرفون به ويتألف من عباءة بيضاء وقلنسوة "سكة" بيضاء ذات أطراف بعيدة مثلثة الشكل يبلغ عدد أطرافها اثني عشر طرفًا بعدد الأئمة الاثني عشر. ويلبس "البابا" حول القلنسوة عمامةً خضراء ويضع البكتاشية حول رقابهم حجابًا من الحجر. وهم زيادة على ذلك يضعون بجانبهم بلطة ذات حدين وعصا طويلة. والأعزاب فيهم يضعون في آذانهم أقراطًا.وقد قسم أرباب الطريقة البكتاشية المنتسبين إلى طريقهم على النحو التالي حسب درجاتهم:
1- العاشق: وهو الذي يحب الطريق ويعتنق مبادئها وتسيطر عليه الروح البكتاشية.
2- الطالب: وهو الذي يعلن رغبته في الانضمام ويرشحه الشيخ لذلك ليتقبل الإقرار، ويعطي العهد، وتقام له حفلة بذلك.
3- المحب: وهو الطالب الذي انتسب إلى هذه الطريقة بعد حفلة الإقرار والبيعة.
4- الدرويش: الذي يتبحر في آداب الطريقة وعلومها ويلم بأركانها ومبادئها. ويهب نفسه للخدمة العامة فيها.
5- البابا: وهي درجة المشيخة ولا يصل إليها الدرويش إلا بعد مدة طويلة حيث يكون قد عرف الرموز الصوفية وأحاط بها.
6- الددة: وهو الخليفة، ولا يمنح هذه المنزلة إلا شيخ المشايخ ويكون هذا رئيسًا لفرع من فروع الطريقة في مصر.
7- الددة بابا: شيخ المشايخ وينتخب من بين الخلفاء وهو المدير العام لشئون الطريقة في العالم وهو الذي يعين البابوات وله حق عزل المشايخ.
وللبكتاشية ( اوراد ) أسست على عقيدة الشيعة الإمامية الاثنى عشرية، فالورد البكتاشي يبدأ بذكر لله ثم للرسول ثم لعلي ثم لفاطمة ثم للحسن ثم للحسين ثم لعلي زين العابدين ثم الباقر، وهكذا إلى الإمام الثاني عشر . وتوجد جامعة في تركيا باسم جامعة الحاج بكتاش تصدر مجلة كانت تصلني عندما كنت مديرا لمركز الدراسات التركية - جامعة الموصل (الاقليمية حاليا) وعندما كتبت عن قرية تيسخراب في ناحية بعشيقة والرابط :
قلت ان فيها وعلى تلة مبنى ابيض لمقام هو مقام (الحاج بكتاش) كما ان فيها مقام للامام الرضا عليه السلام .
ومما اشار اليه الاستاذ الدكتور علي الوردي في الجزء الاول من كتابه (لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث) 1969 ان من يلتزم بالطريقة البكتاشية يعطي اهمية كبيرة للطبخ وتقديم الطعام وهناك الضابط المسؤول عن الطبخ في الجيش الانكشاري ويسمى الشوربجي اي صاحب الشوربة .وهناك اسر في بغداد والموصل تحمل لقب الشوربجي او الجوربجي ومن الطريف ان هناك عدد ممن كتب عن البكتاشية منهم جون بيرج John Birge في كتابه الموسوم ( النظام البكتاشي والدراويش وصدر سنة 1937
The Bektashi Order of Dervishes
وفيه اكد ان الامام علي بن ابي طالب عليه السلام هو النموذج الاعلى للانسان الذي يجسد الحقيقة الالهية وهم يؤمنون بغيبة الامام الثاني عشر ويترقبون ظهوره ومن ادعيتهم (ناد عليا مظهر العجائب) وهم يعترفون بالخلفاء الراشدين الثلاثة ويقدسونهم وهذا ماورد في كتاب (الرسالة الاحمدية) الذي اشرت اليه آنفا وقد اكد هذا وقال ان المريد البكتاشي يجب ان يكون من اهل السنة والجماعة ايضا .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق