البطريارك مار روفائيل الاول بيداويد ووجه الغزالي الصحيح
ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل
كراس موجود في مكتبتي الشخصية منذ سنة 1960 . وقد طبع في (مطبعة الاتحاد الجديدة) بالموصل وعنوانه : ( وجه الغزالي الصحيح ) تأليف الدكتور روفائيل بيداويد 1922-2003 دكتوراه في الفلسفة واللاهوت - مطران العمادية الاسبق كما ورد على غلاف الكراس .
والدكتور روفائيل بيداويد هو البطريرك مار روفائيل الاول بيداويد بطريارك بابل على الكلدان .. وقد كتبت عنه مقالة وقدمت عنه حلقة من برنامجي (موصليات ) وما كتبته وتحدثت عنه متوفر على شبكة المعلومات العالمية - الانترنت .
الكراس بالاصل محاضرة القاها في الموسم الثقافي ل(جمعية المعلمين ) في الموصل سنة 1955 وهي ايضا جزء من اطروحته للدكتوراه في روما . وقال وهو ينشر المحاضرة انها عن "مصلح عظيم هو ابو حامد محمد الغزالي ، آملا ان يجد له تلامذة غيارى في صفوف قادة شعبنا من سياسيين وعسكريين ومدنيين ليكونوا على مثال هذا المعلم الكبير أداة "احياء " لجمهوريتنا العراقية الحبيبة على اسس الديموقراطية الصحيحة " .
واهدى الكراس الى ابناء وطنه العزيز والى ابناء جمهورية 14 تموز الخالدة والى المناضلين من اجل الحق والعدل " .
قال البطريارك مار روفائيل الاول 1922-2003 ان الامام الغزالي وضع الأسس الثابتة للفلسفة الاسلامية الحقة . و(الفلسفة الاسلامية) ذات طابع خاص ، وشخصية مستقلة اخص خصائصها التوفيق والاختيار : في توف بين النقل والعقل ،وتواخي بين الدين والفلسفة والحقيقة النقلية والحقيقة العقلية اختان شقيقتان وان بدتا ظاهرا انهما منفصلتان ومتباعدتان .. وفي هذا تفلسف الدين وتدين الفلسفة .
واكد البطريارك مار روفائيل الاول ان العقيدة التي تحدث عنها الامام ابي حامد الغزالي المتوفى سنة 550 هجرية - 1111 ميلادية ، ليست الا ضربا من المعرفة ، وان ما قدمه من افكار ليست الا استمرارا للفكر الانساني .
والغزالي كان يؤكد على العقل . ولم يكن صوفيا وحسب وان الشعور الديني له اصوله في الطبيعة الانسانية ، والدين لم يكن غريبا او بعيدا عن الحياة العادية الحافلة بأفعالنا ووجدانياتنا كما يصوره بعض الناس بل هو جزء لايتجزأ من صلب وجودنا .
وكما قال البطريارك مار روفائيل الاول (الدكتور روفائيل بيداويد ) ؛ فإن الغزالي قال "ان لاطريقا الى السعادة إلا بالعلم والعمل " . والعلوم الصرف على مختلف انواعها مفيدة ، وضرورية لإسعاد الانسان لكنها غير كافية بل وتكون ناقصة اذا لم تكملها وتكللها العلوم الدينية .
ويشير البطريارك مار روفائيل الاول الى مؤلفات الغزالي ويعتمدها ومنها كتابه ( جواهر القرآن ) ، وكتابه الاخر ( ميزان العمل ) ، وكتابه (المنقذ من الضلال ) .
وقد خاض الغزالي دروب الفلسفة ومسالكها ؛ ففي كتابه ( تهافت الفلاسفة ) اعلن حربا لاهوادة فيها على فلسفة ابن سينا المشائية ( سميت بالمشائية لان ارسطو كان يلقي دروسه وهو يتمشى فلقب هو واتباعه بالمشائين ) مظهرا ما اشتملت عليه من ضعف وتنافض .
كما انه ندد بمغالطات الكلاميين في أقيستهم ، وعدها اسرافا عقليا لاغنى فيه يكدر صفاء العاطفة الدينية ، وصدق إنبعاثها ، ولايتفق مع بساطة الفكر الديني .
ولم يجحد الغزالي ما للفلسفة من فضل في تثقيف الناس خصوصا في الرياضيات وقد اشتغل الامام الغزالي نفسه بالعلوم .. وكان استاذا قديرا ، وكاتبا مجيدا .فمن صوامع دمشق ، وبيت المقدس القى نظرة فاحصة ناقدة للتيارات الغالبة على الروح الدينية الاسلامية التي جهد كثيرا للتحرر منها ظاهرا وباطنا بعزلته واعتكافه فإشتغل بالعزلة والخلوة ، والرياضة والمجاهدة إستعدادا للقيام بمهمته .
وبينما كان ( الغرب) يتأهب لمهاجمة ( الاسلام) كان الامام الغزالي يتهيأ لإن يكون مناضلا روحيا عن الاسلام .. وكان من نتائج تحرره من هذه الاتجاهات والتيارات التي ادرك شدة ما تجلبه من ضرر ومفسدة للمثل العليا الدينية في الحياة العلمية والعملية ، أن اخرج للناس كتبا محكمة ورصينة خالف فيها اسلوب الفقهاء المزهوين بعلمهم وعرض فيها منهجا منسقا متماسكا رأى وجوب الاخذ به لاعادة بناء العلوم الاسلامية واخص هذه الكتب هو ولاريب يقول البطريارك روفائيل الاول بيداويد كتاب ( إحياء علوم الدين ) .
وكما هو معروف ؛ فإن الغزالي وجه هجماته الشديدة القاسية الى بض اهل الفقه واخذ يستنكر ما يفعله الفقهاء من مزج أمور الدين بالمجادلات ، وقال انها تفسد الروح الدينية واكد نقطة غاية في الاهمية وهي وجوب تنمية الشعور الديني في النفس كتجربة ذاتية قلبية بين المرء ونفسه وترك المنازعات التافهة في الخلافات التعبدية بين المذاهب ووجد ان لب الحياة الدينية وجوهرها هو ان يسمو الانسان بنفسه الى حالة التأمل والشعور بالتوكل على ان تكون محبة الله هي الباعث الرئيسي لكل ما يصدر عنه من فعل .
وبهذه المبادئ السامية ، خلص الغزالي ( الصوفية) من عزلتها وانقذها من انفصالها عن ( الديانة) وجعل منها عنصرا عاديا مألوفا في الحياة الدينية في الاسلام ، ورغب في الاستعانة بالآراء والتعاليم المتعلقة بالتصوف لكي ينفث في المظاهر الدينية الرسمية الجامدة قوة روحية .
ومن الطريف ان الامام الغزالي ، لم يعتبر عمله هذا تجديدا في الاسلام ، بل إعادة السنن القديمة الى حالها الاول .. ومما اكده ان الجو الديني الذي احاط بعصر الصحابة رضوان الله عليهم ، لم يرتكز على " الحكم الجدلية " أو " الدقائق الفقهية " . وهكذا اراد الغزالي ان يخلص الامة الاسلامية من ضرر الزخارف الكمالية ، والزيادات الثانوية المفسدة للروح الدينية ، وان يُبقي التأثير الاخلاقي التهذيبي للشريعة ، التي تعامى الناس عن مقاصدها ، وغاياتها الحقيقية .
وهنا عرض الامام الغزالي نفسه لعداوة السلطة ومن التف حولها من الفاسدين الذين هاجموا الغزالي : المفكر الحر ، المتجدد فأوقدوا النار في الاندلس مثلا لإحراق كتابه ( إحياء علوم الدين ) .لكن مع هذا وبمرور الزمن صار اسم الامام الغزالي شعارا لتوحيد الصفوف في سبيل مكافحة الميول المعادية للاجماع كما اصبحت مؤلفاته وجهوده الفكرية بعض احجار الزاوية العظيمة الاهمية في التاريخ التهذيبي والاخلاقي والاصلاح للاسلام .
وكما كان اسم الامام الغزالي شعارا لتوحيد الصفوف في الماضي أصبح إسم البطريارك مار روفائيل الاول بيداويد ، شعارا وعنوانا للمحبة والتسامح والاعتدال وتلاحم المصير بين المسلمين والمسيحيين وكل بني البشر .
واكد البطريارك مار روفائيل الاول ان العقيدة التي تحدث عنها الامام ابي حامد الغزالي المتوفى سنة 550 هجرية - 1111 ميلادية ، ليست الا ضربا من المعرفة ، وان ما قدمه من افكار ليست الا استمرارا للفكر الانساني .
والغزالي كان يؤكد على العقل . ولم يكن صوفيا وحسب وان الشعور الديني له اصوله في الطبيعة الانسانية ، والدين لم يكن غريبا او بعيدا عن الحياة العادية الحافلة بأفعالنا ووجدانياتنا كما يصوره بعض الناس بل هو جزء لايتجزأ من صلب وجودنا .
وكما قال البطريارك مار روفائيل الاول (الدكتور روفائيل بيداويد ) ؛ فإن الغزالي قال "ان لاطريقا الى السعادة إلا بالعلم والعمل " . والعلوم الصرف على مختلف انواعها مفيدة ، وضرورية لإسعاد الانسان لكنها غير كافية بل وتكون ناقصة اذا لم تكملها وتكللها العلوم الدينية .
ويشير البطريارك مار روفائيل الاول الى مؤلفات الغزالي ويعتمدها ومنها كتابه ( جواهر القرآن ) ، وكتابه الاخر ( ميزان العمل ) ، وكتابه (المنقذ من الضلال ) .
وقد خاض الغزالي دروب الفلسفة ومسالكها ؛ ففي كتابه ( تهافت الفلاسفة ) اعلن حربا لاهوادة فيها على فلسفة ابن سينا المشائية ( سميت بالمشائية لان ارسطو كان يلقي دروسه وهو يتمشى فلقب هو واتباعه بالمشائين ) مظهرا ما اشتملت عليه من ضعف وتنافض .
كما انه ندد بمغالطات الكلاميين في أقيستهم ، وعدها اسرافا عقليا لاغنى فيه يكدر صفاء العاطفة الدينية ، وصدق إنبعاثها ، ولايتفق مع بساطة الفكر الديني .
ولم يجحد الغزالي ما للفلسفة من فضل في تثقيف الناس خصوصا في الرياضيات وقد اشتغل الامام الغزالي نفسه بالعلوم .. وكان استاذا قديرا ، وكاتبا مجيدا .فمن صوامع دمشق ، وبيت المقدس القى نظرة فاحصة ناقدة للتيارات الغالبة على الروح الدينية الاسلامية التي جهد كثيرا للتحرر منها ظاهرا وباطنا بعزلته واعتكافه فإشتغل بالعزلة والخلوة ، والرياضة والمجاهدة إستعدادا للقيام بمهمته .
وبينما كان ( الغرب) يتأهب لمهاجمة ( الاسلام) كان الامام الغزالي يتهيأ لإن يكون مناضلا روحيا عن الاسلام .. وكان من نتائج تحرره من هذه الاتجاهات والتيارات التي ادرك شدة ما تجلبه من ضرر ومفسدة للمثل العليا الدينية في الحياة العلمية والعملية ، أن اخرج للناس كتبا محكمة ورصينة خالف فيها اسلوب الفقهاء المزهوين بعلمهم وعرض فيها منهجا منسقا متماسكا رأى وجوب الاخذ به لاعادة بناء العلوم الاسلامية واخص هذه الكتب هو ولاريب يقول البطريارك روفائيل الاول بيداويد كتاب ( إحياء علوم الدين ) .
وكما هو معروف ؛ فإن الغزالي وجه هجماته الشديدة القاسية الى بض اهل الفقه واخذ يستنكر ما يفعله الفقهاء من مزج أمور الدين بالمجادلات ، وقال انها تفسد الروح الدينية واكد نقطة غاية في الاهمية وهي وجوب تنمية الشعور الديني في النفس كتجربة ذاتية قلبية بين المرء ونفسه وترك المنازعات التافهة في الخلافات التعبدية بين المذاهب ووجد ان لب الحياة الدينية وجوهرها هو ان يسمو الانسان بنفسه الى حالة التأمل والشعور بالتوكل على ان تكون محبة الله هي الباعث الرئيسي لكل ما يصدر عنه من فعل .
وبهذه المبادئ السامية ، خلص الغزالي ( الصوفية) من عزلتها وانقذها من انفصالها عن ( الديانة) وجعل منها عنصرا عاديا مألوفا في الحياة الدينية في الاسلام ، ورغب في الاستعانة بالآراء والتعاليم المتعلقة بالتصوف لكي ينفث في المظاهر الدينية الرسمية الجامدة قوة روحية .
ومن الطريف ان الامام الغزالي ، لم يعتبر عمله هذا تجديدا في الاسلام ، بل إعادة السنن القديمة الى حالها الاول .. ومما اكده ان الجو الديني الذي احاط بعصر الصحابة رضوان الله عليهم ، لم يرتكز على " الحكم الجدلية " أو " الدقائق الفقهية " . وهكذا اراد الغزالي ان يخلص الامة الاسلامية من ضرر الزخارف الكمالية ، والزيادات الثانوية المفسدة للروح الدينية ، وان يُبقي التأثير الاخلاقي التهذيبي للشريعة ، التي تعامى الناس عن مقاصدها ، وغاياتها الحقيقية .
وهنا عرض الامام الغزالي نفسه لعداوة السلطة ومن التف حولها من الفاسدين الذين هاجموا الغزالي : المفكر الحر ، المتجدد فأوقدوا النار في الاندلس مثلا لإحراق كتابه ( إحياء علوم الدين ) .لكن مع هذا وبمرور الزمن صار اسم الامام الغزالي شعارا لتوحيد الصفوف في سبيل مكافحة الميول المعادية للاجماع كما اصبحت مؤلفاته وجهوده الفكرية بعض احجار الزاوية العظيمة الاهمية في التاريخ التهذيبي والاخلاقي والاصلاح للاسلام .
وكما كان اسم الامام الغزالي شعارا لتوحيد الصفوف في الماضي أصبح إسم البطريارك مار روفائيل الاول بيداويد ، شعارا وعنوانا للمحبة والتسامح والاعتدال وتلاحم المصير بين المسلمين والمسيحيين وكل بني البشر .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق