عبد الباري عبد العزيز الطالب
مع الرئيس العراقي المشير الركن عبد السلام محمد عارف 1963-1966
عبد الباري الطالب 1930-2016 عندما كان شابا
عبد الباري الطالب 1930-2016 أحد ابرز قادة الحركة العربية القومية في الموصل
ا.د.ابراهيم خليل العلاف
أُستاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل
وأنا أتهاتف مع أخي السيد الاستاذ ياسين الحسيني - وهو الان في تركيا - سألني عن رفيق حياته وصديقه الاستاذ عبد الباري الطالب ، فقلت له انه قد توفي - رحمة الله عليه - قبل أربع سنوات وبالتحديد يوم 8 آذار - مارس سنة 2016 كما توفيت زوجته الحاجة مكية العاني أم عمار في 22 تشرين الثاني سنة 2019 وقد اتصلت بولده الاخ الاستاذ ابراهيم عبد الباري الطالب ونقلت اليه تحيات الاخ الاستاذ ياسين الحسيني فقال ان والده كثيرا ما كان يذكره ويذكر الايام الجميلة التي قضياها سوية عندما كانوا لاجئين في سوريا عقب فشل ثورة الشواف في الموصل في 8 اذار 1959 .
والاستاذ عبد الباري الطالب شخصية موصلية عامة قل نظيرها ؛ فالرجل كان عروبيا قوميا ناصريا له مكانته ودوره في تاريخ العمل السياسي في العراق ,
ومن حسن الحظ ان استاذي الاستاذ الدكتور عمر محمد الطالب ، وهو من ابناء عمومة الاستاذ عبد الباري ومن ال الطالب الكرام كتب عنه في (موسوعة اعلام الموصل في القرن العشرين ) والتي تشرفتُ بأنني كنت خبيرا لها ، وصدرت عن مركز دراسات الموصل سنة 2008 ، وكان لي فضل رفعها الى شبكة المعلومات العالمية -الانترنت وضمن (موقع عمر الطالب) الذي يديره أخي وصديقي الاستاذ توفيق حسين .
والاستاذ عبد الباري عبد العزيز الطالب من مواليد مدينة الموصل سنة 1930 ( أو1929) تلقى دراسته الابتدائية والمتوسطة والثانوية فيها وأرسلته وزارة المعارف (التربية ) في واحدة من بعثاتها العلمية الى (الجامعة الاميركية ) في بيروت ودخل قسم الاقتصاد ونال شهادة البكالوريوس في الاقتصاد سنة 1952 .
عين مدرسا للاقتصاد وللغة الانكليزية في عدد من المدارس المتوسطة والثانوية . ونظرا لكفاءته العلمية والادارية أُختير ليكون مديرا للمتوسطة المركزية في الموصل سنة 1958 ، وهي من افضل واقدم المدارس المتوسطة في الموصل وأنا أحد خريجيها .
كان توجه الاستاذ عبد الباري الطالب توجها قوميا عروبيا ، وشارك في حركة العقيد الركن عبد الوهاب الشواف آمر موقع الموصل العسكري التي قامت يوم 8 من آذار 1959 ضد نظام حكم الزعيم عبد الكريم قاسم رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة 1958-1963 .
يقول الاستاذ الدكتور عبد الفتاح علي البوتاني في كتابه ( الحياة الحزبية في الموصل 1926- 1958 ) وهي الاطروحة اطروحة الدكتوراه التي اشرف عليها الاستاذ الدكتور ابراهيم خليل العلاف ان الاستاذ عبد الباري عبد العزيز الطالب كان اول موصلي تعرف على مؤسسي حركة القوميين العرب وافكارهم وعمل معهم عندما كان طالبا يدرس في الجامعة الامريكية في بيروت .وعندما انهى دراسته الجامعية سنة 1952 وعين مدرسا في الموصل لم تنقطع صلاته مع قادة الحركة لاسيما مع باسلرؤوف الكبيسي الذي كان يرسل اليه بإستمرار الكتب والكراريس التي تعالج المسائل القومية والازمات السياسية التي كانت تمر بها البلاد العربية آنذاك .
وكان الطالب بدوره يعطي تلك المطبوعات لاصدقائه خاصة اعضاء الهيئات التدريسية والتعليمية ومنهم حسين قاسم يحيى الفخري ونجيب محمد علي ويونس عزيز ويوسف ذنون الخطاط وغانم يونس احمد وغيرهم من المدرسين والمعلمين .
تحدث المرحوم الاستاذ عبد الباري الطالب في مقابلة له يوم 10 اذار سنة 1990 مع الدكتور عبد الفتاح علي البوتاني فقال ان المطبوعات التي كان يرسلها الكبيسي او يجلبها معه عند زيارته للموصل لم تكن حزبية وان الكبيسي لم يطلب منه تشكيل اي تنظيم سياسي لذا كان تكتلهم فردي لايجمعه تنظيم بل الايمان بالفكرة القومية العربية والعداء للشيوعية ومع هذا عرف اشخاص هذا التكتل بالقوميين العرب عند المنتمين للاحزاب السياسية الاخرى في الموصل .
ومما يجب ان اشير اليه هو ان حركة القوميين العرب لم تظهر كتنظيم في العراق الا بعد ثورة 14 تموز 1958 وظهر باسل الكبيسي وحامد الجبوري وسلام احمد ابرز قيادي تنظيم اقليم العراق لحركة القوميين العرب وقد تشكلت اول خلية لحركة القوميين العرب في الموصل مساء يوم 9 كانون الثاني 1959 في دار شفاء العمري رحمه الله في محلة الباب الجديد .وجاء نايف الحواتمة احد ابرز قادة حركة القوميين العرب الى الموصل وعاش فيها بإسم مستعار هو خالد من هيت وكان على صلة بالاستاذ عبد الباري الطالب وكان مديرا للمتوسطة المركزية وبدأ التنسيق بينهما بين الطالب والحواتمة بعد ان اتصل الطالب بباسل الكبيسي الذي اوقفه على حقيقة مهمة نايف حواتمة ويمكن اعتبار عبد الباري الطالب وحسين الفخري وسعيد حامد وعبد السيد فتحي وغازي مجدي وشفاء العمري وقيدار سليم الجلبي من ابرز اعضاء تنظيم حركة القوميين العرب في الموصل وكان تنظيما خيطيا .
وبعد مقتل العقيد الركن عبد الوهاب الشواف وفشل الحركة وقمعها إضطر عبد الباري الطالب وغازي مجدي الى اللجوء الى سوريا و اعتقل اخرون من اعضاء التنظيم واختفى البعض ، وبقي هناك منذ سنة 1959 حتى سقوط نظام الزعيم عبد الكريم قاسم في 8 من شباط 1963 ، فعاد الى الموصل مع عدد من رفاقه وعين مديرا لمعمل السكر في الموصل سنة 1964 ، وبقي حتى سنة 1968 مديرا لمعمل السكر ، وفي سنة 1970 احيل على التقاعد ، واتجه نحو العمل الحر ، فأنشأ معملا (للشتايكر والطابوق ) واداره بمساعدة ولده المرحوم عمار الذي توفي سنة 2012 رحمة الله عليه .
عبد الباري الطالب عُرف في الموصل ، بأنه يمتلك شخصية اجتماعية قوية ..كان مربيا فاضلا ، وإداريا ناجحا ، ومدرسا متمكنا ، وثوريا حقيقيا ، ووطنيا عاملا ، وعراقيا قحا . كان له حضور طاغ في الاوساط الثقافية والسياسية والاجتماعية العراقية ويسعدني القول أنني سأقدم عنه حلقة خاصة من برنامجي التلفزيوني اليومي (موصليات ) استذكارا له وتعريفا للابناء والاحفاد في الموصل والعراق كله بقيمة هذه الشخصية - القدوة .
رحم الله الاستاذ ابا عمار وها نحن نذكره والذكر للانسان حياة ثانية له .
____________________________
*مجموعة من صور المرحوم الاستاذ عبد الباري الطالب ومنها صورته وهو يستقبل المشير الركن عبد السلام محمد عارف رئيس الجمهورية السابق لدى زيارته لمعمل السكر في الموصل سنة 1964
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق