أهمية الكتابة التاريخية عبر العصور في الحفاظ على الهوية الحضارية
برعاية السيد رئيس جامعة الموصل الأستاذ الدكتور قصي كمال الدين الأحمدي المحترم، وبإشراف الأستاذ الدكتور حازم ذنون إسماعيل عميد كلية التربية للعلوم الإنسانية المحترم يقيم قسم التاريخ الندوة العلمية الدولية الأولى والموسومة: (أهمية الكتابة التاريخية عبر العصور للحفاظ على الهوية الحضارية) وذلك يومي (28-29/ 5 / 2020 في تمام الساعة 8 مساءً عبر الفضاء الإلكتروني لبرنامج zoom Meeting ID 2881892575 Password 524058 ترأس الجلسة الاولى أمس الاستاذ الدكتور ابراهيم خليل العلاف والقيت عدة بحوث لاساتذة بارزين واليوم 29-5-2020 يترأس الجلسة الثانية الاستاذ الدكتور طه خضر عبيد والقيت فيها عدة بحوث لاستاذات واساتذة بارزون منهم الدكتورة سناء عبد الله عزيز الطائي التي القت ملخصا لبحثها الموسوم ( التاريخ والهوية ) وادناه نص الملخص :
التاريخ والهوية
الدكتورة سناء عبدالله عزيز الطائي
قسم التاريخ - كلية التربية للعلوم الانسانية – جامعة الموصل
قسم التاريخ - كلية التربية للعلوم الانسانية – جامعة الموصل
للتاريخ دور مهم في تقوية وتعزيز الانسان بهويته .. بشخصيته الحضارية ومن هنا فدراسة التاريخ تسهم اسهاما كبيرا في حصول الفرد على شخصية قوية وفريدة ومتميزة، ... ومن المؤكد ان هذه الشخصية يجب ان تتسم بالاستمرارية لسبب بسيط وهو أن شخصية الانسان تتغير باستمرار، وهذا التغيير يجب أن يكون بحدود ثابتة ومتزنة وخاصة من حيث الحفاظ على الثوابت الوطنية والقومية والانسانية والاخلاقية ، ولهذا السبب فأن الذاكرة شيء مهم لشخصية الانسان، وعندما يتعرض شخص معين الى حادث معين يؤدي به الى فقدان الذاكرة، فأنه يعاني من انهيار منظومة المعلومات لديه، وهذا الحال ينطبق على المجتمعات والامم ؛ فعندما تتعرض هذه الامم والشعوب الى نكبات او صدمات معينة يجب ان تبقى محافظة على الماضي، وان تشعر بالاستمرارية.
والتاريخ في جانب من جوانبه ، هو المحرك الاساس ، والمهم من عناصر الاستمرار عبر الزمن، وخصوصا في اوقات التحول والانتقال، وقد ناقش ذلك عدد من الباحثين والمؤرخين والكتاب ووقفوا عند تعريفه وطبيعته وماهيته وخصائصه وفوائده وعوامله وتفاسيره ومكانته بين العلوم الانسانية . ومن هنا يجب ان يظل هم الناس مُنصبا على التحري عن الماضي بحيث يصبح التاريخ الذي هو الماضي حاجة روحية واساسية مسألة مهمة تبعث في الناس شعورا بالهوية التي تجعلهم يتمكنون من الحفاظ على الاستمرار في ظل التغيرات الكثيرة التي تتعرض لها، هذا بالنسبة للتاريخ . اما الهوية فهي نتاج تقاليد ومواريث تراكمت عبر حقب تاريخية متعددة، وهي خلاصة تفاعل الامة مع عالم متغير، وموجات ثقافية متعددة، ونماذج حضارية مختلفة، فالهوية ليست شيئا ساكنا وإنما هي نتاج حركة وتعاقب حضاري وإنساني .
ان التاريخ لا يسأل أحد من انت ؟ بل يسجل احداثا واسبابا ونتائجا ، ويمضي وعلى الناس ان ينتبهوا الى مواطن القوة ويعززوها ويشخصوا مواطن الضعف ويبتعدوا عنها، فاذا فعلوا ذلك ، وانتبهوا وصلوا الى ما يصبون اليه، واذا لم يفعلوا فأنهم سوف يحاولون البحث عن اي قول مأثور او مخطوطة محفوظة في مكان معين او تاريخ منسي فيقومون بأحيائه ويحاولون الانتساب اليه لعلهم يجدون فيه هويتهم التي افتقدوها.
ان النتاج الابداعي المتراكم والمرتبط بالصدق ، والعقل ، والغاية الشريفة هي من تجعل الهوية تسمو وتأخذ مكانها بين الهويات المتنافسة وليس الصراخ والعنف والتنمر على الاخرين والفساد وتدبير المؤامرات الخارجية ضد الاخرين، كما ان النتاج الابداعي هو ما يجعل الهوية قادرة على العودة والانطلاق في مشروع وحدوي استراتيجي.
ان النتاج الابداعي المتراكم والمرتبط بالصدق ، والعقل ، والغاية الشريفة هي من تجعل الهوية تسمو وتأخذ مكانها بين الهويات المتنافسة وليس الصراخ والعنف والتنمر على الاخرين والفساد وتدبير المؤامرات الخارجية ضد الاخرين، كما ان النتاج الابداعي هو ما يجعل الهوية قادرة على العودة والانطلاق في مشروع وحدوي استراتيجي.
اننا في كل يوم ، نرى ونسمع عن صدور المئات من كتب التاريخ، الا انه نادرا ما يتم قراءة هذه الكتب وفهمها بالشكل الصحيح. وهناك مسألة مهمة وهي ان النصوص التاريخية ثابتة الا ان الاختلاف يكون في القراءةِ لها، فإعادة قراءة التاريخ تعبر عن درجة نضج الحاضر ، ورغبة الناس في تجاوز مرحلة معينة والمضي نحو المستقبل، فللتاريخ رجاله المختصون به، والذين بطريقة عرضهم له يحاولون ان لا يجعلوه مجالا لتصفية الحسابات، او اثارة النعرات الطائفية أو خلق الفتن والصراعات بين الناس، وان المعيار الاساس الذي ينبغي ان لا يغيب عنا ، هو معيار الوحدة الوطنية التي تعد مكسبا تاريخيا لنا لا يمكن التراجع عنه في هذه الفترة الحرجة التي نمر بها ، وان العلاقة بين ( الهوية والتاريخ) وثيقة جدا ولا يمكن الفصل بين هما، بل ان هناك تداخلا وثيقا بين الهوية والتاريخ وان النقاش حولهما يجب ان يتميز بطابع الجدية، وان يكون خارج النعرات الطائفية والمذهبية والعرقية، وان يكون الهدف سامٍ من أجل الرقي بحياة الناس والانتقال الى ما يمكن ان نسميه نظام الحكم الذي يحقق مطالب الناس ، وينسجم مع مصالحهم الاساسية بكل يسر وسلاسة .
واذا ما تحقق ذلك ، فالدرس التاريخي سيكون عظيما في عملية إعادة البناء، وتعزيز الهوية ، بأبعادها الوطنية ، والقومية، والانسانية .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق