الخميس، 21 مايو 2020

التقدم .................... ا.د. ابراهيم خليل العلاف




التقدم

ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس -  جامعة الموصل

واليوم أُريد أن أتحدث لكم ، عن مفهوم إنساني مهم نتداوله ونتحدث عنه ، ونسعى اليه ، وهو مفهوم (التقدمProgress  )  . ومفهوم التقدم  أو كلمة  ومصطلح التقدم في اللغة العربية ، كما هو  في  كل لغات العالم  الكثيرة تعني ان الانسان يسعى لإن يتقدم في الحياة .. يتقدم في الملبس والمأكل والمشرب .. وفي السكن وفي الفكر والتعليم .

ومن المؤكد انه اي هذا الانسان لايريد ان يقف في مكانه دون ان يتقدم فسر الحياة هو في التقدم من حال الى حال افضل في العمل في العائلة في كل شيء .

والذي يريد ان يتقدم ، والتقدم دائما هو الى الامام ، لابد ان يعمل .  ومن يحرك الانسان نحو الامام ، هو العمل والعمل في كثير من جوانبه (عمل)  و(سعي)  و(عرق)  و( تعب)  .

والتقدم لايقتصر على الامور المادية ، وانما هناك تقدم في العمر ، وتقدم في الفكر،  وتقدم في العقل، وتقدم في الادب والفن والصنائع .  والانسان يولد وهو طفل ثم يصبح شابا ورجلا يتحمل مسؤولية تجاه امه وابيه وتجاه زوجته واولاده . لذلك فهو يسعى من اجل هؤلاء ليحقق لهم العيش الكريم  وهذا لايمكن ان يكون الا بالعمل .

الاسلام كدين سماوي ، يدعونا الى ان نتقدم ، وان لانبقي على حالنا والرسول الكريم يؤكد ( أن من تساوى يوماه فهو مغبون ) ،  فيوم الاحد ينبغي ان يكون احسن من يوم الاثنين ، ويوم الاثنين يجب ان يكون افضل من يوم الثلاثاء بمعنى اننا يجب ان نُنجز اعمالا جديدة في كل يوم ، وان لانقف عند ما ما أنجزناه ، بل نستمر لكي ننجز الافضل .

كثير من المفكرين ربطوا مفهوم التقدم بما قدمه الغرب لنا ، ونسوا ان الاسلام اكد على اهمية السير نحو الامام اي التقدم في الزمان او في المكان او في الزمان والمكان معا ؛ فالانسان يتقدم من الناحية البيولوجية ، ومن الناحية الاجتماعية  والاقتصادية ، ومن الناحية الثقافية   ومن الناحية العلمية .

ولا اريد ان اثقل اسماعكم في تقديم بيان فلسفي يخص التقدم ، لكن اقول لكم اننا عندما نقول ان الانسان يتقدم في العمر ، فمعنى ذلك انه سيزداد حكمة وخبرة عن ما كان يعرفه  ، هذا اذا اراد ..  أما إذا أصر على أن يقف عند حدود ما يعرفه ، ولايبذل جهدا جديدا من اجل ان يتعلم ويعرف ،  فهذا يعني انه سيظل على وضعه جامدا ونحن نعرف ان من يقف ، يتعفن كالماء الراكد يصبح آسنا ان هو لم يتحرك .وبمرور الزمن يبدأ هذا الانسان الذي يصر على جهله وتوقفه عن التعلم بالخرف ويصل الى مرحلة لايحسد فيها .

نعم الانسان يتقدم ، ويتقدم نحو المستقبل ، وليس العودة الى الماضي والماضي يفيدنا كنقطة إرتكاز ننطلق منه نحو فهم الحاضر والانتقال الى المستقبل الذي نريد وهكذا هو هدف الحياة ،  والعيش فالانسان يعمل وكأنه يعيش ابدا ويعمل وكأنه يموت غدا ...  المهم ان يعمل ويتطلع الى المستقبل .

اننا اليوم اذا رجعنا نبحث عن كيف كان اجدادنا يعيشون مثلا قبل  ( 100) سنة مثلا ، نجد ان الحياة تقدمت ، واننا نتقدم مع الحياة ، والعالم اليوم يتقدم في كل لحظة .كنا نعرف الراديو ثم جاء التلفزيون وبعده الانترنت  والموبايل وهكذا نحن نتوائم مع التكنولوجيا ، ومنها ما يسمى اليوم بتقنيات التواصل الاجتماعي المتطورة .

وفي كل لحظة يأتينا خبر جديد عن تطور تقني جديد . وهنا يجب ان نتكيف مع هذا التطور التقني كنا نسير على اقدامنا وبعدها قمنا بإستخدام الحيوانات للتنقل ثم اخترعت العجلة فالعربة فالسيارة فالطائرة والقطار الكهربائي وهكذا مع كل منجزات الحضارة العالمية التي نعيشها .

وحتى مع انتشار الامراض والفيروسات او قيام الحروب نجد ان العالم كله يتوحد للمواجهة ، وعندما يتقدم يجب ان يتقدم مجتمعا لا متفرقا . وقد لاحظنا ذلك ونحن نواجه فايروس كورونا كيف ان العالم أصبح واحدا ، وكيف انه راح يبحث عن المخرج .

الشيخ الجليل محمود شلتوت كتب يوما عن التقدم وقال ان الاسلام يدعو ويدفع الى التقدم  وذلك من خلال دعوته الى العلم والتأمل في خلق الله ( بسم الله الرحمن الرحيم : أفلا ينظرون الى الابل كيف خُلقت ؟ ) و(  إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ) .. والهداية للتي هي أقوم أي التي هي أحسن ، وافضل من الحال السابقة .

نعم الله رب العزة والجلال خلق الانسان وجعله خليفته في الارض ودعاه لعمارتها وسًخر له الشمس والقمر، وسخَّر له الليل والنهار، وسخَّر له البحار والأنهار، وسخر له الأرض والجبال، وسخر له الأنعام والحيوان، سخَّر له كل ما في الكون، وأمرَه ببحثه والنظر فيه، وإستخراج أسراره، والانتفاع بذخائره ونفائسه، ثم حدَّ من طُغيان الإنسان بما يصل إليه من تلك الأسرار، وحذَّره استخدامها في التدمير والتخريب، وطلب إليه أن يستعينَ بها في الإنشاء والتعمير؛ حتى يكون العالم مظهرًا لجُود الله ورحمته بعباده. وبهذه الشعبة - وقد كثُرت آياتها في القرآن - يُعلن الإسلام ، أنه دين الحضارة المُعمِّرة لا المُخرِّبة، العادلة لا الظالمة. التقدمية لا الرجعية بسم الله الرحمن الرحيم :" اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ) .

رمضانكم كريم ، وصلاتكم مقبولة ، ودعائكم مستجاب والى حلقة أُخرى من برنامج (  ما قل ودل ) والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

النجف والقضية الفلسطينية .........في كتاب للدكتور مقدام عبد الحسن الفياض

  النجف والقضية الفلسطينية .........في كتاب للدكتور مقدام عبد الحسن الفياض ا.د. ابراهيم خليل العلاف استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة ال...