الفضيلة .........الحلقة التاسعة من برنامج ( ما قل ودل )
اليوم السبت 2-5-2020 الساعة 30 و4 عصرا بُثت الحلقة التاسعة من برنامجي التلفزيوني اليومي الرمضاني ( ماقل ودل ) من قناة ( الموصلية ) الفضائية وكانت بعنوان ( الفضيلة ) ، وستعاد غدا الساعة 30 و10 صباحا واليكم نص الحلقة :
الفضيلة
ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس -جامعة الموصل
الانسان كل انسان ، يريد ان يكون فاضلا . يريد
ان يعرفه الناس بالفضيلة ، والفضيلة قيمة انسانية أخلاقية عليا يطمح الفرد للوصول
اليها .
والفضيلة ، هذه القيمة الاخلاقية ، والانسانية
كانت ولاتزال موضع إهتمام المفكرين ، والكتاب ، والفلاسفة فهي تعني عندهم ( التميز
الاخلاقي) وهي تعني ايضا ( أعلى مراحل حُسن
الخلق ) ، وبما يتصل بالخير ، والمحبة ، والتعاون . وعكس الفضيلة ، هي (الرذيلة) ،
والفضيلة من المبادئ التي ناضل ، ويناضل
من أجلها الانسان منذ قديم الزمان .
والفضيلة عند الفيلسوف اليوناني آرسطو ؛ إما
أن تكون اخلاقية ، وإما تكون عقلية واسمى الفضائل عنده هو ان يتأمل الانسان ويفكر
بالكون والحياة والمجتمع ، وهي ليست فطرية عند الانسان ، وطبيعية بل إنها مكتسبة
بمعنى ان يتعلمها الانسان ويتدرب على ان
يكون فاضلا ومن يصل الى هذه المرحلة أي من يُعود نفسه على اكتساب الفضائل ، يعش
سعيدا ، منسجما مع نفسه ومجتمعه .
الانسان الفاضل هو من يضبط نفسه إزاء الرذائل
. والانسان الفاضل هو من يزرع المحبة بين الناس ، والانسان الفاضل هو من يتعاون مع غيره بطيب خاطر.
لذلك ُيشًبه الناس الانسان الفاضل بالصائغ
الذي يصوغ حاجة ذهبية بدقة وجمالية تُعجب الناس .
والفضيلة
تعني عند من يلتزم بأخلاقها : البساطة ، والوسطية فلا افراط ولاتفريط
.الانسان الفاضل هو من يضبط نفسه ، ويمنعها من الطمع والجشع . والانسان الفاضل هو
من يعرف ان النفس ترغب في كل شيئ ، لكن عليه عندما يكون فاضلا ان يضبط نفسه ، ويمنعها
من الطمع والجشع ويوقفها عند حدها .. وكما قال الشاعر :
والنفس راغبة إذا رغبتها ***وإذا ترد الى
قليل تَقنعُ
والفضيلة ، هذه الصفة الانسانية تعني الوسطية
بين الشجاعة والجبن ، والبخل والكرم . والانسان الذي يُحكًم عقله ، سوف يميل الى
الشجاعة ، ويميل الى الكرم ، ويميل الى التواضع .
وعندما جاء الفيلسوف اليوناني افلاطون ، وجد
ان كل عمل جميل ، وكل عمل خًير ، هو في جانب من جوانبه يعني الفضيلة . ومن هنا الف
كتابه ( الجمهورية ) ليؤكد للانسان ان هدف الانسان في حياته يجب أن يكون
: البحث عن الفضيلة .وكذلك فعل المفكر والفيلسوف
العربي الفارابي عندما الف كتابه ( المدينة الفاضلة ) ، فكل ما هو خير، وكل ماهو
محبة ، وكل ماهو صدق هو فضيلة ، وكل ماهو
جميل هو فضيلة يناضل الانسان من اجلها .
ان من ابرز ما قاله افلاطون ان العلم مهم
وضروري، وان المعرفة مهمة وضرورية ، ولكن
الفضيلة اكبر من العلم ، واكبر من المعرفة ، والبحث عن العلم . والبحث عن المعرفة
نوع من الفضيلة لان الهدف النهائي هو البحث عن الحقيقة ، والبحث عن الحقيقة هو نوع
من البحث عن الفضيلة .
والانسان عبر التاريخ ، هو من يبحث عن
الفضيلة التي تجعله قادرا على ان يتكيف مع مجتمعه ، ويعيش عيشة هانئة ، مستقرة ، جميلة
.
الفضيلة - احبتي الكرام – من حيث اللغة ، تعني ضد النقيصة والرذيلة ، وهناك الرجل الفاضل ، والرجل الفاضل كثير الفضل ، ولايعرف الفضل الا
أهلوه ، وعلماء الاخلاق يقولون ان الفضيلة هي الاستعداد الدائم لسلوك طريق الخير
أو مطابقة الافعال الإرادية التي يقوم بها الانسان للقانون الاخلاقي أو لقواعد
السلوك التي اتفق المجتمع على تطبيقها ، لإهميتها .
وترتبط بالفضيلة قيم مهمة ، منها الحكمة ، والعفة
، والشجاعة ، والعدالة . ومن شروط الفضيلة ان يكون الانسان الفاضل وسط محيطه
الاجتماعي ، فاضلا معروفا بالكرم والاخلاص للوطن ، نزيها ، عزوفا ، عيوفا ، منكرا لذاته يعيش بين
الناس ، ويفرح لفرحهم ، ويحزن لحزنهم .
وقد اهتم المفكرون المسلمون بالفضيلة ، وتحدثوا
عنها واكدوا على ان الانسان الفاضل ، هو الانسان المؤمن المحب لغيره ، الساعي
للخير وخير الناس من نفع الناس.
واخيرا
فإن الاسلام يدعو الانسان المؤمن الى الفضيلة ويجب عليه ان يكتسب الفضائل من خلال أداء العبادات
كما ينبغي لتتحقق الفوائد منها ؛ فالصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر والبغي كما قال
رب العزة والجلال . والصوم يجعل الانسان قادرا على مواجهة الصعاب ، والشعور بشعور
الفقراء والمساكين ، والزكاة تطهر الانسان وتزكيه من شُح نفسه ، والحج يجعله قادرا
على معرفة إخوانه في الدين والمنتشرين في كل بقاع الارض .
ومن ابرز المفكرين العرب والمسلمين الذين
تحدثوا عن الفضيلة ابن رشد ؛ فإبن رشد
يقسم الفضيلة الى اربع وهي فضيلة العفة ، وفضيلة العدل ، وفضيلة الشجاعة ، وفضيلة
الكرم ، وحصول كل هذه الفضائل لايكون في المجتمع الا بالاخلاق الحميدة التي إذا ما
انتشرت الا وتجعل المجتمع آمنا ومستقرا . ويقينا ان الفنون تساعد الانسان على ان
يكون رقيقا شفافا في التعامل ، مع الحياة ،
يحب الجمال ويكره القبح .
في القرآن الكريم الكثير من الآيات وفي الاحاديث النبوية الكثير من الاحاديث التي
تدعو الى الفضيلة ، وإمتداح كل ماهو طيب
ومبارك ، ومن ذلك الدعوة الى الكلمة الطيبة الصادقة الجامعة المباركة .
اختم كلامي بالقول إن الفضيلة ، فضلا عن أنها
قيمة انسانية ، فهي (سلوك) يتجه الى تحقيق
كل ماهو مفيد للانسان ؛ فهي سمو في الخلق ،
وارتفاع به . والى شيء من هذا القبيل قال النبي الكريم محمد
صلى الله عليه وسلم ( إن من خياركم أحسنكم أخلاقا ) .
.
.
انت مجنون ياابراهيم
ردحذف