الأحد، 3 مايو 2020

الخير ____ ا.د. ابراهيم خليل العلاف



الخير ..............الحلقة العاشرة من برنامج (ماقل ودل )
اليوم العاشر من رمضان 1441 الموافق لليوم 3 من ايار -مايس-مايو 2020 بُثت الحلقة العاشرة من برنامجي التلفزيوني اليومي ( ما قل ودل ) والذي أُقدمه من على قناة ( الموصلية ) الفضائية وستعاد غدا صباحا الساعة 30و10 صباحا واليكم نص الموضوع :
الخير
____
ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس – جامعة الموصل
والخير ، هو ايضا قيمة إنسانية عليا .. وهو ايضا صفة يجب ان يتميز بها الانسان المؤمن ؛ فالانسان منذ ان خلقه الله سبحانه وتعالى على هذه الارض ، يبحث عن الخير ، ويبتعد عن الشر ، كلما وجد الى ذلك سبيلا .
فالصراع الابدي بين الخير والشر يلاحق الانسان . وتلك واحدة مما يسميها الفلاسفة جدليات الحياة ، ولاتقوم الحياة الا بوجود الخير ووجود الشر . وما يفيد الانسان هو الخير وما يضره هو الشر ، وعلى الانسان ان يبتعد عن الشر ويتوجه دوما الى الخير ليكون إنسان سويا ، حسبما يقول علماء النفس والتربية .
والخير ضد الشر بمعنى ان مفهوم الخير قد يكون نسبيا ، فما هو خير لك قد يكون شرا بالنسبة لي .
وكما يقول الشاعر :
ومصائب قوم عند قوم فوائد
وفوائد قوم عند قوم مصائب
ومفهوم الخير والشر ، يرتبط بتغير الزمان ، وتغير المعتقدات لكن قيمة الخير في الفكر الفلسفي الانساني واحدة ؛ فالخير دائما وابدا هو ما قد يثير في الانسان الرضى عن نفسه على الاقل ، اذا قام بعمل جيد ، ومفيد للناس .
كلمة الخير أو مفهوم الخير من حيث اللغة هي الحُسن لذاته ،ولما يحققه من نفع أو سعادة . والخير ضد الشر وكلمة الخير عند الفلاسفة تطلق على السعادة واللذة ، وعلى ما هو نافع للانسان ..نافع ماديا أو نافع معنويا .
وكثيرا ما كتب الفلاسفة عن الخير ، ورأوا أنه أعلى مراحل السعادة ، والجمال ، والعدالة .فالخير هو ما يجلب السعادة .. والخير هو ما يجلب المنفعة ، والخير هو ما يجلب العدالة ، والخير هو ما ادخل الجمال والبهاء على نفس الانسان .
الله سبحانه وتعالى خلق الخير والنشر ، وأعطى للانسان الخيار في ان يسلك طريق الخير ، أو يسلك طريق الشر ..بسم الله الرحمن الرحيم : ( وهديناه النجدين) . قال ابن كثير في تفسيره : وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ : الطريقين: قال سفيان الثوري وهديناه النجدين يعني طريق الخير و طريق الشر) .
وكما قلت فإن في الطبيعة الانسانية هناك خير ، وهناك شر بسم الله الرحمن الرحيم  وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَ ) ..
الانسان في كثير من الايات القرآنية ظلوم – جهول – هلوع – غشوم – كفار لكن التمسك بالاديان والقيم الفاضلة التي أتتت بها الشرائع تدعو الانسان الى كل ماهو مفيد للانسان .. تدعوه الى الخير .
وفعل الخير في الاسلام يحتاج الى سعي ، ويحتاج الى عمل ، ويحتاج الى مجاهدة النفس التي تميل الى الشر. والخير يربطه الفلاسفة دوما بالعقل والقرآن الكريم ، وهو يقرر حقيقة الانسان ، وما في طبيعته البشرية من شر يدعوه الى الميل نحو الخير ، والابتعاد عن الشر الذي فيه هلاكه .
واتباع طريق الخير يحتاج من الانسان الى تدريب ومران أي أن ندرب انفسنا على فعل الخير ، ومقاومة ما في داخلنا من شُح ، وخوف ، وضعف ، وشر فما ينفع الناس يمكث في الارض ، وما لاينفع الناس يذهب جفاءَ .
النفس توسوس للانسان أحيانا ، وتدعوه لفعل الشر للإعتداء على الاخرين لعدم مراعاة حقوق غيره ، لكن على الانسان ان يدرك ذلك ، ويقاوم ما نفسه من شر ، ويقدم كل ما هو إيجابي ، ومفيد .
الاسلام يدعونا الى ان نقيم مجتمعا قويا ، متماسكا تسوده قيم المحبة والصدق والتسامح والترابط وفي القرآن الكريم آيات تدعو الى الخير ، وفي الاحاديث النبوية احاديث تدعو الى الخير ، وفي المأثور كلام كثير يدعو الى الخير ، وتشجيع الانسان على البذل والعطاء والاخلاص والنظافة والنزاهة : نظافة اليد والكف واللسان والرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم من خلال سيرته العطرة ، قدم لنا انموذجا طيبا . فعمل الخير والصدق والشجاعة والكرم كانت قيما نبيلة دعانا اليها لكي يكون مجتمعنا مجتمعا فاضلا يتسم بالتسامح والتماسك .. وقد شبه الرسول الكريم ( المجتمع ) ب(جسم الانسان ) الذي يعمل بشكل متناسق بقوله صلى الله عليه وسلم (مثَلُ المؤمنينَ في توادِّهم ، وتعاطفِهم ، وتراحُمِهم كمثلِ الجسدِ الواحدِ إذا اشتَكى منْهُ عضوٌ تداعى لَهُ سائرُ الأعضاءِ بالحمَّى والسَّهَرِ".) .
وآلآن والموصل الحبيبة ، وقد حصل فيها ما حصل من هدم وتخريب ، هي بحاجة الى فعل الخير قولا وعملا . ويقينا ان هناك اشخاص ومنظمات دولية وجمعيات محلية قدموا ولايزالون يقدمون كل ما بإستطاعتهم من اعمال الخير ، فإليهم أوجه الشكر والتقدير ، وهذا ليس غريبا على اهل الموصل وهم الذين تعاونوا وتكاتفوا في اوقات المحن ، وقدموا الكثير ونطالبهم بالكثير من الاعمال الخيرية التي تجعلنا نشعر أننا فعلا كالجسد الواحد .
نعم الكثير من الأسر المتعففة في الموصل تنتظرنا لنقدم لها ما ما تحتاجه ، ونقدم لها ماتحتاجه بطيب خاطر ؛ فهؤلاء هم اهلنا ، وما نقدمه لهم واجب .. وقد سبق لي ان تحدثت عن كثير من اعمال الخير الذي تقدمه المنظمات والجمعيات في الموصل ، وكيف انها تتنافس في فعل الخير ، ووقاية الشُح في الانفس مما يزيد من تماسك مجتمعنا ، وتقوية عناصر الالفة والمحبة وليكن شعارنا دوما – احبتي الكرام – وقل إعملوا .
شكرا لإصغائكم والى حلقة اخرى من برنامج ( ما قل ودل ) والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

النجف والقضية الفلسطينية .........في كتاب للدكتور مقدام عبد الحسن الفياض

  النجف والقضية الفلسطينية .........في كتاب للدكتور مقدام عبد الحسن الفياض ا.د. ابراهيم خليل العلاف استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة ال...