الاستاذ الدتور ابراهيم خليل العلاف
النظافة
ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس – جامعة الموصل
ومنذ كنا صغارا في المدرسة الابتدائية ، كنا نسمع عبارة لاتزال عالقة في أذهاننا وهي (النظافة من الايمان ) ..كما كنا نرى هذه العبارة داخل إطار جميل معلقة في المقاهي والاماكن العامة .
وللنظافة علاقة وترابط تام مع الايمان ، فالانسان المؤمن يجب ان يكون نظيفا .. نظيف اليد والوجه واللسان .. بمعنى انه نظيف على المستوى الصحي ، ونظيف على المستوى الاخلاقي . لذلك ،رتبطت النظافة بالايمان والايمان الحقيقي .
ومن المؤكد اليوم ، أننا بحاجة الى ان نكون نظيفين في مسكننا ، وملبسنا ، ومأكلنا ومشربنا . كما نكون نظيفين في لساننا وسلوكنا مع الاخرين ، وعلاقاتنا مع اهلينا واقاربنا ومن يعيشون معنا فالمؤمن يجب أن يأمن الناس من لسانه ويده .
والمسلم الحقيقي ، وهو يعيش أجواء شهر رمضان الروحانية ، يجب عليه ان يُعيد ترتيب أوراقه ، وتنظيم حياته ، يرجع الى ربه ليأتمر بالاوامر وينتهي بما يجب ان ينتهي عنه .
وفي رمضان لارفث ولا فسوق ولا عصيان أي ان يكون انسانا نظيفا لايتحدث بما يسيئ الى غيره ، ولايتدخل فيما لايعنيه ، ولايعتدي على أحد ولو بكلمة بسيطة ، وهذا هو الانسان النظيف الذي يُسمى ايضا بالانسان الكيس أي الانسان الانيق في ملبسه .... الانيق في كلامه..الانيق في سلوكه وتعامله مع الناس .
واذا ما انتقلنا الى النظافة من الناحية المادية ، فإننا نقول ان النظافة بأبسط معانيها هي فن المحافظة على الصحة العامة . أي أن الانسان يتوخى النظافة من خلال سلسلة من الاعمال التي تجعله قادرا على ان يحافظ على نفسه من ان يُصاب بمرض ما .. وكما يقول المثل ( الوقاية خير من العلاج ) .ومتى كان الانسان قادرا على تجنيب نفسه الاصابة بالفايروسات والجراثيم ، يكون متمتعا بصحة جيدة ولديه المناعة اللازمة لمقاومة المرض .
والنظافة لايمكن ان تكون فردية فقط ، بل لابد من تظافر جهود الجميع من أجل ان تكون البيئة نظيفة ، والمحيط نظيف .
وهنا يقع على عاتق الدولة تأمين ذلك من خلال جهود البلديات ودوائر الصحة .. لكن يجب ان لانترك كل شيء على الدولة ، بل لابد ان يتعاون المواطن مع رجال النظافة ، وان يسعى ان يظل حيه ، وشارعه ، وزقاقه نظيفا وان يتعاون مع رجال النظافة في عدم القاء الاوساخ والنفايات الا في مكانها المخصص .
واتذكر ان اهلنا في الموصل ومنذ 100 سنة على الاقل كانوا يهتمون بالنظافة ، وكانت محافظة نينوى من انظف المحافظات العراقية لابل كانت الاولى من بين المحافظات اهتماما بالنظافة .
وكان اهل الموصل معروفون بحماماتهم الشعبية وبإهتمامهم بنظافة الابدان والدور والملابس وهذا ما يجب ان نعود اليه ، واتذكر ان احد الاجانب قال ان الموصليين مهووسون بالنظافة الى درجة الوسواس وهذا شيء جميل وجيد وينبغي ان نفتخر به .
نعم نحن مهووسون بالنظافة ، فالنظافة اولا وآخرا هي من الايمان .
واعود الان لأقول ان رب العزة والجلال عندما فرض علينا الصلاة كان من اهداف الصلاة ان نكون نظيفين ، فالوضوء ولخمس مرات في اليوم والذي يسبق الصلاة ، فيه فوائد عظيمة منها ان من يصلي يظل نظيفا طيلة اليوم .
الوضوء الصحيح مهم للانسان .. والعالم اليوم وفي ظل انتشار فايروس كورونا المستجد ادرك كم ان الوضوء مهم : غسل اليدين والمضمضة وغسل الوجه ومسح الشعر وغسل القدمين وهو اليوم ما يوصي به الاطباء وهي ان نكون نظيفين لنبتعد عن المرض المعد .
كثيرة هي الايات القرآنية والاحاديث النبوية التي تؤكد على النظافة .كما أن الكتب التي تتحدث عن الطهارة واهميتها كثيرة .
لقد أمر الله سبحانه وتعالى نبيه الكريم بأن يُطهر ثيابه واليوم .... العالم المتقدم يتباهى بالنظافة ويعتبر مقدار ما ينفقه الانسان مثلا على شراء الصابون والمعقمات اساسا لتقييمه نظيفا او غير نظيف بمعنى ان النظافة واحدة من مقاييس التقدم والتطور .
والاسلام جعل الطهارة (طهارة الجسم) و( طهارة النفس) من الاسس التي تقوم عليها الحضارة وركن من اركانها .
يقول الله عز وجل في محكم كتابه العزيز بسم الله الرحمن الرحيم :" (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ) .
واكد القرآن الكريم على التطهر والنظافة وإتخاذ الزينة عند القدوم الى المساجد ففي الاية (31) من سورة نجد ان الله يدعو الانسان الى ان يكون نظيفا وانيقا بسم الله الرحمن الرحيم : ( يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد ) .
والله سبحانه وتعالى يحب التوابين ويحي المتطهرين والرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم يؤكد على ان (الطهور شطر الايمان ) .
والعناية بالنظافة ، لاترتبط كما سبق ان قلت قبل قليل بل يجب ان تمتد الى الطريق من خلال المحافظة على آداب الطريق ومنها إماطة الاذى عن الطريق واماطة الاذى عن الطريق نوع من انواع الصدقة .
اذا –احبتي الكرام – النظافة قضية مهمة من القضايا التي اكد عليها الاسلام ، واكدتها الشرائع السماوية واكدها المفكرون والفلاسفة وهناك الكثيرون ممن كتب في هذا المجال لذلك لابد ان نكون نظيفين بأجسامنا ، وجوارحنا ، وملابسنا ، واحاديثنا ، وسلوكنا ؛ فالنظافة من الايمان نعم من الايمان .
رمضانكم كريم وصيامكم مقبول ودعائكم مستجاب والى حلقة أُخرى من برنامج ( ما قل ودل ) والسلام عليكم ورحم الله وبركاته .
________________________
*حلقة من برنامجي (ما قل ودل ) الرمضاني والذي أُقدمه من على شاشة ( الموصلية ) الفضائية عرضت عصر يوم 19-5-2020
النظافة
ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس – جامعة الموصل
ومنذ كنا صغارا في المدرسة الابتدائية ، كنا نسمع عبارة لاتزال عالقة في أذهاننا وهي (النظافة من الايمان ) ..كما كنا نرى هذه العبارة داخل إطار جميل معلقة في المقاهي والاماكن العامة .
وللنظافة علاقة وترابط تام مع الايمان ، فالانسان المؤمن يجب ان يكون نظيفا .. نظيف اليد والوجه واللسان .. بمعنى انه نظيف على المستوى الصحي ، ونظيف على المستوى الاخلاقي . لذلك ،رتبطت النظافة بالايمان والايمان الحقيقي .
ومن المؤكد اليوم ، أننا بحاجة الى ان نكون نظيفين في مسكننا ، وملبسنا ، ومأكلنا ومشربنا . كما نكون نظيفين في لساننا وسلوكنا مع الاخرين ، وعلاقاتنا مع اهلينا واقاربنا ومن يعيشون معنا فالمؤمن يجب أن يأمن الناس من لسانه ويده .
والمسلم الحقيقي ، وهو يعيش أجواء شهر رمضان الروحانية ، يجب عليه ان يُعيد ترتيب أوراقه ، وتنظيم حياته ، يرجع الى ربه ليأتمر بالاوامر وينتهي بما يجب ان ينتهي عنه .
وفي رمضان لارفث ولا فسوق ولا عصيان أي ان يكون انسانا نظيفا لايتحدث بما يسيئ الى غيره ، ولايتدخل فيما لايعنيه ، ولايعتدي على أحد ولو بكلمة بسيطة ، وهذا هو الانسان النظيف الذي يُسمى ايضا بالانسان الكيس أي الانسان الانيق في ملبسه .... الانيق في كلامه..الانيق في سلوكه وتعامله مع الناس .
واذا ما انتقلنا الى النظافة من الناحية المادية ، فإننا نقول ان النظافة بأبسط معانيها هي فن المحافظة على الصحة العامة . أي أن الانسان يتوخى النظافة من خلال سلسلة من الاعمال التي تجعله قادرا على ان يحافظ على نفسه من ان يُصاب بمرض ما .. وكما يقول المثل ( الوقاية خير من العلاج ) .ومتى كان الانسان قادرا على تجنيب نفسه الاصابة بالفايروسات والجراثيم ، يكون متمتعا بصحة جيدة ولديه المناعة اللازمة لمقاومة المرض .
والنظافة لايمكن ان تكون فردية فقط ، بل لابد من تظافر جهود الجميع من أجل ان تكون البيئة نظيفة ، والمحيط نظيف .
وهنا يقع على عاتق الدولة تأمين ذلك من خلال جهود البلديات ودوائر الصحة .. لكن يجب ان لانترك كل شيء على الدولة ، بل لابد ان يتعاون المواطن مع رجال النظافة ، وان يسعى ان يظل حيه ، وشارعه ، وزقاقه نظيفا وان يتعاون مع رجال النظافة في عدم القاء الاوساخ والنفايات الا في مكانها المخصص .
واتذكر ان اهلنا في الموصل ومنذ 100 سنة على الاقل كانوا يهتمون بالنظافة ، وكانت محافظة نينوى من انظف المحافظات العراقية لابل كانت الاولى من بين المحافظات اهتماما بالنظافة .
وكان اهل الموصل معروفون بحماماتهم الشعبية وبإهتمامهم بنظافة الابدان والدور والملابس وهذا ما يجب ان نعود اليه ، واتذكر ان احد الاجانب قال ان الموصليين مهووسون بالنظافة الى درجة الوسواس وهذا شيء جميل وجيد وينبغي ان نفتخر به .
نعم نحن مهووسون بالنظافة ، فالنظافة اولا وآخرا هي من الايمان .
واعود الان لأقول ان رب العزة والجلال عندما فرض علينا الصلاة كان من اهداف الصلاة ان نكون نظيفين ، فالوضوء ولخمس مرات في اليوم والذي يسبق الصلاة ، فيه فوائد عظيمة منها ان من يصلي يظل نظيفا طيلة اليوم .
الوضوء الصحيح مهم للانسان .. والعالم اليوم وفي ظل انتشار فايروس كورونا المستجد ادرك كم ان الوضوء مهم : غسل اليدين والمضمضة وغسل الوجه ومسح الشعر وغسل القدمين وهو اليوم ما يوصي به الاطباء وهي ان نكون نظيفين لنبتعد عن المرض المعد .
كثيرة هي الايات القرآنية والاحاديث النبوية التي تؤكد على النظافة .كما أن الكتب التي تتحدث عن الطهارة واهميتها كثيرة .
لقد أمر الله سبحانه وتعالى نبيه الكريم بأن يُطهر ثيابه واليوم .... العالم المتقدم يتباهى بالنظافة ويعتبر مقدار ما ينفقه الانسان مثلا على شراء الصابون والمعقمات اساسا لتقييمه نظيفا او غير نظيف بمعنى ان النظافة واحدة من مقاييس التقدم والتطور .
والاسلام جعل الطهارة (طهارة الجسم) و( طهارة النفس) من الاسس التي تقوم عليها الحضارة وركن من اركانها .
يقول الله عز وجل في محكم كتابه العزيز بسم الله الرحمن الرحيم :" (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ) .
واكد القرآن الكريم على التطهر والنظافة وإتخاذ الزينة عند القدوم الى المساجد ففي الاية (31) من سورة نجد ان الله يدعو الانسان الى ان يكون نظيفا وانيقا بسم الله الرحمن الرحيم : ( يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد ) .
والله سبحانه وتعالى يحب التوابين ويحي المتطهرين والرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم يؤكد على ان (الطهور شطر الايمان ) .
والعناية بالنظافة ، لاترتبط كما سبق ان قلت قبل قليل بل يجب ان تمتد الى الطريق من خلال المحافظة على آداب الطريق ومنها إماطة الاذى عن الطريق واماطة الاذى عن الطريق نوع من انواع الصدقة .
اذا –احبتي الكرام – النظافة قضية مهمة من القضايا التي اكد عليها الاسلام ، واكدتها الشرائع السماوية واكدها المفكرون والفلاسفة وهناك الكثيرون ممن كتب في هذا المجال لذلك لابد ان نكون نظيفين بأجسامنا ، وجوارحنا ، وملابسنا ، واحاديثنا ، وسلوكنا ؛ فالنظافة من الايمان نعم من الايمان .
رمضانكم كريم وصيامكم مقبول ودعائكم مستجاب والى حلقة أُخرى من برنامج ( ما قل ودل ) والسلام عليكم ورحم الله وبركاته .
________________________
*حلقة من برنامجي (ما قل ودل ) الرمضاني والذي أُقدمه من على شاشة ( الموصلية ) الفضائية عرضت عصر يوم 19-5-2020
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق