مدرسة التهذيب في الموصل 1919
بقلم
: ا.د. علي نجم عيسى
الموصل -العراق
شيدت
مدرسة التهذيب سنة 1919م في الباحة الشرقية الداخلية في كنيسة الطاهرة للسريان
الكاثوليك ، وكانت قبل هذا التاريخ " مكتب " تعليمي خاضع للكنيسة وضع
حجر اساسه كجزء من الكنيسة البطريك بطرس الرابع الموصلي سنة 1893 م ، وشيدها
المطران بهنام سمرجي وافتتحها المطران الياس شاكر سنة 1895 ، وقد كتب على باب
الكنيسة الخارجي الذي اصبح فيما بعد باباً لمدرسة التهذيب في اللغة
السريانية ما نصه " بنيت هذه الكنيسة السريانية على اسم مريم البتول لسنة
1895 ميلادي " ، وكتب باللغة العربية ما يؤكد بناء الكنيسة في هذه
السنة جاء فيها " كنيسة الطاهرة للسريان الارثدوكس انشئت بهمة الحبر الاعظم
مار اغنياطوس بطرس الثالث البرطرياك الانطاكي سنة 1895 ، وقيل ان ابناء الطائفة
السريان تبرعوا في تشييدها ، فتبرعن النساء بحليهن الذهبية والفضية والرجال كانوا
يعملون مجاناً منهم البناء والنجار والنقار ، وتبرعت اسرة عبد النور المسيحية في
الموصل بدارين مجاورين للمدرسة لغرض توسيعها ، وتبرع البطريك بطرس الرابع بمائة
وخمسين ليرة ذهبية ، وفي سنة 1922 شيد للمدرسة باباً خاصاً بها كتب عليه ما نصه
" قد شيد هذا الباب سنة ااثنتي وعشرين وتسعمائة بعد الالف المسيحية "،
وكان عدد طلبتها خمسين طالباً وتسمى مدرسة الطاهرة ، وفي سنة 1924 استبدل اسمها
لتصبح " مدرسة التهذيب للبنين " ، ثم " مدرسة الاحداث " ثم
الغيت سنة 1962 ، وأعيدت مرة اخرى باسمها القديم التهذيب للبنين ، وهي
الان مدرسة مختلطة بين البنين والبنات .
وكانت للمدرسة اهمية كبيرة
في مدينة الموصل يقبل فيها الطلبة المسحيين والمسلمين حتى ان مدير المعارف في
الموصل زارها سنة 1925 واطلع على سير التدريسات فيها ، وكان عدد صفوفها
ثلاثة وفيها اربعة معلمين وفي سنة 1926 اضيف لها صف ومعلم اخر .
تقع المدرسة في محلة حوش الخان في منطقة الميدان الفرع المقابل لجامع النبي
جرجيس ، كانت مدة الدراسة فيها اربع سنوات ينتقل الطالب بعدها لاكمال
دراسته الابتدائية في مدرسة مار توما وقد نصت المادة الخامسة من قانون التشريع
العراقي الخاص في التربية والتعليم ان مدة الدراسة اربع سنوات في المدارس الاولية
، وكان عدد طلابها لا يتجاوز الخمسين طالباً في مراحلها الاولى في بداية تأسيسها .
تولى ادارتها حنا لحدو ومجيد حسو وابراهيم الخوري وابراهيم يعقوب خياط وفكتوريا
بخايا ولمعة برصوم وانجيل كامل سرسم ، وفي سنة 1929 الحقت فيها مدرسة مسائية
لتعليم الكبار وتولى ادارتها الراهب المطران يعقوب موصلية ، ويظهر ان الاقبال
الحاصل على مدرسة التهذيب من قبل البنين جعل ادارة المدرسة الكنيسة تفكر في توفير
مكان لدراسة البنات فتم اختيار الغرف الواقعة في الباحة الداخلية الغربية من نفس
الكنيسة وفتحت على شكل مدرسة سنة 1920 اطلق عليها اسم مدرسة التهذيب للبنات ،
وتطورت هذه المدرسة فبلغ عدد طالباتها سنة 1930 ما يقارب 100 طالبة باربعة صفوف
وهيئة تعليمية مؤلفة من المديرة وثلاث معلمات ، وحينها اعترفت بها مديرية المعارف
في الموصل على شكل مدرسة ابتدائية تجاوز عدد طالباتها 300 واصبحت مدرسة
رسمية .
تعاقب
على ادارتها فبرونيا 1920 لغاية 1934 ، ثم دولة توما سرسم 1934- 1943 ، ثم شكرية
شكر ، ودولة عباجي ، وخيرية خدوري قوزي 1943- 1954 ، ودولة خليل نعمان وسهام خليل
نعمان واخر مديرة تولت ادارتها منذ سنة 1998 هي عواطف جرجيس عيسى الحْسن ولا تزال
في الخدمة الى الان وهي مديرة ناجحة ومتعاونة ومتفانية في عملها واهتمت في تطوير
المدرسة وادارتها وهي موضع تقدير من قبل عوائل الطلبة والطالبات .
ومن
طلبة المدرسة المتفوقين الاب الشاعر والاديب يوسف سعيد ولد في الموصل سنة 1932 له
دراسات كثيرة في القصة والمسرح والشعر وعلم النفس وديوان شعر بعنوان خلود ومسرحية
بعنوان شمشون واخرى بعنوان المجزرة الاولى وغيوم جديدة ومجموعة قصصية بعنوان ازهار
الوادي .
تغطي المدرسة رقعة جغرافية واسعة في الموصل في محلات الميدان وسوق الشعارين
والنبي جرجيس والشهوان وشيخ ابي العلا ، واصبح الاقبال عليها من قبل الطائفة
المسيحية في مناطق الموصل المختلفة مثل الزهور والقادسية وحي النور وحي السكر
والبلديات والحدباء والمجموعة الثقافية ، فساهمت الكنيسة في نقلهم ودفع اشتراكات
شهرية لهم .
وللمدرسة نشاطات ثقافية كثيرة منها مساهماتها بمسابقة شانكر الدولية للرسم في
الهند وحصلت على جوائز تقديرية كما ساهمت في مجمل النشاطات السنوية للمعارض
المدرسية وكانت من بين المدارس التي تختار سنوياً في مهرجانات الربيع ، وقدمت
المدرسة اوبريتات غنائية فلكلورية ، وأغنيتين للاطفال مع الفنان شريف الموصلي
بعنوان " تك تك تم " ،و " وعصفوري طار " ، وشاركت مع الفنان
جاسم حيدر بإقاعات غنائية على مسرح نقابة المعلمين ، وقدمت فعاليات لمسرحية "
اشجار من بلادي " ، ومسرحية " ليلى والذئب " ، ونالت المدرسة
المرتبة الاولى على المحافظة في مهرجان الادب والخطابة ، فقد تألقت في هذا
المهرجان الطالبة هاجر اكرم سلطان وتم تكريمها في هذه السنة 2009 ـ2010 وكان قسم
من هذه الاعمال تعرض على قناة نينوى التلفزيونية وكانت لادارة المدرسة دوراً مهماً
في محو الامية في فترة السبعينات الى الثمانينات ، ويساهمن معلماتها ايضاً في
برنامج التوعية الصحية ، كما كانت ادارة المدرسة تقدم المساعدات للاطفال في
المنطقة وتشمل البسكويت والحليب وهي مدعومة من منظمة اليونسكو اثناء فترة الحصار
على العراق في التسعينات من القرن الماضي .
خضعت المدرسة لترميمات جذرية على نفقة الكنيسة سنة 1972 وتم صب سقفها
بالكونكريت المسلح ، وفي سنة 2005 خضعت لترميمات اخرى تم خلالها تغيير ابواب
وشبابيك المدرسة المستهلكة وصب ساحة ارضيتها بالسمنت وهي لا تزال خاضعة لكنيسة الطاهرة
بدون اجور مقابلة وألان هي بحاجة الى تبليط صفوفها بالكاشي وقشط جدرانها وتأسيس
كهربائياتها وبناء مرافقات صحية ، وكانت المدرسة تحتوي على ستت صفوف وخصص صف
لدراسة اللغة السريانية ، وبلغ عدد الطلبة في المدرسة الان 240 طالباً ، ففيها
من الطلبة الذكور 139 ، وعدد الطالبات الاناث 101 ، حظيت المدرسة بزيارة المسؤولين
الكبار منهم تلميذها الحبر الاعظم اغناطوس زكا عيواز في1982 ، 1990 ، 1998
.
* http://www.alnoor.se/article.asp?id=100919
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق