شيخ الخطاطين يوسف ذنون يبحث في
الكتابة وفن الخط العربي
عرض :عدي عبد الوهاب النعيمي
مركز الدراسات الاقليمية –جامعة
الموصل
كلفني استاذي
الدكتور ابراهيم خليل العلاف ان أعرض كتاب الاستاذ الخطاط الكبير يوسف ذنون الجديد
"الكتابة وفن الخط العربي: النشأة والتطور " .
والأستاذ يوسف ذنون - كما وصفه والدي واستاذي الكبير الكاتب الصحفي عبدالوهاب
النعيمي (رحمه الله) :" خطاط مبدع وباحث
ثبت ولد في الموصل 1934 .. اهتم بالخط
العربي ودراسته باعتباره فناً أصيلاً للأمة العربية، اعتمد على نفسه في دراسة الخط
حتى حقق فيه المستوى الذي منح فيه إجازة سنة 1966 وتقديراً بالتفوق سنة 1969 من الخطاط
التركي المعروف حامد الآمدي، وبلغت المساجد التي خط كتابتها في مختلف إنحاء العراق
((123)) جامعاً ومسجداً، وعرضت لوحاته في معارض عراقية وعربية ودولية، وأسهم في
ندوات عالمية، وكثرت دوراته التعليمية وتلامذته في مختلف البقاع، من مؤلفاته
المطبوعة: قواعد خط الرقعة 1978 والعمائر السكنية والخدمية في مدينة الموصل ”مشترك
“ 1981 _ 1983، ألف عنه عبد العزيز عبد الله محمد رحمه الله كتاباً بعنوان: ((يوسف ذنون مدرسة الإبداع
في الخط العربي)) 1986. نشر أبحاثه في مجلات عديدة منها مجلة سومر ومجلة المورد ومجلة
المجمع العلمي العراقي.
والكتاب الذي
بين أيدينا هو ضمن سلسلة الفن الإسلامي عن دار النوادر في سوريا ولبنان والكويت وهو
بعنوان" الكتابة
وفن الخط العربي :النشأة والتطور" وهو احد الكتب الثلاثة التي أصدرها الخطاط والباحث الأستاذ يوسف ذنون، وبواقع 442 صفحة وهو الطبعة الأولى. ويضم
الكتاب فصولا عن الكتابة العربية قبل الإسلام وبعده والخط المنسوب اي الثلث والخط
العربي في الموصل ..
يشير استاذنا
الخطاط يوسف ذنون في الكتاب: "هذه تجارب وممارسات وبحوث عمرها نصف قرن من
الزمان، ساحتها الخط العربي وما يحيط به بمنظـور جديد، وانطلاقة ذاتية تعلمـاً
وبحثاً وتحركاً بمسـاع حثيثة، حملت عبق الأيام الخوالي، وتجارب الماضي المفعَم
برحيق عباقرة القرون الماضية، وإطلالتهم الفنية الإيمانية، وذوب أفكارهم السامية
الخلاقة في ظلال أيكة الجمال الوارفة، وتطلعات هدفها نفحات دوحة الجلال بنسـماتها
العذبة المنعشـة للـروح، ونعمها التي لا تحصى، وضَوع عطر خيراتها التي تشع نوراً
يجوب الآفاق، يسطع سناه ليحتوي مسيرة متنامية تجسدت في مجموعة أبحاث نقتطف منها
بعض ما دار في فلك الكتابة العربية وفنها الأسمى (الخط العربي)، وهي تمثل النشأة
الأولى، التي كانت منها الصورة التي حملت رسم القرآن العظيم بحرفـه المتكامـل
مبنىً، والمطـور قاعـدة، والمهيأ تعبيراً، والمنطوق حفظاً.
ويضيف:"قام الكتاب على محورين: يعالج الأول:
الوظيفة المفروضة للكتابة مثل سائر الكتابات في العالم، باعتبارها لغة منظورة
تحاول أن تعبر عن اللغة المنطوقة بعرض لواقع قائم، دون التعرض لما فيه من نجاحات
أو إخفاقات؛ لأن ذلك له خصوصيات تحتاج إلى تعمق أكبـر لا تفي هذه النظرات المؤسسة
لأفكار جديدة في هذا التوجه التعريفي؛ لما في ذلك من أبعاد متجذرة في علوم اللغة
المختلفة ووظائفها المتعددة.
أما المحور
الثاني، وهو الذي يعالج الجانب الجمالي في الرسـم الحرفي، الصرح الذي تنوعت
مساراته الفنية، جرى تغطيته بتركيز يفصح عن منظور جديد في تطوره، وحقيقة أدواره
التاريخية والفنية في ساحاته المترامية، بالإضافة إلى أدوار بعض رجالاته في عملية
الخلق والإبداع فيه، تشكل منطلقاً جديداً للتوسع في دراساته، يلاحظ في هذا الجانب:
تطور الأبحاث علميـاً؛ حيث إنها انطلقت مما هو شـائع ومعـروف في الدراسات القائمة
في أحدث منجزاتها، ومن ثم التحول وثائقياً إلى ما يمكن اعتباره نتائج جديدة،
ومعلومات غير مسبوقة، أفرزتها هذه البحوث في نشأة الكتابة ومن ثم فن الخط العربي،
ومسارات تطوره وتعدد أنواعه، وصولاً إلى تقديم أمثلة حية في بعض ساحاته التي لم
تسلط عليها الأضواء ـ برغم أهميتها ـ تشكل صوراً إيضاحية لما بحث فيه لبعض منها في
هذا الفن زماناً ومكاناً، وتنوعاً حضارياً يعكس الحركة الجمالية التي صارت ميزة
خاصة بالخط العربي، الذي قدم طبعة جديدة غنية بالجمال والجلال، لغة عالمية يسعد
بها البشر عامة؛ وفهم خاص مضاف عند أهله.
ويتمثل الآخر فيها خلاصة ضمن هذا
المنظور الجديد، يمكن أن يشكل نظرة طائر على هذا المَعْلَم الفني الكبير الذي له
من العمر أكثر من خمسة عشر قرناً، زماناً، ساحته الوطن العربي أولاً، ثم العالم
الإسلامي ثانياً، وبعدها توغله في أقطار الأرض قاطبة."
تناول الكتاب
نشأة الكتابة وحروف الهجاء ،فنشأة الكتابة وظهورها حيث لجأ الإنسان إليها كوسيلة
للتعبير عن أفكاره وأحاسيسه، وقد أخذت الكتابة تتطور على مر العصور في مختلف
البقاع، ونستطيع إن نقول إن الكتابة قد مرت بمراحل وإشكال رئيسية ثلاث وهي: أولا الإشارات
والرموز: وهي من أقدم الوسائل التي استعان بيها الإنسان للتعبير عن إغراض معينة
تهم صاحبها أو لتنقل للآخرين فكرة محدودة. الثانية: الكتابة الصورية : وهي رسم شكل
مبسط ليعطي دلالة معينة، ثالثا: الكتابة الرمزية: وهي تطور الكتابة الصورية ومالت إلى
الشكل المجرد نتيجة لتداولها بين الأقوام والجماعات المختلفة.
والقسم الثاني
ضم حروف الهجاء حيث كثر الجدل بين الباحثين حول أصل الحروف الهجائية وقد كان القرن
التاسع عشر غنيا بالدراسات عن هذه القضية وامتد حتى الوقت الحاضر، وقد نتج عن ذلك
طرح نظريات مختلفة في أصل حروف الهجاء ولعل أبرزها : النظرية المصرية، النظرية
البابلية، النظرية الموفقة، النظرية السينائية، النظرية الجبيلية، وأخيرا النظرية
الكنعانية.
إما الفصل الأول
فقد حمل عنوان الكتابة العربية قبل الاسلام: وتضمن الفصل نشوء العربية قبل الإسلام
والتي تمثلت في عدة جوانب منها: أولا : نشوء الكتابة في المصادر العربية القديمة،فيبدأ
بالقول : ان اول من حاول الإلمام بيها هو ابن النديم، ثم تلته محاولة القلقشندي في
كتابه صبح الاعشى وهي الاشمل في المصادر ألقديمة ثانيا: نشوء الكتابة العربية قبل الإسلام
عند الدارسين من الغربيين، فقد انطلقت بعد البحث الأثري واكتشافهم الكثير من
النقوش الكتابية في مختلف اللغات قبل الإسلام كالارامية، وما اشتق منها كالنبطية
والتدمرية، والرهاوية، وتطورها السرياني وكذلك الكتابة العربية الجنوبية (المسند) ثالثا: ما تعرضت له المراجع العربية المعاصرة عن
نشوء الكتابة العربية: وقد لخصت في بحوث ثلاثة تغطي مرحلتها قبل الإسلام وهي البحث
الأول اشتمل على لملمة البروايات العربية في نشوء الكتابة عامة، والكتابة العربية
بصورة خاصة. إما البحث الثاني فقد جرى التركيز فيه على اثر الكتابة العربية
الجنوبية التي عرف قلمها بـ(المسند) في نشوء الكتابة العربية، إما البحث الثالث والأخير
فيقدم نظرية جديدة في نشوء الكتابة العربية قبل الإسلام بعد مضي أكثر من قرن ونصف
على أخر النظريات الغربية السابقة. وهذه النظرية تستند على معطيات بعض الروايات
العربية من ناحية وعلى المكتشفات الأثرية المستجدة في المنطقة العربية من ناحية أخرى.
إما الفصل
الثاني فحمل عنوان الخط العربي بعد الإسلام (الخطوط الموزونه): وقد قسم الفصل
الثاني الى ثلاثة محاور وهي : المحور الأول : الخط العربي والمطلب اللغوي، فالكتابة
العربية شأنها شأن بقية لغات العالم لكنها تميزت عنها باتخاذها الحرف مع الزخرفة
الوسيلة الرئيسية للتعبير الفني، انفردت بها الأمة العربية ويعود ذلك إلى قدسية
الحرف الذي اكتسبها من كتاب الله العظيم فصار الحرف وسيلة وهدف في التعبير، وقسم
الفصل الى عدد من النقاط هي: أصل الكتابة ونشأتها، الكتابة العربية في فجر الإسلام،
الكتابة العربية في العصر الأموي، الشكل، الاعجام ، الخطوط الموزونة، وأخيرا
الكتابة المنسوبة.
والمحور الثاني
: قديم وجديد في أصل الخط العربي وتطوره في عصوره المختلفة، لقد تعددت الآراء في
كيفية نشوء الكتابة العربية، فذهب القدماء فيها مذاهب شتى وكذلك المحدثون، وكما
ذكر ديرنكر فانه يبقى أصل الكتابة العربية الدقيق وتاريخها المبكر غامضا، وقد
تعددت الآراء في أصل الكتابة وهي تفيد أولا: بان الكتابة العربية هي ((توقيف)) من
عند الله تعالى، وثانيا: إن الكتابة ((توفيق)) أي اختراع واختلف فيمن اخترع
الكتابة العربية، فنسبت إلى جماعات معينة وروايات أخرى إلى الإفراد، بينما قدر
الثالث اشتقاقها من كتابات أخرى إلى الإفراد.
والمحور الثالث
والأخير في الفصل :الخط الكوفي: يرتبط ظهور الخط الكوفي بنشوء الخط العربي الذي
تأثر بالكتابات المستعملة في الدويلات العربية في شمال جزيرة العرب، وخاصة
الحضريين في أشكال الحروف، والمسند (الكتابة العربية الجنوبية) في طريقة رسمها،
وتتضح تفاصيل عن نشأة الخط العربي في المصادر القديمة قبل الإسلام، والتي أطلقت
عليه: ((خط الجزم))، ونسبت اختراعه على (الوضع الكوفي) إلى سكان الانبار، بالذات
في (بقة) أول ما كتب (الجزم) كتبه قوم من طيء من بولان.
فيما جاء الفصل
الثالث بعنوان ((الخط المنسوب "خط الثلث"))، حيث أشتمل هذا الفصل على
ثلاث مسارات، المسار الأول هو خط الثلث والمخطوطات، فيخبرنا شيخ الخطاطين في بداية
هذا المسار بالقول :" من الخطوط الأساسية التي نشأت في العصر الأموي، واستمرت
حتى الوقت الحاضر ((خط الثلث)) المعروف بــ (قلم الثلث)، لان تسميته جاءت من عرض
قطة قلمه،وقد شهد تطورات متلاحقة، وكان له حضور مميز في شعبتي الخط الكبيرتين :
((الخطوط الموزونة)) و((الكتابة المنسوبة))، بل عد الاساس والمنطلق في الخطوط
المنسوبة، ولذلك لا نغالي إذا قلنا : إن تاريخ الخط
العربي هو تاريخ خط الثلث في الإسلام". إما المسار الثاني، خط الثلث القديم والعمائر
العربية والإسلامية، فيبدأ استأذنا يوسف ذنون بالقول :" الثلث- كمصطلح- كائن
حي ، له إبعاده الزمنية والمكانية، يعيش المتغيرات، ويخضع لسنة التطور بعثا او
موتا، نشوءا و ارتقاءا أو انتشارا، وهو في الوقت الحاضر الخط الأصعب والأجمل،
ولذلك يقع عليه الاختيار في النصوص التي يتوسم فيها الدوام والخلود، ولذلك نراه
يتربع على العمائر الدينية ببهاء وجلال، ينطق بكتاب الله الكريم، وعلى العمائر الأخرى
حلية، أو إمتاعا للابصار والقلوب والضمائر، أو مؤرخا او إعلاما للعبرة والتذكار،
أو وسما يعلن عما ضمته مكنونات ذخائر الإسفار والآثار". فيما حمل المسار الثالث والأخيرة عنوان خط الثلث
ومراجع الفن الإسلامي، فيخبرنا بان الكتابة هي العنصر الحاسم في تحديد تاريخ الأثر؛
لأنها وسيلة تدوينه، او أنها إحدى أهم الوسائل التي يمكن بواسطتها معرفة التاريخ –
إن لم يكن مدونا- بها".
إما الفصل
الرابع فكان بعنوان (الخط العربي في الموصل): والذي تعددت جوانبه واهتماماته فأخذ
الخط العربي في الموصل منذ تمصيرها حتى بداية القرن العاشر الهجري، فن الخط العربي
في الموصل طوال العصور : مداخل ومنارات،
في حين حمل
الكتاب بين ثنياته أيضا ملحق ببعض خطاطي مدينة الموصل حسب القرون ابتداء من القرن
الرابع عشر الهجري وانتهاء بالقرن الخامس عشر الهجري .في حين جاء بعد الفصل الرابع
الخلاصة: والتي حملت عنوان : الخط العربي : موجز تاريخ وفن.
أهمية الكتاب:
يمثل الكتاب
الذي بين يدينا أهمية علمية وتاريخية وأكاديمية فهو موسوعة بما ضمنه من اهتمامه
بفن الخط والكتابة العربية، من اجل خدمة العلم وتعزيز القيمة العلمية والتاريخية
له..
ان الكتاب بما احتواه من فصول كان فعلا تحفة لامعة وهدية كبيرة ومنجز علمي
ضخم قدمه لنا شيخ الخطاطين الأستاذ يوسف ذنون، فهو إضافة نوعية ومعرفية للمكتبة
العراقية والعربية التاريخية والأكاديمية.
ولا يسعني في هذا المقام ألا ان أشكر استأذنا
الفاضل يوسف ذنون، لإتاحتي عرض هذا الكتاب، والدعاء له بالعمر المديد والمزيد من
النتاج العلمي خدمة للتاريخ والحضارة العربية الإسلامية وخدمة لعراقنا الحبيب.
باي حق تعطيه لقب شيخ الخطاطين هل اصبحت توزع الالقاب الجميع يعرف مجهود الرجل ولكن ليس هذا من اساليب الباحثين الجادين وشكرا
ردحذفمصطفى الخلفاوي
صحفى
تحياتي الخالصة لكم
ردحذف