الأحد، 24 سبتمبر 2023

الشيخ ضاري المحمود الزوبعي والكولونيل ليجمن Leacham

                                                          الشيخ ضاري الزوبعي وجيرارد ليجمن 



الشيخ ضاري المحمود الزوبعي والكولونيل ليجمن Leacham
- ابراهيم العلاف
وقبل ( 103) سنة ، أي في يوم 24 من ايلول - سبتمبر سنة 1920 أمر القائد العام للقوات البريطانية المحتلة للعراق السر ايلمر هالدن بتسيير حملة عسكرية كبيرة استهدفت مضارب عشيرة زوبع في محافظة الانبار (لواء الدليم سابقا) ، ومواطنها بين بغداد والدليم .
والحملة ، كان هدفها القضاء على مقاومة الشيخ ضاري الزوبعي رئيس عشيرة زوبع للاحتلال البريطانية ، والشيخ ضاري بن ظاهر بن محمود بن حمام بن سليمان الزوبعي كان صلة الوصل بين ثوار الوسط والشمال والجنوب .
وزوبع - كما يقول المرحوم الاستاذ عبد المنعم الغلامي في كتابه (الضحايا الثلاث) ، وصدر عن مطبعة الهدف في الموصل سنة 1955 - هي احدى فروع قبيلة (طي) القحطانية ذات الصفحات البيضاء في تاريخ البطولة العربية ، وقد عرف الشيخ ضاري بالإباء ، والشمم ، والشجاعة ، والنجدة ، ودماثة الخلق وغير ذلك من المزايا والصفات العربية الاصيلة التي حببته الى عشيرته ، واسلمت قيادها اليه وتفانت في سبيله .
وقد قامت القوات البريطانية في هذه الحملة ، بدك قلعته في (ابو غريب) ، وعمدت الى قطع المياه عن مزارعه ، ونهبت بيوته وهكذا انهت مقاومته في حينها .المدونات التاريخية تشير الى هذا اليوم كحدث مهم وتقول ان ثورة الشيخ ضاري دامت الى اواخر شهر ايلول -سبتمبر 1920 أي مايقارب من شهر ونصف شهر .
تحدث مؤرخ ثورة 1920 استاذي المرحوم الاستاذ الدكتور عبد الله الفياض في كتابه القيم (الثورة العراقية الكبرى 1920) ، وصدر سنة 1963 عن جبهة الرمادي في ايام الثورة ، وقال ان الشيخ ضاري عندما اندلعت الثورة كان على رأس الثوار ، وكان مناوئا للمحتلين الانكليز كارها لوجودهم في العراق وهو مع ولديه خميس وسليمان من قتل الكولونيل ليجمن حاكم لواء الدليم في خان النقطة بعد جدل بينهما في يوم 12 آب -اغسطس 1920 .
الدكتور محمد مهدي البصير في كتابه ( تاريخ القضية العراقية ) اشار الى ان الكولونيل ليجمن حمل الشيخ ضاري اثناء المقابلة وزر اعمال مضادة للانكليز ، وكان يتكلم معه بعصبية ، وخشونة ، وعنجهية ، واستخدم كلمات جارحة فغضب الشيخ ضاري واستأذن بالخروج فأذن له غير انه عاد بعد فترة وجيزة ودخل على ليجمن ومعه ولديه خميس وسليمان ولما ابصر ليجمن بادر خميس وهناك من يقول سلمان باطلاق النار فسقط ليجمن وعاجله الشيخ ضاري بسيفه فقضى عليه ونزل خبر مقتله نزول الصاعقة على السلطات المحتلة لانه كان من ابرز رجالات الاحتلال واكثرهم شراسة ومعرفة باحوال العراق .ومن المناسب القول ان جريدة (الموصل) الموصلية نشرت الخبر في عددها الصادر في 23 اب 1920 وقالت ان ليجمن قد قُتل ، وان الشيخ ضاري قطع خط السكة الحديد بين بغداد والفلوجة قرب خان النقطة .. وقالت جريدة (بغداد تايمس ) ان قاتل ليجمن ( خميس) قتل ليجمن وقتل سائق سيارته . وقالت جريدة (العراق) في عددها الصادر في 20 آب 1920 ان عمر اللفتنت الكولونيل ليجمن عند مقتله كان اربعين سنة .وليجمن عند احتلال الموصل كان الحاكم السياسي لها سنة 1918 ، وكان مغامرا ، جم النشاط كثير الحركة حاد المزاج متهورا وبالشكل الذي لايمكن لشيخ عربي ان يتحمله .
وكان لمقتل ليجمن اثر سيء في نفس الانكليز ، وقد جسد احد الشعراء من الثوار ذلك بقوله " هز لندن ضاري وبجاها أي ابكاها " ، وهي الاهزوجة التي شاعت في العراق وما تزال شائعة .
انقطعت المواصلات بين الدليم وبغداد ، واصبحت القوات المحتلة في موضع حرج حيث كانت تهاجم من عدة نقاط من قبل الثوار وباتت بغداد مهددة بخطر الحصار ؛ لان الثورة شملت اجزاء واسعة من العراق واصدر الجنرال هالدن اوامره بتحصين بغداد ، وكما سبق ان قدمت ؛ فإن المحتلين بالغوا في الانتقام وفي عقاب الثوار من زوبع وشيخهم الذي اعتقل سنة 1927 بعد اختفاء دام سنينا وحكم عليه بالاعدام ثم ابدل الحكم الى السجن المؤبد ولم يلبث طويلا في السجن حتى توفي في اليوم الأول من شباط - فبراير سنة 1928 وكان عمره عند وفاته (80) سنة .رحمه الله وطيب ثراه ، فأكبر الناس وفاته وشيع تشييعا مهيبا وظل رمزا وبيرقا عاليا من بيارق الثورة العراقية الكبرى 1920.
الشيخ ضاري الزوبعي مازال في الذاكرة العراقية والذاكرة العربية ومن الطريف ان العراقيين خلدوه من خلال تناول السينما العراقية له في فيلم شهير بعنوان ( المسألة الكبرى) والذي يروي قصة ثورة العشرين 1920 ودور الشيخ ضاري الزوبعي .

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

النجف والقضية الفلسطينية .........في كتاب للدكتور مقدام عبد الحسن الفياض

  النجف والقضية الفلسطينية .........في كتاب للدكتور مقدام عبد الحسن الفياض ا.د. ابراهيم خليل العلاف استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة ال...